تعثر هدنة غزة.. والسلطة غاضبة من كيري

عباس أحرج فابيوس وسأله: ماذا تريد مني؟ * مصادر غربية: اجتماع باريس كان للدول الضامنة وليس انتقاصا من دور مصر

جون كيري لدى اجتماعه بنظيره التركي داوود أغلو في حديقة منزل السفير التركي في باريس أمس (أ.ف.ب)
جون كيري لدى اجتماعه بنظيره التركي داوود أغلو في حديقة منزل السفير التركي في باريس أمس (أ.ف.ب)
TT

تعثر هدنة غزة.. والسلطة غاضبة من كيري

جون كيري لدى اجتماعه بنظيره التركي داوود أغلو في حديقة منزل السفير التركي في باريس أمس (أ.ف.ب)
جون كيري لدى اجتماعه بنظيره التركي داوود أغلو في حديقة منزل السفير التركي في باريس أمس (أ.ف.ب)

عبرت السلطة الفلسطينية، أمس، عن «استيائها» من خطة وزير الخارجية الأميركي جون كيري، لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وما تبعها من عقد مؤتمر باريس الذي جرى على قاعدة هذه المبادرة، ولم تدع له السلطة ولا مصر. وكشفت مصادر فلسطينية عن أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس عبر عن هذا الاستياء خلال مكالمة هاتفية مع وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس وسأله: «لماذا تتصل بي؟»، بينما هاجمت حركة فتح، التي يتزعمها عباس، تصدر تركيا وقطر المشهد في فرنسا.
وبدا غضب فتح كبيرا من خلال تصريح مقتضب صدر عن المكتب الإعلامي لمفوضية الحركة، جاء فيه: «لا أحد يمثل الشعب الفلسطيني في أي محفل إلا أوجاع ودم الشعب الفلسطيني النازف. من يريد أن تمثله قطر أو تركيا فعليه الرحيل والعيش هناك، نحن ممثلنا الشرعي والوحيد فقط منظمة التحرير الفلسطينية».
وحسب الطرف الفلسطيني، فإن كيري وافق على خطة عباس التي أعلنها الأسبوع الماضي والتي تتضمن وقفا لإطلاق النار مدة خمسة أيام تتضمنها مفاوضات للتهدئة، مع توفير ضمانات أميركية - عربية لرفع الحصار عن قطاع غزة. إلا أن كيري أعلن بعد يومين عن مبادرة خاصة، على خلفية اتصالات مكثفة مع قطر وتركيا، تضمنت وقف القتال سبعة أيام. وقالت حماس إنها تدرس المبادرة ورفضتها إسرائيل وطلبت تعديلات عليها.
واتهم مسؤول فلسطيني كيري بمحاولة تخريب المبادرة المصرية، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «كيري حاول عبر إطلاق خطته الأخيرة تخريب المبادرة المصرية والملاحظات الفلسطينية عليها (خطة عباس).. هذه المبادرة هي بديل لمبادرتنا». وتابع: «كل ما في الموضوع أن كيري أراد خلق إطار بديل للمبادرة المصرية ولفهمنا حولها، بما يرضي الدور القطري والتركي». وتابع: «كيري خرج بمبادرته بعدما كنا قريبين جدا من اتفاق شامل يضمن رفع الحصار عن غزة ويحقق كل مطالب الفلسطينيين». ومضى يقول: «لو كان الموضوع رفع الحصار وإلغاء المناطق العازلة وفتح المعابر ومنطقة الصيد البحري، فلقد حصلنا على كل ذلك منذ يوم الأربعاء. كان يفترض أن يعلن عن كل ذلك، لكن خرج (خالد) مشعل (رئيس المكتب السياسي لحماس) في مؤتمر صحافي وخرب المبادرة، ومن ثم خرج كيري بمبادرة جديدة».
وردا على سؤال لماذا يسعى كيري لتخريب المبادرة المصرية لإرضاء قطر وتركيا، قال المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه: «إنه يريد استغلال الحرب لإعادة تقوية نفوذ الإخوان المسلمين في المنطقة، فالأميركيون يعتقدون، وهو اعتقاد خائب، أن الإسلام السياسي المعتدل المتمثل بـ(الإخوان) ومن والاهم يمكن أن يحارب الإسلام المتطرف، وبالنسبة لهم فإن هذه الحرب فرصة لإعادة الاعتبار لهم (الإخوان) في المنطقة».
وتعقيبا على مؤتمر باريس، قال المسؤول الفلسطيني: «هذا المؤتمر يأتي على قاعدة مبادرة كيري.. قاعدة دعم (الإخوان) وتقويتهم، لم ندع له ولم تدع مصر ودعيت قطر ودعيت تركيا وهذا يفسر كل شيء».
وكشف عن أن «عباس يعد مبادرة كيري الآن بحكم المنتهية بعد أن رفضتها إسرائيل، وأنه غاضب جدا من التلاعب بالدم الفلسطيني ورهنه بالتجاذبات الإقليمية».
وفي حين التزم الرئيس الفلسطيني الصمت رسميا، لكن حديثه أمس عن «الدم الفلسطيني» أعطى إشارات واضحة إلى رفضه خطة كيري وما يجري في باريس. وقال عباس: «الهم الأول والأساسي هو وقف نزيف الدم الفلسطيني، بعيدا عن كل المحاولات الإقليمية، لأن الدم الفلسطيني هو الأغلى».
وبعد انتهاء مؤتمر باريس، اتصل وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس بالرئيس الفلسطيني وأطلعه على النتائج.
وقال مساعد للرئيس عباس، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «أبو مازن سأل فابيوس: هل وافقت إسرائيل على وقف النار؟ فقال له: لا. فسأله: هل وافقت حماس؟ فقال له: لا. فأحرجه بسؤال: وما المطلوب مني الآن؟». وتظهر مكالمة عباس مع فابيوس حجم الغضب وعدم الرضا من دور كيري وفرنسا.
وسألت «الشرق الأوسط» عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد المجدلاني، المقرب من عباس، عن موقف القيادة الفلسطينية من مؤتمر باريس عقب انتهاء الاجتماع اليومي للقيادة، فقال: «إن معالجة قضية العدوان على شعبنا الفلسطيني يجب أن تجري في المنطقة انطلاقا من المبادرة المصرية والملاحظات التفسيرية الفلسطينية عليها التي قدمت مكملة للمبادرة المصرية». وأضاف: «نحن لا نرى أي خيار آخر أو أي طرف آخر مؤهل لمعالجة الموضوع انطلاقا من فهمنا للأحداث، أن هذا الموضوع لا يحل إلا في المنطقة ولن يحل خارجها، إضافة إلى أننا نريد أن نبعد قضية فلسطين عن التجاذبات الإقليمية لأننا لسنا طرفا، والقضية الفلسطينية أكبر من أن تكون طرفا في صراعات إقليمية».
وفي مؤشر على غضب حركة فتح والسلطة الفلسطينية من مؤتمر باريس، كتب القيادي في فتح ووزير الزراعة السابق وليد عساف على صفحته على «فيسبوك»: «أول اجتماع دولي لبحث شأن فلسطيني بغياب فلسطين. دولة قطر الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني». وأضاف: «إنه مؤتمر أصدقاء إسرائيل في باريس». وتابع: «إسرائيل تحقق أول أهدافها من الحرب، استبعاد فلسطين، شكرا للمحور التركي - القطري».
ولم يتوقف الانتقاد للدور الأميركي - التركي - القطري فقط على المنطقة وفتح، بل أصدرت حركة الجهاد الإسلامي، شريك حماس في المواجهة ضد إسرائيل، بيانا حذرت فيه من «الالتفاف على الدم الفلسطيني».
وقال زياد النخالة، نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، في تصريح تسلمت «الشرق الأوسط» نسخة منه: «إننا نتعامل بحذر مع المبادرات التي يجري الحديث عنها لوقف إطلاق النار، ونحذر من الالتفاف على تضحيات ودماء الشعب الفلسطيني». وعبر عن خشيته من تحول معاناة غزة والعدوان عليها إلى ورقة في لعبة التجاذبات الإقليمية والدولية.
كذلك، لم تتشجع إسرائيل للمؤتمر الفرنسي، كما رفضت خطة كيري، وقال مسؤولون إسرائيليون إنهم يستبعدون أن تحدث محادثات باريس اختراقا في مفاوضات وقف إطلاق النار. وأوضح أحدهم: «الأحداث التي ستؤثر على وقف إطلاق النار ستأتي من غزة، وليس من باريس».
وكان المجلس الوزاري المصغر في إسرائيل رفض مقترح وزير الخارجية الأميركي. وأوضح مسؤول إسرائيلي أمس أن «المجلس الوزاري يعتقد أن مقترح كيري يميل إلى مواقف حماس وتركيا وقطر، في حين تفضل إسرائيل المقترح المصري». وقال دبلوماسي أجنبي لموقع «والا» الإسرائيلي: «إسرائيل ومصر ليستا راضيتين عما يحدث في باريس - الولايات المتحدة تفضل تركيا وقطر. ولن يحقق هذا تقدما».
وتجري تركيا - كما يبدو - مفاوضات أخرى مع إسرائيل، وقالت مصادر إسرائيلية إن تركيا تدير مفاوضات جدية ومباشرة بين إسرائيل وحماس من أجل التوصل لوقف إطلاق النار.
وبحسب المصادر، فإن وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو يدير هذه المفاوضات مع أحد مستشاري رئيس الوزراء الإسرائيلي.



تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
TT

تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)

فاقم تكرار وقائع تحرش بطلاب داخل مدارس دولية وخاصة الأسابيع الماضية الأزمات داخل وزارة التربية والتعليم، التي صاحبت الوزير محمد عبد اللطيف، الذي تولى المهمة قبل عام ونصف العام، وسط مطالب بإقالته بوصفه «المسؤول الأول»، فيما دافع آخرون عنه على أساس أن الحوادث «فردية»، وأنه قام بإجراءات مشددة لمنع تكرارها.

وشهدت مدارس مصرية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وقائع تحرش، حيث قررت وزارة التربية والتعليم وضع مدرسة «سيدز» الدولية في القاهرة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، عقب توقيف 4 عاملين فيها في اتهامهم بالتحرش بعدد من طلاب المرحلة التمهيدية، قبل أن يتولى القضاء العسكري القضية، وتتسع دائرة المتهمين فيها.

ولم تكن واقعة مدرسة «سيدز» الأولى من نوعها، إذ سبقها بشهور عدة، قضية الطفل «ي» التي تحولت لقضية رأي عام، وأدانت فيها محكمة الجنايات مشرفاً مالياً سبعينياً بالتحرش بالطفل داخل المدرسة، وقضت بالسجن المؤبد (25 عاماً) في مايو (أيار) الماضي، ثم خففت محكمة الاستئناف الحكم إلى السجن المشدد 10 سنوات في نوفمبر الماضي.

وزير التربية والتعليم خلال تفقده سير العملية الدراسية في إحدى المدارس (أرشيفية - وزارة التربية والتعليم المصرية)

ويُحمل الخبير التربوي عاصم حجازي، وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف مسؤولية تكرار تلك الوقائع داخل المدارس، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «تكرارها يعكس غياب الإجراءات الرادعة لتفادي مثل هذه الحوادث منذ واقعة الطفل (ي)»، عادّاً أن غضب الرأي العام وأولياء الأمور على الوزير وما يحدث في الوزارة طبيعي ومبرر.

وأضاف: «الإجراءات لم تُتخذ سوى بعد واقعة مدرسة سيدز، وكانت متأخرة وغير كافية، بدليل تفجر وقائع أخرى في مدرستين بعدها».

وكانت وزارة التربية والتعليم فرضت إجراءات داخل المدارس الدولية للانضباط، تتمثل في وضع نظام كاميرات، ومنع وجود الطلاب في غير أوقات اليوم الدراسي، وإلزام المدارس بنظام خاص للإشراف على وجود الطلاب خارج الفصول، وإلزام هذه المدارس بإجراء تحليل مخدرات، والكشف عن الحالة الجنائية للعاملين فيها، وتقديم هذه الأوراق للوزارة.

وتساءل حجازي: «لماذا اقتصرت الإجراءات على المدارس الدولية، وهل المدارس الحكومية في مأمن من وقائع تحرش مماثلة؟».

وعقب أيام من واقعة مدرسة «سيدز»، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على عامل في مدرسة دولية بالإسكندرية بتهمة التحرش بطلاب، وقررت محكمة جنايات الإسكندرية في 9 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، إحالة أوراق القضية إلى المفتي - هو قرار يمهد لحكم الإعدام - وأجلت النطق بالحكم إلى فبراير (شباط) المقبل. وطالب محامي الضحايا في القضية، طارق العوضي، بإقالة وزير التربية والتعليم خلال منشور على حسابه بموقع «إكس».

وقبل ساعات، انفجرت قضية جديدة بالتحرش بـ12 طالباً في مدرسة «النيل» الدولية بالقاهرة، وقررت وزارة التربية والتعليم، الأحد، وضع المدرسة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، مع «اتخاذ الإجراءات القانونية كافة حيال المسؤولين الذين ثبت تورطهم في تقصير أو إهمال بما أدى لحدوث هذه الواقعة»، وفق بيان الوزارة.

ويرى حجازي أن تكرار تلك الوقائع «يعكس ليس فقط غياب الرقابة داخل المدارس، وإنما أزمات أخرى عميقة، مثل قلة أعداد المعلمين والمُشرفين داخل المدارس، والتركيز على نظام التقييم الذي أقره وزير التعليم استراتيجية للوزارة، للسعي إلى إعادة الطلاب للمدارس، لكن دون وجود الإمكانات الخاصة بذلك».

ويتمثل نظام التقييم في تقسيم درجات التقييمات النهائية بين الاختبار النهائي، وتقييمات أخرى تتكرر على مدار العام، ما يُلزم الطلاب بالحضور.

وأضاف الخبير التربوي: «استراتيجية الوزير تضع أعباءً على المدرسين وأولياء الأمور فيما يتعلق بالتقييمات، مقابل تهميش الجوانب الأخرى المهمة سواء التربوية أو التوعوية، أو الخاصة بالإشراف النفسي».

وبينما تتفق عضوة لجنة التعليم في مجلس النواب (البرلمان) جيهان البيومي، على ضرورة اهتمام الوزارة في المرحلة المقبلة بـ«الجوانب التربوية والنفسية»، فإنها لا تتفق مع مطلب إقالة الوزير أو تحميله مسؤولية حوادث التحرش في المدارس.

وقالت البيومي لـ«الشرق الأوسط» إن «الوزير اتخذ قرارات سريعة ورادعة بعد كل واقعة، وهذه الوقائع تظل فردية، ولا يمكن وصفها بالمتفشية في المدارس أو المجتمع، لذا فالمغالاة في التعامل مع الأزمة بالمطالبة بإقالة الوزير ليست حلاً»، مشيرة إلى أنه «واحد من أنشط الوزراء الذين يقود عمله من الميدان، ويجري كثيراً من الزيارات المفاجئة للمدارس، ونجح في إعادة الطلاب للمدارس، وغيّر المناهج التعليمية، وكلها أمور تُحسب له».

وزير التربية والتعليم مع أحد طلاب الثانوية أبريل 2025 (وزارة التربية والتعليم)

وصاحب اختيار وزير التربية والتعليم جدلاً واسعاً مع تفجر أولى الأزمات المرتبطة به، الخاصة بحقيقة حصوله على شهادة الدكتوراه التي صاحبت سيرته الذاتية، بينما شككت وسائل إعلام محلية فيها. وتجاوزت الحكومة الأزمة بوصف عبد اللطيف في بيانات الوزارة بـ«السيد الوزير» بدلاً من «الدكتور».

ولم يتوقف الجدل حول الوزير عند هذه الأزمة، بل امتدت إلى قراره بتغيير المناهج في أغسطس (آب) 2024، الذي أُلغي بناء عليه تدريس بعض المواد في الشهادة الثانوية مثل «الفلسفة» و«علم النفس»، وتحولت اللغات بخلاف الإنجليزية إلى مواد ثانوية لا تضاف للمجموع، وعقب شهور ظهر جدل جديد خاص بمنظومة «البكالوريا» التي تتيح للطلاب خوض الامتحانات أكثر من مرة، بمقابل مادي، ورغم الانتقادات دخلت منظومة البكالوريا في النظام التعليمي المصري بداية من هذا العام.

ويرى الخبير التربوي وائل كامل في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، «أن شخصية وزير التربية والتعليم تبدو إدارية أكثر منها تربوية، فكل قراراته تعكس ذلك، بداية من إلغاء مواد دراسية أساسية في بناء الشخصية والتربية لدى الطلاب، مثل الفلسفة وعلم النفس، مروراً بنظام التقييمات في المدارس الذي يهتم بالكم على حساب الكيف، ويضع أعباء كبيرة على كل أطراف العملية التعليمية». ومع ذلك لا يرى كامل أن الحل في تغيير الوزير قائلاً: «الوزارة ككل في حاجة إلى إعادة هيكلة».


«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

شهد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، تحفظات ومطالبات علنية من حركة «حماس» بشأن التزامات المرحلة الثانية المعنية بترتيبات إدارية وأمنية، وسط حديث أميركي عن جهود تبذل في «الكواليس» بشأن الانتقال إليها.

تلك المحددات التي أعلنتها «حماس»، الأحد، وشملت 4 بنود رئيسية متعلقة بنزع السلاح ودور مجلس السلام وقوات الاستقرار وتشكيل لجنة إدارة قطاع غزة، هناك تباين بشأنها بين خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، بين مَن يراها تكشف عن أزمات تعيق التقدم للمرحلة الثانية، وأنها مجرد مناورات لتقليل الضغوط عليها، مقابل تقديرات أخرى تؤكد أنها تكشف عن جدية الحركة في تنفيذ الاتفاق وسط عراقيل إسرائيل.

وتتضمن خطة السلام التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وجرى بموجبها وقف إطلاق النار في قطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول)، تشكيل مجلس للسلام برئاسته يشرف على لجنة تكنوقراط فلسطينية، ونزع سلاح «حماس»، وألا يكون لها دور في حكم القطاع بعد الحرب، ونشر قوات استقرار.

وقال رئيس حركة «حماس» في قطاع غزة، خليل الحية، الأحد، في الذكرى 38 لتأسيس الحركة، إن السلاح حق كفلته القوانين الدولية للشعوب الواقعة تحت الاحتلال، معبراً عن انفتاح الحركة على دراسة أي مقترحات تحافظ على ذلك الحق مع ضمان إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وشدد على أن مهمة مجلس السلام، الذي ورد في خطة ترمب، ومن المقرر أن يقوده الرئيس الأميركي، هي رعاية تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والتمويل والإشراف على إعادة إعمار قطاع غزة. ورفض «كل مظاهر الوصاية والانتداب» على الفلسطينيين.

وأضاف: «ندعو لتشكيل لجنة التكنوقراط لإدارة قطاع غزة من مستقلين فلسطينيين بشكل فوري، ونؤكد جاهزيتنا لتسليمها الأعمال كاملة في كل المجالات وتسهيل مهامها»، مشدداً على أن مهمة القوة الدولية المزمع تشكيلها «يجب أن تقتصر على حفظ وقف إطلاق النار، والفصل بين الجانبين على حدود قطاع غزة» دون أن يكون لها أي مهام داخل القطاع.

ودعا الحية «الوسطاء، خصوصاً الضامن الأساسي، (الإدارة الأميركية والرئيس ترمب) إلى ضرورة العمل على إلزام الاحتلال باحترام الاتفاق والالتزام بتنفيذه وعدم تعريضه للانهيار».

نساء يحملن حزماً على رؤوسهن يمررن بخيام أقيمت على أرض تم تطهيرها لإيواء الفلسطينيين النازحين جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، الأسبوع الماضي، إن المفوضية وثقت أكثر من 350 هجوماً إسرائيلياً ومقتل 121 فلسطينياً على الأقل داخل المنطقة الواقعة خلف «الخط الأصفر» في غزة منذ وقف إطلاق النار، فيما لقي القيادي في «حماس» رائد سعد حتفه، في قصف إسرائيلي، السبت، استهدف سيارته في غزة.

وقال مسؤولون إسرائيليون إن الإدارة الأميركية تعمل حالياً على بلورة المرحلة الثانية من الخطة الرامية إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة، وتخطِّط لأن يبدأ عمل القوة الدولية متعددة الجنسيات في القطاع اعتباراً من الشهر المقبل، وأبلغ مسؤولون أميركيون نظراءهم الإسرائيليين بهذا في محادثات أُجريت في الأيام الأخيرة، حسب هيئة البث الإسرائيلية.

وسبق أن تحدثت القناة الـ«14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الولايات المتحدة حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة لإمكانية تأجيله مجدداً.

ويرى المحلل المصري المتخصص في الشأن الإسرائيلي، بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن محددات «حماس» تكشف عن أن «فرص التقدم في المرحلة الثانية ضعيفة وستدفع لمزيد من الضربات الإسرائيلية»، مشيراً إلى أنها «مجرد مناورات، من أجل تقليل الضغوط عليها التي تواجهها قبل تنفيذ التزامات المرحلة الثانية، التي تمر بظروف خطيرة».

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، المختص بشؤون «حماس»، إبراهيم المدهون، أنه لا مفر من الذهاب للمرحلة الثانية وتنفيذها، رغم عراقيل متكررة من جانب إسرائيل لإفشال الاتفاق، لافتاً إلى أنه بالنسبة لموضوع السلاح، فإن «حماس» منخرطة في حوار فلسطيني داخلي معمّق، إلى جانب حوار واضح وشفاف مع الوسطاء في القاهرة، حول رؤية قد تتبلور وتكون مقبولة لدى جميع الأطراف، بخلاف أن الحركة راغبة في حضور قوات سلام معنية بفضّ الاشتـباك.

ووسط تلك المحددات من «حماس» التي لم يعلق عليها الوسطاء، أفاد بيان لوزارة الخارجية المصرية، (الأحد)، بأن بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري، شدَّد في اتصال مع نظيرته البريطانية إيفيت كوبر، على أهمية نشر «قوة الاستقرار الدولية» المؤقتة في غزة، مؤكداً أهمية ضمان استدامة وقف إطلاق النار، وتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من خطة ترمب.

وعلى هامش مشاركته في «منتدى صير بني ياس» بالإمارات، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت: «ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأهمية تشكيل قوة الاستقرار الدولية».

وردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على الصحافيين، الجمعة، بشأن تطورات اتفاق غزة، قائلة إن «هناك كثيراً من التخطيط الهادئ الذي يجري خلف الكواليس في الوقت الحالي للمرحلة الثانية من اتفاق السلام... نريد ضمان سلام دائم ومستمر».

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، السبت، عن مسؤولين القول إن إدارة ترمب تسعى لتجنيد قوة متعددة الجنسيات من 10 آلاف جندي بقيادة جنرال أميركي؛ لتحقيق الاستقرار في قطاع غزة، وذكر المسؤولون أنه لم تُرسل أي دولة قوات؛ بسبب تحفظات على إمكانية توسيع نطاق مهمة القوة لتشمل نزع سلاح حركة «حماس».

وأشارت الصحيفة إلى أن وزارة الخارجية الأميركية طلبت رسمياً من نحو 70 دولة تقديم مساهمات عسكرية أو مالية للقوة المزمع نشرها في غزة، غير أن 19 دولة فقط أبدت رغبتها في المساهمة بقوات أو تقديم المساعدة بطرق أخرى، ومنها المعدات والنقل.

ويرى عكاشة أن ترمب سيضغط خلال لقاء نتنياهو في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، للبدء في المرحلة الثانية، متوقعاً أن تقبل إسرائيل الدخول إليها وبدء مفاوضات إلى ما لا نهاية بشأن تنفيذ الانسحابات.

ويعتقد المدهون أن «القاهرة تدرك العراقيل الإسرائيلية وستطالب بتسريع العمل للانتقال إلى المرحلة الثانية لإنهاء أي ذرائع إسرائيلية متوقعة قد تفشل الاتفاق».


سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
TT

سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)

قال مصدر في مستشفى عسكري بمدينة الدلنج السودانية، الواقعة في الجنوب، التي تحاصرها «قوات الدعم السريع»، إن هجوماً عليها بطائرة مسيَّرة، الأحد، أسفر عن مقتل «7 مدنيين وإصابة 12».

ومن بين المصابين مرضى أو مرافقون لهم في المستشفى، حسب ما أفاد المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ويقدم المستشفى خدماته للمدنيين والعسكريين على حد سواء.

وتقع الدلنج في جنوب كردفان، وما زالت تحت سيطرة الجيش السوداني، لكنها محاصرة من «قوات الدعم السريع».