جاءت الاستقالة التي قدمها رئيس الوزراء الأوكراني ارسيني ياتسينيوك، في خضم اشتداد الحرب بين القوات الحكومية والانفصاليين في شرق البلاد، لتزيد من متاعب أوكرانيا.
ورأى محللون في كييف، أن هذه الاستقالة التي كان مفترضا أن يصوت عليها البرلمان أمس، تشير إلى انشقاق داخل الفريق الحاكم الموالي للغرب، وقد تؤدي إلى إغراق البلاد في أزمة سياسية خطيرة إضافة إلى الصعوبات الاقتصادية والنزاع الدامي بين قوات كييف والانفصاليين في شرق البلاد. وذكر محللون أنه خلال الفترة السابقة تفاقمت الخلافات بين «حلفاء الأمس» في البرلمان بسبب إقرار قانون قدمه الرئيس بيترو بوروشينكو يقضي باعتماد ميزانية لاستدعاء مزيد من قوات الاحتياط للمشاركة في العمليات العسكرية الدائرة في شرقي البلاد، وهو ما رفضه رئيس الوزراء بحجة أن هذه الخطوة قد تهدد بإفلاس البلاد. وكان رئيس الوزراء أيضا من المتحفظين على الحرب، إذ كان يؤيد بقوة إجراء حوار مع ممثلي المدن الشرقية المطالبة بالانفصال.
وطلب الرئيس الأوكراني بترو بوروشينكو من البرلمان عدم المصادقة على استقالة ياتسينيوك وحكومته خلال تصويت طالب بإجرائه يوم أمس. وقال بوروشينكو «إن حل الائتلاف الحكومي ليس سببا لاستقالة الحكومة. آمل في أن تهدأ الخواطر وأن يتغلب حس المسؤولية وأن تواصل الحكومة عملها».
وبانتظار تصويت البرلمان عينت الحكومة نائب رئيس الوزراء المكلف المناطق فلوديمير غرويسمان رئيسا للوزراء بالوكالة.
وكان ياتسينيوك أعلن استقالته أول من أمس، وقال إنه أقدم على ذلك بسبب «حل الائتلاف البرلماني الأمر الذي يعرقل المبادرات الحكومية»، منددا بـ«جريمة سياسية ومعنوية». وقال أمام النواب إن «حكومتنا ليس لديها أجوبة عن الأسئلة: بماذا ندفع غدا الرواتب، كيف نعبئ خزانات وقود المدرعات ونمول الجيش». وأشار إلى أنه لم يجر التصويت على قوانين مهمة على أثر حل الائتلاف. وتساءل «من سيصوت على قوانين لا تحظى بشعبية والانتخابات ماثلة في ذهنه؟. من غير المقبول مقايضة مصير البلد بمصالح سياسية ضيقة. إنها جريمة معنوية وسياسية».
وياتسينيوك عضو في حزب باتكيفشتشينا بزعامة يوليا تيموشنكو، والحزب أكبر قوة سياسية في الائتلاف تعارض الانتخابات التشريعية المبكرة. وطلب رئيس البرلمان أولكسندر تورتشينوف وهو أيضا حليف تيموشنكو، من حزبي أودار بزعامة الملاكم السابق فيتالي كليتشكو وسفوبودا (قومي) اللذين غادرا الائتلاف «تقديم مرشح تكنوقراطي بصورة عاجلة» لمنصب رئيس الوزراء ليتولى رئاسة الحكومة حتى الانتخابات التشريعية المرتقبة مبدئيا في غضون ثلاثة أشهر.
وعلى الأرض تكثفت المواجهات بين القوات النظامية الأوكرانية والموالية لروسيا في أوكرانيا وسط اتهامات بضلوع مباشر لقوات موسكو. ويبدو أن المعارك ترمي على الأخص إلى السيطرة على الحدود الروسية الأوكرانية التي يسيطر الانفصاليون الموالون لروسيا على جزء منها، ما يجيز لهم، بحسب كييف، تلقي التعزيزات من روسيا ومن بينها دبابات ومدرعات.
وتحدثت رئاسة أركان «عملية مكافحة الإرهاب» الأوكرانية أول من أمس عن إطلاق عدد من صواريخ غراد «من الجهة الروسية» على نقاط مراقبة في مطار لوغانسك وعدة بلدات في المنطقة هي إيلينكا وكوميشني وبيريزوفي، وكذلك على امفروسيفكا في منطقة دونيتسك.
في غضون ذلك، أعلنت المفوضية الأوروبية أمس أن الاتحاد الأوروبي يتجه «سريعا» إلى فرض عقوبات اقتصادية على روسيا بسبب تورطها في الأزمة الأوكرانية. وقالت المفوضية في بيان إنها «ستضع سريعا الاقتراحات التشريعية اللازمة في كافة المجالات التي حددها مجلس» الدول الأوروبية. والتقى سفراء الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، الذين اجتمعوا أول من أمس لبحث اقتراحات عقوبات، مجددا صباح أمس على أن يعقدوا اجتماعا آخر الثلاثاء وفق ما أعلنت الناطقة باسم المفوضية مايا كوشيانيتش. لكن مصدرا أوروبيا قال إن السفراء سيجتمعون الاثنين. وردا على سؤال حول احتمال عقد قمة لرؤساء الدول والحكومات لإعطاء الضوء الأخضر لفرض هذه العقوبات الاقتصادية الواسعة قالت المتحدثة إن هذا الأمر يتطلب قرارا من الدول الأعضاء على «المستوى السياسي». وأضافت أن قرار فرض العقوبات يعود إليهم وأنهم سيجتمعون إذا اقتضى الأمر. وربما يكون اجتماع لوزراء الخارجية أو حتى قرار خطي للعواصم الـ28 كافيا.
وبعد أن كان الأوروبيون منقسمين منذ أشهر حول جدوى الانتقال إلى سلسلة جديدة من التدابير تطال قطاعات كاملة في الاقتصاد الروسي، أرغمهم حادث إسقاط الطائرة الماليزية في 17 من الشهر الحالي في شرق أوكرانيا بصاروخ أطلقه على الأرجح الانفصاليون الموالون لروسيا على تشديد موقفهم.
وفي وثيقة عمل اقترحت المفوضية أربعة مجالات عمل: الدخول إلى الأسواق المالية، الدفاع مع حظر بيع الأسلحة و«التكنولوجيا الحساسة» خصوصا في قطاع الطاقة الاستراتيجي والمعدات «ذات الاستخدام المزدوج» المدني والعسكري. وقال مصدر أوروبي إن الاقتراحات «تشمل كافة المجالات» المطروحة. وكان منتظرا أن ينشر الاتحاد الأوروبي مساء أمس قائمة جديدة بأسماء شخصيات وكيانات يطالها قرار تجميد الأرصدة وحظر السفر في دول الاتحاد. والقائمة التي وضعها سفراء الدول الـ28 أول من أمس تشمل أسماء 15 شخصية روسية أو أوكرانية موالية لروسيا و18 كيانا وفقا لمصدر أوروبي. وتضاف إلى 72 شخصية وكيانين سبق أن طالتهم العقوبات.
استقالة الحكومة في أوج الحرب تزيد من متاعب أوكرانيا
الاتحاد الأوروبي يريد «التسريع» بفرض عقوبات اقتصادية على روسيا
استقالة الحكومة في أوج الحرب تزيد من متاعب أوكرانيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة