«ادفع ما تريد» أو «شو بدك دفاع» كما يقال باللبنانية هو شعار المطعم اللبناني (موتو)، الذي افتتح أخيرا في شارع مار مخايل في بيروت.
الفكرة مستوردة من الولايات المتحدة الأميركية حيث ولدت هناك منذ نحو 30 عاما. أما أصحاب هذا المشروع فهما اللبنانيان محمد فياض وأنطوان صفير اللذان ارتأيا نقل الفكرة إلى بيروت لثقتهما الكبيرة بأنها ستنال النجاح المرتقب. ترتكز الفكرة على تقديم الأطباق للزبون ضمن كلفتها الأساسية دون زيادة أو نقصان، وتمنحه حرية دفع ما يعتقده عادلا مقابل وجبة الطعام التي يتناولها. ويتراوح سعر الطبق ما بين 9000 و13000 ليرة لبنانية أي ما بين ستة وتسعة دولارات للطبق. ولكن هل هذا المشروع هو مربح كما يتوقع صاحباه أم أنه سيكون مجرد تجربة قصيرة وتنتهي؟
يرد محمد فياض أحد أصحاب محل (موتو) في شارع مار مخايل بالقول: «لم نقم بدراسة دقيقة حول الموضوع أو بالاطلاع عن كثب عما ينتظرنا من جراء إطلاق هذه الفكرة، كل ما في الأمر هو أننا أردنا تقديم لقمة طيبة للزبون بأقل كلفة ممكنة ضمن أجواء مطعم بسيط ومريح معا». ويتابع: «أملك المطعم منذ ثلاث سنوات وكنت أقدم فيه الأطباق السريعة، ولكن عندما خطرت لي الفكرة وتحدثت مع صديق لي ملم في مجال خدمات المطاعم هو أنطوان صفير، قررنا سويا القيام بهذه التجربة التي لاقت نجاحا منذ اليوم الأول لها».
المطعم هو كناية عن مبنى قديم أنشئ عام 1959 وشغله لبناني من آل عون (ميشال عون)، وكان في تلك الحقبة يقدم أطيب أطباق الفول والحمص المدمس، وكان صيته ذائعا في هذا الشارع العريق من بيروت. وعندما امتلكه محمد فياض قرر الإبقاء على معالمه الأصيلة بدءا من طاولات الرخام وكراسي الخشب الملبسة بالجلد الموزعة على مساحته الصغيرة (60م)، مرورا بنوافذه الصغيرة المصنوعة من الخشب وأرضيته المغطاة بنوع من بلاط الموزاييك القديم، ووصولا إلى الدرابزين الحديدي الذي يلف شرفاته ومداخله. ويقول محمد فياض ودائما في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «هو مكان لا يتسع لأكثر من 20 شخصا ولكن كما يقول المثل اللبناني (بيت الضيق يتسع لألف صديق)»، ويشهد إقبالا كبيرا من قبل السياح الأجانب واللبنانيين المقيمين، وأحاول حاليا استقطاب أهل الأحياء المجاورة له بحيث لا أتوانى عن دعوتهم لدخوله وأنا أقف أحيانا أمام بابه، لأنني أريد أن يعلموا أنه يستقبل كل الشرائح الاجتماعية وأن أسعاره مقبولة نسبة إلى المطاعم الأخرى المحيطة به والمعروفة بأنها مرتفعة الأسعار».
ما الأطباق التي يقدمها مطعم «موتو» تحت عنوان «ادفع ما تريد»؟ يرد محمد فياض: «هي أطباق متنوعة وحصرناها ما بين اللبنانية منها وأخرى من البلدان الآسيوية والأفريقية سريلانكا وإثيوبيا والهند إضافة إلى الإطباق الإسبانية لأننا أردنا تقديم الجديد في هذا المجال وغير المتوفر كثيرا في لبنان، وربما نضيف إليها في الأيام القليلة المقبلة أطباق مطابخ أخرى كالفلبينية مثلا».
«كبة بالصينية مع سلطة اللبن والخيار» اللبناني أو «الأرز ولحم البقر بالكاري» السريلانكي أو «البرياني مع الدجاج» الهندي أو «التاباس مع السانغريا» الإسباني وغيرها تشكل لائحة الطعام الأسبوعية للمطعم الذي يفتح أبوابه أمام الزبائن فقط لتناول طعام الغداء من الواحدة ظهرا حتى الرابعة بعد الظهر. ويعلق محمد فياض على هذا الدوام بالقول: «البداية أردناها بهذا التوقيت وربما نفتح المجال أمام الزبائن في المستقبل القريب أن يتناولوا أيضا طعام العشاء مساء بعد أن وردتنا اتصالات عدة ترغب في ذلك».
ماري ليان إحدى زبائن مطعم «موتو» الأسبوعية، تقول إنها أعجبت بالفكرة لا سيما وأن الأطباق المقدمة فيه لذيذة جدا وتساءلت قائلة: «هل كان يلزمنا 30 عاما لنستورد هذه الفكرة إلى لبنان؟» أما ميشال محاسبو هو موظف في أحد المصارف المجاورة للمطعم، فوجد أن الفكرة رائعة وأن ما يدفعه مقابل تناوله الطعام يعد مبلغا زهيدا نسبة إلى الكلفة التي يتكبدها في المطاعم المجاورة له وقال: «المهم أن الأطباق لذيذة جدا وأحيانا أتمنى ألا أشبع حتى أتناول المزيد منها».
أما رئيس الطهاة في مطبخ المطعم «موتو» ويدعى نيمال، فهو من الجنسية السريلانكية ويهوى تذوق الأطباق اللبنانية أكثر من غيرها ويقول في هذا الصدد: «لقد جئت لبنان منذ فترة طويلة وعملت في مجال التنظيفات ومن ثم انتقلت إلى العمل في أحد المطاعم في مجالي الجلي والغسيل، ومن هناك بدأت تتبلور لدي هواية الطبخ التي أصبحت تشكل مهارة تميزت بها، وهكذا تدرجت وصرت اليوم أطهو الأطباق السريلانكية اللذيذة واللبنانية أيضا وأنا فخور بذلك».
ويرى صاحب الفكرة محمد فياض والذي عمل سابقا في مجال المحاماة والصحافة، ويعمل حاليا في إذاعة لبنان الرسمية في القسم الأجنبي منها كمقدم برامج، ألا أرباح يحققها المطعم إذا ما دفع الزبون القيمة الأساسية لكلفة الطبق فقط، وإن اتكاله هو على اللبناني المعروف بكرمه، فأي مبلغ يدفعه زيادة على السعر الأصلي هو بمثابة الربح المادي الذي يحققه في هذا المجال ويقول: «حتى الآن جميع الزبائن دفعوا أكثر أي نحو ضعف السعر المحدد على لائحة الطعام، فقط زبون واحد وهو فرنسي الجنسية دفع المبلغ الأصلي دون زيادة أو نقصان. ولكننا طوني صفير وأنا متفائلان في هذا الخصوص ونتوقع أن يقدر الزبون قيمة الطبق والخدمة التي نقدمها له وبالتالي أن يدفع المزيد لنتمكن من الاستمرار وعلى المستوى المطلوب».
إذن «ادفع ما تريد» هو مطعم يضعك أمام مسؤوليتك كزبون، وينتظر منك العدل والتقدير المترجم بمضاعفة المبلغ المطلوب مقابل تناولك الوجبة، أو بزيارته لأكثر من مرة في الأسبوع ليحافظ على استمراريته ولذلك فإن المثل القائل «أنت كريم ونحنا منستاهل» هو خير تكملة لشعار جذاب استقطب حتى الآن جميع الشرائح الاجتماعية في لبنان وخصوصا تلك التي تهوى التجديد وخوض مغامرات تذوق الأطباق الغريبة.
لبنانيان يستوردان فكرة المطعم الأميركي «ادفع ما تريد» إلى قلب بيروت
أطباق لبنانية وأخرى من سريلانكا وإثيوبيا والهند وإسبانيا بمتناول يديك
لبنانيان يستوردان فكرة المطعم الأميركي «ادفع ما تريد» إلى قلب بيروت
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة