كارولين غاسبار مؤسسة «أكيليس»: لا أحب أن أتشابه مع غيري

تصاميمها تعكس شخصيتها الجريئة وحبها للخطر والإثارة

المصممة كارولين غاسبار وسوار من مجموعة «بانغ بانغ»   -  حرفية تعمل على مجموعة «بانغ بانغ» في معملها الواقع بمدينة ليون
المصممة كارولين غاسبار وسوار من مجموعة «بانغ بانغ» - حرفية تعمل على مجموعة «بانغ بانغ» في معملها الواقع بمدينة ليون
TT

كارولين غاسبار مؤسسة «أكيليس»: لا أحب أن أتشابه مع غيري

المصممة كارولين غاسبار وسوار من مجموعة «بانغ بانغ»   -  حرفية تعمل على مجموعة «بانغ بانغ» في معملها الواقع بمدينة ليون
المصممة كارولين غاسبار وسوار من مجموعة «بانغ بانغ» - حرفية تعمل على مجموعة «بانغ بانغ» في معملها الواقع بمدينة ليون

قرأت وسمعت الكثير عن كارولين غاسبار، مؤسسة ماركة «أكيليس» للمجوهرات، قبل أن ألتقيها. فهي مبدعة، مغامرة وجريئة إلى أقصى حد. قرأت أيضا أنها تستمتع بالمخاطر وتمارس هوايات لا تخطر على البال مثل إطلاق النار ببنادق كلاشنيكوف ومسدسات برصاص حي، الأمر الذي تترجمه تصاميمها الموجهة للجنسين. لكن لقاءها في محلها الواقع في 332 من شارع سانت هونوريه الباريسي الشهير، كان اكتشافا ممتعا لجوانب أخرى كثيرة من شخصيتها. كانت في الأسابيع الأخيرة من الحمل ومع ذلك كانت تقفز من مكان إلى آخر بحيوية جعلتني أحسدها عليها، تتنقل بي من جانب إلى آخر من المحل لتشرح لي الفكرة من كل مجموعة صممتها، ولماذا تعشق أن تطبعها بلمسات شقية وجريئة، وإن كان من الصعب القول إنها لكل الأذواق. لا تنكر كارولين ذلك، وتشير إلى أن المرأة التي تتوجه لها قوية وواثقة بذوقها، وفي الوقت ذاته تعرف مدى تأثير أنوثتها، فهي مرة بطلة لفيلم جيمس بوند، ومرة هي المرأة القطة، ومرة أخرى لارا كروفت أو نيكيتا وغيرهن من الشخصيات اللاتي نعرفهن جيدا، يلهبن الخيال ويبقى تأثيرهن مترسخا في الذاكرة وقتا طويلا. وتضيف أن تصاميمها تعكس شخصيتها «فمجموعة بانغ بانغ مثلا، جاءتني فكرتها في موسكو وأنا أمارس هواية إطلاق النار. كانت أول مرة أستعمل فيها رصاصا حقيقيا.. انتابني شعور بالخوف والإثارة وتصورت نفسي بطلة فيلم جيمس بوند.. كان إحساسا رائعا ترجمته في هذه المجموعة التي تشهد نجاحا منقطع النظير منذ إطلاقها إلى اليوم». وتتابع: «أنا متمردة بطبعي، أحب ممارسة هواية إطلاق النار باستعمال بنادق كلاشنيكوف أو مسدسات حقيقية، كما أحب الرياضات التي تتطلب قوة، والسيارات السريعة، وكل ما يتضمن بعض الخطر. فمنذ صغري، كنت أميل إلى اللعب مع الصبيان».
شهدت ماركة «أكيليس» النور في عام 2007، أي إنها لا تزال غضة، ومع ذلك فإن ملامحها كانت واضحة من البداية، لأن كارولين كانت تعرف ماذا تريد، ولم تدخل المجال من باب الإحساس بالملل والرغبة في ملء فراغ في حياتها، بل عن حب وقناعة ودراسة. تقول: «كانت دراستي في مجال الأعمال، وبعد تخرجي التحقت بشركة لوريال ثم مع دار (فريد) للمجوهرات، التي كانت تنضوي تحت أجنحة مجموعة (إل في إم إش)، بعدها قررت أن أؤسس (أكيليس)». أسألها عن معنى الاسم، تضحك عاليا وتقول وهي تضم قبضة يديها وترفعها إلى أعلى كأنها ملاكم «إنها مزيج من محارب و(تو كيل) أي تقتل، لأني أردتها أن تقضي على أي مقاومة تجاهها بمجرد أن تقع عليها العين، خصوصا أنها موجهة للجنسين. أما رسالتي، فهي أن الماس قوة المرأة التي يجب ألا تستغني عنها». بدأت علاقتها بالماس عندما كانت طفلة، بفضل صديق مقرب لوالدها كان يعمل في تجارة الماس. كلما زارهم في بيتهم كانت تتعلق به وتفتش جيوبه بحثا عن هذه الأحجار، التي كان يسمح لها باللعب بها أمام ناظريه. كبرت وبدأت تصمم من باب الهواية، ثم بطلب من الأصدقاء وفجأة وجدت نفسها تفكر في تأسيس ماركتها، تشرح ضاحكة: «هل رأيت كيف أجبرت على ذلك؟». لكنها بذكائها، وبتعليمات من والدها، وهو رجل أعمال معروف، درست إدارة الأعمال، لأنها كانت تدرك أن قدرتها على الابتكار لا تكفي وأنه من الضروري أن تفهم كل جوانب إدارة شركة خاصة، من التسويق إلى دراسة السوق حتى تعرف مدى تقبله تصاميمها، مرورا بتصميم واجهات محلاتها واختيار الأحجار الكريمة وغيرها من المهام التي تقوم بها الآن على أحسن وجه. تشرح: «من الضروري أن أفكر دائما في تصاميم تبيع، تمس الزبون وتخاطبه بكل اللغات، لدينا الآن زبائن من الشرق الأوسط ومن روسيا والمكسيك واليابان وهلم جرا، لأن التشكيلات منوعة بحيث يمكن أن يجد أي أحد فيها ما يناسبه. وأريد أن أشير هنا إلى أن تصاميمي تجد رواجا لافتا في منطقة الشرق الأوسط، سواء في دبي أو البحرين أو السعودية».
كل ما في كارولين يضج بقوة تنبعث من رؤيتها الواضحة، إلى درجة أنك تنسى أن عمرها لا يتعدى الـ31 عاما. فقد حصدت تصاميمها الكثير من النجاح في وقت وجيز، كما أصبحت الماركة عالمية، وهناك استراتيجيات للمزيد من التوسع. طوال الحديث معها، يلفك إحساس بالطمأنينة والارتخاء كأنك تتحدث مع صديقة حميمة تلتقيها بعد أن باعدت بينكما الحياة لفترة وتريد أن تعرف كل أخبارها. ما يزيد من قوة هذا الإحساس أنها كانت تتبرع بآراء وأمور شخصية لا يمكن نشرها كأنها تستأمنك عليها. ومع ذلك، كلما تعمق الحديث يزيد الإحساس بأنها تخفي وراء ضحكتها الطفولية وشقاوتها عقلا تجاريا يفوق سنوات عمرها. تقول كأنها قرأت ما يدور بذهني: «أنا أبدو أصغر من سني، لكن السن مجرد رقم، فلدي صديقات من العمر نفسه يتبوأن مراكز رفيعة جدا. نعم أشعر بالفخر بما حققته لحد الآن، فقد تدرجت في عدة وظائف وتحملت عدة مسؤوليات، تعلمت منها الكثير».
كل مجموعة تطرحها تتضمن قصة تعكس شخصيتها أو جانب من اهتماماتها. فهي لا تمل من الغوص في شخصية بطلات تحبهن، فتحللها ثم تترجمها في أشكال يمكن أن تكون قراءة في شخصيتها وطريقة تصورها الأشياء التي تحيط بها أو تعايشها. مثلا، مجموعة لعبة البوكر تستحضر صورة بطلة من بطلات أفلام جيمس بوند، قوية وفاتنة ومغامرة إلى حد ما. تسارع كارولين قائلة إنها لا تتقن لعبة البوكر ولا تلعبها، لكنها تحب أن تطلق العنان لخيالها لتستلهم أفكارها من أفلام الجاسوسية والمغامرات والملاحم البطولية، التي تمزج بين الخيال والواقع. كانت في ذلك اليوم تلبس قلادة مرصعة بالماس، عندما لمحت لها بأن ارتداءها في النهار مع «تي - شيرت» عادي قد يعطي الانطباع بأنها غير أصلية، ردت بتلقائية «معك حق، ففي يوم من الأيام كنت في المترو، ألبس سوارا مرصعا عندما عبرت لي امرأة تجلس بجانبي عن إعجابها به، معتقدة أنه من (سواروفسكي)، والحقيقة أن هذا ليس بالأمر السلبي بالعكس، إذ يمكنني أن ألبس مجوهراتي في كل الأوقات والأماكن، وأنا مستمتعة بها، لأنني في قرارة نفسي أعرف قيمتها الحقيقية ومن ثم تجعلني أشعر بالثقة والسعادة والتميز».
تعرف كارولين أن تصاميمها ليست لكل الأذواق، فهي تخاطب زبونا شابا ومتمردا وجريئا مثلها لا يريد أن يكون مثل غيره، الأمر الذي تبرره بأنها تقدم مجموعات متنوعة حتى إن لم تجد الواحدة منها صدى في نفس زبون أو زبونة، تروق لهما أخرى «الزبون الكلاسيكي مثلا يقبل على مجموعة بازل التي أعتز بشهادة (فان كليف آند أربلز) التي قال لي رئيسها التنفيذي إن أكثر ما يتحسر عليه أنهم لم يكونوا السباقين لهذا التصميم. أنا جد فخورة بذلك، فمعظم الصاغة ومصممي المجوهرات يقلد بعضهم بعضا أو يستلهمون من بعض، وأنا لا أحب أن أتشابه مع غيري».
كأي امرأة، تعشق كارولين الموضة، وتقدر تأثيرها ولا تنكره، لكنها لا تقدر أن يجري الناس وراء شراء قطع مجوهرات من البلاستيك بأسعار عالية تقدر بـ3000 يورو، فقط لأنها بتوقيع مصمم معروف أو دار عالمية. في المقابل، تريد أن تستقطب هذه الشريحة من الزبائن، لكن من خلال الذهب والماس ومن منظور الأناقة والاستثمار معا، لا سيما أن أسعارها تبدأ من 300 يورو إلى 25.000 يورو أو أكثر عندما يتعلق الأمر بطلبات خاصة، كتصميم خاتم زواج أو قطعة بتصور معين.
يزيد حماسها وهي تتكلم عن تأثير الموضة وكيف يجري البعض وراء الأسماء المعروفة من دون أن تكون لهم فكرة واضحة عن الأناقة ومعنى الأسلوب الخاص والمتميز، مشيرة إلى الأناقة لا تحتاج دائما إلى ثمن عال، بل يمكن لأي شخص أن يحصل عليها إذا كان واثقا بنفسه وأسلوبه.
تشرح: «في روسيا، مثلا، هناك نوعان من الفتيات. النوع الأول يحب التميز ويبحث عنه في محلات صغيرة وغير معروفة، والنوع الثاني يحب الأسماء الكبيرة، فترى أغلبهن في تايور شانيل كأنه زي رسمي لا بد منه، ما يفقده تلك اللمسة الشخصية المطلوبة. لهذا، فإن شعاري هو التميز المطلق، بمنح الزبون الفرصة للتعبير عن شخصيته بأسلوبه باستعمال المجوهرات، التي أعتقد أنها تتمتع بلغة واضحة. فعندما نشتري أي قطعة مجوهرات فإنها تعكس ما نشعر به في الحاضر وما نطمح إليه في المستقبل. فالزمن الذي كانت فيه المجوهرات توضع في خزنة ولا تستعمل سوى في المناسبات الكبيرة ولن يعود، بعد أن دخلت المجوهرات مجال موضة مثلها مثل الأزياء الجاهزة. أنا، مثلا، ألبس سوارا بشكل يومي مع فستان عادي أو مع فستان سهرة، أو مع جاكيت من الجلد وبنطلون من الجينز.. إنه مظهر أكثر (روك آند رول) بالنسبة لي».
ربما تكون السنوات التي قضتها في روسيا، التجربة التي شكلت نظرتها الفنية والجمالية. كان ذلك عندما اضطرت للالتحاق بزوجها الحالي، الذي حصل على عرض لم يكن من الممكن رفضه. التحقت به وهي لا تعرف أي شيء عن روسيا، لكنها تأقلمت مع الوضع بسرعة، وتعلمت اللغة الروسية، بحيث إنها تتكلمها الآن بطلاقة. لكنها تتذكر وتضحك في الوقت ذاته «عندما وصلت إلى موسكو لم أكن أتكلم اللغة الروسية على الإطلاق، وكنت أحفظ جملة واحدة تتعلق بسعر التاكسي، كنت أرددها كلما ركبت مع سائق تاكسي، حتى لا يبالغ في السعر. واكتشفت أن هذه الجملة كانت مفيدة ونفعتني كثيرا إلى درجة أني ما زلت أستعملها الآن رغم أني أتكلم الروسية بطلاقة».
في موسكو، فتحت عينيها على جماليات المعمار وجرأته ولاحظت تنامي جيل جديد من محبي الموضة والمنتجات المترفة، لا يخافون من تجربة أي جديد، بعضهم يفهم الموضة وخباياها جيدا، وبعضهم متطلع إليها ولا يزال يتلمس طريقه فيها. وردت الجميل بافتتاحها أول محل لها فيها بطرح تشكيلة تعكس حياة هذا الجيل المتمرد على التقاليد والمقبل على الحياة بكل متعها، فضلا عن قطع بأحجام ضخمة تراعي جانب الموضة وتغذي الرغبة في التميز مع بعض الاستعراض والكثير من الاستثمار.
يمر الوقت سريعا وينتهي اللقاء بسبب ارتباطي بموعد آخر، وكلي رغبة في البقاء وسماع المزيد من الأسرار التي كانت تبوح بها بتلقائية حول عارضات أزياء تعاملت معهن والتقتهن في حفلات خاصة كأنها تتحدث مع صديقة حميمة. وقبل أن أخرج من المحل تشير إلى بعض المعروضات كأنها تستدل بها على ما قالته: «خاتم ميدوزا، مستلهم من الأسطورة الإغريقية التي تحول البشر إلى حجر، وتجسدت هنا من خلال أحجار الماس والمورغنيت، وخاتم (كروويللا) مستلهم من كروويللا ديفيل في فيلم (101 دالمايشانز) تتوسطه حجرة مورغنيت وردية تحيط بها أحجار الماس من كل جهة وآخر تتوسطه حبة أكوامارين ضخمة مع أقراط أذن ساحرة، لكن تبقى مجموعة AK الأكثر إثارة. فهي مستلهمة من رصاص الكلاشينكوف الروسي، وتأخذ شكله القاتل سواء في أساور أو قلادات أو خواتم. تخرج من المحل وهذه الأشكال الجريئة والأسماء التي تطلقها على كل مجموعة مثل «بانغ بانغ»، «وانتد»، «لايسنس تو أكيليس» وغيرها، تسكنك، لأن السمة الطاغية عليها هي الأناقة الممزوجة بروح الابتكار والتجديد، وقدرة مصممة شابة على خلق لغة خاصة بها بعيدا عن التقليد والقطع المستنسخة.



المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
TT

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)

إذا كنتِ مداومة على التسوق في محلات «زارا» لأسعارها ونوعية ما تطرحه، فإنكِ قد تتفاجئين أن تعاونها الأخير مع العارضة البريطانية المخضرمة كايت موس سيُكلَفكِ أكثر مما تعودت عليه. فهناك معطف قصير على شكل جاكيت من الجلد مثلاً يقدر سعره بـ999 دولاراً أميركياً، هذا عدا عن قطع أخرى تتراوح بين الـ200 و300 دولار.

تفوح من تصاميم كايت موس رائحة السبعينات (زارا)

ليست هذه المرة الأولى التي تخوض فيها كايت موس تجربة التصميم. كانت لها تجربة سابقة مع محلات «توب شوب» في بداية الألفية. لكنها المرة الأولى التي تتعاون فيها مع «زارا». ويبدو أن تعاون المحلات مع المشاهير سيزيد سخونة بالنظر إلى التحركات التي نتابعها منذ أكثر من عقد من الزمن. فعندما عيَنت دار «لوي فويتون» المنتج والمغني والفنان فاريل ويليامز مديراً إبداعياً لخطها الرجالي في شهر فبراير (شباط) من عام 2023، خلفاً لمصممها الراحل فرجيل أبلو؛ كان الخبر مثيراً للجدل والإعجاب في الوقت ذاته. الجدل لأنه لا يتمتع بأي مؤهلات أكاديمية؛ كونه لم يدرس فنون التصميم وتقنياته في معهد خاص ولا تدرب على يد مصمم مخضرم، والإعجاب لشجاعة هذه الخطوة، لا سيما أن دار «لوي فويتون» هي الدجاجة التي تبيض ذهباً لمجموعة «إل في إم إتش».

فاريل ويليامز مع فريق عمله يُحيّي ضيوفه بعد عرضه لربيع وصيف 2024 (أ.ف.ب)

بتعيينه مديراً إبداعياً بشكل رسمي، وصلت التعاونات بين بيوت الأزياء الكبيرة والنجوم المؤثرين إلى درجة غير مسبوقة. السبب الرئيسي بالنسبة لمجموعة «إل في إم إتش» أن جاذبية فاريل تكمن في نجوميته وعدد متابعيه والمعجبين بأسلوبه ونجاحه. فهي تتمتع بماكينة ضخمة وفريق عمل محترف يمكنها أن تُسخِرهما له، لتحقيق المطلوب.

صفقة «لوي فويتون» وفاريل ويليامز ليست الأولى وإن كانت الأكثر جرأة. سبقتها علاقة ناجحة بدأت في عام 2003 بين لاعب كرة السلة الأميركي الشهير مايكل جوردان وشركة «نايكي» أثمرت عدة منتجات لا تزال تثير الرغبة فيها وتحقق إيرادات عالية إلى الآن.

كان من الطبيعي أن تلفت هذه التعاونات شركات أخرى وأيضاً المحلات الشعبية، التي تعاني منذ فترة ركوداً، وتشجعها على خوض التجربة ذاتها. أملها أن تعمَّ الفائدة على الجميع: تحقق لها الأرباح باستقطاب شرائح أكبر من الزبائن، وطبعاً مردوداً مادياً لا يستهان به تحصل عليه النجمات أو عارضات الأزياء المتعاونات، فيما يفوز المستهلك بأزياء وإكسسوارات لا تفتقر للأناقة بأسعار متاحة للغالبية.

الجديد في هذه التعاونات أنها تطورت بشكل كبير. لم يعد يقتصر دور النجم فيها على أنه وجه يُمثلها، أو الظهور في حملات ترويجية، بل أصبح جزءاً من عملية الإبداع، بغضّ النظر عن إنْ كان يُتقن استعمال المقص والإبرة أم لا. المهم أن يكون له أسلوب مميز، ورؤية خاصة يُدلي بها لفريق عمل محترف يقوم بترجمتها على أرض الواقع. أما الأهم فهو أن تكون له شعبية في مجال تخصصه. حتى الآن يُعد التعاون بين شركة «نايكي» ولاعب السلة الشهير مايكل جوردان، الأنجح منذ عام 2003، ليصبح نموذجاً تحتذي به بقية العلامات التجارية والنجوم في الوقت ذاته. معظم النجوم حالياً يحلمون بتحقيق ما حققه جوردان، بعد أن أصبح رجل أعمال من الطراز الأول.

من تصاميم فكتوريا بيكهام لمحلات «مانغو»... (مانغو)

المغنية ريهانا مثلاً تعاونت مع شركة «بوما». وقَّعت عقداً لمدة خمس سنوات جُدِّد العام الماضي، نظراً إلى النقلة التي حققتها للشركة الألمانية. فالشركة كانت تمر بمشكلات لسنوات وبدأ وهجها يخفت، لتأتي ريهانا وترد لها سحرها وأهميتها الثقافية في السوق العالمية.

المغنية ريتا أورا، أيضاً تطرح منذ بضعة مواسم، تصاميم باسمها لمحلات «بريمارك» الشعبية. هذا عدا عن التعاونات السنوية التي بدأتها محلات «إتش آند إم» مع مصممين كبار منذ أكثر من عقد ولم يخفت وهجها لحد الآن. بالعكس لا تزال تحقق للمتاجر السويدية الأرباح. محلات «مانغو» هي الأخرى اتَّبعت هذا التقليد وبدأت التعاون مع أسماء مهمة مثل فيكتوريا بيكهام، التي طرحت في شهر أبريل (نيسان) الماضي تشكيلة تحمل بصماتها، تزامناً مع مرور 40 عاماً على إطلاقها. قبلها، تعاونت العلامة مع كل من SIMONMILLER وكاميل شاريير وبيرنيل تيسبايك.

سترة مخملية مع كنزة من الحرير بياقة على شكل ربطة عنق مزيَّنة بالكشاكش وبنطلون واسع من الدنيم (ماركس آند سبنسر)

سيينا ميلر و«ماركس آند سبنسر»

من هذا المنظور، لم يكن إعلان متاجر «ماركس آند سبنسر» عن تعاونها الثاني مع سيينا ميلر، الممثلة البريطانية وأيقونة الموضة، جديداً أو مفاجئاً. مثل كايت موس، تشتهر بأسلوبها الخاص الذي عشقته مجلات الموضة وتداولته بشكل كبير منذ بداية ظهورها. فهي واحدة ممن كان لهن تأثير في نشر أسلوب «البوهو» في بداية الألفية، كما أن تشكيلتها الأولى في بداية العام الحالي، حققت نجاحاً شجع على إعادة الكرَّة.

فستان طويل من الساتان المزيَّن بثنيات عند محيط الخصر يسهم في نحت الجسم (ماركس آند سبنسر)

موسم الأعياد والحفلات

بينما تزامن طرح تشكيلة «مانغو + فيكتوريا بيكهام» مع مرور 40 عاماً على انطلاقة العلامة، فإن توقيت التشكيلة الثانية لسيينا ميلر التي طُرحت في الأسواق في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أيضاً له دلالته، بحكم أننا على أبواب نهاية العام. فهذه تحتاج إلى أزياء وإكسسوارات أنيقة للحفلات. لم يكن الأمر صعباً على سيينا. فإلى جانب أنها تتمتع بأسلوب شخصي متميِز، فإنها تعرف كيف تحتفل بكل المناسبات بحكم شخصيتها المتفتحة على الحياة الاجتماعية.

وتعليقاً على هذا الموضوع، أعربت الممثلة عن سعادتها بالنجاح الذي حققته قائلةً: «أحببت العمل على التشكيلة الأولى ويملؤني الحماس لخوض التجربة مرة أخرى. فالتشكيلة الثانية تتسم بطابع مفعم بالمرح والأجواء الاحتفالية، إذ تضم قطعاً أنيقة بخطوط واضحة وأخرى مزينة بالفرو الاصطناعي، بالإضافة إلى فساتين الحفلات والتصاميم المزينة بالطبعات والنقشات الجريئة والإكسسوارات التي يسهل تنسيق بعضها مع بعض، إلى جانب سراويل الدنيم المفضلة لديّ التي تأتي ضمن لونين مختلفين».

فستان ماركس سهرة طويل من الحرير بأطراف مزينة بالدانتيل (ماركس آند سبنسر)

دمج بين الفينتاج والبوهو

تشمل التشكيلة وهي مخصصة للحفلات 23 قطعة، تستمد إلهامها من أسلوب سيينا الخاص في التنسيق إضافةً إلى أزياء مزينة بالترتر استوحتها من قطع «فينتاج» تمتلكها وجمَعتها عبر السنوات من أسواق «بورتوبيلو» في لندن، استعملت فيها هنا أقمشة كلاسيكية بملمس فاخر. لكن معظمها يتسم بقصَّات انسيابية تستحضر أسلوب «البوهو» الذي اشتهرت به.

مثلاً يبرز فستان طويل من الحرير ومزيَّن بأطراف من الدانتيل من بين القطع المفضلة لدى سيينا، في إشارةٍ إلى ميلها إلى كل ما هو «فينتاج»، كما يبرز فستانٌ بقصة قصيرة مزين بنقشة الشيفرون والترتر اللامع، وهو تصميمٌ يجسد تأثرها بأزياء الشخصية الخيالية التي ابتكرها المغني الراحل ديفيد بوي باسم «زيجي ستاردست» في ذلك الوقت.

طُرحت مجموعة من الإكسسوارات بألوان متنوعة لتكمل الأزياء وتضفي إطلالة متناسقة على صاحبتها (ماركس آند سبنسر)

إلى جانب الفساتين المنسابة، لم يتم تجاهُل شريحة تميل إلى دمج القطع المنفصلة بأسلوب يتماشى مع ذوقها وحياتها. لهؤلاء طُرحت مجموعة من الإكسسوارات والقطع المخصصة للحفلات، مثل كنزة من الدانتيل وبنطلونات واسعة بالأبيض والأسود، هذا عدا عن السترات المفصلة وقمصان الحرير التي يمكن تنسيقها بسهولة لحضور أي مناسبة مع أحذية وصنادل من الساتان بألوان شهية.

أرقام المبيعات تقول إن الإقبال على تشكيلات أيقونات الموضة جيد، بدليل أن ما طرحته كايت موس لمحلات «زارا» منذ أسابيع يشهد إقبالاً مدهشاً؛ كونه يتزامن أيضاً مع قرب حلول أعياد رأس السنة. ما نجحت فيه موس وميلر أنهما ركَزا على بيع أسلوبهما الخاص. رائحة السبعينات والـ«بوهو» يفوح منها، إلا أنها تتوجه إلى شابة في مقتبل العمر، سواء تعلق الأمر بفستان سهرة طويل أو جاكيت «توكسيدو» أو بنطلون واسع أو حذاء من الجلد.

رغم ما لهذه التعاونات من إيجابيات على كل الأطراف إلا أنها لا تخلو من بعض المطبات، عندما يكون النجم مثيراً للجدل. ليس أدلَّ على هذا من علاقة «أديداس» وعلامة «ييزي» لكيني ويست وما تعرضت له من هجوم بسبب تصريحات هذا الأخير، واتهامه بمعاداة السامية. لكن بالنسبة إلى ريهانا وفيكتوريا بيكهام وسيينا ميلر وكايت موس ومثيلاتهن، فإن الأمر مضمون، لعدم وجود أي تصريحات سياسية لهن أو مواقف قد تثير حفيظة أحد. كل اهتمامهن منصبٌّ على الأناقة وبيع الجمال.