رئيس نيجيريا يجري أول لقاء مع أهالي الفتيات المخطوفات لدى «بوكو حرام»

جوناثان واجه انتقادات كثيرة لعدم تحركه بسرعة غداة العملية

الرئيس النيجيري غودلاك جوناثان،  لدى لقائه أمس في أبوجا،أهالي التلميذات اللواتي خطفتهن جماعة بوكو حرام بعد مرور مائة يوم على اختطافهن (أ.ب)
الرئيس النيجيري غودلاك جوناثان، لدى لقائه أمس في أبوجا،أهالي التلميذات اللواتي خطفتهن جماعة بوكو حرام بعد مرور مائة يوم على اختطافهن (أ.ب)
TT

رئيس نيجيريا يجري أول لقاء مع أهالي الفتيات المخطوفات لدى «بوكو حرام»

الرئيس النيجيري غودلاك جوناثان،  لدى لقائه أمس في أبوجا،أهالي التلميذات اللواتي خطفتهن جماعة بوكو حرام بعد مرور مائة يوم على اختطافهن (أ.ب)
الرئيس النيجيري غودلاك جوناثان، لدى لقائه أمس في أبوجا،أهالي التلميذات اللواتي خطفتهن جماعة بوكو حرام بعد مرور مائة يوم على اختطافهن (أ.ب)

التقى الرئيس النيجيري غودلاك جوناثان، للمرة الأولى، أمس، في أبوجا، أهالي التلميذات اللواتي خطفتهن جماعة بوكو حرام , بعد مرور مائة يوم على اختطافهن الذي صدم العالم أجمع، حسبما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
وهذا اللقاء مع رئيس الدولة المتهم بعدم التحرك بسرعة في هذه القضية، يأتي في وقت يسعى فيه الجيش لاستعادة السيطرة على مدينة دامبوا (شمال شرق) التي هاجمتها أخيرا «بوكو حرام»، وما زالت تسيطر عليها على ما يبدو.
وأفاد مراسل لوكالة الصحافة الفرنسية بأن وفدا يضم أكثر من 150 شخصا من أهالي شيبوك البلدة الواقعة في المنطقة نفسها التي اختُطفت فيها 276 فتاة من مدرستهن في 14 أبريل (نيسان)، التقى الرئيس جوناثان ورئيس مجلس الشيوخ ديفيد مارك وحاكم ولاية بورنو (شمال شرق) كاشم شتيما.
وولاية بورنو التي تقع ضمنها شيبوك تعد مركزا للتمرد الإسلامي في نيجيريا الذي تسبب بمقتل أكثر من عشرة آلاف شخص في البلاد، منذ خمس سنوات، وتكثفت عملياته في الأيام الأخيرة في شمال شرقي البلاد.
وأوضح مصدر في الرئاسة طلب عدم كشف هويته أن الوفد الذي يضم أقارب للرهائن و57 تلميذة تمكن من الهرب، ومسؤولين عن رابطة أعيان شيبوك.
وبعد صلاة قصيرة في حضور وسائل الإعلام تواصل اللقاء بشكل مغلق. ومن أصل التلميذات الـ276 اللواتي خطفن ساعة الهجوم، لا تزال 219 منهن مفقودات.
وواجه جوناثان انتقادات كثيرة لعدم تحركه بسرعة غداة عملية الخطف الجماعية ولأنه لم يتوجه مطلقا إلى شيبوك منذ ذلك الحين للقاء أسر الضحايا.
وعلى أثر زيارة الناشطة الشابة الباكستانية ملالا يوسف زاي التي جاءت إلى أبوجا للتعبير عن دعمها لحملة «أعيدوا بناتنا» (برينغ باك آور غيرلز) للمطالبة بالإفراج عن التلميذات، سعت الرئاسة إلى تنظيم لقاء مع بعض أقرباء الأسيرات الأسبوع الماضي.
لكن الوفد الصغير المدعو لم يلبِّ الدعوة، وعدّ أنه إذا رفض الرئيس جوناثان التوجه إلى شيبوك فبإمكانه على الأقل دعوة كل العائلات التي أصيبت بهذه المأساة للمجيء إلى أبوجا.
واستأجرت الحكومة طائرة نقلت أقرباء الرهائن في يولا (شمال شرق)، أول من أمس (الاثنين) إلى أبوجا، على ما قال أبوبا شيبوك، وهو عم تلميذتين ما زالتا محتجزتين.
وأثار مصير رهائن شيبوك صدمة كبيرة في نيجيريا وفي العالم، كما أدى إلى قيام حملة «أعيدوا بناتنا» عبر شبكات التواصل الاجتماعي. وعبرت شخصيات عديدة عن دعمها للحملة، أمثال البابا فرنسيس والسيدة الأميركية الأولى ميشيل أوباما والنجمة السينمائية أنجلينا جولي.
كما قدمت دول كبرى غربية عدة مساعدات لوجستية وعسكرية لنيجيريا لعمليات البحث من أجل العثور على الفتيات، لكن لم يرشح سوى القليل من المعلومات عن مدى تقدم عمليات البحث.
ورغم إطلاق هجوم عسكري واسع في مايو (أيار) 2013، وفرض حالة الطوارئ في ثلاث ولايات بشمال شرقي البلاد، ما زالت «بوكو حرام» تكثف هجماتها الدامية.
وشنت هجوما مساء الخميس على دامبوا استمر خلال عطلة نهاية الأسبوع، مما أرغم 15 ألف شخص على الهرب. وأفاد شهود عيان بأن مدنيين وجدوا أنفسهم «من دون حماية» في هذه المدينة، بسبب انسحاب قوات الأمن إثر هجمات سابقة.



الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
TT

الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)

في وقت تسحب فرنسا قواتها من مراكز نفوذها التقليدي في الساحل وغرب أفريقيا، وتبحث عن شركاء «غير تقليديين»، يحتدمُ الجدل في نيجيريا حول السماح للفرنسيين بتشييد قاعدة عسكرية في البلد الأفريقي الغني بالنفط والغاز، ويعاني منذ سنوات من تصاعد وتيرة الإرهاب والجريمة المنظمة.

يأتي هذا الجدل في أعقاب زيارة الرئيس النيجيري بولا تينوبو نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى فرنسا، والتي وصفت بأنها «تاريخية»، لكونها أول زيارة يقوم بها رئيس نيجيري إلى فرنسا منذ ربع قرن، ولكن أيضاً لأنها أسست لما سمّاه البلدان «شراكة استراتيجية» جديدة.

وتمثلت الشراكة في اتفاقيات تعاون هيمنت عليها ملفات الطاقة والاستثمار والمعادن، ولكنّ صحفاً محلية في نيجيريا تحدّثت عن اتفاقية تسمحُ للفرنسيين بإقامة قاعدة عسكرية داخل أراضي نيجيريا، وذلك بالتزامن مع انسحاب القوات الفرنسية من دول الساحل، خصوصاً تشاد والنيجر، البلدين المجاورين لنيجيريا.

لا قواعد أجنبية

ومع تصاعد وتيرة الجدل، تدخل الجيش النيجيري ليؤكد أن ما يجري تداوله بخصوص «قاعدة عسكرية» أجنبية فوق أراضي نيجيريا مجرد «شائعات»، نافياً وجود خطط للسماح لأي قوة أجنبية بإقامة قاعدة عسكرية في نيجيريا.

وتولّى قائد الجيش النيجيري، الجنرال كريستوفر موسى، بنفسه مهمة الرد، فأوضح أن «زيارة الرئيس بولا تينوبو الأخيرة إلى فرنسا، وُقِّعت خلالها عدد من الاتفاقيات الثنائية، لم تشمل السماح بإنشاء قواعد عسكرية أجنبية في نيجيريا».

وكان قائد الجيش يتحدّث خلال حفل عسكري بمقر وزارة الدفاع في العاصمة أبوجا، بمناسبة تغيير شعار القوات المسلحة النيجيرية، وقال إنه يوّد استغلال الفرصة لتوضيح ما جرى تداوله حول «قاعدة عسكرية أجنبية» في نيجيريا. وقال: «لقد أوضح الرئيس بشكل لا لبس فيه أن ما تم توقيعه هو اتفاقيات ثنائية تتعلق بالتجارة، والثقافة، والتقاليد، والتعاون، والاقتصاد، ولا وجود لأي شيء يتعلق بقاعدة عسكرية أجنبية».

وأوضح الجنرال موسى أن الرئيس تينوبو «يدرك تماماً عواقب مثل هذا القرار، ويعلم أن من واجبه حماية نيجيريا، ومن ثم، لن يسمح مطلقاً لأي قوة أجنبية بدخول نيجيريا»، ولكن قائد الجيش أكد: «سنستمر في التعاون بشكل ثنائي من خلال التدريب المشترك وإرسال ضباطنا كما هو معتاد، ولكن إنشاء قاعدة عسكرية أجنبية في نيجيريا ليس ضمن خطط الرئيس».

كراهية فرنسا

ورغم تصريحات قائد الجيش، فإن الجدل لم يتوقف؛ حيث عَبَّر «تحالف جماعات الشمال»، وهو هيئة سياسية ناشطة في نيجيريا، عن إدانته قرار السماح للعسكريين الفرنسيين بدخول أراضي نيجيريا، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حين انتقد بشكل لاذع عقد شراكة مع فرنسا.

وقال التحالف: «إن القرار يتعلق باتفاقية ثنائية جرى توقيعها بين نيجيريا وفرنسا تمنح الأخيرة وصولاً غير مقيد إلى الموارد المعدنية في نيجيريا»، وذلك في إشارة إلى اتفاقية وقعها البلدان للتعاون في مجال المعادن النادرة.

المنسق الوطني لتحالف جماعات الشمال، جميل علي تشارانشي، اتهم الرئيس تينوبو بالسعي نحو «تسليم سيادة نيجيريا إلى فرنسا، والتغطية على ذلك بمبررات مضللة»، ثم وصف ما يقوم به تينوبو بأنه «مناورة دبلوماسية مكشوفة».

الناشط السياسي كان يتحدث بلغة حادة تجاه فرنسا؛ حيث وصفها بأنها «دولة عدوانية؛ تدعم وتمول تفكيك المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)»، قبل أن يحملها مسؤولية «جو الحرب الذي تعيشه منطقة غرب أفريقيا».

وخلُص الناشط السياسي إلى أنه مصدوم من «إمكانية أن تخضع نيجيريا، بتاريخها الفخور بالدفاع عن السيادة الأفريقية، لتأثير أجنبي، نحن نرفض ذلك، وسنعارضه بشدة»، على حد قوله.

شراكة مفيدة

الرئيس النيجيري بولا تينوبو لدى حضوره حفل تنصيب رئيس تشاد في ندامينا 23 مايو (رويترز)

في المقابل، ارتفعت أصوات في نيجيريا تدافع عن تعزيز التعاون والشراكة مع فرنسا، وعدّت الحديث عن «قاعدة عسكرية» محاولة للتشويش على الطموحات الاقتصادية للبلدين.

في هذا السياق، قال المحلل السياسي النيجيري، نيكسون أوكوارا: «إن العالم يتّجه بسرعة نحو نظام متعدد الأقطاب، وإعادة صياغة التحالفات التقليدية، وهذا الواقع الجديد يتطلب من نيجيريا الاصطفاف مع شركاء يقدمون فوائد استراتيجية دون التنازل عن سيادتها».

وأضاف المحلل السياسي أن «فرنسا، رغم تاريخها غير الجيد في أفريقيا، فإنها تمنح لنيجيريا فرصة إعادة التفاوض على العلاقات من موقع قوة؛ حيث تواجه فرنسا معضلة تراجع نفوذها بشكل مطرد في الساحل وغرب أفريقيا».

وشدّد المحلل السياسي على أن نيجيريا يمكنها أن تربح «مزايا اقتصادية كبيرة» من الشراكة مع فرنسا، كما أكّد أنّه «مع تصاعد التحديات الأمنية في منطقة الساحل، يمكن للخبرات والموارد العسكرية الفرنسية أن تكمل جهود نيجيريا لتحقيق الاستقرار في المنطقة».

تعاون عسكري

التعاون العسكري بين فرنسا ونيجيريا عرف صعوداً مهماً عام 2016، حين وقع البلدان اتفاقية للتعاون العسكري والأمني، خصوصاً في مجالات الاستخبارات، والتدريب والإعداد العملياتي.

في الفترة الأخيرة، بدأ الحديث عن رغبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تعزيز هذا التعاون، وهو الذي عمل لستة أشهر في السفارة الفرنسية في أبوجا، حين كان طالباً في المدرسة الوطنية للإدارة. وبوصفها خطوة لتطوير التعاون العسكري بين البلدين، أعلن الجنرال حسن أبو بكر، قائد القوات الجوية النيجيرية، الأسبوع الماضي، أن بلاده تستعد للاستحواذ على 12 طائرة من طراز «ألفاجيت» مستعملة من القوات الجوية الفرنسية، ستتم إعادة تشغيل 6 منها، في حين ستُستخدم الـ6 أخرى مصدراً لقطع الغيار.

ورغم أنه لم تعلن تفاصيل هذه الصفقة، فإن نيجيريا أصبحت خلال السنوات الأخيرة «زبوناً» مهماً للصناعات العسكرية الأوروبية، وسوقاً تتنافس عليها القوى المصنعة للأسلحة، خصوصاً سلاح الجو الذي تراهن عليه نيجيريا لمواجهة خطر الإرهاب في غابات حوض بحيرة تشاد، أقصى شمال شرقي البلاد.