يوم دام آخر في غزة بعد مقتل 70 فلسطينيا.. وإسرائيل تقصف مستشفى وسط القطاع

ارتفاع عدد الضحايا إلى 570.. والقسام تنفذ عملية تسلل خلف الخطوط.. ومقتل سبعة جنود إسرائيليين

عائلة فلسطينية تراقب عملية إنقاذ ناجين وإخراج جثث ضحايا من تحت الأنقاض بعد قصف إسرائيلي في مدينة غزة أمس (أ.ب)
عائلة فلسطينية تراقب عملية إنقاذ ناجين وإخراج جثث ضحايا من تحت الأنقاض بعد قصف إسرائيلي في مدينة غزة أمس (أ.ب)
TT

يوم دام آخر في غزة بعد مقتل 70 فلسطينيا.. وإسرائيل تقصف مستشفى وسط القطاع

عائلة فلسطينية تراقب عملية إنقاذ ناجين وإخراج جثث ضحايا من تحت الأنقاض بعد قصف إسرائيلي في مدينة غزة أمس (أ.ب)
عائلة فلسطينية تراقب عملية إنقاذ ناجين وإخراج جثث ضحايا من تحت الأنقاض بعد قصف إسرائيلي في مدينة غزة أمس (أ.ب)

في يوم دام آخر في قطاع غزة، قتل نحو 70 فلسطينيا في قصف أودى بحياة عائلات كاملة في مدينتي خان يونس ورفح، كما طال مستشفى وسط القطاع، مما يرفع عدد الضحايا الفلسطينيين منذ انطلاق العدوان الإسرائيلي الذي دخل أمس يومه الـ14 إلى أكثر من 570 قتيلا و3500 جريح.
وفي وقت لاحق أمس أقر الجيش الإسرائيلي بأن سبعة من جنوده قتلوا في اشتباكات مع حركة حماس مما رفع عدد قتلى الجيش إلى 25 جنديا خلال يومين.
وجاءت هذه التطورات غداة مذبحة إسرائيلية في حي الشجاعية في غزة أسفرت عن مقتل أكثر من مائة فلسطيني.
واستمرت الاشتباكات العنيفة، أمس، بين مقاتلين فلسطينيين والجيش الإسرائيلي على تخوم قطاع غزة، فيما نفذت كتائب عز الدين القسام التابعة لحركة حماس عملية تسلل خلف خطوط الجيش الإسرائيلي في منطقة بيت حانون، وهي العملية الرابعة من نوعها منذ بدء العدوان على غزة. وأدت العملية إلى مقتل عشرة من عناصر كتائب القسام، وجنود إسرائيليين، حسب بيان أصدرته الأخيرة.
وقالت «القسام» في بيان إن «مقاتليها، الذين تسللوا إلى موقع 16 العسكري شرق بيت حانون، حاصروا سيارتين عسكريتين، وفجروا واحدة وأجهزوا على من فيها، قبل أن يخوضوا اشتباكا عنيفا مع قوة احتلالية خاصة خرجت من موقع 16 العسكري وانتهى بمقتل عشرة من القسام فيما عاد اثنان إلى غزة».
في المقابل، أعلن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، عن إحباط عملية القسام، دون أن يشير إلى أي إصابات، غير أن مصادر إسرائيلية أشارت إلى «مقتل خمسة جنود في العملية» التي أغلق خلالها الجيش جميع الشوارع الواقعة جنوب مدينة أشكلان، وطلب من سكان البلدات في مناطق نفوذ المجالس الإقليمية «حوف أشكلون» و«شاعر هنيغف» و«أشكول» البقاء في منازلهم بسبب «حادث أمني».
بينما ذكرت الإذاعة الإسرائيلية أن نقاط المراقبة العسكرية «رصدت خليتين تخريبيتين تحاولان التسلل إلى إسرائيل عبر نفق بشمال القطاع فقصفت طائرة من سلاح الجو إحدى الخليتين وتمكنت من إصابتها بينما هرعت إلى المكان قوات عسكرية واشتبكت مع أفراد الخلية الثانية وتمكنت من قتل عشرة مخربين». واعترفت بأنه خلال الاشتباك أطلق الفلسطينيون صاروخا مضادا للدروع باتجاه إحدى الآليات العسكرية.
وفي هذا الوقت واصل الطيران الحربي الإسرائيلي قصف منازل الفلسطينيين في غزة في ما بدا انتقاما لمقتل الكثير من جنوده على مدار يومين في اشتباكات غزة. وقتلت إسرائيل، أمس، نحو 70 فلسطينيا بينهم 11 من عائلة صيام في قصف على منطقة الشوكة شمال غربي مدينة رفح، و26 من عائلة أبو جامع في أقصى شرق مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة.
واستهدفت المدفعية الإسرائيلية كذلك مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح وسط القطاع مما أدى إلى مقتل أربعة أشخاص وإصابة 20 بينهم مسعفون وأطباء. وذكرت مصادر فلسطينية أن أكثر من 12 قذيفة أصابت مقر المستشفى وأنها استهدفت مبنى العناية المكثفة وأقسام الجراحة والحضانة والباطنة والولادة إضافة إلى مبنى الإدارة والمبيت مما ألحق أضرارا بالغة بالمستشفى.
وفي غضون ذلك، أعلن وزير الأشغال الفلسطيني مفيد الحساينة أن القصف المتواصل على قطاع غزة أدى إلى تدمير 1100 وحدة سكنية بشكل كامل، و18.300 وحدة أخرى بشكل جزئي بينها 995 وحدة غير صالحة للسكن.
وأدى استهداف المنازل إلى تزايد نزوح الفلسطينيين إلى مدارس ومراكز فتحتها وكالة الغوث الدولية (الأونروا).
وقالت الأونروا أمس إن «عدد النازحين الذين لجأوا إلى مراكزها بلغ 81000 شخص، يقيمون حاليا في 61 مدرسة».
وجاءت هذه التطورات بينما واصلت حركتا حماس والجهاد وفصائل أخرى ضرب صواريخ على المدن الإسرائيلية، واستهدفت أمس أشكلون وسدود وبار توفيا وأشكول وريشون ليتسيون، جنوب تل أبيب، والجديرة ويبنى وكريات ملاخي ورحفوت ومحيط القدس بعدد كبير من الصواريخ.
من جهته، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن «العملية العسكرية الحالية على قطاع غزة والتي تطلق عليها إسرائيل (الجرف الصامد)، ستوسع تدريجيا حتى تسلم حركة حماس بوقف إطلاق نار طويل الأمد».
وأضاف نتنياهو في مستهل اجتماع أمني في وزارة الدفاع في تل أبيب أن «إسرائيل لم تقرر طوعا خوض المعركة، لكنها فرضت علينا وبالتالي سننفذ ما يجب تنفيذه إلى حين تحقيق الهدف المتمثل باستعادة الهدوء للمواطنين الإسرائيليين لفترة طويلة مع إلحاق ضرر ملحوظ بالبنى التحتية لحماس وباقي التنظيمات الإرهابية في غزة. لا رادع يردعنا بل سنمضي في العملية كلما تطلب الأمر».
وفاخر باكتشاف المزيد من الأنفاق التي تنضم إلى أنفاق أخرى لكنه أقر بأن العملية ضد الأنفاق «قد لا تنجح بشكل كامل». ولمح إلى أن المعركة قد تطول، قائلا: «عندما انطلقنا في هذا الطريق كنا نعي احتمال أن تكون المعركة طويلة، لكننا أصبحنا نعلم من تأريخ شعبنا حقيقة بسيطة ألا وهي أن الشعب الأزلي لا يخاف الطريق الطويل».
ويبدو أن المستوى السياسي والأمني في إسرائيل ناقش مسألة عملية طويلة في القطاع. إذ قال وزير حماية الجبهة الداخلية غلعاد أردان إن «جعل قطاع غزة خاليا من الصواريخ البعيد المدى والأنفاق لن يتحقق إلا من خلال بقاء الجيش في شمال القطاع حتى التوصل إلى اتفاق».
بدوره، أكد وزير الاستخبارات يوفال شتاينتز أن أهداف إسرائيل لم تتحقق بعد في غزة وأن ذلك يحتاج إلى مزيد من العمل، مضيفا أن «إسرائيل ستستولي على القطاع إذا ما اقتضت الضرورة ذلك لضمان إعادة الهدوء».
وأشارت مصادر أمنية إسرائيلية إلى احتمال أن تضطر إسرائيل للسيطرة على أراض داخل قطاع غزة لفترة زمنية طويلة وإقامة شريط أمني حول القطاع. وعقب وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون على مثل هذا الاحتمال بقوله إن جيشه جاهز لمواصلة العملية العسكرية في قطاع غزة مضيفا أنه «سيستدعي المزيد من جنود الاحتياط حسب الحاجة».
لكن الواقع على الأرض في غزة يشي بصعوبة تنفيذ مثل هذه المهمة، إذ انتهت أول محاولة لاقتحام الأحياء الفلسطينية في حي الشجاعية شرق غزة بمقتل 13 جنديا إسرائيليا وجرح آخرين وإعلان القسام خطف أحدهم، وردت إسرائيل بمذبحة في الحي.
من جهة أخرى، تشهد الضفة الغربية المحتلة والبلدات والقرى العربية في إسرائيل إضرابا عاما تضامنا مع قطاع غزة. ودعت منظمة التحرير الفلسطينية إلى إضراب «عام ووطني» «للتنديد بالمجزرة البشعة المستمرة التي ارتكبتها حكومة الاحتلال والاستيطان في حي الشجاعية، وأعمال القتل الإرهابي ضد المواطنين في مختلف مدن ومحافظات القطاع الباسل».
وأغلقت كل المحال التجارية والأسواق أبوابها في كل الضفة الغربية أول من أمس تضامنا مع قطاع. كما عم إضراب شامل أمس مدينة الناصرة والبلدات والقرى العربية في إسرائيل بدعوة من لجنة المتابعة العربية حدادا على ضحايا القصف الإسرائيلي لغزة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».