مئات المقاتلين الأكراد يتدفقون من تركيا لمواجهة «داعش» في عين العرب.. ومعارك القلمون مشتعلة

أحد جرحى «حزب الله» لـ {الشرق الأوسط}: كنت على وشك تنفيذ عملية استشهادية لمنع أسرنا

رجال إنقاذ يقفون على ركام مبان دمرها قصف النظام بالبراميل المتفجرة في حلب أمس (رويترز)
رجال إنقاذ يقفون على ركام مبان دمرها قصف النظام بالبراميل المتفجرة في حلب أمس (رويترز)
TT

مئات المقاتلين الأكراد يتدفقون من تركيا لمواجهة «داعش» في عين العرب.. ومعارك القلمون مشتعلة

رجال إنقاذ يقفون على ركام مبان دمرها قصف النظام بالبراميل المتفجرة في حلب أمس (رويترز)
رجال إنقاذ يقفون على ركام مبان دمرها قصف النظام بالبراميل المتفجرة في حلب أمس (رويترز)

لم تهدأ المواجهات بعد على جبهة القلمون في ريف دمشق الشمالي التي عادت واشتعلت يوم الأحد الماضي مع قرار حزب الله «تنظيف» جيوب المسلحين المتمركزين بشكل أساسي في الجرود الواقعة بين بلدة رأس المعرة (السورية) وعرسال (اللبنانية)، التي عجّت مستشفياتها بعشرات الجرحى من مقاتلي المعارضة السورية في وقت واصل فيه «حزب الله» تشييع قتلاه.
وفي موازاة احتدام جبهة القلمون، تدفق مئات المقاتلين الأكراد الوافدين من تركيا إلى سوريا لمواجهة مقاتلي «الدولة الإسلامية (داعش)» الذين يحاصرون مدينة عين العرب (كوباني) الكردية السورية في ريف حلب الشمالي، في وقت أدت فيه غارات إسرائيلية على أهداف عسكرية وإدارية سورية في هضبة الجولان إلى مقتل أربعة أشخاص وإصابة عشرة آخرين.
ميدانيا، وفي الجانب اللبناني من منطقة القلمون السورية، شنّ الطيران الحربي السوري غارات مكثفة على منطقتي وادي الزمراني والعجرم في جرود عرسال، مستهدفا، بحسب «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية في لبنان، مجموعات مسلحة في المنطقة المحاذية للحدود اللبنانية - السورية.
وأشارت الوكالة إلى إصابة سبعة مواطنين جراء سقوط صاروخين في جرود عرسال في محلة وادي الهوى المحاذية لجرود نحلة السورية، في حين ذكرت مصادر ميدانية في عرسال لـ«الشرق الأوسط» أن الاشتباكات مستمرة بين مقاتلي المعارضة السورية وعناصر «حزب الله» في الجرود الفاصلة بين لبنان وسوريا، لافتة إلى أن أصوات القذائف والمواجهات المسلحة تُسمع داخل البلدة اللبنانية تماما كأصوات البراميل المتفجرة التي يلقيها الطيران الحربي السوري على المنطقة الحدودية.
وأوضحت المصادر أن عشرات الجرحى من مقاتلي المعارضة دخلوا إلى مستشفيي عرسال في الأيام الثلاثة الماضية، وأضافت: «الأوضاع متوترة جدا لدينا».
بدوره، أفاد الدكتور باسم القاري، مدير مستشفى «الرحمة» في عرسال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بدخول أعداد كبيرة من الجرحى السوريين منذ يوم الأحد الماضي، لافتا إلى صعوبات كبيرة في استيعاب المزيد منهم. وقال: «نحن ثمانية أطباء و15 ممرضا نتولى مساعدتهم، أما الإصابات فمتنوعة؛ بعضها خطيرة وعصبية وأخرى طفيفة».
في موازاة ذلك، أفادت قناة «المنار» التابعة لـ«حزب الله» بأن «الحزب وجمهور المقاومة شيعوا في بيروت والبقاع (شرقي البلاد) أربعة شهداء استشهدوا أثناء تأديتهم واجبهم الجهادي».
وروى أحد مقاتلي «حزب الله» وقد أصيب في المعارك الأخيرة في القلمون لـ«الشرق الأوسط» تفاصيل ما حصل معه قبل تعرضه لإصابة في رجله ولحروق بسيطة بالوجه، لافتا إلى أنه خلال المعركة الأخيرة يوم الأحد الماضي، «قرر القيام بعملية استشهادية بعدما أوشك مقاتلو (جبهة النصرة) على أسره وعدد من العناصر الذين كانوا معه». وتابع العنصر الجريح، الذي يرقد في أحد مستشفيات بيروت: «لكن المعطيات انقلبت فجأة لصالحنا بعد وصول الدعم اللازم».
وأشار مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «معظم الذين قضوا قبل يومين في القلمون هم من قوات التعبئة الذين يفتقرون للخبرة اللازمة، وقد باغتهم عناصر (جبهة النصرة) قبل وصول عناصر النخبة في الحزب». وأوضح أن «الوضع لا يزال متوترا على جبهة القلمون»، لافتا إلى أن «مقاتلي المعارضة يستهدفون حواجز (حزب الله) ومراكزه».
من ناحيته، أكد الناشط السوري في منطقة القلمون عامر القلموني لـ«الشرق الأوسط» وقوع عدد كبير من القتلى في صفوف «حزب الله» في الاشتباكات الأخيرة، مشيرا إلى أن عددهم تخطى العشرين. وأوضح أن معظم العمليات التي تنفذها قوات المعارضة وفي طليعتها «جبهة النصرة» هي «عمليات كر وفر». وقال: «لم تكن قوات المعارضة هي من أعادت تحريك الجبهة بل (حزب الله) الذي يسعى للقضاء على وجود الثوار في المنطقة بشكل كامل».
في شمال سوريا، وفي تطور ميداني لافت، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بـ«تدفق مئات المقاتلين الأكراد القادمين من تركيا إلى سوريا لمقاتلة جهاديي تنظيم (الدولة الإسلامية في العراق والشام – داعش) الذين يحاصرون مدينة عين العرب الكردية منذ أكثر من أسبوع». وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن «ما لا يقل عن 800 مقاتل قادمين من تركيا عبروا الحدود السورية خلال الأيام الماضية لمؤازرة إخوتهم في عين العرب التي يحاصرها تنظيم (الدولة الإسلامية)».
في موازاة ذلك، أعلن المرصد السوري أمس مقتل أربعة أشخاص وإصابة عشرة آخرين في قصف نفذته طائرات حربية إسرائيلية على أهداف عسكرية وإدارية سورية في هضبة الجولان. وأشار المرصد إلى «معلومات مؤكدة عن وجود خسائر بشرية في صفوف (اللواء 90) الذي استهدفته الطائرة الحربية الإسرائيلية من فوق الجولان السوري المحتل»، لافتا إلى «اشتباكات عنيفة بين قوات النظام من جهة، ومقاتلي الكتائب الإسلامية والكتائب المقاتلة من جهة أخرى على محور تل الكروم قرب بلدة جبا غربا ومحيط بلدة الصمدانية بريف القنيطرة الأوسط».
وفي محافظة درعا، ألقى الطيران المروحي بعد منتصف ليل الاثنين - الثلاثاء برميلا متفجرا على منطقة في بلدة سحم الجولان وبرميلين آخرين على مناطق في بلدة عدوان، في حين قصفت قوات النظام صباح أمس مناطق في بلدتي تسيل وعدوان من دون أنباء عن خسائر بشرية. وبالتزامن، أعلنت عدة كتائب وألوية وحركات إسلامية عن بدء عملية عسكرية للسيطرة على «اللواء 61» في «مدينة النحاس» الشيخ سعد، ضمن معركة سموها «بدر القصاص في مدينة النحاس»، حيث تدور اشتباكات عنيفة مع قوات النظام مما أدّى لمقتل عدد من الأشخاص وإصابة آخرين.
وفي ريف دمشق، أعلن الهلال الأحمر العربي السوري عن إدخال مساعدات إنسانية إلى معضمية الشام في ريف دمشق بعد نحو سنة من تعذرها، لافتا إلى أنه جرى أمس الثلاثاء ولليوم الثاني على التوالي توزيع المواد الإغاثية بشكل مباشر على الأسر المتضررة بالتنسيق مع الحكومة السورية وهيئات الأمم المتحدة العاملة في سوريا.



مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
TT

مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)

استهلت جماعة الحوثيين شهر رمضان بتنفيذ حملات تعسف ضد أفران الخبز الخيرية بالعاصمة المختطفة صنعاء، وذلك في سياق إعاقتها المتكررة للأعمال الإنسانية والخيرية الرامية للتخفيف من حدة معاناة اليمنيين بالمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وتحدثت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن بدء مشرفين حوثيين برفقة مسلحين يتبعون ما تسمى «هيئة الزكاة الحوثية» تنفيذ حملات دهم بحق مخابز خيرية تتبع مبادرات تطوعية ومؤسسات خيرية ورجال أعمال في مديريات متفرقة بصنعاء، لإرغام العاملين فيها على دفع إتاوات، أو تعرضها للإغلاق والمصادرة.

وأكدت المصادر أن الحملة المباغتة استهدفت في أول يوم من انطلاقها 14 مخبزاً خيرياً في أحياء بيت معياد وبير عبيد والجرداء والقلفان والسنينة ومذبح بمديريتي السبعين ومعين بصنعاء، وأسفرت عن إغلاق 4 مخابز منها لرفضها دفع إتاوات، بينما فرضت على البقية دفع مبالغ مالية يتم توريدها إلى حسابات ما تسمى «هيئة الزكاة».

اتساع رقعة الجوع يجبر آلاف اليمنيين للاعتماد على المبادرات الإنسانية (أ.ف.ب)

وأثار الاستهداف الحوثي موجة غضب واسعة في أوساط السكان والناشطين في صنعاء، الذين أبدوا استنكارهم الشديد لقيام الجماعة بابتزاز المخابز الخيرية، رغم أنها مُخصصة للعمل التطوعي والخيري، وإشباع جوع مئات الأسر المتعففة.

استهداف للفقراء

واشتكى عاملون في مخابز خيرية طاولها استهداف الحوثيين في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، من تكثيف حملات التعسف ضد المخابز التي يعملون فيها، وأكدوا أن الحملة التي شنتها الجماعة أجبرتهم على دفع إتاوات، بينما هددت أخرى بالإغلاق حال عدم الاستجابة لأوامرها.

واتهم العاملون الجماعة الحوثية بأنها تهدف من خلال حملات التعسف لتضييق الخناق على فاعلي الخير والمؤسسات والمبادرات التطوعية الإنسانية والخيرية بغية منعهم من تقديم أي دعم للفقراء الذين تعج بهم المدن كافة التي تحت قبضتها.

امرأة في صنعاء تبحث في برميل القمامة عن علب البلاستيك لجمعها وبيعها (الشرق الأوسط)

ويزعم الانقلابيون الحوثيون أن حملتهم تستهدف الأفران التي تقوم بتوزيع الخبز خلال رمضان للفقراء بطريقة تصفها الجماعة بـ«المخالفة»، ودون الحصول على الإذن المسبق من «هيئة الزكاة»، والمجلس الأعلى للشؤون الإنسانية التابع لها، والمخول بالتحكم في المساعدات.

وبينما حذرت مصادر إغاثية من مغبة استمرار الاستهداف الحوثي للمخابز الخيرية لما له من تأثير مباشر على حياة ومعيشة مئات الأسر الفقيرة، اشتكت عائلات فقيرة في صنعاء من حرمانها من الحصول على الخبز نتيجة حملات التعسف الأخيرة بحق الأفران.

وتؤكد المصادر الإغاثية أن التعسف الحوثي يستهدف الفقراء والمحتاجين في عموم مناطق سيطرة الجماعة من خلال مواصلة انتهاج سياسات الإفقار والتجويع المتعمدة، والسعي إلى اختلاق مبررات تهدف إلى حرمانهم من الحصول على أي معونات غذائية أو نقدية.

نقص الغذاء

ويتزامن هذا الاستهداف الانقلابي مع تحذيرات دولية حديثة من نقص الغذاء في اليمن حتى منتصف العام الحالي.

وفي تقرير حديث لها، نبَّهت «شبكة الإنذار المبكر من المجاعة» إلى أن ملايين اليمنيين سيعانون من عجز حقيقي في استهلاك الغذاء حتى منتصف العام الحالي على الأقل، حيث تستمرُّ الصدمات الاقتصادية الكلية، الناجمة عن الصراع المستمر في البلاد، في تقييد وصول الأسر بشدة إلى الغذاء.

يمنيات أمام بوابة أحد المطاعم في صنعاء للحصول على وجبة مجانية (الشرق الأوسط)

ولفتت الشبكة المعنية بمراقبة أوضاع الأمن الغذائي في العالم والتحذير من المجاعة إلى أن مجموعة من المناطق تحت سيطرة الحوثيين لا تزال تواجه نتائج الطوارئ، وهي «المرحلة 4» من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، أي على بُعد مرحلة واحدة من المجاعة.

واعتاد الانقلابيون الحوثيون منذ سنوات أعقبت الانقلاب والحرب، على استخدام مختلف الأساليب والطرق لتضييق الخناق على الجمعيات والمبادرات المجتمعية الإنسانية والخيرية، بغية حرمان اليمنيين من الحصول على أي مساعدات قد تبقيهم على قيد الحياة.