ستة وزراء ماليين وقادة تنظيمات مسلحة يوقعون على وثيقة سلام في الجزائر اليوم

تلزم المسلحين بالتخلي عن مطلب الحكم الذاتي ومحاربة تنظيم القاعدة

ستة وزراء ماليين وقادة تنظيمات مسلحة يوقعون على وثيقة سلام في الجزائر اليوم
TT

ستة وزراء ماليين وقادة تنظيمات مسلحة يوقعون على وثيقة سلام في الجزائر اليوم

ستة وزراء ماليين وقادة تنظيمات مسلحة يوقعون على وثيقة سلام في الجزائر اليوم

قال مصدر دبلوماسي جزائري إن المفاوضات التي ستجرى في الجزائر العاصمة اليوم (الأربعاء) بين الحكومة المالية والحركات المسلحة المسيطرة على شمال مالي، «لم تكن بمبادرة من الجزائر، وإنما يتعلق الأمر بمسعى تقوم به بناء على طلب من الرئيس المالي شخصيا».
وذكر المصدر، الذي رفض نشر اسمه، في لقاء مع صحافيين أمس، أن ستة وزراء من الحكومة المالية، وممثلين عن الحركات المسلحة البالغ عددها ستة، وممثلا عن الأمم المتحدة، وآخر عن الاتحاد الأوروبي، وممثلا عن «المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا» (إكواس)، سيشاركون في المفاوضات التي ستنتهي بالتوقيع على «وثيقة سلام».
وأفاد مسؤول بسفارة غربية لدى الجزائر أن الوثيقة تتضمن عدة نقاط؛ أهمها تعهد الحكومة المالية بتنمية مناطق الشمال الفقير، قصد إحداث توازن بين كل المناطق، في مقابل أن يتعهد المسلحون بالتخلي عن مطلب الحكم الذاتي، وأن يتعهد الطرفان معا بشن حرب لا هوادة فيها على تنظيم «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» و«حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا»، وهما جماعتان سيطرتا على شمال البلاد لقرابة عام، إلا أن القوات الفرنسية تمكنت من إنهاء هذه السيطرة في عملية عسكرية شنتها في شمال مالي مطلع 2013.
وأضاف المصدر الدبلوماسي أن بعض التنظيمات المسلحة المالية «كانت لديها صلات مع (حركة التوحيد والجهاد)، لكن معظم هذه التنظيمات بعيدة كل البعد عن الإرهاب، وأفرادها معروفون لدى كل سكان الشمال الحدودي مع الجزائر».
وترفض الجزائر إقامة حكم ذاتي في شمال مالي، لأنها تخشى من تدفق أعداد كبيرة من الطوارق إلى مناطق من ترابها.
وقال المصدر ذاته إن «بعض الحركات المتمردة على نظام الحكم في باماكو تريد الانفصال، بينما تتمسك الحكومة المالية بالحفاظ على الوحدة الترابية للبلاد». وأضاف: «يسيطر المتمردون على ثلثي الأراضي المالية، وهم يشعرون بأنهم أقوى بكثير من الحكومة وجيشها الذي تلقى هزائم كثيرة على أيديهم، وسيحضرون إلى المفاوضات في الجزائر وميزان القوة يميل لصالحهم، ولكن الجزائر تمكنت، بفضل جهود الوساطة التي قامت بها بطلب من الحكومة، من إقناع المتمردين بمراجعة مطالبهم».
ويفهم من هذا الكلام، حسب بعض المراقبين، أن موضوع الحكم الذاتي أو الانفصال لن يطرح من جديد، ولو مؤقتا.
وأضاف المصدر: «طلب الرئيس إبراهيم أبو بكر كيتا من الجزائر القيام بدور في التقريب بين السلطات والمتمردين، وفعلت الحكومة الجزائرية ذلك، لأن مالي بلد شقيق، تجمعنا به حدود تمتد لمئات الكيلومترات. وعلى خلاف ما يقول البعض، فإن المفاوضات الجديدة بين الطرفين، لم تكن بمبادرة من الجزائر، بل مسعى طلبته منها الحكومة المالية التي تقول إنها منفتحة على كل مطالب المتمردين، باستثناء مسألة الانفصال أو الحكم الذاتي». وتابع المصدر موضحا أن «أزمة شمال مالي سياسية، وحلها ينبغي أن يكون سياسيا، يأخذ في الحسبان تطلعات سكان المنطقة التي تختلف مشكلاتها عن مشكلات بقية المناطق الأخرى».



الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
TT

الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)

في وقت تسحب فرنسا قواتها من مراكز نفوذها التقليدي في الساحل وغرب أفريقيا، وتبحث عن شركاء «غير تقليديين»، يحتدمُ الجدل في نيجيريا حول السماح للفرنسيين بتشييد قاعدة عسكرية في البلد الأفريقي الغني بالنفط والغاز، ويعاني منذ سنوات من تصاعد وتيرة الإرهاب والجريمة المنظمة.

يأتي هذا الجدل في أعقاب زيارة الرئيس النيجيري بولا تينوبو نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى فرنسا، والتي وصفت بأنها «تاريخية»، لكونها أول زيارة يقوم بها رئيس نيجيري إلى فرنسا منذ ربع قرن، ولكن أيضاً لأنها أسست لما سمّاه البلدان «شراكة استراتيجية» جديدة.

وتمثلت الشراكة في اتفاقيات تعاون هيمنت عليها ملفات الطاقة والاستثمار والمعادن، ولكنّ صحفاً محلية في نيجيريا تحدّثت عن اتفاقية تسمحُ للفرنسيين بإقامة قاعدة عسكرية داخل أراضي نيجيريا، وذلك بالتزامن مع انسحاب القوات الفرنسية من دول الساحل، خصوصاً تشاد والنيجر، البلدين المجاورين لنيجيريا.

لا قواعد أجنبية

ومع تصاعد وتيرة الجدل، تدخل الجيش النيجيري ليؤكد أن ما يجري تداوله بخصوص «قاعدة عسكرية» أجنبية فوق أراضي نيجيريا مجرد «شائعات»، نافياً وجود خطط للسماح لأي قوة أجنبية بإقامة قاعدة عسكرية في نيجيريا.

وتولّى قائد الجيش النيجيري، الجنرال كريستوفر موسى، بنفسه مهمة الرد، فأوضح أن «زيارة الرئيس بولا تينوبو الأخيرة إلى فرنسا، وُقِّعت خلالها عدد من الاتفاقيات الثنائية، لم تشمل السماح بإنشاء قواعد عسكرية أجنبية في نيجيريا».

وكان قائد الجيش يتحدّث خلال حفل عسكري بمقر وزارة الدفاع في العاصمة أبوجا، بمناسبة تغيير شعار القوات المسلحة النيجيرية، وقال إنه يوّد استغلال الفرصة لتوضيح ما جرى تداوله حول «قاعدة عسكرية أجنبية» في نيجيريا. وقال: «لقد أوضح الرئيس بشكل لا لبس فيه أن ما تم توقيعه هو اتفاقيات ثنائية تتعلق بالتجارة، والثقافة، والتقاليد، والتعاون، والاقتصاد، ولا وجود لأي شيء يتعلق بقاعدة عسكرية أجنبية».

وأوضح الجنرال موسى أن الرئيس تينوبو «يدرك تماماً عواقب مثل هذا القرار، ويعلم أن من واجبه حماية نيجيريا، ومن ثم، لن يسمح مطلقاً لأي قوة أجنبية بدخول نيجيريا»، ولكن قائد الجيش أكد: «سنستمر في التعاون بشكل ثنائي من خلال التدريب المشترك وإرسال ضباطنا كما هو معتاد، ولكن إنشاء قاعدة عسكرية أجنبية في نيجيريا ليس ضمن خطط الرئيس».

كراهية فرنسا

ورغم تصريحات قائد الجيش، فإن الجدل لم يتوقف؛ حيث عَبَّر «تحالف جماعات الشمال»، وهو هيئة سياسية ناشطة في نيجيريا، عن إدانته قرار السماح للعسكريين الفرنسيين بدخول أراضي نيجيريا، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حين انتقد بشكل لاذع عقد شراكة مع فرنسا.

وقال التحالف: «إن القرار يتعلق باتفاقية ثنائية جرى توقيعها بين نيجيريا وفرنسا تمنح الأخيرة وصولاً غير مقيد إلى الموارد المعدنية في نيجيريا»، وذلك في إشارة إلى اتفاقية وقعها البلدان للتعاون في مجال المعادن النادرة.

المنسق الوطني لتحالف جماعات الشمال، جميل علي تشارانشي، اتهم الرئيس تينوبو بالسعي نحو «تسليم سيادة نيجيريا إلى فرنسا، والتغطية على ذلك بمبررات مضللة»، ثم وصف ما يقوم به تينوبو بأنه «مناورة دبلوماسية مكشوفة».

الناشط السياسي كان يتحدث بلغة حادة تجاه فرنسا؛ حيث وصفها بأنها «دولة عدوانية؛ تدعم وتمول تفكيك المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)»، قبل أن يحملها مسؤولية «جو الحرب الذي تعيشه منطقة غرب أفريقيا».

وخلُص الناشط السياسي إلى أنه مصدوم من «إمكانية أن تخضع نيجيريا، بتاريخها الفخور بالدفاع عن السيادة الأفريقية، لتأثير أجنبي، نحن نرفض ذلك، وسنعارضه بشدة»، على حد قوله.

شراكة مفيدة

الرئيس النيجيري بولا تينوبو لدى حضوره حفل تنصيب رئيس تشاد في ندامينا 23 مايو (رويترز)

في المقابل، ارتفعت أصوات في نيجيريا تدافع عن تعزيز التعاون والشراكة مع فرنسا، وعدّت الحديث عن «قاعدة عسكرية» محاولة للتشويش على الطموحات الاقتصادية للبلدين.

في هذا السياق، قال المحلل السياسي النيجيري، نيكسون أوكوارا: «إن العالم يتّجه بسرعة نحو نظام متعدد الأقطاب، وإعادة صياغة التحالفات التقليدية، وهذا الواقع الجديد يتطلب من نيجيريا الاصطفاف مع شركاء يقدمون فوائد استراتيجية دون التنازل عن سيادتها».

وأضاف المحلل السياسي أن «فرنسا، رغم تاريخها غير الجيد في أفريقيا، فإنها تمنح لنيجيريا فرصة إعادة التفاوض على العلاقات من موقع قوة؛ حيث تواجه فرنسا معضلة تراجع نفوذها بشكل مطرد في الساحل وغرب أفريقيا».

وشدّد المحلل السياسي على أن نيجيريا يمكنها أن تربح «مزايا اقتصادية كبيرة» من الشراكة مع فرنسا، كما أكّد أنّه «مع تصاعد التحديات الأمنية في منطقة الساحل، يمكن للخبرات والموارد العسكرية الفرنسية أن تكمل جهود نيجيريا لتحقيق الاستقرار في المنطقة».

تعاون عسكري

التعاون العسكري بين فرنسا ونيجيريا عرف صعوداً مهماً عام 2016، حين وقع البلدان اتفاقية للتعاون العسكري والأمني، خصوصاً في مجالات الاستخبارات، والتدريب والإعداد العملياتي.

في الفترة الأخيرة، بدأ الحديث عن رغبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تعزيز هذا التعاون، وهو الذي عمل لستة أشهر في السفارة الفرنسية في أبوجا، حين كان طالباً في المدرسة الوطنية للإدارة. وبوصفها خطوة لتطوير التعاون العسكري بين البلدين، أعلن الجنرال حسن أبو بكر، قائد القوات الجوية النيجيرية، الأسبوع الماضي، أن بلاده تستعد للاستحواذ على 12 طائرة من طراز «ألفاجيت» مستعملة من القوات الجوية الفرنسية، ستتم إعادة تشغيل 6 منها، في حين ستُستخدم الـ6 أخرى مصدراً لقطع الغيار.

ورغم أنه لم تعلن تفاصيل هذه الصفقة، فإن نيجيريا أصبحت خلال السنوات الأخيرة «زبوناً» مهماً للصناعات العسكرية الأوروبية، وسوقاً تتنافس عليها القوى المصنعة للأسلحة، خصوصاً سلاح الجو الذي تراهن عليه نيجيريا لمواجهة خطر الإرهاب في غابات حوض بحيرة تشاد، أقصى شمال شرقي البلاد.