حماس تسعى لرعاية قطرية وتركية للمبادرة المصرية

كيري يمنح القاهرة مزيدا من الوقت و«يتريث» في زيارتها

طفلان فلسطينيان على دراجة هوائية أمس أمام مركز للشرطة كان قيد البناء لكن دمره القصف الإسرائيلي على غزة (رويترز)
طفلان فلسطينيان على دراجة هوائية أمس أمام مركز للشرطة كان قيد البناء لكن دمره القصف الإسرائيلي على غزة (رويترز)
TT

حماس تسعى لرعاية قطرية وتركية للمبادرة المصرية

طفلان فلسطينيان على دراجة هوائية أمس أمام مركز للشرطة كان قيد البناء لكن دمره القصف الإسرائيلي على غزة (رويترز)
طفلان فلسطينيان على دراجة هوائية أمس أمام مركز للشرطة كان قيد البناء لكن دمره القصف الإسرائيلي على غزة (رويترز)

في الوقت الذي رحب فيه الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) فورا بالمبادرة المصرية، تباينت ردود الفعل داخل حركة حماس الفلسطينية بين رافض ومتردد، ومن يطلب وقتا إضافيا لبحثها. وفي غضون ذلك، كشفت مصادر مقربة من حركة حماس، لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك مسعى داخل الحركة باتجاه «وساطة أكبر» برعاية قطر وتركيا إلى جانب مصر.

وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أمس، إنه يرحب المبادرة المصرية للتهدئة ويثمن الجهود التي بذلتها مصر لحماية الشعب الفلسطيني. ودعا جميع الأطراف إلى الالتزام بهذه المبادرة «حفاظا على دماء شعبنا والمصالح الوطنية العليا». كما طالب بأن تمهد هذه المبادرة لجهد سياسي لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

ويصل عباس اليوم إلى مصر من أجل لقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بهدف التشاور والتنسيق لإنجاح المبادرة المصرية، لتحقيق وقف إطلاق النار فورا، فيما يزور تركيا بعد يومين لنفس السبب. وكان من المفترض أن يتوجه عباس أمس إلى مصر، لكن طرح المبادرة المصرية إلى الواجهة وطبيعة رد الفصائل عليها وترتيب بعض المواعيد، إضافة إلى وصول وزيري خارجية ألمانيا وإيطاليا إلى رام الله للقائه، أجل الزيارة يوما واحدا. وقال الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية إن عباس يجري اتصالات عربية ودولية في هذه الأثناء من أجل تثبيت وقف إطلاق النار.

وكانت مصر طرحت مبادرة على إسرائيل وحماس من أجل وقف الأعمال العدائية من الجانبين، على أن يجري لاحقا فتح المعابر وتسهيل حركة عبور الأشخاص والبضائع عبر المعابر الحدودية. ووافقت إسرائيل على المبادرة التي قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنها «فرصة لتجريد القطاع من الصواريخ». وأعلن نتنياهو للصحافيين «وافقنا على المبادرة المصرية من أجل إعطاء فرصة لنزع سلاح القطاع (غزة) من الصواريخ والأنفاق عبر السبل الدبلوماسية». وأضاف «لكن إذا لم تقبل حماس مبادرة وقف إطلاق النار كما يبدو الوضع الآن فإن إسرائيل ستكون لديها كل الشرعية الدولية لتوسيع العملية العسكرية لتحقيق الهدوء المنشود».

وظهرت تباينات واضحة، أمس، بين حماس الخارج والداخل بشأن المبادرة المصرية، وسط خلاف مع حركة الجهاد الإسلامي، بحسب ما قالت مصادر فلسطينية مطلعة في غزة لـ«الشرق الأوسط». وأكدت المصادر أن حركة حماس «غاضبة» من عدم التشاور معها بشأن الورقة المصرية. وأوضحت أن «مصر تشاورت مع السلطة وإسرائيل وأطراف أخرى لكنها لم تتشاور مع حماس». وكشفت عن أن هناك «تيارا في حماس يسعى الآن لوساطة أكبر ودخول أطراف أخرى مثل قطر وتركيا على الخط، وأن تكون التهدئة برعايتهم كذلك إلى جانب مصر».

وجاء ذلك بالتزامن مع ما أورده موقع «واللا» الإسرائيلي عن مصادر لم يسمها بأن «قطر تقف وراء رفض حماس للمبادرة المصرية». لكن فوزي برهوم، الناطق باسم حماس، نفى الأمر، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن حركته «لا تختار الوسطاء ولا تدعوهم للتوسط وإنما عليهم المبادرة بالتضامن مع قطاع غزة والشعب الفلسطيني ومساعدتنا في رفع الظلم». وأضاف «مصر موجودة في قلب المعادلات السابقة ولسنا ضد أن تكون حاضرة اليوم، لكن هناك ثلاث اتفاقيات حصلت سابقا، وهناك بنود طويلة وعريضة، فلماذا لم تلزم مصر إسرائيل بالالتزام بهذه البنود؟». وتابع قائلا «وعلى الرغم من ذلك ما زلنا نطمح إلى دور مصري يلبي طموحات الشعب الفلسطيني، لكن من أراد أن يساعد مصر فلن نمانع. نريد من الكل العربي والمسلم أن يتدخل حتى لو كان تدخلا دوليا، المهم في من يتدخل أن يرى الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني».

وتحدث برهوم عن «حالة من عدم رضا» في أوساط حماس من الطريقة التي عرضت بها مصر المبادرة. وقال «ليست هكذا تكون المبادرات، تلقى في الإعلام ثم يطلب منا أن نلتزم بها. هناك بروتوكول تواصل رسمي يحكم الدول والكيانات. كان من باب أولى أن يتواصلوا معنا بشكل رسمي ويتلقوا ردا رسميا وليس عبر وسائل الإعلام»، مؤكدا أنهم لم يتسلموا نسخة من المبادرة.

وردا على سؤال حول طلبات حماس، قال برهوم «حركة حماس ليست عدمية ولا تريد أن يبقى قطاع غزة تحت القصف الدم. الحرب فرضت علينا ولم نكن نختارها ولا نرغب بها، لكن قدرنا أن نخوض هذه الحرب لندافع عن شعبنا، وبالتالي وقف هذه الحرب أمر مهم جدا ورفع الظلم عن قطاع غزة».

وكان تضاربا ساد موقف حماس من المبادرة، فبعد ساعات من إعلان ناطقين في الحركة في غزة بينهم سامي أبو زهري أنها لم تعرض عليهم وأنهم غير ملزمين بها، خرج عضو المكتب السياسي للحركة موسى أبو مرزوق ليعلن أن حركته ما زالت تجري مشاورات مكثفة بشأن المبادرة المصرية لتثبيت وقف إطلاق النار. وأوضح أبو مرزوق في تصريح مقتضب على صفحته على «فيسبوك» قائلا «ما زلنا نتشاور ولم يصدر موقف الحركة الرسمي بشأن المبادرة المصرية».

ثم خرج مشير المصري، وهو ناطق آخر للحركة، بعد ذلك ليعلن أن المبادرة المصرية ولدت ميتة. وأضاف المصري أن شروط حماس لوقف إطلاق النار هي رفع الحصار عن قطاع غزة وفتح معبر رفح وتقديم ضمانات دولية لإلزام إسرائيل بتنفيذ بنود اتفاق التهدئة.

وتخالف هذه المعلومات تصريحات عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حنان عشراوي، التي أكدت فيها أن «الأشقاء المصريين تشاوروا في المبادرة التي طرحوها لوقف عدوان الاحتلال على قطاع غزة مع كل الأطراف». وعدت عشراوي المبادرة نابعة من الوعي والإدراك بخطورة الوضع في القطاع. وأقرت عشراوي بوجود عدة آراء داخل المقاومة الفلسطينية «تتناقض» في رأيها حول المبادرة المصرية. وعقبت عشراوي على ذلك قائلة إنه يجب النظر إلى المضمون وليس اللغة، وإنها تدرك أن الأمور تحتاج إلى بحث أكبر ووقت أكثر.

من جهتها، رفضت حركة الجهاد الإسلامي المبادرة المصرية صراحة، وأعلنت في تصريح مقتضب «أبلغنا الجانب المصري موقفنا بعدم قبول هذه المبادرة التي لا تلبي حاجات شعبنا وشروط المقاومة التي لم تستشر فيها». وأضافت «هذه المبادرة غير ملزمة لنا، وسرايا القدس ستواصل عملياتها، جنبا إلى جنب مع كل الفصائل والأجنحة العسكرية، دفاعا عن شعبنا في مواجهة العدوان الإسرائيلي». وجاء إعلان الجهاد على الرغم من أن الحركة قالت سابقا إنها ستصدر موقفا موحدا مع حماس من التهدئة في مؤشر آخر على وجود تباينات واسعة حول قبول ورفض التهدئة بين فصائل المقاومة.

وفي سياق الجهود لوقف إطلاق النار، التقى عباس أمس بوزير الخارجية الألماني، ويفترض أنه التقى كذلك في وقت متأخر بوزيرة الخارجية الإيطالية فيديريكا موغيريني. وأكد عباس للوزير الألماني فرانك فالتر شتاينماير ضرورة التزام كل الأطراف بالمبادرة المصرية الساعية لتثبيت وقف إطلاق النار حفاظا على حياة أبناء شعبنا، ووقف إراقة الدماء، وتجنيب المنطقة مزيدا من التدهور وعدم الاستقرار.

وفي القاهرة، أكدت الخارجية المصرية، أمس، أنها لا تزال في انتظار «ردود رسمية» من جهة الفصائل الفلسطينية على المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار في غزة، وأن الموقف الرسمي المصري «لن يستبق الأحداث». وقال السفير بدر عبد العاطي، المتحدث الرسمي باسم الخارجية، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «لم تصلنا أي ردود رسمية من جهة الفصائل الفلسطينية حتى الآن (عصر أمس)، وعندما تصل الردود سنقوم بتقييم الموقف».

وحول ما نقلته تصريحات إعلامية لقيادات حركة حماس أمس من أنهم لم تصلهم «رسميا» أي مبادرة مصرية، أوضح عبد العاطي أن المبادرة المصرية أعلنت بشكل موسع منذ الثامنة من مساء الاثنين بتوقيت القاهرة، وعرضت على اجتماع وزراء الخارجية العرب، ولاقت تأييدا عربيا ودوليا موسعا.

وعن الاستعداد للخطوات اللاحقة، التي تتضمن استقبال وفود رفيعة المستوى من الحكومة الإسرائيلية والفصائل الفلسطينية في القاهرة خلال 48 ساعة منذ بدء تنفيذ المبادرة، أوضح عبد العاطي أن ذلك أمر لاحق بعد قبول الطرفين للمبادرة ودخول الاتفاق حيز النفاذ.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.