الفلسطينيون والإسرائيليون يستخدمون الحرب النفسية سلاحا ثانيا في المعركة

اختراقات وفيديوهات ورسائل متبادلة بجميع اللغات عبر الإعلام والشبكات الاجتماعية

آلالف المتظاهرين يطالبون بمقاطعة إسرائيل في باريس أمس (أ.ب.)
آلالف المتظاهرين يطالبون بمقاطعة إسرائيل في باريس أمس (أ.ب.)
TT

الفلسطينيون والإسرائيليون يستخدمون الحرب النفسية سلاحا ثانيا في المعركة

آلالف المتظاهرين يطالبون بمقاطعة إسرائيل في باريس أمس (أ.ب.)
آلالف المتظاهرين يطالبون بمقاطعة إسرائيل في باريس أمس (أ.ب.)

حين أعلنت حماس سلفا يوم السبت الماضي أنها ستقصف تل أبيب بصواريخ جديدة في تمام الساعة التاسعة مساء، كانت تستخدم جزءا من الحرب النفسية التي تعود الإسرائيليون طويلا على استخدامها ضد الفلسطينيين.
ومنذ بدأت الحرب الأخيرة على غزة قبل سبعة أيام، استخدم الإسرائيليون والفلسطينيون الحرب النفسية سلاحا ثانيا على الجبهة التي يسعى كل طرف فيها لتثبيت صورة انتصار.
ويوما بعد يوم يزداد التأثير النفسي لهذه الحرب التي بدت وسائل الإعلام جزءا مهما منها إضافة إلى الشبكات الاجتماعية.
لكن ما أشكال هذه الحرب؟
لا يتوقف تلفزيون «الأقصى» التابع لحماس عن بث رسائل متواصلة باللغة العبرية للجنود الإسرائيليين يتوعدهم فيها بالموت في غزة إذا دخلوا برا، وأخرى للإسرائيليين المدنيين يخبرهم فيها بأن قادتهم ورطوهم في حرب لا قبل لهم بها وأن عليهم انتظار الصواريخ.
وخلال اليومين الماضيين أنتجت «كتائب القسام» أغنية بالعبرية بثت لمئات المرات، تقول ترجمتها: «سنزلزل أمن إسرائيل».
ويشعر الفلسطينيون هذه الأيام، خصوصا أثناء موعد بث التلفزيونات الإسرائيلية برامج مباشرة، أن فضائية «الأقصى» الحمساوية تتحول إلى فضائية لمخاطبة الإسرائيليين وليس الفلسطينيين، خصوصا أن القنوات الإسرائيلية تترجم ما يقولون عليها أولا بأول. ويبث التلفزيون الحمساوي، إلى جانب فضائيات محسوبة على الحركة الإسلامية وحركة الجهاد الإسلامي في غزة، صورا منتظمة لمقاتلين ملثمين يحملون قناصات وصواريخ، وصورا أخرى لراجمات الصواريخ وهي تعمل، في تحد مباشر لإسرائيل. وعادة ما تستخدم إسرائيل هذه الأساليب؛ إذ ترد القنوات الإسرائيلية عبر محلليها باستخفاف على تحدي حماس لهم ونتائج إطلاق الصواريخ على مدن إسرائيلية.
ويركز الجيش الإسرائيلي في إطار هذه الحرب، في منشوراته وبياناته على قدرته على تدمير حماس ويؤلب المواطنين ضد الحركة التي تورطهم.
ونشر الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي عشرات الصور، مثلا، بينها صور لطائرات «إف16» ومعلومات عن مقاتلي الجيش الإسرائيلي وصورا تقول إن حماس اختارت لأهل القطاع الصواريخ والرصاص بدل البندورة والخيار.
ونشر ناطقون بلسان الجيش الإسرائيلي فيديوهات أخرى تظهر مهاجمة منزل نائب قائد «القسام» في بيت لاهيا في شمال قطاع غزة، الذي كان بمثابة مقر للقيادة العسكرية، حسب ما قالوا. ولم تقتصر الحرب النفسية على الإعلام الرسمي وناطقيه، بل دخل الأفراد والمدونون على الخط وأخذوا يبادرون بالنشر بواسطة الشبكات الاجتماعية.
وفي الأيام الأخيرة، نشر مؤيدو حماس عددا من الأفلام على الشبكات الاجتماعية التي خُصصت لتهديد الإسرائيليين، ونشر الإسرائيليون فيديوهات يدعون فيها للتوحد ضد حماس وسحقها.
وأظهر أحد الفيديوهات الإسرائيلية كيف يرمي أطفال من حماس صواريخ من ورق على أطفال يهود، ومن ثم عندما يضربهم الأطفال اليهود بلطف يأخذون في البكاء. وأظهر فيديو آخر لفلسطينيين كيف يجري انتشال أطفال من تحت بيوت تدعي إسرائيل أنها أهداف.
ونشر فلسطينيون صورا لرئيس الوزراء الإسرائيلي وقائد الجيش ملطخين بالدماء.
وسخر إسرائيليون من حماس في فيديو آخر أظهر قادة «القسام» يسعون للسلام بواسطة الـ«كاريوكي».
وتبادل فلسطينيون فيديو على نطاق واسع لحماس يظهر تدريبات لوحدة كوماندوز بحرية في المياه، وفيها مقاتل يركع تحت الماء. ورد الإسرائيليون بنشر فيديوهات عن وحدة البحرية الإسرائيلية «شييطت13».
وحتى أمس كانت هذه الحرب على أشدها؛ إذ اخترق عناصر من حماس موقع شركة «دومنيز بيتسا» على الإنترنت، ونشروا بوست باللغة العربية والعبرية والإنجليزية يقولون فيه: «اليوم سوف نضرب أعماق إسرائيل.. تل أبيب، القدس، حيفا، عسقلان، أسدود، بأكثر من 2000 صاروخ، وذلك عند الساعة السابعة مساء».
وقبل ذلك، اخترق الإسرائيليون قناة «الأقصى» وشوشوا عليها وبثوا رسائل عبر الإذاعات تحذر السكان من مساعدة حماس، فيما نجحت «القسام» في اختراق القناة العاشرة لثوان وأظهرت مقاتلا بسلاحه وسط البحر.
ويبدو أن ميزة هذه الحرب الوحيدة أنها لا تتوقف حتى لو توقفت الحرب الحقيقية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».