مقتل مصري وإصابة آخرين في اشتباكات طائفية بصعيد مصر

مصدر أمني: جرى احتواء الفتنة التي أسفرت عن حرق منازل للأقباط

مقتل مصري وإصابة آخرين في اشتباكات طائفية بصعيد مصر
TT

مقتل مصري وإصابة آخرين في اشتباكات طائفية بصعيد مصر

مقتل مصري وإصابة آخرين في اشتباكات طائفية بصعيد مصر

أدت أحداث طائفية في محافظة المنيا بصعيد مصر إلى مقتل شخص وإصابة ثلاثة آخرين أمس. وقال مصدر أمني مسؤول، إن «الأجهزة الأمنية نجحت في احتواء الأزمة الطائفية التي وقعت بين مسلمي ومسيحيي مركز ملوي جنوب محافظة المنيا، بعد قيام مسيحي بقتل شاب مسلم؛ وعلى أثر ذلك قام أهل المجني عليه بحرق منازل للأقباط». وأضاف المصدر الأمني المسؤول، أن «شجارا بين شابين أحدهما مسيحي والثاني مسلم في مركز ملوي، تحول إلى خلاف طائفي، واستمر منذ الليلة قبل الماضية حتى صباح أمس، واستخدمت فيه قنابل البنزين والأسلحة»، مشيرا إلى أن الوضع أصبح تحت السيطرة بعد تدخل الأجهزة الأمنية، والقبض على المشتبه بهم، وتأمين منطقة الأحداث خوفا من حدوث تداعيات أخرى.
وأوضح المصدر الأمني، أن «الشاب الذي لقي مصرعه يدعى محمود جمعة (16 عاما)، طالب بجامعة الأزهر». وقال تقرير طبي مبدئي، إنه «توفي متأثرا بإصابته بجرح طعني بالصدر»، فيما أصيب شقيقه طالب بالثانوية الزراعية بسحجات وكدمات بالظهر والصدر واثنين آخرين، وجرى نقلهم جميعا للمستشفى لتلقي العلاج.
وقال المصدر المسؤول أمس لـ«الشرق الأوسط»، إن «الهدوء عاد إلى منطقة الأحداث»، لافتا إلى استمرار وجود التعزيزات الأمنية في ملوي لمنع تجدد الاشتباكات، خاصة عقب التصريح بدفن الشاب المسلم»، مبديا قلقه من استغلال الموقف من جانب جماعة الإخوان المسلمين لإشعال الأوضاع من جديد خلال الساعات المقبلة.
ومحافظة المنيا من أكثر المحافظات التي شهدت أعنف حوادث ضد الأقباط، تضمنت استهدافهم وحرق كنائسهم، وذلك عقب فض اعتصامين لأنصار جماعة الإخوان في القاهرة والجيزة عقب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي عن السلطة في 3 يوليو (تموز) من العام الماضي، وأسفرت عن إحراق 15 كنيسة و20 منزلا وخمسة مدارس للأقباط و15 محلا تجاريا، فضلا عن مقتل العشرات من المسيحيين.
ولا توجد إحصائيات رسمية حول عدد المسيحيين في مصر؛ لكن تقديرات غير رسمية صدرت في نهاية العام الماضي، أشارت إلى أن عددهم يتراوح بين 15 و18 مليون نسمة، وأن عدد المسيحيين في محافظة المنيا وحدها يتجاوز مليونا و200 ألف.
وسبق أن شهدت محافظة المنيا فتنة طائفية بين المسلمين والمسيحيين، كانت الأقوى عقب ثورة 30 يونيو (حزيران) وعزل مرسي، حسب مراقبين، أسفرت وقتها عن مقتل أربعة أشخاص وإصابة 35 آخرين، بحسب إحصائيات وزارة الصحة المصرية، إلى جانب إحراق عدد من منازل المسيحيين.
وقالت مصادر قضائية أمس، إن «نيابة ملوي بدأت تحقيقات موسعة، وإن فريقا من النيابة العامة انتقل فور علمه بالأحداث إلى مكان الواقعة، ومناظرة جثة القتيل الذي لقي مصرعه، كما تقوم النيابة بسؤال المتهمين المقبوض عليهم على خلفية الاشتباكات. وقررت النيابة حبس المتهمين أربعة أيام على ذمة التحقيقات».
وكان اللواء أسامة متولي مدير أمن المنيا تلقى إخطار يفيد حدوث المشاجرة. وقالت التحقيقات المبدئية، إن «سبب المشاجرة هو اصطدام (عربة كارتّة)، (سيارة أجرة تجرها الخيول) بسيارة ملاكي، مما أسفر عن مشادة كلامية تطورت إلى مشاجرة بين أربعة مسلمين وثلاثة أقباط، وتسببت في مقتل طالب وإصابة ثلاثة من المسلمين، وعلى أثر ذلك قام أهالي القتيل بالتوجه إلى منازل المتهمين الثلاثة الأقباط وإشعال النيران فيها».
وتمكنت قوات الأمن من السيطرة على الاشتباكات وإخماد الحرائق، وألقت القبض على اثنين من المسيحيين المتهمين في الأحداث، فيما تعمل الأجهزة الأمنية على ضبط أحد المتهمين الهاربين.
وقال شهود عيان، إن «أهالي الشاب المسلم أحرقوا منازل الأقباط، والاشتباكات استخدمت فيها الأسلحة البيضاء والعصي والشوم». بينما أفاد مسؤولون محليون في اتصال مع «الشرق الأوسط»، بأن مفاوضات بدأت من قبل القيادات الأمنية والشعبية لاستعادة الهدوء مرة أخرى وإقناع الشباب من الجانبين باتباع السبل القانونية في التعامل مع الأمر.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».