احتدام صراع الانقلابيين على نهب الأراضي وخليفة الصماد ينظّم عمليات السطو

TT

احتدام صراع الانقلابيين على نهب الأراضي وخليفة الصماد ينظّم عمليات السطو

جبايات جديدة للميليشيات على وقع أعمال النهب والسطو المتصاعدة على الأموال والممتلكات العامة والخاصة من قبل الجماعة الحوثية في مناطق سيطرتها، وابتكارها كل يوم طرقا جديدة تمكنها من فرض المزيد من الجبايات على التجار وملاك المحلات، اشتدت أخيرا حالة الصراع بين قياداتها على نهب الأراضي والعقارات لدرجة أجبرت رئيس مجلس حكمها الانقلابي مهدي المشاط على التدخل لإنهاء الخلافات وتنظيم أعمال السطو.
وفي هذا السياق، أفاد ملاك محلات ومتاجر في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» بأن الجماعة الحوثية لجأت أخيرا إلى فرض مبالغ شهرية متفاوتة على الملاك نظير السماح لهم بالوقوف بسياراتهم وسيارات المواطنين على جانبي الشوارع التي تقع فيها محلاتهم. وأكدت المصادر أن الجماعة فرضت على كل محل في شارع حدة الرئيسي مبالغ شهرية تتراوح بين ما يعادل 500 - 1000 دولار، لقاء عملية الوقوف والانتظار قبالة المحلات، بحجة أن هذه المحلات لا تمتلك مواقف خاصة لركن السيارات. وعبر عدد من الملاك عن ضيقهم الشديد من سلوك الميليشيات التي دفعت الكثيرين منهم إلى الإغلاق والتوقف عن ممارسة نشاطهم التجاري بسبب الإتاوات المتواصلة التي تفرضها الجماعة لتمويل مجهودها الحربي، إلى جانب مضاعفتها لرسوم الضرائب ورسوم النظافة وإجبارهم على دفع ما يسمي بزكاة «الخمس» وأخيرا المبالغ التي يتقاضاها قادتها عنوة لقاء توفير الحماية للتجار ورجال الأعمال.
في غضون ذلك، ذكرت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن رئيس مجلس حكم الميليشيات مهدي المشاط، أمر مدير مكتبه القيادي البارز في الجماعة أحمد حامد والمكني «أبو محفوظ» وهو أحد المقربين من زعيمها الحوثي، بتولي ملف الأراضي التابعة للدولة والأخرى التابعة للأوقاف، وحسم الصراع المتنامي بين قادة الجماعة في صنعاء وتنظيم عمليات النهب الممنهجة من قبلهم.
وذكرت المصادر أن القيادي أحمد حامد، عقد لقاء بقيادات الجماعة ضم وزير ماليتها حسين مقبولي ووزراء الأوقاف والنقل والداخلية والشؤون القانونية وقادتها المعينين في هيئة الأراضي، وأمانة العاصمة ومحافظة صنعاء، لجهة تنظيم عملية السطو وتوزيع الأراضي على عناصر الجماعة.
وأقر الاجتماع - بحسب المصادر - تشكيل لجنة لوضع آلية معنية لتملك الأراضي والتصرف فيها، على أن يكون هذا الملف محصورا في أوامر رئيس مجلس حكم الجماعة، بصفته الوحيد الذي يحق له أن يصادق على عمليات التوزيع بين القيادات أو صرف الأراضي السكنية.
وكان قادة الجماعة في أمانة العاصمة ومحافظة صنعاء وهيئة الأراضي الخاضعة للميليشيات قاموا بتنافس محموم في الأشهر الأخيرة لجهة منح الأراضي لأقاربهم وأتباعهم، وهو الأمر الذي أثار الصراع بينهم، بخاصة على الأراضي التي كانت مخصصة قبل الانقلاب لبناء مدن سكنية لموظفي الدولة.
إلى ذلك وفي مسعى من الجماعة الحوثية لتمكين قادتها من كافة القطاعات التجارية المملوكة للدولة، أفاد نواب في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» بأن الجماعة أمرت النواب الخاضعين لها في صنعاء بتمرير قانون جديد يسمح لها بإعطاء قادتها والتجار الموالين لها الحق في السيطرة على المؤسسات الحكومية وتولي إنشاء المشاريع الاستثمارية في القطاعات الاقتصادية، تحت ذريعة مزعومة لتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وبحسب المصادر تسعى الجماعة الحوثية إلى تمليك قادتها المصانع الحكومية الخاصة بشركة الأدوية إضافة إلى منحهم محطات الكهرباء الحكومية وتأجير مساحات واسعة لهم من الأراضي على الساحل الغربي، إلى جانب تمكينهم من أصول الشركات الحكومية الأخرى مثل شركة النفط وشركة موانئ البحر الأحمر وشركة التبغ والكبريت الوطنية (كمران).
على صعيد منفصل، أفاد سكان في محافظة المحويت لـ«الشرق الأوسط» بأن الجماعة الحوثية أمرت المواطنين في مديريات المحافظة بالتبرع تحت التهديد من أجل تمويل قوافل غذائية تقوم الجماعة بتسييرها أيام عيد الأضحى المبارك لميليشياتها في الساحل الغربي.
إلى ذلك شنت الجماعة أمس حملات دهم مكثفة على محلات الصرافة والبنوك، وسط أنباء عن قيام عناصرها بمصادرة ملايين الريالات من العملة المحلية المطبوعة حديثا من قبل البنك المركزي في عدن، بحجة أنها إصدار نقدي غير معترف به من قبل سلطات الانقلاب.
ورجحت مصادر مصرفية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة تسعى من خلال حملات المصادرة هذه إلى نهب المبالغ النقدية من الفئات النقدية المطبوعة من قبل الشرعية لتقوم بصرفها للموظفين الحكوميين الذين وعدتهم بأنها ستمنحهم نصف راتب قبيل عيد الأضحى من رواتبهم المتوقفة منذ نحو عامين.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».