إردوغان يتهم واشنطن بطعن تركيا في الظهر عبر الضغط على عملتها

{الناتو} ينأى بنفسه عن الأزمة... وأوروبا تراقب التداعيات الاقتصادية

إردوغان في كلمة أمام مؤتمر السفراء الأتراك السنوي العاشر في العاصمة أنقرة أمس (أ.ف.ب)
إردوغان في كلمة أمام مؤتمر السفراء الأتراك السنوي العاشر في العاصمة أنقرة أمس (أ.ف.ب)
TT

إردوغان يتهم واشنطن بطعن تركيا في الظهر عبر الضغط على عملتها

إردوغان في كلمة أمام مؤتمر السفراء الأتراك السنوي العاشر في العاصمة أنقرة أمس (أ.ف.ب)
إردوغان في كلمة أمام مؤتمر السفراء الأتراك السنوي العاشر في العاصمة أنقرة أمس (أ.ف.ب)

اتهم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الولايات المتحدة بالسعي إلى «طعن تركيا في الظهر» والضغط عليها من أجل انهيار عملتها. وقال إردوغان: «من جهة أنتم معنا في حلف شمال الأطلسي (ناتو) ومن جهة أخرى تحاولون طعن شريككم الاستراتيجي في الظهر. هل هذا مقبول؟».
وتدهورت العلاقات، بشدة، بين أنقرة وواشنطن بسبب خلافات حول عدد كبير من القضايا منها الوضع في سوريا ومساعي تركيا لشراء أنظمة دفاعية روسية من طراز (إس - 400) وقضية القس الأميركي آندرو برانسون، الذي يحاكم في تركيا بتهم دعم الإرهاب والتجسس.
وأكد إردوغان، في كلمة أمام مؤتمر السفراء الأتراك السنوي العاشر في العاصمة أنقرة أمس (الاثنين)، أن تركيا ستتغلب على ما سماه بـ«الهجوم» على اقتصادها، وأن الاقتصاد التركي ما زال قويا. ولفت إلى أن الليرة التركية ستستقر قريبا «عند أكثر مستوى مقبول».
وفي إشارة إلى أميركا، دون ذكرها بالاسم، قال إردوغان: «متنمرو النظام العالمي لا يمكنهم بقسوة وبلا خجل سلب مكاسبنا التي دفع ثمنها بالدم».
وهوت الليرة التركية إلى أدنى مستوياتها منذ العام 2001 وسجلت 7.24 ليرة للدولار الواحد، في التعاملات المبكرة أمس قبل أن تستعيد هامشا بسيطا من خسائرها بعد إعلان البنك المركزي عن سلسلة إجراءات لضبط السوق، جراء تفاقم الأزمة بين أنقرة وواشنطن، ومخاوف المستثمرين المتعلقة بمحاولات من جانب إردوغان للسيطرة على الشأن الاقتصادي.
وهدد إردوغان، في وقت سابق، بأنه قد يلجأ إلى خطط وتدابير أخرى، منها خطة حيال التجار ورجال الصناعة إذا استمروا في المسارعة إلى بيع الليرة التركية وشراء الدولار، وقال في كلمة في اجتماع حزبي في طرابزون (شمال شرق) أول من أمس: «مسؤوليتنا في الانتصار في هذه الحرب الاقتصادية المفروضة علينا مشتركة بين الحكومة وبينكم، لا تشتروا الدولار، وإلا ستضطرونني لتنفيذ (خطة ب) أو (خطة ج)».
من جانبه، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن على واشنطن أن تعلم أنها لن تحقق أي شيء عن طريق التهديدات وأن تدرك أن تهديداتها لأنقرة لن تجدي نفعا، مشيرا إلى أن أنقرة قدمت ما يكفي من جانبها لتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة.
وأكد جاويش أوغلو، في كلمة أمام مؤتمر السفراء، أن بلاده منفتحة على الدبلوماسية والتفاهم، لكنها لن تقبل الإملاءات، لافتا إلى أن الوضع في الشرق الأوسط غير جيد وهو مصدر تهديدات كثيرة لتركيا.
وقال الوزير التركي، إن بلاده تتطلع لأن تلتزم الولايات المتحدة بعلاقات الصداقة التقليدية مع تركيا وتحالف البلدين في إطار حلف شمال الأطلسي (ناتو). وأضاف: «منفتحون على الدبلوماسية والتفاهم ولكن لا يمكننا قبول الإملاءات».
ولفت جاويش أوغلو إلى أن العلاقات مع الولايات المتحدة وصلت في الآونة الأخيرة، إلى نقطة لا ترغب فيها تركيا، قائلا إن الإدارة الأميركية انتهجت سبيلا بعيدا على المواقف البنّاءة في القضايا الرئيسية التي تهم أمن تركيا.
وبدأت السلطات التركية أمس التحقيق مع العشرات ممن ألقي القبض عليهم بسبب التعليق على أزمة الليرة بتهمة تهديد الأمن الاقتصادي للبلاد.
في السياق ذاته، أعلن حلف شمال الأطلسي (ناتو)، اعتزامه عدم التدخل في النزاع التجاري القائم بين اثنين من أعضائه (تركيا والولايات المتحدة). وقال مسؤول في الحلف: «إنها قضية ثنائية ولا علاقة للحلف بها، في بعض الأحيان تكون هناك خلافات بين دول الحلف، ورغم ذلك يتمكن الحلفاء دائما على الاتفاق على الأمور الجوهرية، حيث يقفون معا ويحمون بعضهم البعض».
وقالت المفوضية الأوروبية في بروكسل إنها على وعي بالتداعيات المحتملة للأزمة المالية التي تعصف بتركيا حالياً على البنوك الأوروبية. وذكر المتحدث باسم الجهاز التنفيذي الأوروبي كريستيان شبار، أمس، أن الاتحاد يتابع عن كثب نتائج هذه الأزمة وتطورات الأسواق المالية.
وكشف خبراء ماليون أن عدة مصارف أوروبية كبرى لها أصول وودائع واستثمارات في تركيا مرشحة للتعرض لتقلبات الأزمة الحالية. وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إن عدم استقرار الاقتصاد التركي لن يفيد أحدا، وإنها ترغب في رؤية الاقتصاد التركي مزدهرا.
واعتبر وزير الاقتصاد والطاقة الألماني بيتر التماير أن الرسوم التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب على الواردات التركية والصينية يمكنها أن تضر بالاقتصاد العالمي. وأضاف التماير لصحيفة «بيلت أم زونتاغ» أن تركيا بالنسبة لأوروبا تعني «الأمن والموثوقية». وأضاف الوزير الألماني، أن بلاده تعمل مع أنقرة بشكل «عظيم» في مسألة الهجرة وترغب في تطوير العلاقات الاقتصادية مع تركيا.
وأشار إلى أنه مسؤول عن مصالح أكثر من 7 آلاف شركة ألمانية تعمل في تركيا لافتا في الوقت ذاته إلى أنه يرتب لزيارة سيجريها برفقة وفد موسع في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل للقاء وزيري المالية والطاقة.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».