التقى في نيقوسيا أخيراً اثنان من القبارصة المقاتلين في الحرب العالمية الثانية، وذلك للمرة الأولى منذ نهاية الحرب، وكان الاجتماع مليئاً بذكريات الماضي والعواطف الجياشة، وتحدثا بتفصيل كبير عن تجربتيهما في الحرب، ومستقبل وطنهما المشترك قبرص، حيث يعيش كلاهما على جانبي الخط الأخضر (خط وقف إطلاق النار) في نيقوسيا والذي يفصل المناطق القبرصية الشمالية المسيطرة عليها تركيا، عن باقي الجزيرة الذي تسيطر عليه الحكومة القبرصية إلى الجنوب.
وبالتفصيل فقد التحق القبرصي اليوناني مينيلاوس كوزوبيس والقبرصي التركي كمال صالح، وكلاهما من مدينة بافوس على الساحل الغربي للجزيرة القبرصية، بالجيش البريطاني للقتال في الحرب العالمية الثانية إلى جانب الحلفاء ضد العدو المشترك، النازية الفاشية وقتذاك.
ويبلغ مينيلوس كوزوبس من العمر 92 عاماً وهو بالتحديد من قرية أجيوس فوتيوس، وكمال صالح البالغ من العمر 95 عاماً من قرية فاليا القبرصية التركية، وكلاهما يقع في نفس المنطقة أحدهما على مسافة 3 كيلومترات من الآخر.
بعد نهاية الحرب العالمية الثانية عاد الرجلان إلى قبرص في منتصف عام 1946، ومنذ ذلك الحين فقد كل منهما مسار الآخر، وقد لعب القدر لعبته والتقيا مرة أخرى بعد أكثر من 70 سنة، واستذكرا كل ما عاشاه معاً في واحدة من أفظع الحروب المروعة التي عرفتها البشرية.
وتم الاجتماع الذي تم ترتيبه من خلال أصدقاء مشتركين، في مكاتب رابطة المحاربين القدامى في الحرب العالمية الثانية في نيقوسيا، وتذكرا مرة أخرى الحرمان وصعوبات الحرب. وما يثير الإعجاب بشكل خاص هو حقيقة أنه على الرغم من أن كليهما في العقد العاشر من العمر، إلا أن الصور في ذهنيهما لا تزال حية حتى يومنا هذا، حيث وصفا بتفصيل مثير للإعجاب ما عاشاه منذ يوم تسجيلهما وما بعده في ساحات القتال من أجل الحرية والديمقراطية.
وتذكر الرجلان أنهما اضطرا إلى السير من قراهما إلى منطقة خولو للتسجيل، وقال كزوبيس إنه لم يخبر جده الذي كان يقيم معه في ذلك الوقت عن قراره الانخراط في الجيش البريطاني خوفاً من عدم السماح له بذلك بسبب صغر سنه، حيث كان عمره ستة عشر عاماً ونصف فقط. وقال أيضاً إنه كان عليه أن يكذب على مكتب التجنيد ويخفي عمره الحقيقي خوفاً من رفضه بسبب عمره.
وواصل السيد كوزوبيس قصته، بأنه بعدما التحق تم نقلهم إلى المعسكر الإنجليزي في بوليميديا من أجل التدريب ثم إلى سوريا وفلسطين وانتهى الأمر في إيطاليا. وتذكر كوزوبيس أنه وكمال صالح تشاركا نفس الخيمة، ولا يزال يتذكر رقمه الذي حصل عليه 21139 وكان صديقه كمال يحمل رقم 21142.
بعد الغزو التركي لقبرص في عام 1974، اضطر صالح إلى التخلي عن قريته ويعيش حتى اليوم في قرية أجيوس إيرمولاوس في منطقة كيرينيا، وعلى الرغم من مرور سبعة عقود، فإنه لا يزال يتحدث اللغة اليونانية بشكل جيد.
وبسؤال من «وكالة الأنباء القبرصية» عن رأيهما بشأن الوضع الحالي في قبرص، أجاب صالح بأن القبارصة اليونانيين والقبارصة الأتراك اعتادوا العيش بسلام معاً، مشيراً إلى أننا «كنا مثل الإخوة». وبدا متشائماً بشأن احتمالات إيجاد حل لمشكلة قبرص وإعادة توحيد البلاد وتوقع أنها ستبقى دون حل لعدة سنوات.
كما تحدث كوزوبيس عن «التدخل الأجنبي في عام 1974 وقال إن هذا أدى بنا إلى المشاحنات، ولم يكن هناك أي خلافات بين القبارصة اليونانيين والقبارصة الأتراك. كنا نعيش في وئام. لكن التدخل الأجنبي أجبرنا على الانفصال إلى معسكرين. ولهذا السبب أعتقد أنه يجب إيجاد حل للقضية القبرصية حتى وإن كان حلاً فيدرالياً، حتى نتمكن من العيش معاً مرة أخرى والعودة معاً إلى أيامنا الجميلة».
قبرصيان قاتلا معاً في الحرب العالمية الثانية يلتقيان مجدداً بعد 70 عاماً
كلاهما في العقد العاشر من العمر والذكريات لا تزال حية في ذهنيهما
قبرصيان قاتلا معاً في الحرب العالمية الثانية يلتقيان مجدداً بعد 70 عاماً
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة