لم يكن مشروع «غربلة المحيط الهادي Pacific Garbage Screening» قبل سنة أكثر من مشروع بيئي طموح اقترحته المهندسة الألمانية الشابة مارسيلا هانيش، إلا أنه دشن اليوم المرحلة الأولى من التنفيذ بعد أن انضم إليه أكثر من 50 عالماً بيئياً ومهندساً.
وتبحث هانيش، 33 عاما، حالياً عن ممولين لتنفيذ مشروعها الذي يعد بغربلة 350 طناً من البلاستيك من مياه المحيط الهادي، الذي يتجمع فيه، بين جزر الهاواي وشمال أميركا والقارة الآسيوية، أكبر «جبل» عائم من النفايات البلاستيكية في العالم، بحسب علماء البيئة البحرية.
وتكشف الصورة التي عممتها هانيش حول مشروعها عن منصة متحركة عائمة تشبه أخطبوطاً هائلاً. وهو أيضاً سفينة بشكل كائن بحري خرافي من مساحة 400X 400 متر، وله أذرع طويلة تشفط قطع البلاستيك والنفايات الأخرى كما تفعل أذرع الأخطبوط.
ويبلغ سمك المنصة نحو 50 متراً، يبقى 15 منها ظاهراً فوق سطح الماء، بينما يغور جزؤها الغاطس مسافة 35 متراً تحت سطح البحر. ويتلاءم عمق الجزء الغاطس مع الحقيقة العلمية التي تقول بأن البلاستيك يطفو على سطح الماء، وأن الجزء الغاطس منه يعوم تحت سطح البحر بعمق 30 متراً. وتنفتح أذرع الأخطبوط في مئات من القنوات الصغيرة التي تتفرع في قنوات أصغر مثل المشط. وهنا في هذه القنوات تجري غربلة قطع البلاستيك الطافية على سطح الماء.
وزودت المهندسة الشابة أذرع الأخطبوط الاصطناعي بتقنية تجبر النفايات البلاستيكية على الارتفاع إلى سطح بقوة التيارات البحرية حيث يجري جمعها بسهولة ومن دون استخدام الشباك. ويمكن لهذه الباخرة الكبيرة التحرك نحو مناطق تجمع البلاستيك، كما أنه من الممكن تثبيتها بسلاسل تمتد إلى قاع البحر القريب.
والجديد أيضاً في مشروع هانيش، بعد سنة من التطوير، هو أنها زودت الأخطبوط بتقنية تعين على تدوير البلاستيك. إذ من المعروف أن البلاستيك المرمي في البحر عصي على التدوير بسبب تفاعله مع أملاح مياه البحر. وتقول هانيش الآن بأنها زودته بتقنية تحول البلاستيك إلى هيدروجين وثاني أكسيد الكربون، وأنها ستستخدم الأول في تزويد المنصة العائمة بالطاقة، وتستخدم الثاني لتغذية البيئة البحرية (الاشنات والطحالب... إلخ) في قيعان البحار والمحيطات.
وذكرت المهندسة، من مدينة آخن، أن مهندساً متخصصاً ببناء السفن عبر عن استعداده لبناء النموذج الأول من الباخرة حال توفر الدعم المادي، لكنها لم تكشف اسمه. وتعول هانيش على دعم وزارة البحث العلمي الألمانية، وعلى دائرة البيئة الاتحادية (نابو) في تمويل المشروع.
ومن الممكن تجربة نموذج مصغر من الباخرة كبداية في مصب أحد الأنهر لتنظيفه من البلاستيك والنفايات. ويمكن أن يكون مصب نهر الراين في مدينة روتردام الهولندية في البحر مكاناً نموذجياً للتجارب.
وتقول هانيش بأن المنصة العائمة الضخمة لا تشكل أي خطر على البيئة البحرية، لأنها لا تستخدم الشبك وغيره في «اصطياد» النفايات. وتضيف أنها جربت الغوص في هذه المنطقة من المحيط الهادي وأنها «حطت» على جبل من النفايات البلاستيكية.
جدير بالذكر أن دائرة حماية البيئة الاتحادية في ألمانيا «نابو» تقدر تسلل 10 ملايين طن من البلاستيك سنوياً إلى بحار ومحيطات العالم. وتتفاقم مشكلة «الكوكب البلاستيكي» سنوياً بفضل إنتاج عالمي يرتفع إلى 300 مليون طن من البلاستيك سنوياً، مع مؤشرات على تضاعف النفايات الناجمة عن هذا الإنتاج بنسبة 600 في المائة في النصف الثاني من القرن الواحد والعشرين.
أخطبوط اصطناعي لغربلة البحار من نفايات البلاستيك
أخطبوط اصطناعي لغربلة البحار من نفايات البلاستيك
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة