يجيء موسم صيف العام الحالي وشعبية أوباما وصلت إلى رقم أدنى قياسي. إلا أنها لم تصل بعد، إلى تدني شعبية الرئيس الذي قبله، جورج بوش الابن، في أواخر سنواته في البيت الأبيض (بسبب الحروب الخارجية التي كان أعلنها). لكن، صار أوباما أقل شعبية مما كان عليه في أي وقت مضى عليه في البيت الأبيض.
في الشهر المقبل، سيذهب أوباما في إجازته الصيفية السنوية. في السنوات الأولى له في البيت الأبيض كان يذهب إلى مصايف الطبقة الارستقراطية الأميركية في مارثا فاينيارد، وهامبتون (ولاية ماساشوستس). لكن، مؤخرا، صار يقضي إجازاته في مدينته شيكاغو.
وخلال الفترة التي تسبق إجازته السنوية يقوم أوباما بجولات «رسمية صيفية»: يرتدي قميصا، من دون بدلة ومن دون ربطة عنق، ويزور مقاهي ومطاعم كثيرة، ويأكل البيتزا، ويلعب البلياردو. ولا ينسى أن يلقي خطبا سياسية، ويجمع تبرعات للحزب الديمقراطي، ولمرشحيه في الانتخابات المقبلة (لن يترشح هو بعد رئاستين في البيت الأبيض).
بالنسبة للصحافيين الذين يرافقونه، قلت أهمية أوباما، وقلت أهمية جولاته الرسمية، ناهيك عن جولاته الصيفية الأقل رسمية.
وكتبت جولييت إلبيرن، الصحافية في «واشنطن بوست} التي رافقته، مع آخرين في الأسبوع الماضي، متسائلة: «ماذا دهى رئيس العالم الحر؟»
خلال يوم واحد في ولاية كولورادو، أكل بيتزا في مطعم شعبي، وشرب بيرة مع عمال، ولعب بلياردو، والتقطت له صورة يصافح رجلا يضع على رأسه قناع حصان.
ويبدو أن مستشاري أوباما في البيت الأبيض ليسوا أقل استغرابا. لكن، طبعا، هذا هو رئيسهم. لهذا، قال مستشاره دان فايفر، في جمل روتينية ربما لا تعني شيئا محددا: «يريد الرئيس فقط الخروج من واشنطن. يريد المشاركة في المناقشات السياسية العامة، يريد الارتباط مع الأميركيين العاديين».
لكن، هل يريد رئيس العالم الحر أن يكون حرا؟ أو هل هو، حقيقة، هارب من مسؤولياته؟
خلال نفس أسبوع البيتزا والبلياردو، توتر الوضع على الحدود مع المكسيك بسبب هجرة الأطفال وهو نوع جديد من الهجرة غير القانونية. يزحف عشرات الآلاف من شباب السلفادرو، ونيكاراغوا، وكوستاريكا، وغيرهم من اللاتينيين نحو «الحلم الأميركي}. لكن، بسبب حماسهم وجهلهم يتعرضون لمشكلات كثيرة (خاصة اغتصاب البنات). واهتزت واشنطن. ليس فقط بسبب صور المأساة، والبنات الباكيات، ولكن، أيضا، لأن الحدود «صارت غير آمنة».
ووسط كل هذا، يلعب أوباما البلياردو، ويأكل البيتزا في مطاعم شعبية؟
وصرخ جون بوينار رئيس مجلس النواب أمام الصحافيين: «ظل الرئيس رئيسا لخمس سنوات ونصف سنة. متى سيتحمل المسؤولية؟».
وقال النائب الديمقراطي هنري كويلار (من ولاية تكساس): «إذا كان لدي الرئيس الوقت، مع كل الاحترام الواجب، ليأكل البيتزا ويلعب البلياردو، مثلما فعل في ولاية كولورادو الليلة الماضية، أعتقد أنه، بعد أن جمع التبرعات للحزب، كان عنده وقت كاف للذهاب إلى هناك}. (إلى الحدود مع المكسيك).
ومرة أخرى، اضطر مستشارو أوباما للدفاع عنه. ووزع فايفار خطابا إلكترونيا على صحافيي البيت الأبيض، قال فيه: «نحن نحاول مناقشة جميع هذه القرارات بعيدا عن الإثارة (السياسية والصحافية). نحن دائما على استعداد لمواجهة بعض الهجمات الصحافية والسياسية، قصيرة الأجل، هنا وهناك، لكننا مصممون على تحقيق أهدافنا».
وكتبت صحيفة «يو إس إيه توداي} أن أوباما، بسبب الانخفاض القياسي في شعبيته، لم يعد يكترث كثيرا لانتقادات الصحافيين والسياسيين. ولهذا، أكثر من الخروج بعيدا عن البيت الأبيض، وخارج واشنطن. وأن أوباما نفسه قال، خلال جولة في هيوستن (ولاية تكساس): «جئت إليكم من واشنطن. جئت إليكم لأني أريد الخروج من واشنطن. وأنا قلت لمساعدي: (أريد الخروج من واشنطن)».
ليست هذه أول مرة يهرب فيها أوباما من البيت الأبيض. وليست أول مرة ينتقده فيها صحافيون وجمهوريون بسببها. في الشتاء الماضي، وخلال أزمة مع قادة الحزب الجمهوري حول مستقبل القوات الأميركية في أفغانستان، وسياسة أوباما نحو سوريا، والعراقيل التي وضعها الجمهوريون أمام برنامج التأمين الصحي لكل الأميركيين، «هرب» أوباما إلى هوليوود، عاصمة السينما والتلفزيون.
وخلق مشكلة جديدة عندما تحدث في مؤتمر في هوليوود، نظمته شركة «دريم ويرك} للإنتاج السينمائي. وخلال حديثه كان اسم الشركة يظهر كبيرا خلفه. وهب قادة جمهوريون، وقالوا إن أوباما صار يقدم «إعلانات مجانية» للشركة. ليس لأن الجمهوريين يعادون الشركات العملاقة، ولكن، ليس سرا أن جفري كاتزنبيرغ، رئيس الشركة، من كبار مؤيدي أوباما.
وصار واضحا أن أوباما (مثل بوش الابن بسبب حروبه الخارجية، ومثل كلينتون بسبب فضائحه الجنسية) «يهرب} خارج واشنطن عندما تنخفض شعبيته.
في الشتاء، «هرب} أوباما إلى هوليوود من واشنطن بسبب زيادة المشكلات التي يواجهها في البيت الأبيض.
وكان فعل نفس الشيء قبل ثلاثة أعوام، عندما زادت المشكلات الاقتصادية، وقالت أغلبية الشعب الأميركي إنه فشل في حلها.
في ذلك الوقت، بعد ارتفاع لم يستمر طويلا عقب مقتل أسامة بن لادن، مؤسس وقائد تنظيم القاعدة، عادت شعبته إلى الانخفاض. وانخفضت الموافقة على أدائه عمله إلى 47 في المائة. من بينهم 37 في المائة أعربوا عن رفضهم الشديد لأدائه. في ذلك الوقت، سافر أوباما إلى هوليوود، حيث ألقى خطبا سياسية، وظهر في مناسبات اجتماعية، وجمع تبرعات كثيرة لحملته الانتخابية.
وفي الشتاء الماضي، مع عودته إلى هوليوود، انخفض عدد الأميركيين الذين يؤيدونه إلى مستوى قياسي: 37 في المائة. ورفض 57 في المائة سياسته رفضا شديدا. في ذلك الوقت، أوضح استطلاع لشبكة تلفزيون «إن بي سي} وصحيفة «وول ستريت جورنال} أن سياسات أوباما تلقى عدم رضا 48 في المائة. أما هذا الصيف، فانخفضت شعبيته إلى 34 في المائة.
صيف أوباما: «هروب} من البيت الأبيض.. لا إجازة
الرئيس الأميركي يلجأ إلى جولات بعيدا عن واشنطن لدعم شعبيته
صيف أوباما: «هروب} من البيت الأبيض.. لا إجازة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة