اتخذت السلطات المغربية إجراءات قالت إنها صارمة ومستعجلة، تهدف إلى تجنّب تلف لحوم الأضاحي، أسوة بما حدث في عيد الأضحى العام الماضي، بعد أن نشر عدد كبير من المغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً للحوم أضحيتهم وقد تحوّلت إلى اللون الأخضر مباشرة بعد ذبحها.
وتسببت حالات تلف اللحوم في مختلف مناطق المغرب بضجة كبيرة العام الماضي، بعد أن اضطر عدد من الأسر إلى التخلص من لحوم الأضاحي، وحرمت من تناولها. وحمل المواطنون المتضرّرون المسؤولية إلى السّلطات المعنية لضعف مراقبة بعض تجار المواشي الذين يلجأون إلى أساليب غش كثيرة من أجل تسمين خرفان العيد في ظرف قياسي قبل بيعها، لخداع المستهلكين.
ومن بين الأساليب الرائجة، إطعام الخرفان أعلاف الدواجن وفضلاتها، أو حقنها بمواد كيماوية. كما أنّ بعض التجار يجبرون الخروف على تناول الملح أو الخميرة حتى يبدو سميناً في السّوق غير عابئين بما قد يسبب ذلك من خطر على الصّحة، حسب ما كشفه مختصون.
وفي هذا السياق، قال يوسف الحر المدير الجهوي للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية بجهة الرباط - سلا - القنيطرة، إنّه من ضمن الإجراءات التي جرى اتخاذها لمحاربة الغش في خرفان العيد، التركيز في المقام الأول على تسجيل وحدات تسمين الأغنام والماعز الموجهة لسوق الأضاحي. وأضاف أن الإجراءات «الصارمة والمستعجلة» جرى تنفيذها على شكل مخطط عمل وضع من طرف المكتب بشراكة مع وزارة الداخلية ووزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات.
وأوضح الحر لوكالة الأنباء المغربية، أنّ المخطط يرمي إلى «طمأنة المواطنين بخصوص تعبئة كل الوسائل والموارد للوقاية من أي اخضرار محتمل للحوم الأضاحي»، كما يحدّد الأولويات ورزنامة ترقيم وتسجيل رؤوس الماشية الموجهة لسوق الأضاحي بجميع المناطق.
وفي هذا الصّدد، يتم القيام بعمليات مراقبة على مستوى مختلف نقط بيع وتربية الماشية، تشمل مراقبة المخلفات وجودة الأعلاف وهي المنهجية التي تكتسي، حسب الحر، أهمية بالغة بالنسبة للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية وشركائه، بالنّظر لأثرها المباشر على صحة السكان. وأضاف أنّ «المخطط جاء لتعزيز إجراءات المراقبة الهادفة إلى الوقاية من أي استخدام لمواد غير مرخّصة لتغذية الأغنام والماعز، من قبيل بقايا وفضلات الدجاج»، مشيراً إلى أنّه نُظّم في هذا السياق أيضا قافلة تكوينية وتحسيسية لفائدة 500 من الجزارين المهنيين ومساعديهم تهم احترام معايير الصحة والنظافة خلال عيد الأضحى، في كل من الرباط وسلا وتمارة والخميسات.
وأكد الحر أنّ هذه العملية أعقبت عمليات المراقبة التي تم القيام بها في مختلف نقط بيع وتربية الماشية، مضيفاً أن الجزارين ومساعديهم مطالبون بالتزام الشروط الصحية الأساسية، بما في ذلك نظافة الماء والمكان والأدوات المستخدمة عند الانتهاء من عملية الذبح، بهدف تجنب أي تعفن للحوم الأضاحي. كما أن الجزارين المهنيين ملزمون بالتقيد بالقواعد الصحية الأساسية المرتبطة بالأضحية، كتجنب استخدام الفم في نفخ الذبيحة، وتفادي تلويث اللحوم بالأوساخ والدم عند السلخ من خلال استخدام أكياس لجمع النفايات.
واستهدفت القافلة التي تحمل عنوان «الجزار ديالي» مهنيي القطاع على مستوى كل المدن المستهدفة مع دعوة المواطنين إلى استخدام الموقع الإلكتروني الموجه لتسهيل التواصل بين المهنيين والمواطنين الرّاغبين في الاستفادة من خدمات الجزارين المهنيين يوم العيد.
ولتجاوز مشكل تعفن اللحوم المسجل السنة الماضية، دعا المسؤول المغربي المستهلكين إلى المساهمة في إنجاح مخطط العمل، وتوخّي الحذر عند اختيار الأضحية من خلال التأكد من حملها للحلقة الصفراء وللرقم التسلسلي.
وتمكن الحلقة الصفراء التي تحمل عبارة «عيد الأضحى»، وتتضمن رقماً تسلسليا من سبعة أرقام، من تحديد ملكية القطيع ومربي الماشية وضمان تتبع مسار رؤوس الأغنام والماعز منذ وحدة تربيتها إلى غاية نقطة البيع. ويتعين على المستهلك الاحتفاظ بحلقة الترقيم بعد الذبح تحسباً لتسجيل أي أمر غير طبيعي في الأضحية والتوجه في هذه الحال إلى أقرب مصلحة بيطرية بصحبة هذه الحلقة لتحديد المربي المعني.
وكان المكتب الوطني للسلامة الصحية قد أصدر تقريراً في أسباب تعفن واخضرار لحوم الأضاحي العام الماضي، لم يقنع الكثيرين، بعدما حمّل المسؤولية إلى المواطنين لعدم احترامهم الشروط الصحية للذبح والسلخ. وقال إن نتائج التجارب كشفت أن عدداً من البكتيريا هي المسؤولة عن حال التفعن، وهي بكتيريا من أنواع متعددة توجد بشكل طبيعي في الجهاز الهضمي للأكباش، لكنّ التبريد السريع للذبائح العادية داخل المسالخ يمنع انتشارها، على خلاف ما تقوم به الأسر التي يحتفظ كثير منها بـ«السقيطة» (الذبيحة) إلى اليوم الموالي، قبل تقطيعها وتبريدها. إلّا أنّ المكتب ذاته أقرّ بعد ذلك بأنّ سبب تعفن الأضاحي يعود إلى تغذيتها بفضلات الدجاج.
وتستمر الحملة التواصلية في المغرب، لتوعية مربّي الماشية بأهمية تسجيل وحدات تربية الماشية، وتقديم نصائح عملية والتذكير بالقواعد الصحية التي يتعين احترامها. كما وُضع الرقم الهاتفي 0801003637 رهن إشارة المواطنين للحصول على المعلومات، أو لتقديم شكاوى.
يشار إلى أنّ 800 ألف شخص يزاولون نشاط تربية الماشية في المغرب بإجمالي رؤوس ماشية يبلغ 19 مليون رأس، نحو 4.5 مليون منها تُذبح سنويا بمناسبة عيد الأضحى.
المغرب: إجراءات «صارمة» لمنع الغش في خرفان العيد
بعد ضجة أثارها تلف لحوم الأضاحي العام الماضي
المغرب: إجراءات «صارمة» لمنع الغش في خرفان العيد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة