النائب فادي سعد: من يدعم العهد لا يسعى لوراثته الآن

قال لـ {الشرق الأوسط} إن تأليف الحكومة لا يزال ضمن المهلة المقبولة

النائب فادي سعد
النائب فادي سعد
TT

النائب فادي سعد: من يدعم العهد لا يسعى لوراثته الآن

النائب فادي سعد
النائب فادي سعد

حذّر عضو كتلة «الجمهورية القوية» (القوات اللبنانية) النائب فادي سعد، من «المضي في عرقلة مهمّة الرئيس المكلّف سعد الحريري في تشكيل الحكومة الجديدة». ورأى أن «الأوضاع الاقتصادية وملفات الكهرباء والإسكان والنازحين لا تحتمل ترف المماطلة، خصوصا أن الدول المشاركة في مؤتمر (سيدر) تستعجل تأليف حكومة لترجمة مقررات المؤتمر». وإذ شدد على أهمية تشكيل حكومة وحدة وطنية، قلل من فرضية حكومة أكثرية، مذكراً بأن «الرئيس المكلّف هو من يتولى تأليف الحكومة ومراعاة الأحجام والأوزان فيها وليس (وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال) جبران باسيل»، رافضاً «فتح معركة رئاسة الجمهورية الآن وفي بداية عهد الرئيس عون». وقال: «من يدعم العهد القوي لا يسعى إلى وراثته الآن».
وأشار النائب فادي سعد في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن حزب القوات اللبنانية «يتابع ما يعنيه بموضوع تشكيل الحكومة مع الرئيس المكلّف سعد الحريري»، معتبراً أن «مسار التأليف لا يزال ضمن المهلة المقبولة، وهذا التأخير يأتي ضمن الاختلاف الطبيعي في وجهات النظر بين الأفرقاء، ومطلب كلّ طرف بما خصّ حصته والحقائب التي يريدها». ورأى أن «لا وجود لعقد إقليمية أو دولية تؤخر تشكيل الحكومة، بل عقد داخلية متصلة بطموحات الأطراف السياسية»، مشدداً على أن «عرقلة تشكيل الحكومة، وجهود الرئيس المكلّف أمر خطير جداً، لأن البلد يحتاج إلى حكومة فاعلة وقوية»، لافتاً في الوقت نفسه إلى «حجم الضغوط المحلية وبما خص الوضع الاقتصادي، وملفات الكهرباء والإسكان والنازحين، وكلّ هذه الملفات الضاغطة لا تحتمل ترف المماطلة في ولادة الحكومة».
وقال النائب فادي سعد: «لا أعرف لمصلحة من تأجيل الحكومة، خصوصا أن الدول المانحة لها مصلحة بتأليفها سريعاً، لإنجاز ما تحقق في مؤتمر (سيدر)، ومواكبة عودة النازحين السوريين»، مؤكداً أن القوات اللبنانية «لم ترفع سقف مطالبها، وليست لديها شروط تعجيزية، بل مطالب تتوافق مع حجمها التمثيلي الذي أفرزته نتائج الانتخابات النيابية». وقلل النائب من فرضية الذهاب إلى حكومة أكثرية، أو موالاة ومعارضة. وسأل «أين هي المعارضة إذا كان الجميع يدعم العهد ويسعى إلى إنجاحه؟ نحن كفريق سياسي مع العهد وندعمه». وأضاف: «نحن ربحنا الأكثرية مرتين (فريق 14 آذار في انتخابات 2005 و2009)، ولم نؤلف حكومة أكثرية». وأضاف: «ليس من صلاحية جبران باسيل تأليف الحكومة، وليس هو من يقرر شكلها، هو طرف له مطالب ككل الأطراف الأخرى، أما عملية التأليف وتحديد الأوزان والأحجام فهي من مسؤولية الرئيس المكلّف بالتشاور مع رئيس الجمهورية».
ويصرّ حزب «القوات اللبنانية» على دخول الحكومة وفق حجمه النيابي، ويحاول قطع الطريق على ما يسرّب عن توجه رئيس التيار الوطني الحرّ وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، لإحراجه وإخراجه من الحكومة، ليكون باسيل وتياره الممثل الأقوى للمسيحيين في السلطة. ويؤكد عضو كتلة «الجمهورية القوية» أن «لا أحد يمكنه أن يحتكر التمثيل المسيحي، لأن الوضع لا يحتمل اللهو واللعب».
محاولات باسيل وتياره لتقليص التمثيل القواتي في الحكومة، تنطلق من معارضة الفريق الوزاري في القوات لمعظم المشاريع التي طرحها وزراء التيار في مجلس الوزراء في عهد حكومة تصريف الأعمال، وأهمها ملفّ الكهرباء، وهنا أوضح النائب فادي سعد، أن «وزراء القوات اللبنانية لم يعارضوا كلّ المشاريع، بل بعضها مثل صفقة استئجار بواخر الكهرباء، وإجراء بعض التلزيمات من خارج دائرة المناقصات». وقال: «عندما طرحت خطة جديدة للكهرباء تقوم على بناء معامل للإنتاج وتحديث المعامل القديمة وافقنا عليها، كما أن خطة التنقيب عن النفط وافقنا عليها من دون تحفظ». ولفت إلى أن «أي مشاريع ستطرح لا تؤمن مصلحة اللبنانيين أو تراعي المعايير المطلوبة سنعارضها».
وتربط مصادر متابعة لمسار تأليف الحكومة بين التعقيدات المفتعلة، وبين معركة رئاسة الجمهورية التي فتحت باكراً بين جبران باسيل من جهة، ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع من جهة ثانية، إلا أن النائب فادي سعد، رأى أن «فتح المعركة الرئاسية أمر غير إيجابي طالما أن عهد الرئيس ميشال عون لا يزال في بدايته». وتابع: «أي حديث عن معركة رئاسية الآن هو في غير مكانه، من أجل مصلحة العهد ومصلحة البلد، ومن يدعم العهد عليه أن لا يفكّر بوراثته من الآن»، مشيراً إلى أن «المناكفات ومحاولات إقصاء قوى أساسية غير مفيدة لمن يسعى لربح معركة الرئاسة، بل ببناء علاقات جيدة مع كلّ الأطراف». وقال: «نحن كقوات لبنانين من المرشحين لرئاسة الجمهورية من خلال رئيس الحزب، لكن من المبكر الحديث عنها، وبالتالي هذه المعركة فرضية ووهمية وفي غير زمانها ومكانها».
ورغم إعلان الوزير جبران باسيل تعليقه العمل بـ«تفاهم معراب» الذي وقّعه «القوات اللبنانية» بسبب معارضة الأخيرة لكثير من المشاريع التي طرحها فريقه، معارضتها العهد وفق تعبير باسيل، رفض النائب القواتي التسليم بسقوط تفاهم معراب، مشدداً على أن «هذا الاتفاق الذي توّج بمصالحة طوت صفحة طويلة من النزاعات بين الطرفين، غير قابل للسقوط»، مذكراً بأن «ما نتج عن هذا الاتفاق ملء الفراغ الرئاسي وتشكيل الحكومة وإطلاق عجلة المؤسسات الدستورية، ونحن متمسكون بالاتفاق وهذا ما يتجلّى بأدائنا وخطابنا السياسي من أجل بناء الدولة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.