جدل في أميركا حول فرض رسوم على السيارات الأوروبية المستوردة

بين معارضة مشرعين وتأييد شعبي

جدل في أميركا حول فرض رسوم على السيارات الأوروبية المستوردة
TT

جدل في أميركا حول فرض رسوم على السيارات الأوروبية المستوردة

جدل في أميركا حول فرض رسوم على السيارات الأوروبية المستوردة

أثارت تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترمب بفرض رسوم على السيارات الأوروبية المستوردة، حالة من الجدل بين المشرعين الأميركيين، حول جدوى فرض هذه الرسوم.
ويسعى المشرعون إلى تقييم ما إذا كانت السيارات المستوردة تشكل تهديدا للأمن القومي الأميركي أم لا. وفي هذا السياق عقدت وزارة التجارة الأميركية جلسة استماع لـ45 شاهداً من مجال صناعة السيارات لسماع آرائهم حول هذا الشأن، وما إن كان يجب أن تخضع السيارات لتعريفات بنسبة تصل إلى 25 في المائة.
ويعترض أعضاء الكونغرس من الحزبين الجمهوري والديمقراطي على فرض رسوم على السيارات المستوردة، بسبب تأثير الرسوم على أسعار السيارات في السوق المحلية.
يجري ذلك في الوقت الذي تلقت فيه شركة «فولكس فاغن»، عملاق السيارات الألمانية، دفعة جديدة للأمام في أرباحها، رغم أزمة انبعاثات الديزل التي ما زالت أصداؤها مستمرة.
وارتفع صافي أرباح الشركة إلى 3.23 مليار يورو، خلال الربع الثاني من العام الحالي، مقارنة بـ3.04 مليار يورو في الفترة نفسها من العام الماضي، كما ارتفعت المبيعات بنسبة 3.4 في المائة لتصل إلى 61.15 مليار يورو. وتكبدت الشركة نحو 1.6 مليار يورو (1.87 مليار دولار)، زيادة في التكاليف، خلال الربع الثاني من العام الحالي، بسبب الغرامات والرسوم القانونية المرتبطة بفضيحة الغش في الانبعاثات، والتي كبدتها بالفعل أكثر من 32 مليار دولار من العقوبات والغرامات وتعويضات الزبائن.
ويعمل المنظمون الأوروبيون حاليا على إدخال نظام جديد لاختبار انبعاثات السيارات، يسمى إجراء اختبار المركبات الخفيفة المنسق على مستوى العالم (WLTP)، ومن المقرر أن يبدأ سريانه في سبتمبر (أيلول) المقبل. وحذر هيربرت دييس، الرئيس التنفيذي لـ«فولكس فاغن»، من تحديات الانتقال إلى إجراء اختبار «WLTP» الجديد، مضيفا أن الاهتمام التنظيمي المتزايد سيؤدي بشكل فعال إلى تشديد معايير الانبعاثات كل عام. وهذا يضيف صعوبات على مصنعي السيارات للحصول على موافقات بشأن الطرازات الجديدة، مشيرا إلى أن ذلك يمكن أن يقود «فولكس فاغن» لتقليل عدد الموديلات التي تقدمها عبر علاماتها التجارية.
وذكرت «فولكس فاغن» أن التحول إلى نظام جديد للانبعاثات، والذي يدخل حيز التنفيذ في الأول من سبتمبر في أوروبا، سيؤثر على توافر طرازات معينة من السيارات، وبالتالي يوثر على المبيعات والأرباح. وأضافت أن تكاليف الامتثال للنظام الجديد ستكون كبيرة، على الرغم من صعوبة تحديدها بدقة في هذه المرحلة. وحذرت الشركة من أن معايير الاختبارات الجديدة لانبعاثات السيارات تشكل الخطر الأكبر على صانعي السيارات في العالم.
وما زالت تداعيات فضيحة الانبعاثات تهدد مستقبل «فولكس فاغن» في صناعة وسوق السيارات حول العالم. وترجع الأزمة إلى عام 2015، عندما كشفت وكالة حماية البيئة الأميركية عن أن شركة «فولكس فاغن» قامت بتركيب أجهزة وبرامج في سيارات تعمل بالديزل تباع في جميع أنحاء العالم، من أجل إخفاء انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والغازات الأخرى. وهو ما أدى إلى فرض غرامة إجرامية على الشركة بقيمة 2.7 مليار دولار.
واعترفت «فولكس فاغن»، بتزويد نحو 11 مليون سيارة تعمل بالديزل، ببرنامج يسمح لها بالغش في نتائج اختبارات الانبعاثات. وهو ما تسبب في فضحية عالمية وخسائر فادحة للعملاق الألماني، الذي تأسس عام 1937.
وتم اعتقال روبرت ستادلر، الرئيس التنفيذي لشركة «أودي» التابعة لـ«فولكس فاغن»، في يونيو (حزيران) الماضي، بسبب مخاوف ممثلي الادعاء من احتمالية تدخله في سير عملية التحقيق. وقال ستادلر، الذي لم توجه إليه أي تهمة بارتكاب أي خطأ، إنه لم يكن على علم مسبق بأن برامج غير قانونية قد تم تركيبها في محركات «فولكس فاغن» أو «أودي». وكانت سيارات «أودي»، من بين السيارات التي تم تزويدها بالبرنامج للتلاعب في نتائج اختبارات الانبعاثات. وجاء الاعتقال بعد أيام من فرض الادعاء الألماني غرامة قدرها مليار يورو على «فولكس فاغن» بسبب فضيحة الغش في الانبعاثات.
وتعرضت الشركة لحملة واسعة من الانتقادات حول العالم، في أعقاب فضيحة الانبعاثات. وكان عدد من فناني الشوارع في الولايات المتحدة، المعروفين باسم «مؤامرة الجناح الفني»، قاموا بنشر عدد من الملصقات واللافتات المناهضة للشركة، في شوارع حي قريب من مدينة لوس أنجليس بولاية كاليفورنيا، عشية زيارة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى أميركا، في أبريل (نيسان) الماضي.
وقال أعضاء الجناح الفني إنهم يعارضون زيارة ميركل إلى البيت الأبيض، ويريدون من ترمب أن يتخذ موقفاً متشدداً ضد ألمانيا بشأن التعريفات الجمركية، خاصة تلك التي تضر «فولكس فاغن». وأضافوا أن الفكرة هي «أن نلاحق الصناعة الألمانية مثل (فولكس فاغن)، ونأمل أن يستمر ترمب في وضع التعريفات عليهم بسبب فضيحة الانبعاثات».


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

الاقتصاد مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه يوم الأربعاء المقبل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد يقوم أحد عمال البريد الأميركي بتفريغ الطرود من شاحنته في مانهاتن أثناء تفشي فيروس كورونا (رويترز)

ترمب يدرس خصخصة خدمة البريد وسط خسائر مالية ضخمة

يبدي الرئيس المنتخب دونالد ترمب اهتماماً بالغاً بخصخصة خدمة البريد الأميركية في الأسابيع الأخيرة، وهي خطوة قد تُحْدث تغييرات جذرية في سلاسل الشحن الاستهلاكي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الاقتصاد أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)

ارتفاع تقييمات الأسهم الأميركية يثير مخاوف المستثمرين من تصحيح وشيك

تتزايد المخاوف في الأسواق المالية بعد الارتفاعات الكبيرة في تقييمات الأسهم الأميركية في الأسابيع الأخيرة؛ ما يشير إلى أن السوق قد تكون على وشك تصحيح.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ شعار شركة ديلويت المسؤولة عن البوابة الإلكترونية للولاية (وسائل إعلام محلية)

اختراق معلومات شخصية ومصرفية لمئات الآلاف من سكان ولاية أميركية

اخترقت مجموعة دولية من المجرمين المعلومات الشخصية والمصرفية لمئات الآلاف من سكان ولاية رود آيلاند الأميركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
خاص ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)

خاص قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

يقف عام 2025 عند منعطف محوري مع تنامي المواجهة التجارية بين الولايات المتحدة والصين ووسط استمرار التوترات الجيوسياسية.

هلا صغبيني (الرياض)

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

ارتفع معدل التضخم في السعودية إلى 2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أساس سنوي، مسجلاً أعلى مستوى منذ 15 شهراً، وذلك عطفاً على ارتفاع أسعار قسم السكن والمياه والكهرباء، والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة وأسعار أقسام السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة، مقابل انخفاض أسعار قسم النقل بنسبة 2.5 في المائة.

وعلى الرغم من ذلك الارتفاع فإن هذا المستوى جعل السعودية البلد الأقل ضمن مجموعة العشرين، في الوقت الذي عدَّه اقتصاديون معتدلاً نسبياً.

ووفق مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك، الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، الأحد، ارتفع قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة، وقد تأثر بارتفاع مجموعة الإيجارات المدفوعة للسكن 10.8 في المائة خلال نوفمبر الماضي، بسبب زيادة في أسعار إيجارات الشقق 12.5 في المائة.

المطاعم والفنادق

وكان لارتفاع هذا القسم أثر كبير في استمرار وتيرة التضخم السنوي لنوفمبر 2024، نظراً للوزن الذي يشكله هذا القسم، الذي يبلغ 25.5 في المائة، وفي السياق ذاته، ارتفعت أسعار قسم السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة خلال نوفمبر السابق، متأثرة بارتفاع أسعار المجوهرات والساعات بأنواعها والتحف الثمينة 23.7 في المائة.

وسجلت أسعار قسم المطاعم والفنادق ارتفاعاً بنسبة 1.5 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار الخدمات الفندقية والشقق المفروشة بنسبة 5.9 في المائة، أما قسم التعليم فقد شهد ارتفاعاً بنسبة 1.1 في المائة، متأثراً بزيادة أسعار الرسوم لمرحلتي المتوسط والثانوي 1.8 في المائة.

الأغذية والمشروبات

في حين سجلت أسعار الأغذية والمشروبات ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.3 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار اللحوم والدواجن، 1.9 في المائة. من جهة أخرى، انخفضت أسعار قسم تأثيث وتجهيز المنزل بنسبة 2.9 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الأثاث والسجاد وأغطية الأرضيات بنسبة 4.4 في المائة.

وتراجعت أسعار قسم الملابس والأحذية بنسبة 2.3 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الملابس الجاهزة 4.6 في المائة، وكذلك سجلت أسعار قسم النقل تراجعاً بنسبة 2.5 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار شراء المركبات بنسبة 3.9 في المائة.

تنويع الاقتصاد

وقال كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، الدكتور نايف الغيث، لـ«الشرق الأوسط»، إن ارتفاع معدل التضخم في المملكة إلى 2 في المائة خلال نوفمبر الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، يعكس التغيرات الاقتصادية التي تمر بها المملكة في إطار «رؤية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

وبيَّن الغيث أن العامل الرئيسي وراء هذا الارتفاع كان قطاع السكن والمرافق، حيث شهد زيادة كبيرة بنسبة 9.1 في المائة. وكان لارتفاع أسعار إيجارات المساكن، وخصوصاً الشقق التي ارتفعت بنسبة 12.5 في المائة، الدور الأكبر في هذه الزيادة، موضحاً أن هذا القطاع يشكل 25.5 في المائة من سلة المستهلك، وبالتالي فإن تأثيره على معدل التضخم العام كان ملحوظاً.

ووفق الغيث، أسهم ارتفاع أسعار السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة في زيادة معدل التضخم، وأن هذا الارتفاع يعكس تغيرات في أنماط الاستهلاك وزيادة الطلب على بعض السلع والخدمات في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة.

تحسين البنية التحتية

على الجانب الآخر، يرى كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، أن قطاع النقل شهد انخفاضاً بنسبة 2.5 في المائة، ما أسهم في تخفيف الضغط التضخمي إلى حد ما، وأن هذا الانخفاض قد يكون نتيجة لتحسن البنية التحتية للنقل وزيادة كفاءة الخدمات اللوجيستية، وهو ما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030» في تطوير قطاع النقل والخدمات اللوجيستية.

وفي سياق «رؤية 2030»، يؤكد الغيث أنه من الممكن النظر إلى هذه التغيرات في معدلات التضخم كجزء من عملية التحول الاقتصادي الشاملة، مضيفاً أن الارتفاع في أسعار السكن، «على سبيل المثال»، قد يكون مؤشراً على زيادة الاستثمارات في القطاع العقاري وتحسن مستويات المعيشة.

وأبان أن الزيادة في أسعار السلع والخدمات الشخصية قد تعكس تنوعاً متزايداً في الاقتصاد وظهور قطاعات جديدة.

ولفت الغيث النظر إلى أن معدل التضخم الحالي البالغ 2 في المائة يعتبر معتدلاً نسبياً، ما يشير إلى نجاح السياسات النقدية والمالية في الحفاظ على استقرار الأسعار.