باريس والعواصم الأوروبية فوجئت بعرض ترمب لقاء المسؤولين الإيرانيين

TT

باريس والعواصم الأوروبية فوجئت بعرض ترمب لقاء المسؤولين الإيرانيين

فوجئت باريس، كما غيرها من العواصم الأوروبية، باقتراح الرئيس الأميركي دونالد ترمب الاجتماع بالمسؤولين الإيرانيين: «متى يريدون وفي المكان الذي يختارون»، و«من غير شروط مسبقة».
والتساؤل الذي يشغل الدوائر الدبلوماسية الأوروبية، هو معرفة ما إذا كان اقتراح ترمب جاء ابن لحظته «ردا على سؤال في المؤتمر الصحافي الذي جمعه مع رئيس الحكومة الإيطالية» أم أنه يعكس بداية تغير في الاستراتيجية الأميركية وطريقة تعاطيها مع الملف الإيراني.
بداية، تلاحظ مصادر رسمية في باريس، أن التغير في اللهجة الأميركية جاء بعد وصول التهديدات المتبادلة بين طهران وواشنطن إلى أوجها، وعلى أعلى مستوى «ترمب من جهة، والرئيس الإيراني حسن روحاني من جهة أخرى»، عبر «دبلوماسية الـ(تويتر)» بين من يهدد بـ«أم المعارك» (روحاني)، ومن يحذر من «العودة إلى تهديد الولايات المتحدة الأميركية» (ترمب).
وتربط هذه المصادر التصعيد الحاد بأمرين متلازمين: الأول، لجوء طهران إلى استخدام التهديد بإغلاق مضيق هرمز، في حال منعتها واشنطن من تصريف نفطها عبر المضيق المذكور. والثاني الهجوم الحوثي بصاروخ سطح – بحر، على حاملة نفط سعودية في البحر الأحمر مقابل الشواطئ اليمنية، الأمر الذي عد «رسالة» إيرانية مفادها أن طهران قادرة على تهديد الملاحة في الخليج والبحر الأحمر على السواء.
ومن وجهة نظر فرنسية، فإن التهديدات المتبادلة لا يمكن فهمها من خارج إطار اقتراب بدء العمل بالشق الأول من العقوبات الأميركية، التي تنطلق في السادس من الشهر الجاري، فيما العقوبات النفطية سيبدأ العمل بها في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) القادم. وفي أي حال، لا ترى باريس أن «الحرب آتية» في الخليج غدا أو بعد غد؛ إذ «لا مصلحة لأي طرف فيها».
لذا، فإن التهديدات ليست «سوى رسائل» متبادلة، وهي تعكس، بنظرها، من الجانب الإيراني الخوف الحقيقي من تبعات «أقصى الضغوط» التي تريد واشنطن ممارستها للي ذراع طهران. وسبق لمصادر دبلوماسية فرنسية رفيعة المستوى أن نقلت عن مسؤولين أميركيين قولهم، إن طهران «ستنصاع في نهاية الطريق للشروط الأميركية».
بالتوازي، تميل المصادر في باريس إلى اعتبار أن الرئيس ترمب يعتقد أن «ما نجح مع كوريا الشمالية يمكن أن ينجح مع إيران»، بمعنى اعتماد «سياسة حافة الهاوية»، من خلال التهديدات متعددة الأشكال، ثم القفز إلى الوراء بإطلاق مبادرة دبلوماسية استعراضية. وقد تمثل ذلك بالقمة في سنغافورة مع رئيس كوريا الشمالية كيم جونغ أون، في 12 يونيو (حزيران) الماضي، ثم بإرسال وزير خارجيته مايك بومبيو، مهندس التقارب بين البلدين، بعد أسابيع قليلة من انعقادها إلى بيونغ يانغ مجددا.
كذلك، تشير باريس إلى أن ترمب اعتمد، إلى حد ما، الأسلوب عينه في الإعلان عن قمته مع الرئيس الروسي في ستوكهولم. ورغم الجدل الذي أثارته تصريحاته في المؤتمر الصحافي مع بوتين، لم يتردد في الإعلان عن عزمه على دعوته إلى واشنطن، مع تذبذب في تحديد موعد الزيارة.
بالنظر للفترة الزمنية القصيرة التي انقضت على «اقتراح» ترمب، فإن المصادر في باريس ترى أن الوقت «ما زال مبكرا» في الحكم عليها، وعلى ما ستؤول إليه، بالنظر إلى الغموض الذي ما زال يلفها، وتحديدا بخصوص وجود شروط مسبقة يتعين توافرها أم لا.
ويبدو بومبيو هذه المرة أكثر حذرا من رئيسه، فيما سارعت طهران إلى طرح شروطها المتعارضة تماما مع ما عرضه بومبيو. وتجدر الإشارة إلى أن الأخير طرح في كلمة له في 21 مايو (أيار) الماضي ما يمكن تسميته «دفتر شروط»، يحوي «12 شرطاً» للجلوس إلى طاولة المفاوضات مع ممثلي طهران، للوصول إلى اتفاق جديد. ومن هذه الشروط الوقف التام لتخصيب اليورانيوم، وسحب القوى التي تدعمها إيران من سوريا، وكذلك الصورايخ التي نشرتها، ووقف الدعم لـ«حماس» و«حزب الله»، وتغيير سياستها الإقليمية... لذا، سيكون «من الصعب» تصور حصول تهدئة ببن الطرفين، تسمح بعقد اجتماع يلتئم على «قمة» من الخلافات.
بانتظار جلاء الأمور، فإن باريس مهتمة بمتابعة التطورات، وعلى تواصل دائم مع الطرف الأميركي من أجل جلاء الموقف. إلا أنها بالتوازي مستمرة في متابعة ملف العقوبات على طهران ومساعي الاتحاد الأوروبي، للتجاوب مع الطرف الإيراني الذي يرهن بقاءه داخل الاتفاق بالاستمرار في التمتع بما يمنحه إياه اقتصاديا وتجاريا وماليا واستثماريا، امتدادا للاجتماع الذي ضم وزراء خارجية الدول الخمس: (فرنسا وبريطانيا وألمانيا والصين وروسيا) بنظيرهم الإيراني في 6 يوليو (تموز) في فيينا، وخريطة الطريقة التي طرحت عليه.
بيد أن الصعوبات التي تواجهها أوروبا لتنفيذ التزامها تبدو عصية على التجاوز، وهو ما ظهر من خلال تصريحات وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير أمس. ذلك أن لومير أعرب عن أمله في أن «تسمح» واشنطن بتسليم إيران ثماني طائرات للنقل المحلي، تصنعها شركة «آي تي آر» المنبثقة عن مجموعة «إيرباص» وشركة «ليوناردو فيناميكانيكا» الإيطالية.
ويود الوزير الفرنسي أن تستطيع الشركة المذكورة تسليم الطائرات الثماني قبل موعد البدء بفرض العقوبات الأميركية على إيران في السادس من الشهر الجاري. والحال، أن القانون الأميركي يفرض موافقة مسبقة من الجانب الأميركي إذا كانت مكونات السلعة المعروضة للبيع (وهنا طائرات النقل المحلية) تحتوي على عشرة في المائة (أو أكثر) من المكونات الأميركية الصنع، وهو حال الطائرات المذكورة.
وفي حال تجاوزت الشركة المصنعة الموافقة الأميركية، فإنها ستخضع لعقوبات مالية أميركية مرتفعة للغاية. ودافع لومير عن الحاجة لإتمام الصفقة، لما لها من أثر على ميزانية الشركة ومبيعاتها. وسبق لباريس ولندن وبرلين أن تقدمت بطلب مشترك إلى واشنطن لإعفاء عدد من شركاتها من العقوبات، الأمر الذي رفضته واشنطن قطعيا.



ماكرون يدعو ترمب وزيلينسكي إلى «الهدوء والاحترام»

TT

ماكرون يدعو ترمب وزيلينسكي إلى «الهدوء والاحترام»

اجتماع سابق بين ماكرون وترمب وزيلينسكي في باريس (أ.ف.ب)
اجتماع سابق بين ماكرون وترمب وزيلينسكي في باريس (أ.ف.ب)

دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نظيرَيْه الأميركي دونالد ترمب والأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى «الهدوء والاحترام»، عقب المشادة الكلامية في البيت الأبيض التي أثارت مخاوف من انسحاب الولايات المتحدة من الملف الأوكراني وحدوث قطيعة مع حلفائها الأوروبيين.

وقال الرئيس الفرنسي لصحيفة «لا تريبون ديمانش» الأسبوعية، وعدة صحف أخرى تصدر الأحد: «أرى أنه بغض النظر عن الغضب، فإن الجميع بحاجة إلى العودة للهدوء والاحترام والتقدير، حتى نتمكّن من المضي قدماً بشكل ملموس؛ لأن ما هو على المحك مهم للغاية».

وذكر قصر الإليزيه أن ماكرون تحدّث منذ مساء الجمعة مع الرئيسَيْن الأوكراني والأميركي، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وحذّر ماكرون من أنه إذا لم يتمّ إيقاف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فإنه «سيذهب بالتأكيد إلى مولدافيا، وربما أبعد من ذلك إلى رومانيا».

وقال ماكرون إن انسحاباً محتملاً للولايات المتحدة من الملف الأوكراني «ليس في مصلحة» واشنطن؛ لأن «ما تفعله الولايات المتحدة منذ ثلاث سنوات يتوافق تماماً مع تقاليدها الدبلوماسية والعسكرية».

وأضاف أنه إذا وافقت واشنطن على «توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار من دون أي ضمانات أمنية لأوكرانيا» فإن «قدرتها على الردع الجيواستراتيجي في مواجهة روسيا والصين وغيرهما سيتلاشى في اليوم نفسه».