باكستان: عمران يبدأ مشاورات لتشكيل الحكومة... وشهباز يقرّ بالهزيمة

«حركة الإنصاف» استبعدت التحالف مع «الرابطة الإسلامية» و«حزب الشعب»

أنصار عمران خان يحتفلون بنتائج الانتخابات في كراتشي ليل أول من أمس (أ.ف.ب)
أنصار عمران خان يحتفلون بنتائج الانتخابات في كراتشي ليل أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

باكستان: عمران يبدأ مشاورات لتشكيل الحكومة... وشهباز يقرّ بالهزيمة

أنصار عمران خان يحتفلون بنتائج الانتخابات في كراتشي ليل أول من أمس (أ.ف.ب)
أنصار عمران خان يحتفلون بنتائج الانتخابات في كراتشي ليل أول من أمس (أ.ف.ب)

أعلنت لجنة الانتخابات العامة في باكستان النتائج شبه النهائية لغالبية المقاعد النيابية والإقليمية في الانتخابات التي جرت الأربعاء، رغم عدم انتهاء عملية فرز الأصوات التي تأخرت بسبب عطل فني في برنامج بث الفرز لدى اللجنة.
وأظهرت النتائج شبه النهائية تقدم حزب عمران خان بـ 115 عشر مقعدا من أصل 270 مقعدا تمّ الاقتراع عليها، فيما حصل حزب الرابطة الإسلامية بزعامة شهباز شريف على 62 مقعدا، وحزب الشعب على 43 مقعدا فقط، وتراجع تمثيل الجماعات الدينية المنضوية تحت تحالف مجلس العمل المتحدة لـ 12 مقعدا فقط، فيما منيت حركة المهاجرين القومية في كراتشي وإقليم السند بأسوأ نتيجة منذ أكثر من ثلاثين عاما حيث لم تحصل إلا على تسعة مقاعد، بينما كان نصيبها في السابق يصل إلى خمسة وعشرين مقعدا.
وأظهرت الانتخابات الأخيرة هزيمة عدد من القيادات التاريخية التي فشلت في الحصول على مقعد في الجمعية الوطنية، حيث فشل شهباز شريف رئيس حزب الرابطة في الحصول على مقعد في الجمعية الوطنية، كما فشل عدد من قادة حزبه، إضافة للشيخ فضل الرحمن زعيم تحالف «مجلس العمل المتحد»، واسفنديار ولي خان زعيم الحزب القومي البشتوني، وتشودري نثار علي خان الوزير المنشق عن حزب الرابطة، وكذلك رئيس الوزراء السابق شاهد خاقان عباسي، حيث فاز بالمقاعد المرشحين عنها مرشحون منافسون من حزب حركة الإنصاف بزعامة عمران خان.
ورغم ادّعاء شهباز شريف، رئيس حزب الرابطة الإسلامية وقادة حزبه، بوجود تلاعب في نتائج الانتخابات، إلا أن شهباز قال إن حزبه سيدخل البرلمان بالنتيجة المعلنة ويجلس في صفوف المعارضة. لكن الشيخ فضل الرحمن قال إن حزبه لن يقبل بالنتيجة مطلقا، مهددا بتسيير مظاهرات من أتباعه في كافة الأقاليم إلى إسلام آباد لإعلان رفضهم للنتائج. وشارك زعيم حركة «لبيك يا رسول الله» الصوفية المقربة من الجيش خادم حسين رضوي الرأي مع الشيخ فضل الرحمن، حيث لم تفز حركته إلا بمقعد واحد من كراتشي، ولم تحصل على أي مقعد من إقليم البنجاب الذي تعتبره مركزا أساسيا لها.
وقد ظهر خلاف في الرأي بين شهباز شريف الذي قال إن حزبه سيجلس في المعارضة في الجمعية الوطنية وبرلمان إقليم البنجاب، وابنه حمزة شهباز شريف الذي قال إن حزبه حصل على أكبر عدد من المقاعد في برلمان البنجاب (129) من أصل 290 مقعدا، ومن حقه أن يشكل الحكومة القادمة. وأشار حمزة في مؤتمر صحافي له إلى أن الرابطة الإسلامية احترمت كون حزب حركة الإنصاف فاز بأكبر عدد من المقاعد في إقليم خيبر في انتخابات عام 2013. ولم تتدخل لمنعه من تشكيل حكومة محلية. وفاز حزب حركة الإنصاف بمائة وثمانية عشر مقعدا في برلمان إقليم البنجاب.
وجاءت أقوال حمزة شهباز بعد صدور تصريحات من قادة في حركة الإنصاف بأنهم عازمون على تشكيل حكومة محلية في إقليم البنجاب، أكثر الأقاليم سكانا وأهمها من الناحية المالية والاقتصادية، متجاوزين حق حزب الرابطة الإسلامية بتكليفه تشكيل الحكومة القادمة.
وأشارت مصادر أمنية في لاهور وإسلام آباد إلى إمكانية اعتقال كل من شهباز شريف، رئيس حزب الرابطة والرئيس السابق لحكومة البنجاب، ووزير العدل السابق فيها رانا ثناء الله بتهمة التورط في قتل متظاهرين مناوئين لحكومة حزب الرابطة عام 2014. من أتباع طاهر القادري الذي قام أنصاره وأتباع عمران خان بالاعتصام في شوارع لاهور وإسلام آباد في ذلك العام لإسقاط حكومة نواز شريف، رغم إعلان عمران خان رئيس الوزراء المقبل أنه لن يلجأ إلى محاولات الثأر والاعتقال للمعارضة وأنصار حزب الرابطة وقياداته رغم ما قاموا به من أعمال ضد حزبه في السابق.
وقال عمران خان إنه سيبدأ العمل لتشكيل الحكومة من حزبه والأحزاب المماثلة دون اللجوء إلى تحالف مع أي من الرابطة الإسلامية أو حزب الشعب المنافسين الرئيسيين له في الحلبة السياسية، حيث واصل عمران خان اتهام الحزبين بالفساد والمسؤولية عما آلت إليه أوضاع باكستان من تدهور شديد، خاصة من الناحيتين الأمنية والاقتصادية.
ومن المتوقع انضمام النواب المستقلين، ويبلغ عددهم اثني عشر نائبا إلى حزب حركة الإنصاف بعد الجلسة الأولى للبرلمان الجديد، وينص القانون الباكستاني على وجوب انضمام النواب المستقلين لأي حزب يريدونه بعد أداء اليمين الدستورية، كما سيحصل حزب عمران خان على حصة الأسد من المقاعد المخصصة للنساء وتبلغ ستين مقعدا، حيث تقسم على الأحزاب كل بنسبة ما حصل عليه من المقاعد في الاقتراع المباشر، إضافة إلى إمكانية انضمام ممثلي الأقليات الهندوسية والسيخ والمسيحيين إلى الحزب الحاكم ويبلغ عددهم عشرة نواب.
وفي حال انضمام المستقلين وممثلي الأقليات، وحصول حزب عمران خان على نسبته من مقاعد النساء فستصبح لديه أغلبية تقليدية في الجمعية الوطنية تمكّنه من تشكيل حكومة مستقرة. لكن عمران خان وقادة حزبه تحدثوا عن إمكانية ضم عدد من الأحزاب الصغيرة، مثل التحالف الديمقراطي في السند الذي حصل على ستة مقاعد، وحركة المهاجرين التي حصلت على تسعة مقاعد.
وركز عمران خان وحزبه في أحاديثهم على أن السنوات الخمس القادمة ستكون لشد الأحزمة على البطون لمواجهة الاقتصاد المتعثر ومحاولة عدم زيادة ديون باكستان الخارجية، التي بلغت أكثر من تسعين مليار دولار، عدا عن الديون الداخلية من البنوك الوطنية التي تزيد على ستين مليار دولار تقريبا. ولم يستبعد أسد عمر، المرشح من حزب عمران خان لتولي وزارة المالية، اللجوء مجددا إلى صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة أحد عشر مليار دولار، لكن مصادر الصندوق استبعدت إمكانية إعطاء قرض بهذا المبلغ، خاصة أن واشنطن قطعت المساعدات عن إسلام آباد العام الماضي، وليس من المتوقع أن تسهّل عملية إقراض كبيرة لباكستان بهذا الحجم من صندوق النقد الدولي.
من جانبها، رحّبت الحكومة الأفغانية بتوجه عمران خان ودعمه لعملية السلام في أفغانستان وفتح الحدود ما بين البلدين، كما رحّب مسؤولون في الحكومة الهندية بوعد عمران خان بحل الخلافات مع الهند، وقوله إنه في حال خطت الحكومة الهندية خطوة فسنخطو خطوتين تجاه تحسين علاقات الدولتين، رغم عدم تغيّر الموقف الهندي الرسمي حتى الآن من قضية كشمير، المشكلة الأساسية بين البلدين.
وفي وقت لاحق، رفضت حركة المهاجرين القومية في كراتشي طلبا من قيادة حزب الإنصاف بعدم المشاركة في مؤتمر كافة الأحزاب المعترضة على نتائج الانتخابات. وقال زعيم الحركة، فاروق ستار، إن حزبه يرفض أي إملاءات من الخارج. وتوجّه ستار من كراتشي إلى إسلام آباد للمشاركة في المؤتمر الذي يرأس جلساته كل من الشيخ فضل الرحمن، رئيس تحالف الأحزاب الدينية ـ مجلس العمل المتحد، وشهباز شريف رئيس حزب الرابطة الإسلامية. فيما أعلن برويز ختك، رئيس حكومة إقليم خيبر بختون خوا- بيشاور، أن حزبه فوضه لرئاسة الحكومة الجديدة مرة ثانية في الإقليم.
ووزعت لجنة الانتخابات العامة المقاعد الخاصة بالنساء حيث حصل حزب عمران خان على خمسة وعشرين مقعدا من أصل ستين مقعدا، وعرف من بين النساء اللاتي حصلن على مقعد في البرلمان على قائمة حزب الإنصاف الدكتورة عائشة، شقيقة قائد فيلق بيشاور سابقا في الجيش الباكستاني الجنرال هدايت الرحمن، وهو ما يزيد من اتهامات المعارضة بدعم الجيش لحزب عمران خان. فيما رفض حزب عوامي البشتوني القومي النتائج المعلنة من لجنة الانتخابات، متهما العاملين في مراكز الاقتراع من اللجنة بأنهم كانوا يطلبون من الناخبين التصويت لحزب عمران خان، ومن لا يستجيب لا يسمحون له بالتصويت.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.