العراق: ترقب لموقف «النجف» من الاحتجاجات

TT

العراق: ترقب لموقف «النجف» من الاحتجاجات

تتجه الأنظار في العراق إلى النجف، غداً، ترقباً لموقف المرجعية الشيعية من الاحتجاجات واسعة النطاق المستمرة منذ نحو 3 أسابيع، بعدما أدى انسحاب أطراف مؤيدة للمرجعية من المظاهرات إلى «تراجع زخمها».
وقال مسؤول عراقي لـ«الشرق الأوسط» إن «المظاهرات عفوية وذات مطالب مشروعة، لا سيما الجوانب الخدمية الضاغطة مثل الماء والكهرباء. لكن محاولة أطراف سياسية ركوب موجتها وحرفها عن اتجاهها، أتت بنتائج عكسية لما خططت له تلك الجهات».
ولفت إلى أن «تأييد المرجعية للمظاهرات في خطبة أول جمعة بعد اندلاعها أدى إلى مشاركة واسعة من قبل مؤيدي المرجعية، مما منحها زخماً شعبياً عارماً. غير أن عملية خلط الأوراق، بما في ذلك إطلاق هتافات ضد المرجعية، أدت إلى انسحاب مؤيدي المرجعية، وهو ما انعكس على الاحتجاجات سلباً، مثلما انعكس على موقف المرجعية منها؛ إذ لم تأت على ذكرها في خطبة الجمعة الثانية الأسبوع الماضي».
وبدأت محافظات اتخاذ إجراءات للاستجابة لبعض مطالب المتظاهرين أو تسمية أعضاء الوفد المفاوض المقرر إرساله إلى بغداد لمقابلة رئيس الوزراء حيدر العبادي لمناقشة المطالب. وأعلن مجلس محافظة واسط عن تسمية أعضاء وفد المحافظة لمقابلة رئيس الوزراء «لتقديم ورقة مطالب المحافظة والمتظاهرين».
وأعلنت مفوضية حقوق الإنسان عن إطلاق سراح جميع المعتقلين في واسط الذين يبلغ عددهم 176 متظاهراً. وقالت في بيان إن «خلية الأزمة زارت محكمة استئناف واسط والتقت رئيس الاستئناف، وتم إطلاق سراح جميع المعتقلين... أفرج عن 18 منهم نهائياً، فيما أطلق سراح 158 بكفالة». وأكد عضو مجلس محافظة ذي قار سعد البدري لـ«الشرق الأوسط» أن «مجلس المحافظة اتخذ مجموعة من الإجراءات التي تمثل استجابة لمطالب المتظاهرين، وجرى تفهمها من قبلهم، مما أدى إلى تراجع الاحتجاجات في المحافظة بشكل واضح».
وأضاف أن «المظاهرات التي تمثل المطالب الحقيقية للناس حاول البعض حرفها عن مسارها بطريقة تخدم أهدافه، مما أدى إلى تراجع زخمها، خصوصاً بعد الوعود الحكومية التي وضع بعضها موضع التنفيذ مثل إطلاق الدرجات الوظيفية البالغ عددها 7 آلاف، فضلاً عن عودة حصة المحافظة من البترودولار وتوزيع حصص المقاولين، وإجراءات أخرى، لكن معظمها يحتاج وقتاً طويلاً كي يتحقق، وهو ما نعمل عليه بقوة مع الحكومة المركزية».
ورداً على سؤال بشأن نقل الصلاحيات إلى الحكومات المحلية وتحميل تلك الحكومات مسؤولية الخلل، يقول البدري إن «عملية نقل الصلاحيات وصلت إلى المحافظات وهي مفرغة من محتواها تماماً، فأهم صلاحية، وهي الصلاحية المالية، لا تزال بيد المركز، مما يعني عدم وجود صلاحيات في واقع الحال».
لكن في محافظة البصرة، أكدت النائب السابقة رحاب العبودة لـ«الشرق الأوسط» أن «أوضاع المحافظة تتجه من سيئ إلى أسوأ»، مشيرة إلى أنه «لا توجد حتى الآن استجابة فعلية لمطالب المتظاهرين رغم الوعود التي أطلقها رئيس الوزراء... على أرض الواقع لم يتحقق شيء ملموس».
وكانت عملية اغتيال المحامي جبار الكرم في البصرة قد هيمنت على حراك المظاهرات هناك. لكن وزارة الداخلية أكدت على لسان المتحدث باسمها اللواء سعد معن «التعرف على قتلة المحامي» الذي كان أحد الناشطين في المظاهرات، فضلاً عن دفاعه عن المعتقلين.
وقال معن في مؤتمر صحافي عقده في مقر قيادة شرطة البصرة، أمس، إن «الجهات الأمنية تعرفت على الجناة وأصدرت بحقهم أوامر قبض». وأضاف أن «البحث جارٍ عنهم بعد التعرف عليهم».
وكانت «الداخلية» قالت في بيان إن الوزير قاسم الأعرجي أرسل وفداً إلى البصرة برئاسة اللواء معن وبرفقة نقيب المحامين العراقيين أحلام اللامي «للاطلاع على الإجراءات المتخذة بشأن حادثة اغتيال المحامي جبار محمد كريم. وفور وصول الوفد اجتمع مع رئيس محكمة استئناف البصرة القاضي عادل عبد الرزاق، واستمع إلى شرح مفصل عن الإجراءات التي اتخذت في هذه القضية».
وأشارت إلى أن «المدعين بالحق الشخصي طلبوا الشكوى ضد 6 متهمين تدور حولهم الشبهات لوجود خلاف عشائري بين عشيرة المجني عليه وعشيرة المتهمين، كما أن قوات الشرطة ما زالت مستمرة في البحث عن المتهمين وملاحقة الجناة، وتفاصيل القضية لا تؤشر على وجود أي عملية تتعلق بالمظاهرات التي شهدتها محافظة البصرة أخيراً».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».