أميركا تشرع في تطبيق القيود الجديدة على النقابات الفيدرالية

الإدارة تدافع عنها... والروابط العمالية تؤكد أنها وسيلة لإضعاف قوتها التفاوضية

بدأت الوكالات الفيدرالية في تطبيق توجيهات ترمب بشأن نقابات العمال الأميركية
بدأت الوكالات الفيدرالية في تطبيق توجيهات ترمب بشأن نقابات العمال الأميركية
TT

أميركا تشرع في تطبيق القيود الجديدة على النقابات الفيدرالية

بدأت الوكالات الفيدرالية في تطبيق توجيهات ترمب بشأن نقابات العمال الأميركية
بدأت الوكالات الفيدرالية في تطبيق توجيهات ترمب بشأن نقابات العمال الأميركية

بدأت الوكالات الفيدرالية في تطبيق الأوامر التنفيذية الصادرة عن الرئيس دونالد ترمب بشأن كيفية مواجهة نقابات العمال الأميركية، وذلك في أعقاب التوجيهات الصارمة التي من المرجح أن تسبب تفاقما في التوترات الراهنة، والتي كانت في تصاعد مستمر منذ تولي الرئيس الأميركي منصبه.
وتصف الإدارة الأميركية القواعد الجديدة، الصادرة عن الرئيس في مايو (أيار) الماضي، بأنها جهود على مسار تلطيف الأعباء البيروقراطية الضخمة ومحاولة لتحسين المساءلة للقوى العاملة الفيدرالية التي يبلغ حجمها نحو 1.2 مليون عامل في البلاد. وردت النقابات العمالية بأن الأوامر التنفيذية الجديدة ليست سوى الأحدث في إجراءات الرئيس ترمب الرامية إلى إضعاف قوتها التفاوضية وتيسير فصل الموظفين الحكوميين من أعمالهم.
وعرض جيف بون، رئيس مكتب إدارة شؤون الموظفين، على الوكالات الفيدرالية التفاصيل في وقت متأخر من الأسبوع الماضي بهدف اتخاذ تدابير تنفيذ الأوامر الرئاسية.
وصدرت التوجيهات للوكالات الفيدرالية بسرعة التحرك لإقالة الموظفين من أصحاب الأداء الضعيف، وإعادة التفاوض بشأن أية تعاقدات تسمح بالانضباط في معدلات الأداء.
ويبدو أن الصراع الراهن في طريقه نحو المواجهة المفتوحة، سواء في المحاكم الفيدرالية، التي رفعت النقابات العمالية أمامها الكثير من الدعاوى القضائية التي تطعن في الأوامر الرئاسية الصادرة، أو في الكونغرس. وقد لجأت الإدارة الأميركية والنقابات العمالية إلى حلفائهما في الكابيتول هيل، مع النواب الجمهوريين المؤيدين لإجراءات الرئيس ترمب والنواب الديمقراطيين الداعمين لنقابات العمال التي تمثل الدوائر الانتخابية الرئيسية والمهمة.
وتمثل الأوامر التنفيذية الصادرة عن الرئيس ترمب توسيعا لمبادرات «تشديد القبضة» التي سبق تنفيذها في الوكالات الفردية منذ توليه رئاسة البلاد، بما في ذلك الجهود الأخيرة الرامية إلى إجبار النقابات العمالية على الخروج من المكاتب الإدارية الممولة من قبل الحكومة، وكبح جماح استخدام أوقات العمل الرسمية من قبل ممثلي النقابات العمالية الذين يتعاملون مع مظالم الموظفين، وغيرها من الشؤون التأديبية الأخرى.
ورفع زعماء النقابات العمالية الغاضبون الدعاوى القضائية ضد الرئيس ترمب، دافعين بأنه قد تجاوز حدود صلاحياته الرئاسية وانتهك القانون الذي يضمن تمثيل النقابات العمالية الفيدرالية. ومن شأن أحد القضاة أن ينظر في كل الدعاوى المرفوعة في وقت لاحق من الشهر الحالي.
يقول توني ريردون، رئيس الاتحاد الوطني لموظفي الخزانة، والذي يمثل 150 ألف موظف: «أعتقد، وبكل صراحة، أنه أمر مستحق للشجب. لماذا يصر الرئيس وإدارته في مواصلة الهجوم على المواطنين الأميركيين من الطبقة العاملة والذين يؤدون أعمالهم بكل فخر؟»
على مدى عقود، حظيت النقابات العمالية بصلاحيات هائلة على القوى العاملة الفيدرالية، مطالبة بصوت مسموع في كل قضية عمل تقريبا باستثناء الأجور التي يحددها الكونغرس رأسا. وعضوية نقابات الموظفين الفيدراليين في تزايد مستمر، حتى مع تراجع معدلات الالتحاق بالقطاع الخاص. وكانت الجهود المبذولة من الحكومات الجمهورية السابقة في تقليص صلاحيات النقابات العمالية ذات نتائج ضعيفة ومهلهلة.
وصرح راج شاه، المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض قائلا: «كان الرئيس ترمب واضحا للغاية منذ بداية حملته الانتخابية بأنه يريد ملاحقة التبديد والاحتيال في الحكومة. وإصلاح القوى العاملة الفيدرالية من الخطوات العملاقة على طريق ضمان مزيد من المساءلة عن استخدام الحكومة لأموال دافعي الضرائب من الشعب الأميركي».
- «شيرك» رجل في خلفية الصراع
كثير من الجهود التي بذلت أشرف عليها جيمس شيرك، الخبير الاقتصادي العمالي الأسبق لدى مؤسسة هيريتيج والذي انضم إلى فريق الرئيس ترمب الانتقالي للاضطلاع بمسؤولية مواجهة التحديات العمالية. وهو الآن عضو لدى مجلس السياسة الداخلية غير البارز على سطح الأحداث. ولقد رفض البيت الأبيض الموافقة على إجراء المقابلات الشخصية معه حتى الآن.
ولقد ساعد، السيد شيرك، سكوت والكر حاكم ولاية ويسكونسن الجمهوري في إعداد خطة للحد من نفوذ نقابات موظفي الولاية في عام 2011. كما دعا كثيرا إلى تجميد الرواتب الفيدرالية لجعلها متسقة مع رواتب القطاع الخاص، وقال في مقابلة أجريت معه عام 2007 إن قانون عام 1993 التاريخي الذي يمنح الإجازات المرضية قد شجع الموظفين على إساءة استغلال بطاقات الدوام.
ومنذ تولي الرئيس ترمب السلطة، ساعد موقف السيد شيرك المتعنت في توجيه صراعات السلطة المستمرة مع نقابات العمال، وذلك وفقا لمستشاري الرئيس ترمب.
وفي تتابع سريع الوتيرة، تعرض الموظفون الفيدراليون لتخفيضات الموازنة، وتجميد التعيينات الحكومية، ومقترح تجميد الرواتب، فضلا عن تخفيضات مقترحة بقيمة 143 مليار دولار في استحقاقات التقاعد.
وعملت الإدارة الأميركية عبر الكونغرس خلال العام الماضي للدفع بمشروع قانون يؤسس لسابقة تشريعية بمشاركة الحزبين الكبيرين ويمهد الطريق أمام إدارة شؤون المحاربين القدماء لإقالة وفصل الموظفين المثيرين للمشكلات.
وعمد مسؤولو الإدارة الأميركية على قمع ممارسات العمل اليومية التي كانت سائدة منذ سنوات، الأمر الذي أسفر عن تقييد نظم أداء الأعمال عن بُعد في بعض الوكالات، على سبيل المثال، وإجبار ممثلي النقابات على التخلي عن المساحات المكتبية المجانية وحتى أماكن وقوف السيارات.
كما تؤدي القواعد الجديدة إلى تقييد شروط العمل التي يمكن التفاوض بشأنها. ولقد منحوا الموظفين من ضعاف الأداء مهلة 30 يوما لتحسين الأداء الوظيفي بدلا من مهلة 120 يوما الراهنة. وجعلوا من الأداء الوظيفي عاملا رئيسيا، بدلا من الأقدمية المهنية، عندما يتعلق الأمر بتسريح أو إقالة العمال.
وأعربت الإدارة الأميركية عن موقفها المتشدد في مارس (آذار) لماضي عندما فرضت وزارة التعليم تعاقدها الخاص بعد انهيار شهور من المفاوضات مع الاتحاد الأميركي لموظفي الحكومة.
وانطلق مسؤولو وزارة التعليم، في تلك الأثناء، إلى تطبيق التعاقد الجديد. وبالتالي تم طرد النقابة من مكاتبها الصغيرة في مقر الاتحاد في واشنطن ومن المكاتب الإقليمية كذلك وقيل لهم بضرورة سداد الإيجار عن المساحات المكتبية المستغلة هناك.
وفي الشهر الماضي، قلصت الإدارة من العمل عن بُعد بصورة كبيرة إلى يوم واحد فقط في الأسبوع، وهي الميزة التي طالبت بها إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما كوسيلة من وسائل توفير التكاليف الباهظة لتأجير المكاتب وإبعاد المزيد من السيارات عن الطرق. كما قلصت وزارة الزراعة وبعض قطاعات وزارة التجارة أيضا من العمل عن بُعد، وهي الممارسة التي يشتبه مسؤولو إدارة الرئيس ترمب في أنها تؤدي إلى تراجع أداء الموظفين الحكوميين.
ويصر مسؤولو وزارة التعليم كذلك على أن ممثلي النقابات العمالية يقتطعون أوقاتا من دوام العمل في تمثيل الموظفين، بدلا من اقتطاع أجزاء من أسبوع العمل لديهم - فيما يُعرف بـ«الوقت الرسمي» - في تمثيل الموظفين الذين رفعوا الدعاوى القضائية للمظالم في أماكن العمل. ويرسل الاتحاد الأميركي لموظفي الحكومة المحامين بصفة مؤقتة من المكتب الوطني للاتحاد ليحلوا محل الممثلين المحليين.
وباعتباره أكبر نقابة عمالية حكومية، إذ يبلغ عدد الأعضاء 700 ألف عضو، فإن الاتحاد الأميركي لموظفي الحكومة يقول إن تعاقد الإدارة غير قانوني - ويعصف بالأحكام المتفاوض بشأنها مسبقا للعمل عن بُعد، وتقييمات الأداء الوظيفي، وجداول دوام الأعمال، وغير ذلك من وسائل حماية الموظفين. والاتحاد في انتظار القرار من هيئة العلاقات العمالية الفيدرالية بشأن شكواه من ممارسات الأعمال غير المنصفة.
وفي عهد الرئيس ترمب، أصدرت هيئة العلاقات العمالية الفيدرالية عددا من القرارات المناهضة للنقابات العمالية. وقضى أحد هذه القرارات على سنوات من إحدى القضايا التي سمحت للنقابات العمالية بالتفاوض على التغييرات في ظروف عمل الموظفين، مثل التغيير في واجبات الوظائف.
كما قامت الإدارة أيضا بحل المنتديات الاستشارية لإدارة العمالة في الوكالات الفيدرالية التي أنشئت في عهد الرئيس أوباما لتعزيز الحوار.
وقال أحد المسؤولين في البيت الأبيض إن تلك المنتديات كانت «إهدارا للموارد ومضيعة للكثير من الوقت». غير أن النقابات العمالية وصفتها بالأدوات القيمة التي حسنت من الإنتاجية وتسوية الخلافات قبل أن يصل الأمر إلى التحكيم المكلف للغاية.
- هجوم غير مسبوق على العمال
وكان «الدوام الرسمي» من الأهداف المحددة للبيت الأبيض. حيث تقيد أوامر الرئيس ترمب التنفيذية من وقت العمل الفعلي الذي يُدفع للموظفين مقابل العمل النقابي بنسبة 25 في المائة. وقال ديفيد بورير، المستشار العام للاتحاد الأميركي لموظفي الحكومة: «يعني ذلك الحد من التمثيل النقابي بنسبة كبيرة للغاية. إننا لم نتعرض لمثل هذا الهجوم القوي من قبل».
وقال مسؤول البيت الأبيض - غير المخول له بمناقشة القضايا العمالية علنا - إن ذلك القرار يخدم غرضا مهما من الأغراض: «إن تعين عليهم سداد التكاليف، فلن يرفعوا الشكاوى والمظالم التافهة».
وفي وزارة الإسكان والتنمية الحضرية، على سبيل المثال، يقول مسؤولو النقابة إنهم تلقوا رسائل بالبريد الإلكتروني من الإدارة مؤخرا تقترح وبقوة أن يقبلوا الحدود في الوقت الرسمي عوضا عن التفاوض بشأن هذه المسألة.
وأبلغت الإدارة النقابة بالتوقف عن استخدام مواقف السيارات، والهواتف، والحواسيب، وغير ذلك من الموارد الخاصة بالوكالة، والتي كانت النقابة تستخدمها منذ فترة طويلة.
ويقول هولي ساميديدو، رئيس مجلس الاتحاد الأميركي لموظفي الحكومة من العاملين بوزارة الإسكان والتنمية الحضرية: «تشعر الوكالة بالقوة والتمكين. ولا يمكن للرئيس استخدام الأمر الرئاسي لتجاوز التعاقد المبرم مع الحكومة».
ويمكن نقض الأوامر التنفيذية الصادرة عن الرئيس ترمب بواسطة الرئيس القادم للبيت الأبيض. لكن البيت الأبيض قرر أن الأوامر التنفيذية هي الطريق الأفضل للتغيير السريع من التحرك على مسار التشريع، حتى في الكونغرس الذي يسيطر عليه الحزب الجمهوري، بسبب النفوذ السياسي الكبير للعمال الفيدراليين.
ويقول دونالد كيتل، أستاذ الشؤون العامة في جامعة تكساس فرع أوستن: «لقد لعبت الإدارة الأميركية ببطاقتها، وأسفر تصور تقييد النقابات العمالية عن ضياع كل احتمالات الخطوات الحزبية المشتركة بشأن الإصلاحات المطلوبة للحكومة والخدمة المدنية».
ولقد أثارت الأوامر الرئاسية الكثير من معارضة الأعضاء الديمقراطيين في مجلس الشيوخ ومجموعة مشتركة من الحزبين في مجلس النواب، والذين رفعوا رسائلهم بهذا الشأن إلى الرئيس.
بينما يخطط السيد شيرك ومجلس السياسة لإجراء المزيد من التغييرات غير المحددة في القوى العاملة، كما يقول مسؤولو الإدارة الأميركية. والأولوية القصوى الآن، كما قال مسؤول البيت الأبيض، هي ضمان أن القيود الجديدة المفروضة على النقابات العمالية يجري إنفاذها في كل أرجاء الحكومة الأميركية.
- خدمة «واشنطن بوست»


مقالات ذات صلة

الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

الاقتصاد متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)

الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

انخفضت مؤشرات الأسهم الأميركية، يوم الخميس، في ظل بيانات محبطة قد تشير إلى تباطؤ بالنمو الاقتصادي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد يشتري الناس الهدايا في منطقة تايمز سكوير في نيويورك (رويترز)

تضخم الجملة يقاوم الانخفاض في الولايات المتحدة

ارتفعت تكاليف الجملة في الولايات المتحدة بشكل حاد خلال الشهر الماضي، ما يشير إلى أن ضغوط الأسعار لا تزال قائمة في الاقتصاد حتى مع تراجع التضخم من أعلى مستوياته.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد لافتة مكتوب عليها «نوظف الآن» في مغسل سيارات بأحد شوارع ميامي بفلوريدا (رويترز)

زيادة غير متوقعة في طلبات إعانات البطالة الأميركية

ارتفع عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة بشكل غير متوقع، الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الاقتصاد يقوم عامل بإجراء فحص الجودة لمنتج وحدة الطاقة الشمسية في مصنع «لونجي للتكنولوجيا الخضراء» في الصين (رويترز)

واشنطن تُصعِّد تجارياً... رسوم جديدة على واردات الطاقة الصينية

تخطط إدارة بايدن لزيادة الرسوم الجمركية على رقائق الطاقة الشمسية، البولي سيليكون وبعض منتجات التنغستن القادمة من الصين.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد أشخاص يتسوقون في متجر بقالة في روزميد - كاليفورنيا (أ.ف.ب)

التضخم الأميركي يرتفع في نوفمبر إلى 2.7 % على أساس سنوي

ارتفعت أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة بأكبر قدر في 7 أشهر في نوفمبر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

النفط يسجل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر

منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
TT

النفط يسجل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر

منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)

ارتفعت أسعار النفط قليلاً يوم الجمعة متجهة صوب تسجيل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مع تفاقم المخاوف بشأن الإمدادات بسبب عقوبات إضافية على إيران وروسيا في حين أثرت توقعات الفائض على الأسواق.

وزادت العقود الآجلة لخام برنت 28 سنتاً أو 0.38 في المائة إلى 73.69 دولار للبرميل بحلول الساعة 14.08 بتوقيت غرينتش، وارتفعت عقود خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 30 سنتاً أو 0.43 بالمائة إلى 70.32 دولار للبرميل.

واتجه الخامان صوب تسجيل مكاسب أسبوعية بأكثر من ثلاثة في المائة بفعل مخاوف من اضطراب الإمدادات بعد فرض عقوبات أشد على روسيا وإيران، وكذلك آمال بأن تعزز إجراءات التحفيز الصينية الطلب في ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم.

ومن المتوقع أن تظل واردات الخام للصين، وهي أكبر مستورد في العالم، مرتفعة حتى أوائل عام 2025، إذ تميل المصافي لزيادة الإمدادات من السعودية، أكبر مُصدر في العالم، بسبب انخفاض الأسعار بينما تسارع المصافي المستقلة إلى استغلال حصصها.

ورفعت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الشهري عن سوق النفط توقعاتها لنمو الطلب إلى 1.1 مليون برميل يومياً، من 990 ألف برميل يومياً في الشهر الماضي. وقالت إن نمو الطلب «سيكون إلى حد كبير في الدول الآسيوية بسبب تأثير إجراءات التحفيز الأحدث في الصين».

ومع ذلك، توقعت الوكالة فائضاً في العام المقبل، عندما كان من المتوقع أن تزيد الدول غير الأعضاء في تحالف أوبك بلس الإمدادات بنحو 1.5 مليون برميل يومياً، بقيادة الأرجنتين والبرازيل وكندا وجيانا والولايات المتحدة. ويراهن المستثمرون على خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) تكاليف الاقتراض الأسبوع المقبل على أن يُتبع ذلك بتخفيضات أخرى العام القادم بعد أن أظهرت بيانات اقتصادية ارتفاعاً غير متوقع في طلبات إعانة البطالة الأسبوعية.

وبالتزامن، ذكرت «بلومبرغ نيوز»، يوم الجمعة، أن الإمارات تعتزم خفض شحنات النفط في أوائل العام المقبل وسط مساعي مجموعة أوبك بلس لانضباط أقوى في تلبية أهداف الإنتاج.

وذكر التقرير أن شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) خفضت شحنات النفط الخام المخصصة لبعض العملاء في آسيا، مما قلص الأحجام بنحو 230 ألف برميل يومياً عبر درجات الخام المختلفة، وذلك نقلاً عن شركات لديها عقود لتلقي الشحنات.

من جهة أخرى، قال متعاملون ومحللون إن سعر النفط الخام الإيراني للصين ارتفع إلى أعلى مستوى منذ سنوات بسبب عقوبات أميركية إضافية أثرت على قدرات الشحن ورفعت تكاليف الخدمات اللوجيستية.

ويؤدي ارتفاع أسعار النفط الإيراني والروسي إلى زيادة التكاليف على المصافي الصينية المستقلة التي تمثل نحو خمس الطلب في أكبر سوق مستوردة للخام في العالم، مما يسلط الضوء على تحديات محتملة في ظل توقعات بأن تزيد إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب الضغوط على طهران عندما تتولى السلطة.

وأوضح متعاملون أن بعض المصافي تتحول إلى إمدادات غير خاضعة لقيود العقوبات، بما في ذلك من الشرق الأوسط وغرب أفريقيا، لتلبية الطلب الموسمي في الشتاء وقبل رأس السنة القمرية الجديدة.

وانخفضت الخصومات على الخام الإيراني الخفيف لنحو 2.50 دولار للبرميل مقابل خام برنت في بورصة إنتركونتيننتال على أساس تسليم ظهر السفينة في ميناء الوصول للصين، وذلك مقارنة بخصومات أقل من أربعة دولارات في أوائل نوفمبر. وقال متعاملون إن الخصومات على الخام الإيراني الثقيل تقلصت أيضاً إلى نحو أربعة إلى خمسة دولارات للبرميل من نحو سبعة دولارات في أوائل نوفمبر.

وترتفع أسعار الخام الإيراني منذ أكتوبر (تشرين الأول) عندما انخفضت صادرات الدولة العضو في «أوبك» في أعقاب مخاوف من هجوم إسرائيلي على منشآت نفط إيرانية.

وأفادت المصادر وبيانات الشحن من مجموعة بورصات لندن بأن تشديد إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن للعقوبات على طهران الأسبوع الماضي أدى إلى توقف بعض السفن التي تنقل الخام الإيراني عبر ناقلات أخرى إلى الصين قبالة سواحل سنغافورة وماليزيا.

وأظهرت بيانات كبلر لتتبع السفن أن واردات الصين من النفط الخام والمكثفات الإيرانية انخفضت في نوفمبر بنحو 524 ألف برميل يومياً إلى أدنى مستوى في أربعة أشهر عند 1.31 مليون برميل يومياً مقارنة بالشهر السابق.

وأظهرت بيانات الشحن من مجموعة بورصات لندن أن عدداً من ناقلات النفط الخام العملاقة الخاضعة للعقوبات تبحر قبالة سواحل ماليزيا. وأوضحت البيانات أن ناقلة نفط خاضعة للعقوبات أبحرت من الصين يوم الجمعة. وقالت مصادر تجارية إن الناقلة أفرغت حمولتها في ميناء ريتشاو بمقاطعة شاندونغ.

وقال محللون إن أسعار النفط الإيراني تلقت دعما جزئياً من تعافي الطلب في الصين مع شراء المصافي المستقلة المزيد من الخام بعد الحصول على حصص استيراد إضافية من الحكومة وزيادة إنتاجها من الوقود قليلاً.