أكد تقديم العرض الأول لمسرحية «نسيان»، من تأليف عبد الإله بنهدار وإخراج مسعود بوحسين وتشخيص حسناء طمطاوي وحسن مكيات وعبد الله شكيري ونزهة عبروق وسارة عبد الوهاب الإدريسي، عن رواية «امرأة النسيان» للكاتب المغربي محمد برادة، سعياً متزايداً لدى المسرحيين المغاربة لتحويل أعمال روائية وشعرية مغربية إلى المسرح.
وتدخل مسرحية «نسيان»، التي تأتي في إطار مشروع توطين الفرق المسرحية، الذي أطلقته فرقة المسرح المفتوح، في 2017، بمسرحية «عيوط الشاوية» عن رواية «شجرة الخلاطة» للروائي المغربي الميلودي شغموم، ضمن مشروع يتأسس على «تحويل الرواية المغربية من برودة رفوف المكتبات إلى دفء العرض المسرحي».
وعن توجه تحويل الرواية إلى المسرح، قال عبد الإله بنهدار إن ذلك يعود، فيما يتعلق بتجربته الخاصة، إلى سنوات سابقة، منطلقاً في حديثه من تعرفه على الكاتب الميلودي شغموم وعشقه لروايته «شجر الخلاطة»، التي سبق أن شاهدها، في بداية الألفية الثانية، في عمل مسرحي لبوسلهام الضعيف، تم استلهمامه منها، مشيراً إلى أنه وجد أن طريقة تناول الضعيف لهذا العمل الروائي تختلف كثيراً عن الطريقة التي كان يراه بها، فتواصل مع كاتب الرواية، الذي أبدى موافقته، ليشتغل عليها كعمل إبداعي للقراءة في انتظار من يخرجه على الركح. وجاءت، فيما بعد، فكرة التوطين فازداد حماسه ليقدم مشروعاً مع جمعية المسرح المفتوح، يمتد لثلاث سنوات، بالاشتغال على ثلاثة أعمال روائية / مسرحية، فقدم ملفاً يحتوي على برنامج دقيق وعملي.
وأوضح بنهدار أنه في السنة الأولى من التوطين (2017)، تم الاشتغال على رواية «شجرة الخلاطة» للميلودي شغموم، وفي السنة الموالية على «امرأة النسيان» لمحمد برادة التي كان عليها أن تستدعي رواية «لعبة النسيان» لنفس الكاتب، في انتظار الاشتغال على رواية «هوت ماروك» لياسين عدنان، في 2019.
وبخصوص قدرة الرواية المغربية على أن تمكن المسرحي من تحويل ناجح لهذا الجنس الإبداعي إلى المسرح، قال بنهدار: «ليست كل الأعمال الروائية تسعف قارئها كي يحولها لنص مسرحي من جهة، ومن جهة ثانية فلا القراءة الأولى ولا الثانية قد تسعفان الكاتب لاستكشاف الخيوط العريضة التي يمكنها أن تسعفه لكتابة نص درامي للخشبة انطلاقاً من الرواية المقروءة، ومن جهة ثالثة يبقى على الكاتب المسرحي الذي يريد تحويل نصوص روائية إلى نصوص مسرحية أن يكون قارئاً نهماً للروايات وللقص عموماً، وللنصوص المسرحية بمختلف تجاربها. هذا الشرط وحده كفيل بأن يفتح مداركه لاستيعاب التجارب المسرحية ومن ثمة استعداده فكرياً وجمالياً ونفسياً أيضاً لتحويلها إلى نصوص مسرحية. أما نسبة النجاح لأي عمل، كان مستلهماً من الرواية أو غيرها، فتظل رهينة بعدة عوامل وشروط، يعتبر النص المسرحي واحداً منها».
وعن الطريقة التي يعيش بها، كمبدع وكرجل مسرح، تجربة تحول وتحويل الرواية إلى المسرح، رد بنهدار بأن «تجربة (التحول) تجربة مهمة لأنها تجعلنا نشتغل من داخل ذواتنا ومن خصوصياتنا، فالاقتباس من النصوص المسرحية الأجنبية قد استنفد مهمته. من الاستقلال إلى اليوم، كانت هناك عدة تجارب خاضها المسرحيون الهواة في عدة ملتقيات ومهرجانات، سواء في المغرب أو في بلدان عربية أخرى، ولكن مع ذلك يظل الاقتباس خطوة مهمة عرفها المسرح المغربي في فترة من فتراته وربما لا يزال إلى اليوم بطرق ورؤى مختلفة، أما التحويل فهو مسألة إيجابية يجب أن تكون عن دراسة وبحث عميقين».
وبخصوص الكيفية التي يقيم بها تجارب سابقة، تم فيها الاشتغال على نصوص شعرية، مثلاً، قال بنهدار: «أعتقد أنها تجارب محترمة، سواء منها تلك التي اشتغل عليها بوسلهام الضعيف في أعماله أو الزبير ابن بوشتى في اشتغاله على نصوص روائية بينها رواية محمد شكري، أو كريم الفحل الشرقاوي الذي اشتغل على نص رواية (الحجاب) لحسن نجمي».
وعن أي الجنسين، الشعر أم الرواية، يطاوع أكثر رجل المسرح في عملية التحويل، رد بنهدار بأن «النص الروائي قد يبدو أكثر سهولة، مقارنة مع النصوص الشعرية، مثلاً... لكن هناك تجارب مهمة في الاشتغال على نصوص شعرية: عبد المجيد الهواس، مثلاً، اشتغل على نصوص محمود درويش، ولطيفة أحرار اشتغلت على «رصيف القيامة» لياسين عدنان. بالنسبة لي، مثلاً، أجد متعة في الاشتغال على قصائد الملحون، طبعاً ليس كلها، ولكن تلك التي أجد فيها نفحة درامية».
وشدد بنهدار على أنه تبقى هناك مسألة مهمة فيما يتعلق بعلاقة رجل المسرح بالعمل الروائي الذي يراد تحويله، تتمثل في أن آخذ موافقة صاحب النص الروائي تبقى «مسألة ضرورية، أولا من الناحية القانونية وثانياً من الناحية الأخلاقية»، مشيراً إلى أن الذي أخر تحويل النصين الروائيين، اللذين اشتغل عليهما، سواء الأول للميلودي شغموم أو الثاني لمحمد برادة، هو هذا الاعتبار القانوني والأخلاقي، إذ لم يشتغل على نصوصهما إلا بعد مشورتهما وأخذ الإذن منهما.
وبخصوص إمكانية أن تتم عملية التحويل، من الرواية، مثلاً، إلى المسرح، بمعزل عن الكاتب، قال بنهدار: «نعم، لأن الروائي قال كلمته ومضى، يبقى دور الكاتب المسرحي وطريقة معالجته لهذا النص، لأنه لا يمكن أن تقول كل ما تقوله الرواية ككاتب مسرحي. بحسك النقدي وتجربتك في الكتابة والقراءة تستشف الفكرة التي هي قبس يجب أن تلتقطه بسرعة فائقة، وتقول: هذه الفكرة ستسعفني في كتابة نص مسرحي للخشبة. بهذا المعنى أقول: إن الكاتب المسرحي يمكنه أن يكتب بمعزل عن الروائي مع إمكانية الاستشارة إن تطلب الأمر ذلك؛ مع العلم أن الروائي بدوره لا يمكن أن يسمح لأي كان أن يشتغل على نصه إلا إذا كان على يقين من قدرة الكاتب المسرحي ومعرفته بأسرار الكتابة الركحية وهذا حقه المشروع».
الرواية المغربية... من رفوف المكتبات إلى خشبة المسرح
في إطار مشروع توطين الفرق المسرحية
الرواية المغربية... من رفوف المكتبات إلى خشبة المسرح
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة