«تنظيم الدولة» يخلي مناطق كردية للسيطرة على «عين عرب» والنظام يحشد نحو مزارع رنكوس

اغتيال قائد في «جيش الإسلام» بريف دمشق ومظاهرات رافضة لمبايعة «داعش» في دير الزور

سكان من مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين  في دمشق المحاصر من قبل قوات النظام منذ سنة يحملون معونات  غذائية أمس (أ.ف.ب)
سكان من مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في دمشق المحاصر من قبل قوات النظام منذ سنة يحملون معونات غذائية أمس (أ.ف.ب)
TT

«تنظيم الدولة» يخلي مناطق كردية للسيطرة على «عين عرب» والنظام يحشد نحو مزارع رنكوس

سكان من مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين  في دمشق المحاصر من قبل قوات النظام منذ سنة يحملون معونات  غذائية أمس (أ.ف.ب)
سكان من مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في دمشق المحاصر من قبل قوات النظام منذ سنة يحملون معونات غذائية أمس (أ.ف.ب)

شهدت الساحة الميدانية السورية أمس تطورات أمنية على أكثر من صعيد، فبينما اغتيل قائد لواء في «جيش الإسلام» في بلدة سقبا بريف دمشق واشتدت المعارك في المليحة في الغوطة الشرقية التي تعرضت لغارات جوية متتالية، قامت قوات النظام مدعومة من «حزب الله» اللبناني بمحاولات للتقدم في مزارع رنكوس التي ترزح تحت نيران المعارك، ويعاني من تبقى من أهلها من الحصار والعزلة وعدم السماح لهم بجني محاصيلهم الزراعية.
وفي محافظة الرقة، عمد تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» إلى إخلاء القرى الكردية الواقعة شمال المحافظة، بعد تنفيذ أحد عناصرها، منتصف ليل أول من أمس، عملية انتحارية في موقع تحصن فيه مسلحون من حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي.
وطلب تنظيم الدولة الإسلامية من أهالي قريتي بئر عطوان والجامس بريف مدينة تل أبيض، في الشمال، إفراغ القريتين، كما منع سكان بلدتي تل أخضر وسوسك من دخولهما، أمس. وأفاد مكتب أخبار سوريا بأن قرار التنظيم بإخلاء القرى الكردية الواقعة شمال محافظة الرقة تزامن مع «بناء ساتر ترابي» على الطريق الذي يصل تل أخضر بطريق عين عرب.
وكان مقاتل تابع لتنظيم الدولة الإسلامية، قد نفذ، بعد منتصف ليل أول من أمس، عملية انتحارية في موقع تحصن فيه مسلحون من حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي قرب مدينة عين عيسى بمحافظة الرقة.
ونقل «مكتب أخبار سوريا» عن مصدر في الرقة أن الانتحاري فجر نفسه في تجمع لمسلحي حزب الاتحاد الديمقراطي، الذي يحاربه التنظيم، وذلك في المركز السابق لشركة «غوريش» التركية، الواقع قرب قرية القادرية شمال غربي مدينة عين عيسى.
وتأتي العملية وفق المكتب، في وقت تتوجه فيه أرتال عسكرية تابعة للتنظيم من مدينة الرقة إلى منطقتي تل أبيض وعين عيسى، فيما يبدو أن تنظيم الدولة الإسلامية يحشد قواته للسيطرة على قرى ريف عين العرب (كوباني)، إضافة إلى المدينة نفسها، الواقعة في محافظة حلب المجاورة، التي يتحصن فيها مقاتلون من حزب الاتحاد الديمقراطي. يُذكر أن اشتباكات تدور منذ أيام في قرى ريف حلب الشرقي بين تنظيم الدولة الإسلامية وحزب الاتحاد الديمقراطي، أدت إلى سيطرة التنظيم على عدة قرى مجاورة لعين عرب، كزور مغار والزيارة وغيرها، إضافة إلى حركة نزوح كبيرة للسكان باتجاه المدينة.
وخرجت أمس مظاهرات في ريف دير الزور الخاضع لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، رافضة «مبايعة» عشائر دير الزور والفصائل العسكرية المعارضة لتنظيم «الدولة» أخيرا، وإعلانها الولاء له.
وقال ناشطون إن عناصر تابعة للتنظيم تمكنت من فض المظاهرة في مدينة العشارة «بإطلاق الرصاص على المتظاهرين»، بينما تعيش المدينة «توترا شديدا» منذ ليل الأمس إثر ذلك.
في موازاة ذلك، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان عن اغتيال قائد لواء إسلامي جراء انفجار عبوة ناسفة بسيارته، أمس، بينما انفجرت عبوة ناسفة في مدينة دوما بسيارة رئيس مؤسسة الهدى الإسلامية، وهو عضو المجلس القضائي الموحد في الغوطة الشرقية، الذي جرى تشكيله في الـ24 من شهر يونيو (حزيران) الماضي، مما أدى لإصابته بجراح.
وشن الطيران الحربي التابع للجيش السوري، أمس، عدة غارات بالصواريخ والبراميل المتفجرة على مزارع رنكوس في ريف دمشق، وذلك بالتزامن مع اشتباكات اندلعت بين قوات النظام وفصائل المعارضة المنتشرة بمحاذاة القرى الخاضعة لسيطرة النظام في القلمون.
وأفاد ناشطون معارضون بأن قوة تابعة للجيش النظامي، مدعومة بمقاتلين من «حزب الله» اللبناني، اقتحمت نقطة تمركز لقوات المعارضة في سهل رنكوس، وتمكنت من قتل أربعة مقاتلين من المعارضة، بينهم ضابط برتبة ملازم أول.
وأضاف الناشطون أن اشتباكات اندلعت إثر ذلك بين الطرفين، واستمرت لساعات، تمكن مقاتلو المعارضة خلالها من منع قوات النظام من التقدم، مما دفع بالطيران الحربي والمروحي إلى استهداف مناطق انتشار المعارضة في الجرود بالبراميل المتفجرة والصواريخ.
وقال الناشط عامر القلموني إن «رنكوس تُذبح بصمت»، مشيرا في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إنه وفيما تعيش بلدة رنكوس في القلمون تحت رحمة قوات النظام، تدور في مزارعها معارك بين الأخيرة و«حزب الله» من جهة والمعارضة، من «الجيش الحر» وجبهة النصرة من جهة أخرى.
وأشار القلموني إلى أن عناصر قوات النظام يعملون على استثمار المحاصيل الزراعية من التفاح والكرز في المزارع من خلال منع أصحابها من قطفها، إلا مقابل دفع مبلغ ثلاثة آلاف ليرة سوريا، وإذا لم يدفعوا عمدوا إلى السماح لغيرهم بقطافها.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.