السيسي يثبت «الاستقرار» في مصر بمشروعات عملاقة للطاقة

استهل ولايته الثانية بافتتاح 3 محطات كهربائية... وطالب المصريين بـ«الصبر»

TT

السيسي يثبت «الاستقرار» في مصر بمشروعات عملاقة للطاقة

افتتح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في احتفال كبير أمس، 3 محطات عملاقة لتوليد الكهرباء، نفذتها شركة «سيمنز» الألمانية، بتكلفة 6 مليارات يورو، في مستهل ولايته الرئاسية الثانية. وقال مراقبون لـ«الشرق الأوسط» إن «تدشين تلك المشروعات، يدعم تثبيت حالة الاستقرار التي تعيشها مصر في الوقت الراهن، على الصعيدين الأمني والاقتصادي، خاصة أن أزمة الكهرباء شكلت عنصرا رئيسيا في تأجيج الاحتجاجات ضد الرئيس الأسبق محمد مرسي».
وتوفر المحطات الجديدة للبلاد فائضا بنسبة 25 في المائة من الكهرباء. وكان انقطاع الكهرباء أحد الأسباب الرئيسية للمظاهرات الضخمة التي أطاحت بحكم جماعة الإخوان المسلمين في 3 يوليو (تموز) 2013. ووعد السيسي، الذي انتخب بعد ذلك بعام رئيساً، بالقضاء على مشكلة انقطاع الكهرباء.
وخلال الاحتفال أمس قال السيسي: «أنتهز الفرصة أمام كل المصريين، كي نتذكر عام 2014 وكيف كان رد فعلنا على موقف الكهرباء في مصر».
وخلال الاحتفال، الذي أقيم في العاصمة الإدارية الجديدة التي يجري تشييدها حاليا، افتتح السيسي عددا آخر من مشروعات الكهرباء عبر الفيديو كونفراس في مناطق أخرى، وفق التلفزيون الرسمي الذي نقل الاحتفال بشكل مباشر. وقامت شركة «سيمنز» ببناء المحطات الـ3 التي تعمل بالغاز لتوليد 14400 ميغاوات سنويا. وأقيمت المحطات الـ3 في العاصمة الإدارية، وفي غرب مدينة البرلس بمحافظة كفر الشيخ في دلتا النيل، وفي بني سويف جنوب القاهرة.
كما افتتح السيسي المرحلة الثانية من محطة توليد الطاقة من الرياح في منطقة جبل الزيت على البحر الأحمر. وتم إنجازها بالتعاون مع الوكالة اليابانية للتنمية. كما افتتح الرئيس المصري أعمال زيادة قدرات محطات أخرى وإنشاء محطات محولات لنقل الكهرباء.
وتحدث السيسي عن محطة الضبعة النووية، التي تعتزم مصر إقامتها بالتعاون مع روسيا، قائلا إنها «ستنقل مصر إلى مصاف الدول المتقدمة، حيث سيتكلف تنفيذها نحو تريليون جنيه (أو ما يعادل 100 مليار دولار)». وقال السيسي: «اليوم حدث تطور كبير جدا في الوطن... في دولة كان عددها في الوقت الذي نفذت فيه تلك الشبكة 25 أو 30 مليون نسمة، وهي الآن 100 مليون نسمة، وفي نفس الوقت إذا ما تحدثنا عن استثمارات حقيقية للصناعة وللزراعة وللنمو العمراني المحتمل للعشر سنوات القادمة، (فلن نكتفي) بحل يشبه المسكنات، لكننا، سننفذ مشروعاتنا بنسبة 100 في المائة وعلى أعلى مستوى وليس أقل من ذلك؛ كي تقوم مصر ولا يستطيع أحد أن يوقعها».
ووجه الرئيس السيسي كلامه إلى وزير الكهرباء قائلا: «تتحدث عن 21 أو 25 مليار دولار بشأن محطة الضبعة. أنت تتحدث حاليا عن (أكثر من) تريليون جنيه، أو ما يعادل (نحو) 100 مليار دولار، قطاع واحد في الدولة تريد إعادة صياغته وتجهيزه حتى تكون الدولة المصرية دولة في هذا المجال تساوي وتكافئ الدول المتقدمة، فأنت تحتاج 100 مليار دولار». وتابع: «أذكركم بهذا الكلام الآن؛ لأن هناك من يتكلمون كثيرا ولا يرون حجم الجهد والعمل والقفزة التي تتم في مصر في كل شيء، وأنتهز هذه الفرصة خلال افتتاح تلك المشروعات كي أقول للمصريين يجب أن تفخروا بأنفسكم وأن تسعدوا بما أنجزتموه؛ لأن هذا لم يفعله الدكتور شاكر ولا الحكومة، ولكن الذي أنجزه هو المصريون».
وأضاف: «نحن لا نصنع أنصاف حلول، وإنما نصنع حلا حاسما، وما نتحدث فيه يكفي مصر على الأقل 15 عاما قادمة، ولن نكون بحاجة للضغط مرة أخرى، والخطة موجودة لمواكبة كل تطور قادم».
وخاطب المصريين قائلا: «أرجو من المصريين أن يسعدوا بما تحقق ويتحقق لأنه لا أحد يستطيع أن يحبطنا، كل المطلوب هو شيء واحد، هو أن تصبروا، وسترون (العجب العجاب) في مصر؛ لأننا نأخذ الأمور بجدية ومسؤولية». وأدى السيسي اليمين الدستورية، الشهر الماضي أمام البرلمان، لولاية ثانية وأخيرة مدتها 4 سنوات. وبدا لافتا خلال السنوات الماضية التحسن النسبي الذي تشهده مصر على صعيد الاستقرار الأمني والسياسي، مع انحسار واضح للأعمال الإرهابية في القاهرة والمحافظات الأخرى، باستثناء المعركة الدائرة في شمال سيناء الحدودية، مع عناصر مسلحة موالية لتنظيم داعش الإرهابي.
وقالت الدكتورة نهى بكر، مستشارة وزيرة التعاون الدولي وأستاذة العلوم السياسية بالجامعة الأميركية في القاهرة، إن «المشروعات التي تم تشدينها أمس لتوفير الطاقة، أمر في غاية الأهمية للأمن القومي المصري، فهي تعود بالنفع على الاقتصاد والاستثمار والصناعة، وتؤدي إلى توفير فرص عمل وتحسين الأوضاع، بما ينتج حالة استقرار أفضل لمصر». وأشارت بكر إلى أن مصر بجميع محافظاتها عاشت في الفترة بين عامي 2011 و2014 أياماً مظلمة كثيرة، وأدت أزمة الكهرباء إلى توقف كثير من المصانع والاستغناء عن العمالة، وهروب مستثمرين، وبالتالي فإنه مع توفير الطاقة بجانب الإصلاحات الاقتصادية التي تجري، فإن الأمر سيؤدي إلى جلب استثمارات أجنبية، ومناخ مثمر مشجع، كما سيشعر المواطن بالراحة والأمان، بينما ارتفعت معدلات الجريمة في الشارع المصري أثناء انقطع الكهرباء لفترات، حسب إحصاءات. بدوره، اعتبر النائب محمد فرج عامر، رئيس لجنة الشباب والرياضة بمجلس النواب، أنه «بافتتاح المحطات الـ3 تصبح مصر من الدول المتقدمة عالميا في قطاع الكهرباء، فالدولة تعمل منذ 4 سنوات بخطة غير مسبوقة، وما تحقق في عالم الكهرباء والطاقة خيال»، مشيرا إلى أنه على «المصريين أن يفخروا بتنفيذ الجزء الأكبر من الخطة الطموحة في تنمية قطاع الكهرباء، دون اللجوء إلى أنصاف الحلول، بل حل المشكلة من جذورها».
وقال وزير الكهرباء محمد شاكر إن المحطات العملاقة الـ3 ستتيح توفير ما قيمته مليار يورو سنويا من الغاز. فيما أشار رئيس هيئة الرقابة الإدارية محمد عرفان إلى أن المحطات الجديدة ستوفر للبلاد فائضا بنسبة 25 في المائة من الكهرباء سيستخدم «لتلبية الاحتياجات المستقبلية»، كما سيوجه جزء منه «للتصدير».
وخلال الاحتفال وصف الرئيس التنفيذي لشركة «سيمنز» جو كايزر، السيسي بأنه «المفاوض الأفضل الذي قابله على الإطلاق»، مؤكدا على أنه «منذ 3 أعوام مضت قطعت (سيمنز) على نفسها وعداً بدعم وزيادة قدرات مصر في مجال توليد الطاقة بنسبة تفوق 40 في المائة، خلال زمن قياسي».


مقالات ذات صلة

مصر توقع اتفاقين بقيمة 600 مليون دولار لمشروع طاقة مع «إيميا باور» الإماراتية

الاقتصاد منظر للعاصمة المصرية (الشرق الأوسط)

مصر توقع اتفاقين بقيمة 600 مليون دولار لمشروع طاقة مع «إيميا باور» الإماراتية

وقّعت مصر وشركة «إيميا باور» الإماراتية اتفاقين باستثمارات 600 مليون دولار، لتنفيذ مشروع محطة رياح، بقدرة 500 ميغاواط في خليج السويس.

الاقتصاد اجتماع وزير البترول  والثروة المعدنية المصري كريم بدوي بمسؤولي شركة «إكسون موبيل» (وزارة البترول والثروة المعدنية)

«إكسون موبيل» تستعد لحفر بئر جديدة للتنقيب عن الغاز في مصر

ستبدأ شركة «إكسون موبيل» المتخصصة في أعمال التنقيب عن البترول وصناعة البتروكيماويات يوم 15 ديسمبر (كانون الأول) المقبل بأنشطة الحفر البحري للتنقيب عن الغاز.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مصريون يلجأون للمعارض لشراء احتياجاتهم مع ارتفاع الأسعار (الغرفة التجارية المصرية بالإسكندرية)

الغلاء يُخلخل الطبقة الوسطى في مصر... رغم «التنازلات»

دخلت الطبقة الوسطى في مصر مرحلة إعادة ترتيب الأولويات، بعدما لم يعد تقليص الرفاهيات كافياً لاستيعاب الزيادات المستمرة في الأسعار، فتبدلت معيشتها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال استقباله الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء قطر في العاصمة الإدارية الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

مصر وقطر ستتعاونان في مشروع عقاري «مهم للغاية» بالساحل الشمالي

قال مجلس الوزراء المصري، الأربعاء، إن مصر وقطر ستتعاونان خلال المرحلة المقبلة في مشروع استثماري عقاري «مهم للغاية» في منطقة الساحل الشمالي المصرية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

حذّر تقرير أممي من زيادة نسبة خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية، بعد أن تضخّم الدين العام المستحق من عام 2010 إلى 2023، بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.