استهداف منزل الشيخ عبد الملك السعدي في الرمادي.. وساحات الاعتصام تتهم «ميليشيات إيرانية»

الشيخ عبد الملك السعدي
الشيخ عبد الملك السعدي
TT

استهداف منزل الشيخ عبد الملك السعدي في الرمادي.. وساحات الاعتصام تتهم «ميليشيات إيرانية»

الشيخ عبد الملك السعدي
الشيخ عبد الملك السعدي

بعد يوم من الحديث الذي أدلى به الشيخ عبد الملك السعدي، المرجع الديني السني البارز، لـ«الشرق الأوسط» وعدّ فيه الانتخابات البرلمانية المقبلة في العراق غير شرعية داعيا إلى عدم المشاركة فيها، هاجم مسلحون مجهولون أمس منزله وسط الرمادي بأسلحة رشاشة. وفي حين عدّ مجلس شيوخ عشائر الأنبار أن «السعدي مع وحدة العراق وقد وقف ولا يزال يقف بقوة ضد المساعي التي تقوم بها جهات سياسية من أجل إقامة ما تسميه الإقليم السني»، فإن أطرافا في ساحة اعتصام الرمادي عدّت أن «الميليشيات الإيرانية المدعومة حكوميا تقف وراء هذا الحادث».
وأفاد شهود عيان بأن مسلحين مجهولين استهدفوا بأسلحة رشاشة منزل العلامة السعدي بالقرب من كورنيش الرمادي دون وقوع أي خسائر. وفي حين لم يصدر بيان أو موقف من عائلة السعدي، فإن الأجهزة الأمنية التي سارعت إلى تطويق المنطقة وفرض حراسة مشددة على المنزل ومحيطه، أكدت أن «عائلة العلامة السعدي كانت في المنزل لحظة الهجوم، إلا أن أحدا لم يصب بأذى».
وكان العلامة السعدي أكد في حوار مع «الشرق الأوسط» أول من أمس أنه لا يعترف بشرعية الانتخابات ولا يحث على انتخاب أحد. غير أن كتلة «متحدون»، التي يتزعمها رئيس البرلمان أسامة النجيفي وتراهن كثيرا على محافظة الأنبار بشكل خاص وعلى ساحات الاعتصام في المحافظات الغربية بشكل عام، سارعت إلى القول وعلى لسان القيادي فيها أحمد المساري، إن «حديث العلامة السعدي عن عدم شرعية الانتخابات غير ملزم لأتباعه».
وفي رأي مناقض لرأي السعدي، دعا مفتي الديار العراقية الشيخ رافع الرفاعي أبناء الشعب العراقي إلى المشاركة في الانتخابات النيابية لـ«ضمان تغيير أصحاب النفوس الضعيفة الذين دمروا العباد والبلاد». وقال الشيخ الرفاعي في تصريح صحافي إن «الشعب العراقي وبكافة مكوناته مطالب بالمشاركة في الانتخابات البرلمانية لضمان عدم إفساح المجال أمام المفسدين من الوصول مرة ثانية إلى هرم السلطة والاستفادة من منصبه لأغراض شخصية وحزبية بعيدا عن تطلعات ناخبيه». وأضاف أن «المشاركة في الانتخابات تقطع الطريق أمام الذين يتصيدون بالماء العكر للوصول إلى غاياتهم، وعلينا ألا نسمح لهؤلاء بتحقيق ما يسعون إليه من خلال المشاركة الفعلية في الانتخابات واختيار الشخصيات الكفوءة والمهنية والوطنية لضمان إجراء تغيرات جذرية تؤدي في نهاية المطاف إلى تحقيق أمنيات أبناء الشعب العراقي في العيش بسلام وأمان تحت خيمة العراق الواحد الموحد». ورأى أن «ساحات الاعتصام يجب أن تكون بعيدة عن الدعايات الانتخابية، وألا يسمح لأي جهة كانت بالتأثير على المعتصمين لترويج أفكارها السياسية وجعل ساحات الاعتصام واجهة سياسية، لأن ذلك سيخلط الأوراق ويغير مسارها حيث جاءت من أجل تحقيق مطالب المعتصمين المشروعة، والجميع مطلع عليها ولا تحتاج لعون كتلة أو حزب».
وعلى صعيد عملية استهداف منزل السعدي، أكد رئيس مجلس شيوخ محافظة الأنبار الشيخ حميد الشوكة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الشيخ السعدي له مواقف معروفة ضد الإرهاب ومع وحدة العراق، وبالتالي، فإنه وسواه من كبار رجالات العراق من علماء دين وغيرهم، لا بد أن يكونوا هدفا من الجهات التي لا تريد الخير للعراق». وأضاف الشوكة أن «هناك جهات معروفة في المحافظة ركضت كثيرا خلال السنة الماضية وهذه السنة وراء السعدي من أجل إصدار فتوى يجيز فيها إقامة الإقليم السني، وهو ما رفضه بالمطلق». وأوضح الشوكة أنه «بعيدا عن تحميل جهة معينة مسؤولية هذا الحادث، فإنه من وجهة نظري سياسي بحت».
من جهته، اتهم عضو اللجان التنسيقية لساحة اعتصام الرمادي نواف المرعاوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» الميليشيات «المدعومة حكوميا، وهي ميليشيات إيرانية، بالوقوف وراء الحادث في إطار حرب معلنة ضد أهل السنة ورموزهم»، مشيرا إلى أن «الاستهداف لم يطل الشيخ السعدي وحده، بل نلاحظ أن هذا المسلسل يشمل الجميع، فرجال الدين مستهدفون وشيوخ العشائر والرموز الوطنية والموظفون ورجال الجيش والشرطة، وبالتالي هناك هجمة شرسة، وليس لأحد مصلحة في ذلك سوى إيران وأتباعها».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.