"يا سيد ترمب لا تعبث بذيل الأسد، فهذا لن يؤدي إلا إلى الندم".
"إياك وتهديد الولايات المتحدة مجددا والا ستواجه تداعيات لم يختبرها سوى قلة عبر التاريخ".
هذا التراشق "الناري" بين الرئيس الإيراني حسن روحاني والرئيس الأميركي دونالد ترمب ليس الأول بين الجانبين ولن يكون الأخير.
فمنذ الاتفاق النووي مع إيران في 2015، والرفع التدريجي للعقوبات، لم يحصل "تطبيع" كامل للعلاقات بين طهران والأسرة الدولية، ولم يستطع الاتفاق إراحة الساحة العالمية تماماً، خصوصاً أن إيران بدت متمسكة أكثر بطموحاتها عبر تنفيذ خطط توسيع نفوذها خارج حدودها.
وفي 8 مايو (أيار) الماضي حزم ترمب أمره ونفذ ما دأب على التلويح به، وانسحب من الاتفاق، فأعاد بنظر كثر "الأمور إلى نصابها"، وأغضب حلفاءه الاوروبيين الذين انخرطوا في مشاريع استثمارية كبيرة في إيران.
ويلاحظ المراقبون أن ترمب جعل ايران هدفه الاكبر منذ التقارب الاميركي - الكوري الشمالي. وهو ماضٍ في سياسة التشدد، بدليل أن وزير خارجيته مايك بومبيو قال في كلمة امام أفراد من الجالية الايرانية في كاليفورنيا إن بلاده لا تخشى فرض عقوبات على قادة النظام الايراني.
واتخذ التراشق منحى استراتيجيا خطيرا عندما حذّر روحاني من أن ايران يمكن ان تغلق مضيق هرمز الاستراتيجي في وجه إمدادات النفط العالمية. وقال مخاطبا ترمب: "ضمنّا دائما امن هذا المضيق، فلا تلعب بالنار لأنك ستندم". وأكد أن "السلام مع ايران سيكون أم كل سلام، والحرب مع ايران ستكون أم المعارك".
فهل سيكون الفصل المقبل من الصراع مواجهة ميدانية في مضيق هرمز وسواه، أم يبقى سياسياً يبلغ ذروته قبل أن تحصل تسوية سياسية يرضى عنها ترمب ولا تكون "صوَرية" أو ناقصة كما رأى في الاتفاق النووي الذي اعتبر أنه لا يشتمل على الهيكلية التي تضمن عدم إنتاج إيران سلاحاً نووياً؟
بيت القصيد إذاً هو الملف النووي، وقد صرّح ترمب يوم انسحب من الاتفاق: "قادة إيران سيقولون بطبيعة الحال إنهم يرفضون التفاوض على صفقة جديدة. حسناً، كنت على الأرجح سأقول الكلام نفسه لو كنت في موقعهم. لكن الحقيقة هي أنهم سيرغبون في التوصل إلى اتفاق جديد ودائم، تستفيد منه إيران كلها والشعب الإيراني كله... عندما يفعلون ذلك، فأنا مستعد وراغب وقادر".
ولكن متى "يفعلون ذلك"؟
هذا هو السؤال الذي يجب أن تُقرأ في ضوئه التطورات الراهنة والآتية. ويجب ألا ننسى أن واشنطن – بلسان بومبيو - "تسعى إلى التعاون" مع الدول التي تشتري النفط الإيراني من أجل خفض الواردات لتصبح "أقرب ما يكون إلى الصفر" بحلول الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، عندما تصبح العقوبات الأميركية سارية تماماً.
الواضح أن واشنطن لا تتطلع إلى أقل من تغيير النظام في طهران، ناظرة بكل اهتمام إلى الاحتجاجات المتفرقة التي تشهدها إيران منذ أواخر العام الماضي، والتي وإن تفاوتت أسبابها فإنها تعبّر عن توق الإيرانيين إلى أن "يُحكَموا بكرامة ومحاسبة واحترام"، كما قال بومبيو.
مهما يكن من أمر، المؤكد أن الصراع الكلامي والمواقف المتشددة والتهديدات المتبادلة ستستمر، فهي "حرب نفسية" كما ترى إيران بلسان أحد جنرالاتها، لكنها أيضاً حرب اقتصادية معروف مَن فيها الطرف الأقوى الذي سينتصر في مباراة "عضّ الأصابع".
وإذا كان البعض يتخوّف من ذهاب النظام الإيراني حتى النهاية في المواجهة عبر خوض حرب، فإن المنطق يقول إن مضيق هرمز هو ممر مائي حيوي للعالم كله وبالتالي يُعتبر دولياً لا إيرانياً، وأي مغامرة فيه ستكون لها نتائج وخيمة، خصوصا أن الاقتصاد الإيراني بالغ الهشاشة بحيث تتراجع كثيرا احتمالات خوض إيران حرباً تضاف إلى سلسلة الحروب التي تخوضها بالوكالة.
لذا لا مفر من تسوية سياسية تجلب إيران إلى طاولة المفاوضات وفق شروط واضحة وحازمة ستفرضها واشنطن عاجلا أم آجلا... فنكون عندها أمام "أم كل سلام" لا "أم المعارك".
ترمب – روحاني... المواجهة إلى أين؟
الملف النووي بيت القصيد... والتصعيد المتبادل مستمر
ترمب – روحاني... المواجهة إلى أين؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة