إنهم لا يقتلونها، حسب عنوان الفيلم الأميركي الشهير «إنهم يقتلون الخيول... أليس كذلك؟» للمخرج سيدني بولاك، بل يرسمونها في تجلياتها وحركاتها وانطلاقاتها كافة. وها هو معرض عنها وعن سباقاتها يقام حالياً، وحتى نهاية الخريف، في مضمار «شانتيي» شمال باريس، ويضم نحواً من 80 قطعة جيء بها من كبريات المتاحف والمجاميع الشخصية. وقد أجمع نقاد الفن على أنه المعرض الذي لا يجوز أن يفوت عشاق الحصان.
ومن المعروف أن العرب أحبوا الخيل الأصيلة منذ القدم، وتفننوا في تدليلها ووصفها في أشعارهم، وابتدعوا لها في اللغة العربية تسميات شتى، كما اختاروا لكل نوع من أنواع مشيتها أو جريانها مفردة تفي بالغرض. ومن ذلك: الهملجة والخبب والضَبر والعَنَق والارتجال والتقدي والضبع والتقريب والإمجاج والإحضار. لكن الفرنسيين، على ثراء لغتهم، لا يمتلكون كل هذا التنوع في وصف الجياد. مع هذا فقد برع رساموهم في تصوير مشاهد الخيل وسباقاتها وألعابها. وهو ما يمكن لزائر هذا المعرض أن يتمتع بعدد واسع من الأعمال التي عبر فيها الفنانون عن ولعهم بهذا الحيوان الذي رافق الإنسان في كل مراحله ولدى كل الشعوب.
لماذا تجمعت هذه اللوحات الزيتية التاريخية في مضمار وليس في واحد من المتاحف أو واحدة من صالات العرض الكبرى؟ الجواب كما سمعناه من المشرفين على المعرض هو أنها المرة الأولى التي تخصص فيها مناسبة فنية للاحتفاء برسوم سباقات الخيل، لذلك كان من الطبيعي التفكير بإقامة المعرض على «أرض أليفة» تحفظ خطوات الخيل وإيقاعاتها وتردد جنباتها أصداء تشجيع الجمهور في المنافسات الدورية العالمية. وهو معرض لا يتوقف عند سباق الخيل في فرنسا، بل في جارتها اللدود بريطانيا، حيث يعتبر الحصان جزءاً من حياة طبقة النبلاء الإنجليز.
لا يقتصر المعرض على اللوحات بل يشمل الكثير من التخطيطات والمنحوتات والصور الفوتوغرافية وحتى الأفلام. ومن المثير أن يشاهد الزائر قماشة بيضاء تتحرك عليها أشكال تشبه الحيوانات ذات الأربع، فهكذا كانت السينما في بداياتها عندما حاول المصورون تسجيل حركات الأحصنة. إن المعروضات تعود للقرنين الثامن عشر وأخريات التاسع عشر، مع تركيز على لوحات رسامين معينين، إذ يؤدي المعرض التحية لأعمال 3 من الفنانين الأساسيين الذين يمكن القول إنهم تخصصوا في رسم الحصان وتجلياته: الإنجليزي جورج ستابز (1724ـ 1806) الذي منح «السبورتينغ آرت» أعماله الكبرى، والفرنسي تيودور سيركول (1791 - 1824)، الفنان الفارس صاحب اللوحة التي رسمها عن سباق «إبسون» سنة 1821، وقد وافق متحف «اللوفر»، بشكل استثنائي، على إعارة هذه اللوحة للمعرض. وأخيراً مواطنه إدغار ديغا (1834 ـ 1917) الرسام الانطباعي الشهير الذي اكتوى بحب السباقات، واهتم بتصوير العالم المحيط بها، وخصص لها عدداً كبيراً من رسومه ولوحاته وتماثيله.
بالإضافة إلى أولئك الثلاثة، يضم المعرض أعمالاً لكبار غيرهم، أمثال إدوار مانيه وغوستاف مورو وإرنست ميسونييه وبول دوبوا وهنري دو تولوز لوتريك. وعدا عن «اللوفر»، جاءت اللوحات من مجموعات متاحف «أورساي» والمكتبة الوطنية الفرنسية ومركز السينما «السينماتيك» والأكاديمية الملكية البريطانية. ووقع الاختيار على المصممة ناتالي كرينيير لرسم مساق المعرض، ذلك أنها نجحت في تصميم معارض مهمة سابقة مثل ذاك الذي خصص لفنان الأزياء كريستيان ديور، كما صممت معرضاً عن الدمية «باربي» في متحف الفنون التزيينية.
{إنهم يرسمون الخيول} في باريس
معرض عن اللوحات المخصصة للحصان في مضمار للسباق
{إنهم يرسمون الخيول} في باريس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة