المغرب: مسؤولون سابقون وخبراء يدعون إلى مواجهة «الفكر الحاضن للإرهاب»

جانب من ندوة «الفكر الديني الحاضن للإرهاب» في أصيلة
جانب من ندوة «الفكر الديني الحاضن للإرهاب» في أصيلة
TT

المغرب: مسؤولون سابقون وخبراء يدعون إلى مواجهة «الفكر الحاضن للإرهاب»

جانب من ندوة «الفكر الديني الحاضن للإرهاب» في أصيلة
جانب من ندوة «الفكر الديني الحاضن للإرهاب» في أصيلة

شدد وزراء سابقون وخبراء وباحثون على ضرورة «إصلاح الخطاب الديني ومناهج التربية الدينية ومعالجة الفوضى التي يعرفها حقل الإعلام الديني بسبب طفرة وسائل الاتصال»؛ بهدف مواجهة «الفكر الحاضن للإرهاب».
وأجمع 28 مشاركاً تحدثوا في ندوة «الفكر الديني الحاضن للإرهاب: المرجعية وسبل المواجهة» التي استمرت يومين واختتمت «موسم أصيلة الثقافي» الأربعين في المغرب، على ضرورة «ربط التشريع الإسلامي بالتاريخ والزمن، والعمل على بلورة وتعزيز فقه السلم والاختلاف في مواجهة فقه العنف والإرهاب».
وحذر رئيس مجلس أمناء مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني في السعودية، عبد العزيز السبيل، من «الدور الذي يلعبه بعض الشيوخ والوعاظ التقليديين، عن حسن نية، في إعداد الشباب للسقوط في براثن التيارات المتطرفة العنيفة، من خلال نشرهم ثقافة دينية تدعو إلى الزهد من الدنيا والعمل للآخرة، حيث تنتظرهم الجنان والحور العين».
وقال، إن «الجماعات الإرهابية تتربص من خلال استغلال وسائل التواصل الاجتماعي بهؤلاء الشباب المتأثرين بهذه المواعظ لتقترح عليهم اختصار المسافة التي تفصلهم عن الآخرة والجنة والحور العين بعملية انتحارية». ودعا إلى «ضرورة معالجة هذا الجانب الخطر عبر ضمان الأمن الفكري والروحي للشباب خصوصاً، والمجتمعات عموماً».
وتحدث عن مبادرة «برنامج تبيان» التي أطلقها مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني «بهدف الإسهام في وقاية الشباب وصيانته من التطرف وآثاره المدمرة». وأشار إلى أن «المركز بصدد دراسة الانتشار العالمي لهذه المبادرة الصالحة للتطبيق في المجتمعات الإسلامية عبر العالم».
ولفت وزير الثقافة الموريتاني السابق عبد الودود هاشم، إلى أن «المطلوب ليس بناء دين جديد، لكن التأسيس لعلاقة جديدة مع الدين»، داعياً إلى «البحث عن الأسباب التي أوصلت العالم العربي الإسلامي إلى فقه العنف والأحادية». وأضاف، أن «المشكلة الآن هي أن الفقه أصبحت له وظيفة آيديولوجية وسياسية»، مشيراً إلى «استعماله أداةً لاغتيال العقل ومنع التفكير وقتل النخبة، وإخضاع المؤسسة الدينية التقليدية وتسخيرها لصالح الجماعات المتطرفة».
ورأى الباحث والإعلامي العراقي رشيد الخيون، أن «تعزيز فقه السلم والاختلاف يمر عبر مراجعة السياسة الدينية، والعلاقة بين مختلف مكوناتها، والتي تشمل الأصول والفروع والمعاملات والعبادات». ودعا إلى «ربط الفقه بالزمن»، محذراً من أن «عدم ربط الدين بالزمن يضر بالدين وبالمجتمع معاً».
واعتبر وزير التربية والتعليم العالي الكويتي السابق عبد الله يوسف الغنيم، أن «التعليم والتعلم هما المدخل لتعزيز فقه السلم والاختلاف»، مشيراً إلى أن «إصلاح مناهج التربية الدينية ينبغي أن يؤسس على سماحة لا تعرف الانغلاق والتزمت، وعلى منهجية في الفكر تدعو إلى استعمال العقل بالتأمل والنظر، والتأكيد على أن الدين هو أسلوب في الحياة إلى جانب ما يحمله من عقائد وعبادات». وأضاف، أن «المدرسة إما أن تكون أداة لبناء الإنسان الحر الذي يقدر قيمة الاختلاف، والمتفهم لقيمة الرأي الآخر، وإما وسيلة لتحقيق آيديولوجيا الجماعات المستبدة القائمة على الإرهاب».
أما الكاتبة والبرلمانية المغربية السابقة رشيدة بن مسعود، فقدمت سرداً تاريخياً لتبلور التيارات الإرهابية الحديثة في العالم العربي الإسلامي، انطلاقاً من تأسيس «الإخوان المسلمين» في عشرينات القرن الماضي، إلى ظهور السلفيات الوطنية في مواجهة الاستعمار، ثم النقد الذاتي لهذه السلفيات مع طرح سؤال التقدم والتخلف، مروراً بالثورة الإيرانية وصولاً إلى ظهور وانتشار تيارات العنف. وقالت «لا بد من مواجهة الإرهاب بثقافة السلم والفكر». غير أنها أكدت على «ضرورة المعالجة الإدارية والأمنية للإرهاب حماية للمجتمع».
أما الإعلامي العراقي هيثم الزبيدي، ناشر جريدة «العرب» اللندنية، فحذر من «سيطرة الإسلاميين على وسائل الإعلام، خصوصاً الفضائيات ومواقع الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي التي وفرت لهم انتشاراً واسعاً، ومكّنتهم من حشد ملايين المتتبعين والمريدين». وأشار إلى أن «محاولات الرد الإعلامي على هذه الهيمنة عبر تفكيك الخطاب الديني وتحليله جاءت متأخرة، وكان وقعها محدوداً أمام سطوة الوعاظ والشيوخ المتطرفين». ورأى أن «الخيار الأفضل هو تجاهل هذا الخطاب وإهماله، وبدل الانشغال بالرد عليه أقترح العمل على بناء منظومة ثقافية وفكرية بديلة في مخاطبة المجتمع».
بدوره، دعا وزير الثقافة الفلسطيني السابق يحيى يخلف إلى «عدم إغفال إرهاب الدولة الذي تمارسه إسرائيل ويلتحف بدوره بلحاف الدين»، مشيراً إلى «معاناة الفلسطينيين من القوانين العنصرية التي أصدرتها إسرائيل، خصوصاً قانون يهودية الدولة المثير للجدل حتى داخل إسرائيل».


مقالات ذات صلة

آسيا مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مرة أخرى وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام».

«الشرق الأوسط» (باراشينار (باكستان))
المشرق العربي إردوغان وإلى جانبه وزير الخارجية هاكان فيدان خلال المباحثات مع بيلنكن مساء الخميس (الرئاسة التركية)

إردوغان أبلغ بلينكن باستمرار العمليات ضد «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا أنها ستتخذ إجراءات وقائية لحماية أمنها القومي ولن تسمح بالإضرار بعمليات التحالف الدولي ضد «داعش» في سوريا. وأعلنت تعيين قائم بالأعمال مؤقت في دمشق.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

قال رئيس هيئة أركان وزارة الدفاع النيجيرية الجنرال كريستوفر موسى، في مؤتمر عسكري، الخميس، إن نحو 130 ألف عضو من جماعة «بوكو حرام» الإرهابية ألقوا أسلحتهم.

«الشرق الأوسط» (لاغوس)
المشرق العربي مئات السوريين حول كالين والوفد التركي لدى دخوله المسجد الأموي في دمشق الخميس (من البثّ الحرّ للقنوات التركية)

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

قام رئيس المخابرات التركية، إبراهيم فيدان، على رأس وفد تركي، بأول زيارة لدمشق بعد تشكيل الحكومة السورية، برئاسة محمد البشير.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.