عدّ مسؤول اقتصادي قطري أن إبرام الدوحة اتفاقا مع طهران يقضي بإقامة منطقة اقتصادية حرة مشتركة بين البلدين، سيوفر للجانب القطري فرصا لتعزيز واردته من المواد الخام التي يتطلع إليها للتوسع في مشاريع البنية التحتية التي تشهد طفرة منذ سنوات. واهتمت وسائل الإعلام الإيرانية بالاتفاقية الموقعة مع قطر قبل يومين، مع بدء وزير الخارجية الإيراني جولة تشمل الإمارات والكويت وسلطنة عمان، بهدف التنسيق حول القضايا الإقليمية. كما عدّ أن التعاون الاقتصادي لم ينقطع مع إيران منذ عقود، لكن أي رفع للعقوبات الدولية عن طهران من شأنه أن يعزز فرص إنشاء المشاريع المشتركة في مجال الطاقة، والمشاريع الأخرى. وبحسب الاتفاق، يسعى الجانبان القطري والإيراني لإنشاء شركتين تتبع كل منهما واحدة من الدولتين، تعملان خلال عام على إقامة البنية التحتية لعملية التبادل التجاري، خاصة إنشاء مناطق العمل المساندة للبدء بعملية التبادل بين الطرفين.
وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أوضح محمد بن أحمد بن طوار الكواري نائب رئيس مجلس غرفة تجارة وصناعة قطر، أن التعاون التجاري بين قطر والدوحة يعود لعقود مضت، و«ليس جديدا»، مضيفا أن الدوحة دأبت على استيراد المواد الغذائية، خاصة الخضراوات من إيران. وأضاف أن قطر لديها حاليا مشروعات توسعية في مجال البنية التحتية، وتتطلع للجانب الإيراني لسد النقص في المواد الخام التي تحتاجها المشاريع في قطر. وأضاف: «كذلك يمكن للجانب الإيراني تزويد قطر بمادة الإسفلت التي نعاني نقصا في إنتاجها، وهي متوفرة لديهم وبأسعار أقل من السوق الخليجية».
أما عن آلية عمل هذه المنطقة، فقال الكواري إن الجانبين القطري والإيراني يعملان على تأسيس شركة في كل جانب، حيث سيجري إنشاء شركة قطرية تتولى إدارة عمليات التبادل التجاري، ويتولى الجانب الإيراني تأسيس شركة مشابهة.
وأضاف: «ستقوم الشركتان بتأسيس وإنشاء البنية الصناعية التي تحتاجها عمليات التبادل، كإنشاء المنطقة المساندة، ومنطقة التخزين والتعليب والتعبئة والشحن والتفريغ والتبريد وغير ذلك».
وبموجب اتفاقية التفاهم بين البلدين، جرى تخصيص جزء من ميناء بوشهر للتجار القطريين، بينما خصصت السلطات القطرية قطعتي أرض في الرويس والدوحة للتجار الإيرانيين. وسيكون بإمكان التجار الإيرانيين إقامة مستودعات ومنشآت خاصة بمنتجاتهم على الأراضي القطرية.
ومضى نائب رئيس الغرفة القطرية للقول إن رفع العقوبات عن إيران في حال إبرام الاتفاق الدولي حول ملفها النووي، من شأنه أن ينشط حركة التبادل التجاري والاقتصادي، ويدفع للأمام إقامة المشاريع المشتركة في مجالات تتعدى ما هو موجود حاليا.
وأضاف أن إيران تتطلع إلى منافذ اقتصادية نحو الأسواق العالمية، ومن شأن الموانئ القطرية أن تشارك في توفير مثل هذه المنافذ.
إلى ذلك، تحدث لـ«الشرق الأوسط» الخبير الاقتصادي الدكتور بشير الكحلوت، الذي يقيم في الدوحة، وعدّ أن حجم التبادل التجاري الحالي بين الجانبين القطري والإيراني، لا يمثل رقما كبيرا، لأن الشركاء التجاريين الرئيسين لقطر هم دول جنوب شرقي آسيا وأوروبا والولايات المتحدة، بينما لا يمثل حجم التبادل مع إيران رقما كبيرا. يُذكر أن التبادل التجاري غير النفطي بين إيران وقطر وصل إلى 114.3 مليون دولار العام الماضي، بينما استوردت الدوحة 96.6 مليون دولار من المنتجات غير النفطية من طهران، العام الماضي.
وأضاف الكحلوت أن قطر شهدت خلال السنوات الأخيرة نموا كبيرا في التنمية الاقتصادية، وتسعى الدوحة، التي توافرت لها إيرادات ضخمة حتى بلغ الفائض في الحساب الختامي أكثر من 50 مليار دولار سنويا، لتنويع مصادر الدخل، ولذلك فإن قطر تستخدم إمكاناتها اللوجستية لتنويع مصادر الدخل.
ولاحظ الكحلوت أن قطر شهدت نموا سكانيا سريعا، فقد تضاعف عد السكان من 740 ألف نسمة في عام 2004، إلى نحو مليونين و175 ألف نسمة في آخر تعداد سكاني، وتجاوز معدل النمو 11 في المائة، وهو من أعلى المعدلات في العالم.
وقال إنه مع توافر الأموال تسعى الدوحة لإنشاء مشاريع تحسين البنية التحتية، وبالنسبة للعلاقة التجارية مع إيران، فيمكن أن توفر منطقة التجارة الحرة بين البلدين منافذ إضافية لإقامة مشاريع إعادة التصدير، بحيث تكون الدوحة مستفيدة من المسافة التي تعد الأقرب مع الموانئ الإيرانية.
وكان وفد اقتصادي إيراني زار قطر أخيرا، والتقى الأربعاء الماضي الشيخ أحمد بن جاسم بن محمد آل ثاني وزير الاقتصاد والتجارة بأكبر تركان كبير مستشاري الرئيس الإيراني والوفد الاقتصادي المرافق له، وجرى بحث «التعاون المشترك لا سيما في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية»، بحسب وكالة الأنباء القطرية. ويعود الاتفاق بين البلدين لإنشاء منطقة تجارة حرة، لشهر فبراير (شباط) الماضي، بعد زيارة قام بها إلى طهران الدكتور خالد بن محمد العطية وزير الخارجية، حيث التقى خلالها محمد جواد ظريف وزير الخارجية، وعددا من المسؤولين الإيرانيين.
وجرى خلال الزيارة الاتفاق على «تشكيل لجنة عمل مشتركة لتعزيز العلاقات الثنائية وتفعيلها في جميع المجالات، بالإضافة إلى إقامة منطقة حرة بين البلدين».
وبعد يوم من الإعلان عن الاتفاق القطري - الإيراني، بدأ مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والأفريقية حسين أمير عبد اللهيان، جولة خليجية بدأها أمس في الإمارات، حيث التقى وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش، وبحث معه القضايا الثنائية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، لا سيما المستجدات الجارية على الساحة العراقية. وتأتي مشاورات اللهيان في الإمارات في مستهل جولة خليجية تشمل الكويت وسلطنة عمان.