تواجه السلطات الليبية صعوبات كبيرة على ما يبدو في الإعلان عن نتائج الانتخابات البرلمانية الثانية منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011. وقال عماد السايح، رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، إن «انتخابات مجلس النواب الجديد، التي أجريت الشهر الماضي، ستعلن نتائجها في العشرين من الشهر الحالي»، في ثاني تأجيل من نوعه على التوالي.
وأعلن السايح، في مؤتمر صحافي عقده مساء أول من أمس بطرابلس، أن المفوضية تحتاج إلى مزيد من الوقت حتى تكون النتائج دقيقة، مشيرا إلى أنه تم إلغاء نتائج 24 مركزا من مراكز الاقتراع بسبب ما وصفه ببعض الأعمال «غير القانونية». وأضاف أنه تم استبعاد 41 مرشحا من بين 1751 مرشحا بموجب قانون العزل السياسي الذي يمنع مسؤولين سابقين في نظام القذافي من تولي أي منصب عام. وقال السايح إن المفوضية تلقّت 49 شكوى تم التحقيق فيها جميعا، حُفِظت منها 31 شكوى لعدم الأهمية، و5 شكاوى تمت إحالتها للمحاكم المختصة، و13 شكوى تمت إحالتها إلى اللجنة العليا بالإدارة العامة بالمفوضية، حيث تم اتخاذ مجموعة من القرارات من بينها إلغاء العديد من المحطات ببعض المراكز بلغ عددها 23 محطة.
وأعلن أن هيئة تولي المناصب العامة والتي باشرت في وقت سابق بمراجعة ملفات المرشحين قد أحالت إلى المفوضية 1751 حالة، من بينها 41 حالة انطبق عليها قانون العزل السياسي، لافتا إلى أنه تم الاتصال بمكاتب هذه اللجان لتبليغ هؤلاء المرشحين بالقرارات التي اتخذت في شأنهم.
وأثارت هذه المعلومات شكوكا كثيرة وقوية لدى بعض المراقبين المحليين بشأن شبهة تزوير في النتائج التي سيتم اعتمادها لاحقا من المفوضية العليا للانتخابات التي خرجت أمس بتوضيح حول ما وصفته بـ«اللغط» الذي انتشر في بعض وسائل الإعلام وصفحات التواصل الاجتماعي حول أسباب صدور قرارات هيئة تولي المناصب العامة في حق 41 مرشحا، الأمر الذي أدى إلى استبعادهم.
وقالت في بيان لها أمس إنها سبق أن أعلنت في عديد من المناسبات والمؤتمرات الصحافية وأيضا نشرت على موقعها الإلكتروني أنها أقرت بالاتفاق مع اللجنة التشريعية والدستورية بالمؤتمر الوطني العام (البرلمان)، وهيئة معايير تولي المناصب العامة، أن الهيئة ستصدر قراراتها في ما يتعلق بشرط توافر معايير تولي المناصب العامة بالنسبة للمرشحين لمجلس النواب بالتزامن مع الإعلان عن النتائج الأولية للانتخابات.
ونفت المفوضية صحة المعلومات المتداولة حول تدخلها في استبعاد المرشحين، وأكدت في المقابل أن جميع ملفات المرشحين قد تم عرضها بالكامل على هيئة تولي المناصب العامة، والتي بدورها بعد جمع الاستدلالات والوثائق أصدرت قرارها بانطباق معايير الهيئة على 41 مرشحا من بينهم 4 فائزين.
ولاحظت أن لذوي الشأن حق الطعن في قرار الهيئة في الوقت نفسه المتاح حاليا للطعون في النتائج الأولية ومدته 72 ساعة من تاريخ نشر القرار في الدائرة الانتخابية، مشيرة إلى أن قانون العزل السياسي يُلزم رئيس المحكمة الابتدائية المختصة أو من يفوضه بالبت في الطعن خلال أجل أقصاه 3 أيام من وقت تقديم الطعن.
ولم يشارك في التصويت في الانتخابات سوى أقل من نصف الناخبين الليبيين المسجلين، مما يعكس حالة الاستياء.
وانتخبت ليبيا في 25 يونيو (حزيران) الماضي برلمانا جديدا في انتخابات شابتها أعمال عنف، إضافة إلى ضعف الإقبال. وكان المأمول أن تفتح الانتخابات صفحة جديدة في انتقال ليبيا الصعب نحو الديمقراطية.
إلى ذلك، قال بعض مشايخ الطرق الصوفية في ليبيا إنهم تلقوا تهديدات بالخطف من جماعات إسلامية متطرفة بعد مرور يومين على حادث اختطاف إمام مسجد بالعاصمة طرابلس. وأغلق سكان شوارع الصريم وشوقي وشهداء أبو منجل، شارع عمر المختار في العاصمة أمس، احتجاجا على اختطاف الشيخ طارق عباس إمام وخطيب مسجد أبو منجل. وبحسب وكالة الأنباء المحلية، فقد نصب المحتجون خيمة في وسط الشارع ومنعوا مرور السيارات في اتجاه وسط المدينة، مؤكدين أنهم مستمرون في الاحتجاج السلمي إلى حين الإفراج عن الشيخ طارق وعودته إلى أسرته.
وكان نجل الشيخ المخطوف قد لفت إلى أن والده اختطف يوم الجمعة الماضي من قبل مجهولين عقب صلاة الفجر بينما كان في طريق عودته إلى منزله وسط طرابلس.
على صعيد آخر، دخل الشيخ الصادق الغرياني، مفتي الديار الليبية، على خط الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، محذرا في أحدث فتوى له من «السماح لمصرف ليبيا المركزي، وكذلك المسؤولون في الدولة، تحت أي ظرف، بقرض بفائدة لدعم الميزانية، سواء من البنك الدولي، أو من مصرف ليبيا المركزي». وأضاف «لأننا إن أضفنَا الربا إلى ما نحنُ فيه من الاستهتار الشنيع بمحارم اللهِ، فلنْ تقومَ لليبيا قائمةٌ. الفقرُ والحاجةُ أهونُ من الدخول في حرب مع اللهِ، لا هوادة فيها، تأكل نارها الأخضر واليابس».
وكان الغرياني قد نفى اتهامات وجهها له بعض أعضاء المؤتمر الوطني بالمسؤولية عن إيقاف حوافظ بنكية للمواطنين، مما أدى إلى تجمهرهم أمام مقر دار الإفتاء بطرابلس. وأكدت دار الإفتاء في بيان لها أن هذا الكلام عار عن الصحة تماما، معربة عن أسفها لما سمته بصدور تحريض عليها من أعضاء المؤتمر الوطني. وأضافت «كان الأجدرُ بهم أن يذكرُوا السبب الحقيقي لمشاكلِ الليبيين المتفاقمة، التي يدركُون هم قبلَ غيرهم أنّهم ممّن أسهَمَ في تأزُّمها وتعقيدِها».
ورأت أن السبب الحقيقي لتوقف الحافظة هو إهمالُ الحكومةِ وضعفها، وعدم اهتمامها بحل المشاكل الملحة في حياة الناس، مشيرة إلى أنها تطالبُ على مدَى السنين الثلاث من عمر الثورة بوقف ربا المصارف، لكن الحكومةُ لم توقفه، على حد تعبيرها.