قائد عسكري إسرائيلي: لا حاجة لاجتياح كامل لغزة لفرض التراجع على {حماس}

نتنياهو اجتمع بـ«الكابنيت» على حدود القطاع وسط تهديدات صاخبة

TT

قائد عسكري إسرائيلي: لا حاجة لاجتياح كامل لغزة لفرض التراجع على {حماس}

على الرغم من أجواء التهديد بالحرب، وإجراء تدريبات قرب قطاع غزة على اجتياحه، وعقد جلسة «تقدير موقف» لمجلس الوزراء لشؤون الأمن والسياسة في الحكومة الإسرائيلية (الكابنيت) في موقع متقدم للجيش على حدوده، أعلن قائد عسكري كبير أن «إسرائيل لن تحتاج إلى حرب واجتياح لحمل حركة حماس على التراجع عن التصعيد».
وكانت القيادة السياسية الإسرائيلية قد أثارت أجواء حربية صاخبة، طيلة اليومين الفائتين، في وقت جرت فيه محادثات بينها وبين حماس بواسطة عدة أطراف إقليمية ودولية، للتوصل إلى تهدئة. وقد أكدت أوساط سياسية على أن هذه المفاوضات بلغت وضعا متقدما جدا. وأن حماس تعهدت بموجبها ليس فقط بوقف الصواريخ، بل أيضا بوقف الطائرات الورقية المتفجرة. لكنها طلبت وقتا لتسيطر على الأمر كما يجب. إلا أن هذا لم يخفف من التهديدات الإسرائيلية. واستغل نتنياهو وجود تدريبات للجيش على اجتياح غزة، ليظهر أمام الجنود ويتباهى بالقدرة على هزم العدو.
ثم أخذ الأعضاء في الكابنيت إلى جلسة «تقييم أمني للأوضاع»، تم عقدها في مقر فرقة «عزة» في الجيش الإسرائيلي الواقع قرب الحدود مع القطاع، صباح أمس الثلاثاء، حضرها كل من وزير الأمن، أفيغدور ليبرمان، ورئيس أركان الجيش، غادي آيزنكوت، ورئيس الشاباك، نداف أرغمان، ورئيس مجلس الأمن القومي، مئير بن شبات، و11 وزيرا في الحكومة. وقال نتنياهو: «نحن في معركة، وهناك ضربات متبادلة، والجيش جاهز لأي سيناريو».
وأطلق ليبرمان تصريحات خاصة به في السياق نفسه، قائلا: «إذا اضطررنا للتوجه نحو الحرب، فإننا نستطيع أن نهزم أي عدو. فلدينا جيش يعرف ما سيفعله، وكيف ومتى. نحن من يحدد قواعد اللعبة وليس أي طرف آخر».
وقد جاءت أقوال ليبرمان خلال جولة، قام بها صباح أمس، للوقوف على مناورة للجيش الإسرائيلي في منطقة الجنوب لـ«الفرقة 162»، في قيادة الجنوب العسكرية، شارك فيها آيزنكوت، والقائد العسكري لمنطقة الجنوب، هرتسي هليفي.
وقد استخدم الجيش هذه المناورة، التي شاركت فيها فرق أخرى مثل «غفعاتي» و«ناحال» و«401»، للتلويح بالخيار العسكري أمام قطاع غزة، والتأكيد على الجاهزية الإسرائيلية للدخول في حرب أخرى ضد القطاع، بعد أربع سنوات من الحرب العدوانية الأخيرة في صيف العام 2014، وبحسب قائد الوحدة 162، العميد عوديد بسيوك، فإن الحديث يدور حول المناورة الأضخم في السنوات الأخيرة، وبدأت بسيناريو يحاكي تدهور الأوضاع نتيجة عملية موضعية على حدود قطاع غزة. وتناول بسيوك أفضليات المبادرة إلى الهجوم من جهة تحقيق مكاسب. وبحسبه، فإن «هناك أهمية لاستهداف الهرم القيادي لحركة حماس، ولكننا نعرف كيف نحقق النتيجة في أي وضع». وأضاف: إن الحديث «ليس عن حرب أخرى مثل الحروب الثلاثة الأخيرة على غزة، وإنما عن حدث آخر مختلف تماما. فالقيادة تقول للضباط والجنود: ربما تكون هذه آخر مناورة قبل الحرب المقبلة، ولا يفاجأ أحد إذا لم نكن هنا بعد 24 ساعة، وإنما في قطاع غزة»، على حد تعبيره.
وتحدث بسيوك بمصطلحات «الحسم»، أسوة بتصريحات ليبرمان، وقال إن «التدريبات لا تجري على استهداف البيوت القريبة من السياج الحدودي في قطاع غزة، وإنما أكثر بكثير من السابق، حيث إن التدريبات البرية ستحقق نتائج لن تحقق بطرق أخرى. وإذا لم يتم التوجه في الحملة العسكرية حتى الحسم في النهاية، فإنه لن يتم تحقيق الردع لفترة طويلة، ومن خلال حسم يقاس بسياقات عسكرية تكتيكية، مع تدمير عدد من مركبات حماس في القطاع بواسطة فرقة عسكرية ترسل إلى هناك».
ولكن عندما سئل عما يردده ليبرمان حول «إسقاط حماس» وتصفية قادتها، فضّل بسيوك أن يكون أكثر «تواضعا»، ورفض الإجابة عن السؤال. وقال: «سينفذ الجيش المهمات التي تدرب عليها وتطلب منه، ويعيد حماس سنوات كثيرة إلى الوراء». ثم أضاف: «نحن لسنا بحاجة إلى عملية اجتياح كامل واحتلال جديد لقطاع غزة، وبإمكاننا أن نفرض على حماس التراجع عن التصعيد الحربي من دون الحاجة إلى احتلال». وختم حديثه بالقول: إن «حماس أصبحت أكثر تنظيما، وتعلمت من (حزب الله)، وهي قادرة على إيقاع أضرار، ولكن يمكن استهدافها أيضا، ما دامت بعيدة كثيرا عن القدرات العسكرية المنظمة مثل الجيش الإسرائيلي»، على حد تعبيره.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.