النظام السوري يقترب من تطويق حلب.. والمعارضة تحمل المجتمع الدولي المسؤولية

النجار لـ («الشرق الأوسط») : المقاتلون انسحبوا بعد أن باتوا بين فكي كماشة النظام و«داعش»

سوريون يغادرون منطق ة طريق الباب في حلب بعد إحدى الغارات بالبراميل المتفجرة على المدينة المهددة بالحصار (أ.ف.ب)
سوريون يغادرون منطق ة طريق الباب في حلب بعد إحدى الغارات بالبراميل المتفجرة على المدينة المهددة بالحصار (أ.ف.ب)
TT

النظام السوري يقترب من تطويق حلب.. والمعارضة تحمل المجتمع الدولي المسؤولية

سوريون يغادرون منطق ة طريق الباب في حلب بعد إحدى الغارات بالبراميل المتفجرة على المدينة المهددة بالحصار (أ.ف.ب)
سوريون يغادرون منطق ة طريق الباب في حلب بعد إحدى الغارات بالبراميل المتفجرة على المدينة المهددة بالحصار (أ.ف.ب)

حذرت المعارضة السورية أمس من سقوط مدينة حلب بيد قوات النظام التي تكاد تطبق حصارها عليها، في محاولة لتكرار تجربة حمص التي اضطر مقاتلوها إلى إبرام تسوية تؤمن خروجهم من مناطقهم بعد حصار لعامين.
وفيما تمكن مقاتلو المعارضة السورية أمس من السيطرة على عدد من الحواجز النظامية قرب معسكر الحامدية في معرة النعمان بريف إدلب، استمر التقدم النظامي في مدينة حلب عند جبهة مدرسة المشاة بعد انسحاب فصائل المعارضة منها، ما يضع المدينة التي يخضع جزؤها الشرقي لسيطرة المعارضة تحت خطر الحصار النظامي.
وحمل رئيس المجلس المحلي لمدينة حلب عبد الرحمن ددم «المجتمع الدولي مسؤولية حصار المدينة والتقدم العسكري لجيش (الرئيس السوري بشار) الأسد، الذي تزامن مع استمراره بإلقاء البراميل المتفجرة على الأهالي». وحذر ددم في مؤتمر صحافي عقده «الائتلاف الوطني السوري» خلال اليوم الثاني من اجتماعاته في إسطنبول أمس «من سقوط حلب بأيدي إرهاب الأسد وحليفه تنظيم (الدولة الإسلامية)، الذي يمثل سفير الأسد العسكري داخل المناطق الخارجة عن سيطرته».
من جهته، أفاد رئيس مجلس قيادة الثورة في حلب، ياسر النجار، لـ«الشرق الأوسط» بأن «عناصر المعارضة انسحبوا من الجبهة بعد أن باتوا بين فكي كماشة النظام من جهة وتنظيم الدولة الإسلامية في جهة أخرى»، موضحا أن «الجزء الشرقي من مدينة حلب، الخاضع لسيطرة المعارضة، معرض في أي لحظة للحصار من قبل القوات النظامية».
وأشار القيادي المعارض إلى أن «النظام تمكن بعد سيطرته على سجن حلب المركزي من أن يحوله إلى قاعدة للانطلاق نحو المنطقة الصناعية ومدرسة المشاة»، لافتا إلى أن «القوات النظامية رسمت طوقا حول حلب يبدأ من خناصر (معامل الدفاع) مرورا بالمنطقة الصناعية والسجن المركزي وصولا إلى مدرسة المشاة».
ويبقى للمعارضة السورية، إذا ما تمكن النظام من إحكام طوقه العسكري على المدينة، منفذ واحد لإيصال إمدادات السلاح يقع في منطقة كفر حمرا، وهو معرض للإغلاق أيضا إذا ما وصلت القوات النظامية إلى منطقة حيدرات المشرفة على كفر حمرا.
وقلل نجار من احتمال قيام القوات النظامية باقتحام حلب، مشيرا إلى أن «هذه الخطوة تحتاج إلى عدد كبير من المقاتلين غير متوفرين حاليا لدى النظام خصوصا أن الميليشيات العراقية التي تقاتل معه عادت إلى بلادها بسبب الوضع الأمني هناك». كما طالب «المجتمع الدولي بالتدخل لمنع حصار حلب لأن سقوط هذه المدينة بيد النظام يعني سقوط الثورة»، على حد قوله.
في هذه الأثناء، أفادت قناة «حلب اليوم» بأن الطائرات النظامية قصفت حي قاضي عسكر في حلب القديمة ببرميلين متفجرين، ما أسفر عن مقتل امرأة وإصابة عدة أشخاص آخرين، كما أغار الطيران المروحي النظامي على منطقة الحلوانية حي طريق الباب في حلب ببرميل متفجر، ما أحدث دمارا في الأبنية السكنية.
في موازاة ذلك، تصاعدت العمليات العسكرية بين كتائب المعارضة والقوات النظامية في محيط معسكر الحامدية بريف إدلب وسط قصف متبادل بين الطرفين. وأفادت مصادر ميدانية بأن «المقاتلين المعارضين شنوا هجوما بقذائف الهاون على القوات النظامية المتمركزة في حواجز الطراف والدهمان والهناجاك التابعة لمعسكر الحامدية في معرة النعمان، لتتمكن لاحقا من السيطرة عليها».
بالتزامن، شن الطيران الحربي النظامي خمس غارات جوية على بلدة كفرومة بريف معرة النعمان، فيما استهدف قرية كفرسجنة بالقنابل العنقودية، ما أدى لإصابة عدد من المدنيين، وفق وكالة «سمارت» المعارضة. وكانت كتائب المعارضة أطلقت قبل أيام عملية «الحسم» للسيطرة على معسكري وادي الضيف والحامدية، إضافة إلى تجمع المدجنة والحواجز التي تحيط به.
وفي ريف دمشق، قتل عشرات من عناصر القوات النظامية خلال اشتباكات مع مقاتلي «جبهة أنصار الإسلام» المعارضة، في مخيم خان الشيح بريف دمشق، حسب وكالة «سمارت».
وأفادت الوكالة بأن «معارك عنيفة اندلعت بين الجانبين في محيط أوتوستراد السلام، انتهت بمقتل عشرات من القوات النظامية والسيطرة على ثلاثة مبانٍ، كانت تتمركز فيها الأخيرة والاستيلاء على عربة ب إم ب»، تزامنا مع تعرض مدينتي عين ترما والزبداني لقصف بقذائف المدفعية والهاون، من ثكنة «كمال مشارقة» وحواجز «الحوش» و«المعسكر» و«هابيل»، وسط قصف للطيران الحربي على مدينة عدرا العمالية.
وفي ريف دمشق أيضا أعلن مقاتلو «الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام»، عن تفجير أحد الأبنية التي تتحصن عناصر القوات النظامية في بلدة دير خبية في ريف دمشق الغربي. وأوضح الاتحاد أن مقاتليه «تسللوا إلى إحدى النقاط الهامة التي تتمركز بها عصابات الأسد، ثم قاموا بتفخيخها ونسفها، ما أدى لمقتل كل من فيه». وبث «الاتحاد الإسلامي» شريطا مصورا على موقع «يوتيوب» يظهر عملية التفجير. وتقع دير خبية في الشمال الغربي لناحية الكسوة في ريف دمشق.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.