نظام جديد يتيح للروبوتات قراءة أفكار الإنسان

يقوم برصد أخطائها وإرسال إشارات لإصلاحها

نظام جديد يتيح للروبوتات قراءة أفكار الإنسان
TT

نظام جديد يتيح للروبوتات قراءة أفكار الإنسان

نظام جديد يتيح للروبوتات قراءة أفكار الإنسان

لا شكّ في أنّ جعل الروبوت يقوم بما نريده سيكون أكثر سهولة إن استطاع قراءة أفكارنا. ولذا فإن الأنظمة التي تتيح إدارة الروبوتات بواسطة الموجات الدماغية والحركات العضلية ستسهل الحصول على استجابة أسرع منها.
هذا الحلم المستمدّ من الخيال العلمي قد لا يكون بعيداً عنّا، فبفضل نظام تحكّم آلي جديد، سيتمكن الإنسان من منع الروبوت من ارتكاب خطأ ما والعودة إلى المسار الصحيح لأداء مهمته عبر استخدام الموجات الدماغية والحركات اليدوية البسيطة.
التحكم بالأفكار
يستطيع الأشخاص المهتمون بأمور الروبوتات في المصانع والمنازل المستشفيات أن يتعرّفوا إلى هذا النظام الذي عرض للمرة الأولى في مؤتمر «الروبوتات: العلم والأنظمة» في 28 يونيو (حزيران) لضمان تشغيل الروبوتات بشكل آمن وفعال.
تتيح أقطاب كهربائية يرتديها المستخدم على رأسه وساعده للإنسان على السيطرة على الروبوت. ترصد الأقطاب الكهربائية الموجودة على الرأس الإشارات الكهربائية التي تعرف باسم «إمكانات ذات الصلة بالخطأ»، التي يولّدها الدماغ البشري لا إراديا عندما يرى أحد يرتكب حماقة أو خطأ معيّنا، وترسل تنبيهاً للروبوت.
وعندما يتلقى هذا الأخير إشارة الخطأ يتوقف عن القيام بما يقوم به. بعدها، يستطيع الإنسان أن يقوم بحركات بيده تلتقطها الأقطاب الكهربائية الموجودة على ذراعه التي ترصد الإشارات الكهربائية الصادرة عن العضلات، لإطلاع الروبوت على الخطوة الصحيحة التي يجب أن يقوم بها.
اختبرت دانييلا روس، باحثة متخصصة في علم الروبوتات من معهد ماساتشوستس للتقنية وزملاؤها النظام الجديد بالتعاون مع سبعة متطوعين. أشرف كلّ مستخدم على روبوت يحرّك آلة ثقب باتجاه ثلاثة أهداف محتملة، يضيء على كلّ واحد منها مصباح موضوع على هيكل طائرة مزيّف. وفي كلّ مرّة كان يركّز الروبوت فيها على هدف خاطئ، يعمل التنبيه الدماغي المتصل بالخطأ لدى المستخدم على ردعه. وعندما يحرّك المستخدم ذراعه يساراً أو يميناً لتغيير اتجاه الروبوت، يتحرّك الأخير نحو الهدف الصحيح.
وفي أكثر من 1000 تجربة، اتجه الروبوت منذ البداية نحو الهدف الصحيح في 70 في المائة من الحالات، في حين اتجه الروبوت نحو الهدف الصحيح في أكثر من 97 في المائة من الحالات بعد التدخّل البشري.
يخطط الفريق لبناء نسخة من هذا النظام تساعد الروبوت في التعرّف إلى مجموعة أكبر من حركات المستخدم. يقول جوزيف ديل بريتو، أحد الباحثين المشاركين في الدراسة وباحث متخصص في الروبوتات من معهد ماساتشوستس للتقنية: «يمكنكم أن تحددوا عن طريق إشارات اليد كيف يجب على الروبوت أن يتحرّك، ويمكن لحركتكم أن تفسّر بوضوح أكبر».
مساعدة المعاقين
يعمل نظام إصدار الأوامر عن طريق الدماغ والنشاط العضلي بشكل أفضل في الأماكن الكثيرة الضجيج والقليلة الضوء كالمصانع والمساحات الخارجية. ويلفت ألكسندر باراشانت، باحث متخصص في وسائط الكومبيوتر والدماغ من مختبرات «CTRL» في مدينة نيويورك إلى إمكانية استخدام هذه التقنية أيضاً لتوجيه الروبوتات التي تساعد الأشخاص العاجزين عن الكلام أو الذين يعانون من صعوبات في الحركة، كالمرضى المصابين بالتصلب الجانبي الضموري.
يستطيع هذا النظام أيضاً أن يصحح أخطاء الرجال الآليين بشكل شبه آني. يقول باراشانت إنّه وبعد ملاحظة الشخص لأي خطأ، يستطيع تمييز «الإمكانات ذات الصلة بالخطأ» في غضون بعض مئات من الملي ثانية، في حين يمكن رصد الإشارات الكهربائية للعضلات قبل الحركة الفعلية. يمكن الاستفادة من هذه الميزة في الأوضاع التي تعتمد بشكل رئيسي على التفاعل السريع لضمان سلامة الروبوت والآخرين، كقيادة السيارات الذاتية القيادة أو التحكّم بالآلات الصناعية.
ولكن باراشانت يلفت إلى أنّ دخول هذا النظام إلى دائرة الاستخدام الاستهلاكي يتطلّب الاعتماد على معّدات أبسط وأسهل استخداماً من تلك المعتمدة حالياً. تبلغ كلفة تطوير الجهاز الحالي الذي يرصد النشاط الدماغي آلاف الدولارات، هذا فضلاً عن أنّ القبعات المجهزة بالأقطاب الكهربائية غير مريحة للارتداء. ولكن في حال تمكّن الباحثون من قياس الموجات الدماغية بسماعات أقلّ ثمناً وأكثر راحة، يمكن لهذا النظام أن يقدّم للمستخدمين العاديين طريقة سريعة وبسيطة يعتمدون من خلالها على روبوت لإتمام أعمالهم.


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً