استفزَّت الميليشيات الحوثية سكان صنعاء، عبر قيامها بتخصيص ميزانية شهرية لقبر رئيس مجلس حكمها الصريع صالح الصماد، وتحويله إلى مزار طائفي لعناصرها، في الوقت الذي لا يجد فيه الملايين من السكان في مناطق سيطرتها ما يكفيهم من المال لسد احتياجاتهم الضرورية، فضلاً عن عجزهم عن توفير الخدمات الملحة من أجل بقائهم على حافة الحياة الإنسانية.
وأفادت مصادر مالية مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» بأن الجماعة الحوثية، رصدت ميزانية شهرية تعادل ما يقارب 10 آلاف دولار، من أجل حراسة وإنارة وصيانة قبر رئيس مجلس حكمها الصريع صالح الصماد، الذي حولته لمزار لأتباعها وقياداتها في سياق سعيها لتمجيده وتسويقه في صفوف السكان باعتباره رمزاً وطنيّاً. وقالت المصادر إن الميليشيات الحوثية زودت القبر بمولد كهربائي، لإنارته على مدار الساعة، وخصصت الميزانية التي قررتها من أجل توفير الوقود للمولد، ومن أجل دفع رواتب للحراس الذين عينتهم من عناصرها لحماية القبر وحراسته، إلى جانب أعمال الصيانة للقبر والمنطقة المحيطة به. وبحسب ما شاهدته «الشرق الأوسط» في زيارة ميدانية لها إلى ميدان السبعين الواقع جنوب العاصمة صنعاء، حيث يقع القبر في الشق الغربي من الميدان عند ضريح الجندي اليمني المجهول، الذي يعد لدى اليمنيين أحد الرموز الجمهورية، قامت الجماعة الحوثية بتحويل القبر إلى ضريح مزين بالرخام والزجاج الأخضر بطريقة هندسية، كما عملت على تطريزه بالمصابيح الخضراء، المضاءة على مدار الساعة، في هيئة مستفزة لسكان العاصمة.
وعبر مواطنون في تعليقات أدلوا بها لـ«الشرق الأوسط» عن سخريتهم واستهجانهم لصنيع الجماعة الحوثية، التي قالوا إنها جددت استفزاز مشاعرهم بتخصيص ميزانية للقبر من أجل إضاءته في الوقت الذي يفتقر فيه ملايين الأحياء لإنارة منازلهم، فضلاً للقوت الضروري، خصوصاً بعدما أوقفت الميليشيات دفع رواتبهم منذ 20 شهراً. وعدَّ ناشطون وسكان في الأحياء القريبة من ميدان السبعين، إنفاق الميليشيات على قبر الصماد وقبور مرافقيه الستة، دليلاً إضافياً على تقديس الجماعة لما وصفوه بـ«مشاريع الموت» في مقابل معاداتها لكل أسباب الحياة الكريمة والمواطنة الآمنة. وكانت الميليشيات عملت على استفزاز الشعب اليمني باختيار مكان قبر الجندي المجهول، لدفن رئيسها الصريع الصماد، لجهة ما يمثله المكان من رمز جمهوري للتعبير عن نضال اليمنيين وكفاحهم في سبيل القضاء على الحكم الإمامي وترسيخ حكم الجمهورية التي أعلنوها عقب ثورة 26 سبتمبر (أيلول) 1962.
وفي الوقت الذي أثار صنيع الحوثيين سخرية واستهجانا واسعين في أوساط الناشطين اليمنيين على مواقع التواصل الاجتماعي، توعد بعضهم في منشورات تابعتها «الشرق الأوسط» بهدم الضريح الحوثي وإعادة المكان إلى سابق عهده بمجرد تحرير صنعاء واستعادتها من قبضة الميليشيات. ويأتي تحويل الجماعة لقبر الصماد إلى مزار طائفي، وإسباغ الألوان والأضواء الخضراء عليه، ضمن نهجها «القبوري» الذي درجت خلاله على تشييد أكثر من 400 مقبرة لقتلاها خلال ثلاث سنوات، وحفر القبور فيها على أشكال هندسية وتزيينها بالعشب والزهور، ورصد ميزانية ضخمة لإدارتها والعناية بها.
وكان رئيس مجلس حكم الميليشيات السابق صالح الصماد لقي مصرعه في ضربة جوية لطيران تحالف دعم الشرعية في 19 أبريل (نيسان) الماضي، بعد أن استهدفته مع مرافقيه أثناء وجوده في مدينة الحديدة التي زارها من أجل تحشيد المقاتلين ورفع معنويات أتباع الجماعة وحضهم على الاستبسال في الدفاع عن الوجود الحوثي في الحديدة والساحل الغربي.
على صعيد، آخر، كثفت الجماعة الحوثية هذا الأسبوع من أعمال الخطف في أوساط المسافرين إلى عدن، زاعمة أنهم من أتباع طارق صالح، نجل شقيق الرئيس الراحل، الذي كان انخرط في الأشهر الأخيرة، التي أعقبت مقتل عمه وإفلاته من قبضتها، في المعارك التي تخوضها الشرعية والتحالف الداعم لها في الساحل الغربي، على رأس الآلاف من أتباعه الذين حشدهم للقتال معه في معركة الثأر من الجماعة.
وأفادت مصادر حقوقية وناشطون لـ«الشرق الأوسط» بأن نقاط التفتيش الحوثية المبثوثة على الطريق من صنعاء إلى عدن، أقدمت خلال الأيام الأخيرة على خطف العشرات من المسافرين المتجهين إلى عدن، بعد أن اتهمتهم بأنهم يحاولون الالتحاق بمعسكرات القوات التي يوقدها طارق صالح.
استفزاز انقلابي لمعاناة اليمنيين بتخصيص ميزانية لقبر الصماد
استفزاز انقلابي لمعاناة اليمنيين بتخصيص ميزانية لقبر الصماد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة