معركة على «حظر نشر» بين النيابة المصرية و«الأعلى للإعلام»

«أمن الدولة» تحقق مع مكرم محمد أحمد

TT

معركة على «حظر نشر» بين النيابة المصرية و«الأعلى للإعلام»

نشبت معركة على مشروعية قرار بـ«حظر النشر» بين النيابة المصرية و«المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام»، وقرر النائب العام، المستشار نبيل صادق، التحقيق مع رئيس «الأعلى للإعلام» الصحافي مكرم محمد أحمد، على خلفية أمر أصدره الأخير قبل أيام لوسائل الإعلام المختلفة بوقف النشر بشأن مستشفى لعلاج سرطان الأطفال تواجه اتهامات بـ«إساءة استخدام أموال التبرعات»، وتجري وزارة التضامن فحصاً لأوجه نشاطها.
وتضمن قرار النائب العام المصري، أمس، تشديداً على أن قرار «الأعلى للإعلام» بشأن حظر النشر في الواقعة «يمثل تعدياً على اختصاصات السلطات القضائية والتنفيذية المنوط بها وحدها حماية الشأن العام للدولة».
لكن وفي المقابل دخل رئيس «الأعلى للإعلام» في جدل مع النيابة المصرية، وردّ على بيان النائب العام بالقول إن مجلسه «مارس اختصاصه وفقاً لقانونه الذي يعطيه صلاحية اتخاذ الإجراءات التي اتخذها، خصوصاً في ظل القلق الذي يعتريه ومخاوفه من استمرار حملة الانتقاد للمستشفى (المتهم بالمخالفات) دون قرار حاسم بالإدانة أو البراءة».
ومع تمسكه بصحة قراره بحظر النشر، أقر مكرم محمد أحمد بامتثاله لقرار النائب العام، ومثوله «أمام نيابة أمن الدولة العليا للإدلاء بأقواله احتراماً لمؤسسات الدولة».
وخاطب النائب العام المصري، نقابة الصحافيين المصريين، (بحسب ما يوجب القانون والدستور)، بموعد التحقيق مع مكرم باعتباره أحد أعضائها، ولحضور ممثل عن النقابة ومحامٍ عنه في التحقيقات المقررة اليوم (الأحد)، وطلبت النقابة إرجاء التحقيق حتى يوم الأربعاء، لكن لم تعلن النيابة قبولها للطلب أم رفضه.
ويرجح مراقبون مغادرة رئيس «الأعلى للإعلام» منصبه قريباً، بعد إقرار مرتقب من قبل مجلس النواب لقوانين «تنظيم الصحافة والإعلام» التي ستعدل من تشكيل 3 هيئات تتولى إدارة المشهد الإعلامي المصري.
وتعود تفاصيل الأزمة إلى حملة صحافية أطلقها الكاتب السينمائي وحيد حامد، منتصف الشهر الماضي، داعياً إلى التحقيق في مستندات قال إنها بحوزته بشأن «مخالفات لأوجه الصرف أقدمت عليها إدارة المستشفى الذي يحظى بصيت ذائع في مصر وصاحب نصيب كبير من التبرعات الخيرية». وتقدم حامد ببلاغين للنيابة العامة والإدارية للتحقيق فيما يقول، لكن إدارة المستشفى نفت بدورها الاتهامات، وقررت وزارة التضامن الاجتماعي (الجهة المشرفة على المستشفى) تشكيل لجنة لمراجعة أعمال المستشفى.
ودخل «الأعلى لتنظيم الإعلام» على خط الجدل الذي استقطب كتاباً وصحافيين دعوا إلى تحقيق شفاف في الأزمة، وقرر «وقف النشر والتناول الإعلامي بأي صورة للأزمة»، وأكد أنه يستند في قراره إلى «الحرص على استمرار هذا الصرح كأحد المؤسسات الطبية الأبرز عالمياً».
وقال النائب العام، أمس، إن قرار وقف النشر «صدر منعدماً ولا أثر له، والمؤسسات الصحافية أو الإعلامية وشأنها في الاعتداد به أو الالتفاف عنه»، ونبه على أن القانون منح «الأعلى للإعلام» سلطة وقف النشر بشأن «واقعة محددة من مؤسسة محددة تشكل مخالفة للقانون تستأهل توقيع الجزاء عليها، وهو ما لم يتضمنه قرار وقف النشر، وبما لا يتعدى اختصاصات القضاء».
وزاد النائب العام أن «حماية الشأن العام هو اختصاص السلطات القضائية والتنفيذية، وهو اختصاص منحه لها الدستور والقانون»، كما دعا مكرم إلى «إعداد الأجوبة للإدلاء بها لنيابة أمن الدولة العليا، وحظر النشر فيما تجريه نيابة أمن الدولة العليا من تحقيقات بشأنه».
وفي رده على بيان النيابة العامة، برر «رئيس الأعلى للإعلام» قراره بوقف النشر بأنه جاء «في ظل القلق الذي يعتري المجلس ومخاوفه من أن استمرار حملة الانتقاد للمستشفى، ربما يؤدي إلى أن يشح نهر الخير أو يقل تدفقه ويضعف».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».