«لا تيراتزا» واحة من الراحة وسط صخب عاصمة الرومان

نكهة إيطاليا الحديثة مكللة بنجمة {ميشلان}

إطلالة رائعة على روما
إطلالة رائعة على روما
TT

«لا تيراتزا» واحة من الراحة وسط صخب عاصمة الرومان

إطلالة رائعة على روما
إطلالة رائعة على روما

درة مخفية في وسط روما ستجدها قرب الشارع الرئيسي «فيا فينيتو» المشهور في فيلم «الحياة الحلوة» (لا دولتشيه فيتا بالإيطالية) واسمها «فندق عدن» Eden Hotel مما يوحي لك بجنات عدن أي الحديقة الغناء فعدن تعني الحاوي والفاكهة والخضرة والماء العذب. والحق أن هذا الفندق العريق يقع على حافة الحديقة العامة الجميلة الرائعة وسط روما وتسمى فيلا بورغيزي، ومن شرفة سطح الفندق ترى عاصمة الرومان بفتنتها وتاريخها الحافل وأمامك الأكاديمية الفرنسية التي استضافت كبار الفنانين والكتاب وعلى الطرف الآخر الأكاديمية السويسرية التي تستضيف مؤتمرات الهندسة المعمارية والتصميم العالمية هذا الصيف.
يعتبر مطعم «لا تيراتزا» La Terrazza وترجمته «الشرفة» على سطح الطابق الأخير في الفندق أحد عشرة أهم مطاعم في العاصمة الإيطالية منذ أن بدأ العمل فيه الطاهي المعروف من ضواحي نابولي فابيو شيرفو (45 عاما) قبل ثمانية أعوام وطوره منذ إعادة تجديد الفندق في العام الماضي وحاز على تصنيف عال من دليل ميشلان للمطاعم بإعطائه نجمة تشير إلى تميزه، ويساعده الآن أربع طهاة و30 من المعاونين. وسينضم إليهم الشيف المختص بالحلويات من فرنسا وهو انجلو موسى الحائز على الجائزة العالمية لصنع الحلويات عام 2003. ونرى في الواقع مطعمين بجوار بعضهما الآخر فهناك «الحديقة» وهو مطعم يقدم أنواعا من السلطات والشطائر والخضار واللحوم المجففة وهناك المطعم الرئيسي وهو «الشرفة» وكلاهما يتمتعان بالمنظر الخلاب الذي يأسرك بجماله ويدعوك للراحة والاسترخاء. يقول شيرفو في مقابلة خاصة مع «الشرق الأوسط» بأنه يحضر الوجبات الإيطالية «على طريقته» التي تتسم بالإبداع وتطوير الصحون المألوفة بطريقة حديثة وصحية. يضيف الشيف فابيو شيرفو «الطهي الجيد لا يعني خلط المكونات ببعضها فقط ولكن معرفة خصائص المكونات وأصولها والابتكار في المزيج والكميات لكل مكون». لذا يعمد شيرفو إلى إجراء فحوص وتجارب في مختبر طعامي في الفندق لكي يتمكن من امتحان وتطبيق طريقته الخاصة، فهو يأخذ على سبيل المثال طبقا تقليديا من روما وهو معجنات السباغيتي مع الجبن والفلفل الأسود فيستعمل جبن الغنم الذي يرعى في ريف روما والفلفل الأسود المستورد من جزيرة مدغشقر في أفريقيا لنكهته الخاصة ويضيف من عنده برعم الورد ليخفف من قوة الفلفل الأسود ويخلق التوازن بين التوابل. يروي شيرفو قصة حيلة قام بها عند تحضيره لطبق من الحاويات لتقديمها من قبل أحد الزبائن الأميركان لإعلان خطبته إذ أخفى خاتم الخطبة في الكعكة وحين قصت الخطيبة الشطيرة الأولى ظهر لها خاتم الخطبة! وفي قصة أخرى دعا أحد الزبائن وأولاده إلى المطبخ وعلمهم طريقة صنع البيتزا من نابولي واستمتع الجميع بما جهزوه بأنفسهم!
تحتوي لائحة الطعام في «الشرفة» على أطباق كثيرة لذيذة وصحية في آن واحد وبعضها نجد فيه لمحة من الشرق الأقصى مثل قنفذ البحر مع الكري لكن الطبق المفضل يبقى وسائد معجنات الرافيولي المحشية بنوع من كركند البحر والقريدس (الجمبري أو البريان) يسمى سكلمبي مع كريم البازلاء. تقدر تكاليف وجبة العشاء بـ150 يورو (أو 174 دولارا) فهو عشاء ملوكي بكل معنى الكلمة من الفخامة والرفاهية وطيب المذاق وبهاء المنظر.
تملك الفندق والمطعم شركة دورشستر كولكشن البريطانية المملوكة من قبل سلطان بروناي حسن الله بلقية، ومن الفنادق المعروفة التي تملكها الشركة فندق دورشستر بلندن وبلازا اتينيه في باريس وبفيرلي هيلز في لوس أنجليس بالولايات المتحدة وستفتح فندقا جديدا في دبي بعد عامين لكن أوتيل عدن في روما يتميز بموقع فريد وتاريخ عريق في الفخامة والذوق الرفيع منذ افتتاحه لأول مرة عام 1889 قبل اختراع الكهرباء والمصاعد والتدفئة المركزية. أشرف على تجديد الفندق المهندس المعماري والمصمم والرسام الفرنسي المرموق برونو موانار الذي عمل طويلا في التصميم الداخلي مع شركات كبيرة مثل كارتييه في فرنسا وعدد من المتاحف العالمية والفنادق المترفة. يقول انريكو ماناسيه الشاب المسؤول عن راحة النزلاء والمتخرج من المعهد السويسري للخدمة الفندقية في لوزان أن أغلب زبائن الفندق في روما هم من الأميركان ومن السعودية والإمارات وقطر وأن الغرف أصبحت الآن بعد التجديد أجنحة أو شقات واسعة تبلغ قيمة الإقامة فيها يوميا ما بين 900 و1600 يورو (أي 1044 إلى 1856 دولارا) وبعض الزبائن يستأجر طائرة هليكوبتر مروحية للتنقل إلى الأماكن الأثرية في مدينة بومبي القريبة من نابولي لضيق وقتهم وتجنب حركة السير المزدحمة في الطرقات. زرنا أفخم جناحين في الفندق برفقة انريكو مستمعين إلى شرحه الممتع وتهذيبه العالي وأولهما جناح الممثلة السويدية الراحلة انجريد برغمان ولها حديقة خاصة تمتاز بالكمال والجمال وبالورود الحمراء المسماة باسم تلك الممثلة الرائعة في جو هادئ صاف يجعلك تظن أنك غادرت ضوضاء العاصمة إلى سكون الريف وتكلف الليلة الواحدة في هذا الجناح 5000 يورو (أو 5800 دولار)، أما أفخم جناح فيقع في الطابق الأخير وله مصعده الخاص ويصلح للملوك والأمراء وكبار الأثرياء ومن زبائنه جيف بيزوس رئيس شركة أمازون الذي تقدر ثروته هذا العام بـ130 بليون دولار.
إذا أردت أن تعيش ليلة من ألف ليلة وليلة في عاصمة الرومان فعليك أن تدفع 15000 يورو (أو 17400 دولار) لهذا الجناح ولا بأس من تناول الطعام في «الشرفة» بأقل من ذلك بكثير!


مقالات ذات صلة

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)
مذاقات توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات إم غريل متخصص بالمشاوي (الشرق الاوسط)

دليلك إلى أفضل المطاعم الحلال في كاليفورنيا

تتمتع كاليفورنيا بمشهد ثقافي غني ومتنوع، ويتميز مطبخها بكونه خليطاً فريداً من تقاليد عالمية ومكونات محلية طازجة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
مذاقات صندوق من الكعك والكعك المحلى من إنتاج شركة «غريغز سويت تريتس» في نيوكاسل أبون تاين - بريطانيا (رويترز)

حلويات خطيرة لا يطلبها طهاة المعجنات أبداً في المطاعم

في بعض المطاعم والمقاهي، توجد بعض الخيارات الاحتياطية التي تجعل طهاة المعجنات حذرين من إنفاق أموالهم عليها؛ لأنها على الأرجح خيار مخيب للآمال.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
مذاقات «الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

إيمان مبروك (القاهرة)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».