من يكترث بالاستعراض عندما تكون النتيجة كافية؟ لعله الشعار الأمثل للمنتخب السويدي لكرة القدم في مونديال روسيا 2018، في غياب أبرز نجومه زلاتان إبراهيموفيتش، حقق المنتخب الإسكندنافي إنجاز بلوغ الدور ربع النهائي للمرة الأولى منذ 24 عاما. حلت الواقعية والبراغماتية في تشكيلة المدرب يانه أندرسون، بدلا من الاستعراض الذي كان المهاجم العملاق والموهوب يتقنه بشكل مثالي.
في إحدى حانات العاصمة ستوكهولم، وبعد بلوغ المنتخب الدور ربع النهائي للمرة الأولى منذ 1994 بفوزه الثلاثاء على سويسرا 1 - صفر، لخص المشجع بيتر انغنيفورس الانطباع السويدي «الآن، نريد الذهاب إلى النهاية. نحن ضمن آخر ثمانية منتخبات (في المونديال)». أضاف: «هذا أمر لا يصدق». في بلاد تركز على النتيجة النهائية أكثر من المسار المفضي إليها، تبدو الفعالية وتحقيق المطلوب، سمة تنعكس في أداء المنتخب.
رئيس الوزراء ستيفان لوففين أعرب عن تأثره بما حققه اللاعبون. في خضم حملته للانتخابات التشريعية المقررة في التاسع من سبتمبر (أيلول) المقبل، وجد وقتا للحديث عن كرة القدم: «هذه هي السويد! هكذا يجب أن تعمل المؤسسة. نتكاتف فيما بيننا وهكذا نستطيع الذهاب بعيدا». بدورها، لم تخف الصحف المحلية الشعور بالفرح العارم. صحيح أن السويد لا تقدم العروض الخلابة لكنها تفوز، وهذا هو الأهم، لا سيما في الأدوار الإقصائية لبطولة بأهمية كأس العالم في كرة القدم.
بالنسبة لصحيفة «سفنسكا داغبلادت»: «هذا منتخب يعشق (...) يقومون دائما بإنجاز المهمة»، مشيرة إلى أن التشكيلة الحالية «هي الأكثر اعتمادا على اللعب الجماعي بين كل المنتخبات المشاركة في المونديال». وكان لسان حال صحيفة «إكسبرسن» مماثلا بقولها: «عندما نلعب كرة القدم، لا توجد أي قاعدة تشير إلى ضرورة الإمتاع، والالتزام بالقيام بالحركات الخادعة والضربات المقصية الخلفية»، مضيفة: «لقد نجح المنتخب الوطني السويدي في بلوغ الدور ربع النهائي من كأس العالم، وهذا ما لم يكن متوقعا، لكن قام به لأنه يواصل السير على طريقه».
وربما يكون استعمال تعابير «الحركات الخادعة» و«الضربات المقصية» انتقادا مبطنا لإبراهيموفيتش الذي اعتزل اللعب دوليا بعد كأس أوروبا 2016. قبل المونديال، لمح النجم السابق لأندية عدة منها باريس سان جيرمان الفرنسي ومانشستر يونايتد الإنجليزي وميلان الإيطالي، إلى احتمال عودته للمشاركة في المونديال. لم تلق تلميحاته ترحيبا من المدرب أندرسون. بعض ما قاله أيضا أثار سخطا في السويد، لا سيما عندما اعتبر أن «كأس العالم من دون زلاتان، ليست كأس عالم». خفتت تصريحاته منذ ذلك الحين، وبات يقوم حاليا عبر مواقع التواصل بنشر صور باللونين الأزرق والأصفر (علم بلاده) مع عبارة «نحن جاهزون» مرفقة بوسم «أبطال العالم».
كانت أفضل للسويد في نهائيات كأس العالم 1958، بلوغ المباراة النهائية على أرضها لتخسر أمام البرازيل وأسطورتها بيليه 2 – 5، كما بلغت الدور نصف النهائي في مونديال 1994 في الولايات المتحدة وخسرت أمام البرازيل مجددا صفر – 1، وأنهت المونديال الأميركي في المركز الثالث. يحقق المنتخب حاليا أفضل نتائجه منذ تلك البطولة، وهو يحظى بمتابعة من السويديين الذين بدأ معظمهم الإجازات الصيفية، في توقيت مناسب لحضور منافسات المونديال. الدوام الصيفي الذي بدأ تطبيقه في أماكن العمل، يتيح لغالبية الموظفين العودة إلى منازلهم بحلول الساعة الرابعة عصرا.
وتشير دراسة أعدها مكتب الإحصاءات الوطني، إلى أن التغيب هو أعلى بنسبة 65 في المائة خلال المونديال، مما يكون عليه في يوليو (تموز) عادة. وبحسب الأرقام، شاهد سويدي من أصل ثلاثة المباراة ضد سويسرا الثلاثاء. وتقوم بعض المؤسسات بوضع جداول خاصة للتأقلم مع مواعيد المباريات. يضطر البعض أحيانا لـ«التضحية»: مسؤولة أكبر متاجر شركة «ايكيا» في البلاد، شغلت وظيفة عاملة الصندوق خلال المباراة الأولى للمنتخب. ومن أجل السماح للجميع بمشاهدة المباراة ضد إنجلترا في ربع النهائي السبت، قام الاتحاد السويدي لكرة القدم بتغيير جدولة مباريات الدوري المحلي الذي يقام بين أبريل (نيسان) ونوفمبر (تشرين الثاني)، ولن تقام أي مباراة في الساعة الرابعة بالتوقيت المحلي، موعد اللقاء المرتقب.
براغماتية السويد لا تكترث بالعروض الخلابة
المنتخب الإسكندنافي يطمح في بلوغ نصف النهائي للمرة الاولى منذ 24 عاماً
براغماتية السويد لا تكترث بالعروض الخلابة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة