حفتر يحذّر من «وجود عسكري أجنبي» في جنوب ليبيا

قواته تستعد للتوجه إلى سبها بعد تحرير درنة

مهاجرون تمكنت البحرية الليبية من إنقاذهم أمس (رويترز)
مهاجرون تمكنت البحرية الليبية من إنقاذهم أمس (رويترز)
TT

حفتر يحذّر من «وجود عسكري أجنبي» في جنوب ليبيا

مهاجرون تمكنت البحرية الليبية من إنقاذهم أمس (رويترز)
مهاجرون تمكنت البحرية الليبية من إنقاذهم أمس (رويترز)

فيما بدا وكأنه تمهيد لقيام الجيش الوطني الليبي، الذي يقوده المشير خليفة حفتر، بتنفيذ عملية عسكرية في الجنوب الليبي بعد إعلان تحرير مدينة درنة، شرق البلاد، حذر حفتر، أمس، من محاولة بعض الأطراف الدولية، التي لم يحددها، إنشاء وجود عسكري لها في الجنوب، بحجة التصدي للهجرة غير الشرعية.
وقال حفتر في بيان إن لديه معلومات، لم يكشف مصدرها، عن رغبة بعض الأطراف الدولية بإنشاء وجود عسكري لها في جنوب ليبيا، وحذرها من القيام بهذا العمل، الذي اعتبره «انتهاكاً بشكل صارخ لقواعد القانون الدولي، ويمثل اعتداء سافراً على الدولة الليبية وسيادتها على أراضيها».
وأضاف حفتر موضحاً أن القيادة العامة للقوات المسلحة «تعلن أنها ستتخذ في إطار تنفيذها لواجباتها المنصوص عليها في الإعلان الدستوري والقوانين الوطنية النافذة، جميع الإجراءات والتدابير الكفيلة بحماية الدولة الليبية، وحدودها وشعبها وأراضيها، ومقدراتها ومنشأتها الاقتصادية، وبما يمنع أي تصرف يمثل عدونا وانتهاكا للسيادة الوطنية».
ولفت البيان إلى أن لدى قيادة الجيش رغبةً في إقامة ما وصفه بعلاقات دافئة، وشراكات استراتيجية متوازنة مع كل الأطراف الدولية، بما يحقق المصالح المشتركة بين ليبيا وغيرها من الدول.
وجاء البيان في وقت قالت فيه مصادر الجيش الوطني إن وجهته التالية، بعد الانتهاء من تحرير درنة من قبضة الجماعات الإرهابية، التي سيطرت عليها على مدى السنوات الخمس الماضية، هي مدينة سبها عاصمة الجنوب الليبي، حيث تنتشر عصابات مسلحة ومجموعات من المرتزقة الأفارقة، بالإضافة إلى بعض فلول من الجماعات الإرهابية.
وكان حفتر قد أعلن مساء أول من أمس تحرير مدينة درنة من الإرهابيين، ضمن التحالف الذي كان يضم مقاتلين محليين ومتطرفين أجانب في آخر معقل للجماعات الإرهابية بشرق ليبيا.
إلى ذلك، كرر مصطفى صنع الله، رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، التابعة لحكومة الوفاق الوطني، التي يترأسها فائز السراج في العاصمة طرابلس، تأكيده على أن هذه المؤسسة الشرعية، المعترف بها لدى منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك)، ومن قِبَل المجتمع الدولي، هي المسؤولة عن عمليات الإنتاج والتصدير للنفط الليبي، تحت رقابة حكومة السراج.
ودعا صنع الله، أمس، خلال مشاركته في افتتاح القمة الليبية - الأوروبية الأولى للنفط والغاز، أول من أمس، إلى عدم الالتفات إلى المؤسسات غير الشرعية والموازية، التي تسعى إلى تقسيم قطاع النفط والدولة الليبية وإدانتها، معرباً عن أمله في التوصل إلى حل سريع للأزمة الحالية، والسماح للمؤسسة الوطنية للنفط بمواصلة دعمها لمصدر قوت الليبيين، دون قيود.
وقال صنع الله في كلمة ألقاها عن طريق الدائرة المغلقة من مقر مؤسسة النفط بطرابلس لدى تدشين القمة المنعقدة في فيينا، إن المؤسسة شرعت في وضع خطط لاستقطاب الاستثمارات كبيرة الحجم مِن أضخم الشركات العالمية. لكن مصادر بميناء الزويتينة النفطي الليبي قالت في المقابل إن مسؤولي الميناء لم يسمحوا برسوّ ناقلة تعاقدت عليها مؤسسة النفط، التي يترأسها صنع الله.
بينما أعلن مسؤول نفطي أن ناقلة في ميناء الحريقة النفطي (شرق) لم تتمكن من إكمال التحميل بسبب عدم حصولها على تصريح من السلطات بشرق البلاد.
ونقلت وكالة «رويترز» عن فرج سعيد، رئيس مؤسسة النفط الموازية، إنه أمر الموانئ بعدم السماح لأي ناقلة لم تحصل على إذن من مكتبه بدخول الميناء.
إلى ذلك، كشف مسؤول في خفر السواحل الليبي عن مخاوف من غرق نحو 100 شخص كانوا على متن قارب يقل مهاجرين قبالة سواحل غرب ليبيا، وقال إن خفر السواحل أنقذ 14 شخصاً إلى الشرق مباشرة من العاصمة طرابلس.
وليبيا محطة انطلاق رئيسية للمهاجرين الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا بحرا، وعادة ما يركبون قوارب مطاطية متهالكة يوفرها لهم المهربون.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.