واشنطن مصرة على التصعيد في معركة التجارة... والصين تجهز «بدائل»

انتقادات لـ«الانتقام الجمركي الأوروبي»... والكونغرس يقر تكبيل الاستثمارات الأجنبية

واشنطن تتجه لمزيد من التصعيد في مسألة الرسوم الجمركية ضد أكبر شركائها التجاريين (رويترز)
واشنطن تتجه لمزيد من التصعيد في مسألة الرسوم الجمركية ضد أكبر شركائها التجاريين (رويترز)
TT

واشنطن مصرة على التصعيد في معركة التجارة... والصين تجهز «بدائل»

واشنطن تتجه لمزيد من التصعيد في مسألة الرسوم الجمركية ضد أكبر شركائها التجاريين (رويترز)
واشنطن تتجه لمزيد من التصعيد في مسألة الرسوم الجمركية ضد أكبر شركائها التجاريين (رويترز)

تظهر الإجراءات الأميركية خلال الساعات الأخيرة اتجاه الإدارة الأميركية إلى التصعيد في عمليات استهداف الشركاء التجاريين التقليديين بغية خفض العجز التجاري للولايات المتحدة، مع محاولات لمواجهة مخاوف واشنطن من سيطرة صينية على التكنولوجيا، فيما تتجه الصين على الجانب الآخر لتعزيز علاقاتها مع «حلفاء جدد»، خصوصا في القارة الآسيوية، مع تعهد بكين بالرد على الإجراءات الأميركية.
وفي حين وافق مجلس النواب الأميركي على مشروع قانون يهدف إلى تشديد قواعد الاستثمار الأجنبي، وسط مخاوف بشأن مساعي الصين لاقتناء التكنولوجيا الأميركية، وجهت الإدارة الأميركية انتقادات حادة إلى الاتحاد الأوروبي آخذة عليه تدابيره الجمركية الانتقامية ردا على الرسوم الأميركية المشددة، ونددت باستخدام «الأوروبيين والذين يتبعونهم مثل الصين» قواعد منظمة التجارة العالمية بصورة «خبيثة» و«زائفة».
ورأى ممثل التجارة الأميركي روبرت لايتهايزر في بيان مساء أول من أمس أن «الاتحاد الأوروبي اختلق نظرية قانونية لا أساس لها لتبرير فرض رسوم جمركية ردا على الضرائب الأميركية على الصلب». متهما «الاتحاد الأوروبي وآخرين» بينهم الصين بـ«تحوير قواعد منظمة التجارة العالمية حتى تعني ما يحلو لهم متى يحلو لهم». وتابع أن الاتحاد الأوروبي والصين بفرضهما رسوما جمركية مؤخرا؛ «يتجاهلان قواعد منظمة التجارة العالمية حين يناسبهما ذلك».
وكتب لايتهايزر أن الإدارة الأميركية «تَعُدّ تدابير الرد من قبل شركائها التجاريين غير مبررة»، لأن الولايات المتحدة لها الحق في حماية صناعة الصلب الأميركية من طرف واحد «باسم الأمن القومي»، محذرا بأنه «إزاء هذه الرسوم الجمركية غير المبررة، ستتخذ الولايات المتحدة التدابير الضرورية لحماية مصالحها».
وإثر فرض واشنطن رسوما مشددة بنسبة 25 في المائة على واردات الصلب و10 في المائة على واردات الألمنيوم، رد الأوروبيون الجمعة الماضي بفرض رسوم جمركية على ما قيمته 3.2 مليار دولار من المنتجات الأميركية الشهيرة، ومن بينها الدراجات النارية «هارلي ديفيدسون» والويسكي والجينز. وندد لايتهايزر في بيانه بالتدابير الأوروبية، مشيرا إلى أنها «مصممة لمعاقبة الشركات الأميركية وعمالها».
وصدر هذا الموقف في وقت أعلنت فيه شركة «هارلي ديفيدسون» الشهيرة أنها ستنقل إنتاجها المخصص للتصدير إلى خارج الولايات المتحدة لتفادي دفع الرسوم المشددة على الدراجات النارية التي تبيعها في أوروبا، والتي تمثل نحو 17 في المائة من مبيعاتها. وكان لهذا القرار وقعا شديدا وأغضب ترامب، الذي انتقد الشركة أول من أمس على «تويتر». وكتب الرئيس: «دراجة (هارلي ديفيدسون) ينبغي ألا تصنع أبدا في بلد آخر... أبدا!»، مهددا بفرض ضرائب غير مسبوقة عليها حال تنفيذها خطوة الانتقال إلى خارج الولايات المتحدة.
وفور إعلان ترمب أول من أمس عن اقتراب تنفيذ قرار بزيادة الرسوم الجمركية بما يصل إلى نحو 25 في المائة على واردات السيارات الأوروبية، استنادا لاعتبارات الأمن القومي، قال «تحالف مصنعي السيارات» في الولايات المتحدة أول من أمس إنه سيبلغ إدارة ترمب بأن ذلك التهديد سيكلف المستهلكين الأميركيين 45 مليار دولار سنويا، أو 5800 دولار لكل سيارة.
وقالت غلوريا بركويست، المتحدثة باسم التحالف، الذي يمثل «جنرال موتورز» و«تويوتا موتور» و«فولكس فاغن» وشركات كبرى أخرى لصناعة السيارات، إنه سيقدم تعليقات مكتوبة إلى وزارة التجارة الأميركية في وقت لاحق هذا الأسبوع. وأضافت قائلة: «في عموم البلاد، هذه الرسوم الجمركية ستلحق ضررا بالمستهلكين الأميركيين عبر رسوم تبلغ نحو 45 مليار دولار على أساس مبيعات السيارات لعام 2017. هذا سيلغي إلى حد كبير فوائد التخفيضات الضريبية»، مؤكدة أن المستهلكين سيواجهون أيضا زيادة في تكاليف أجزاء السيارات المستوردة عندما يشترون مركبات من مصنعي السيارات الأميركيين والأجانب كليهما.
وفي غضون ذلك، وافق مجلس النواب الأميركي على مشروع قانون يهدف إلى تشديد قواعد الاستثمار الأجنبي وسط مخاوف بشأن مساعي الصين لاقتناء التكنولوجيا الأميركية. وأقر المجلس الذي يسيطر عليه الجمهوريون المشروع مساء أول من أمس بأغلبية 400 صوت ضد صوتين اثنين. والمشروع من سلسلة قوانين مقترحة تدرسها إدارة الرئيس ترمب والكونغرس للتصدي لما تعده تجارة وممارسات غير نزيهة للملكية الفكرية من جانب الصين.
ويتضمن أحد مشروعات القوانين فرض رسوم جمركية على سلع تتراوح بين الألمنيوم والسيارات، ومساعي لمنع توسع شركتي الاتصالات الصينيتين «هواوي تكنولوجيز» و«زد تي إي» في الولايات المتحدة.
ويتصدى مشروع القانون الذي وافق عليه مجلس النواب، ونسخة منه في مجلس الشيوخ، بشكل محدد للمخاوف من أن كثيرا من الشركات الصينية ذات الصلة بالحكومة، تحاول شراء مَصنعين أميركيين لأشباه الموصلات وشركات أخرى للتكنولوجيا. وعلى الجانب الآخر، ومع تأكيدات بكين المتوالية وتعهدها باتخاذ إجراءات انتقامية ضد الولايات المتحدة، تبدو الصين في مرحلة تجهيز بدائل قوية حال وصول المعركة الجمركية مع أميركا إلى مراحل «اللاعودة».
وأعلنت وزارة المالية الصينية أمس أن الصين ستخفض التعريفة الجمركية على مجموعة من الواردات من دول منطقة آسيا والباسيفيك بدءا من 1 يوليو (تموز) المقبل، طبقا لما ذكرته «وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا)» أمس.
ويغطي تعديل الرسوم منتجات تصنع في بنغلاديش والهند ولاوس وكوريا الجنوبية وسريلانكا، ويعد جزءا من الترتيبات حول امتياز التعريفات، والتي تم التوصل إليها ضمن «اتفاق التجارة لآسيا والباسيفيك». وسيتم تقليل التعريفة الجمركية على 2323 نوعا من السلع، بما فيها الكيماويات والمكونات البصرية والكاميرات التلفزيونية، وفقا للوزارة.


مقالات ذات صلة

الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

الاقتصاد متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)

الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

انخفضت مؤشرات الأسهم الأميركية، يوم الخميس، في ظل بيانات محبطة قد تشير إلى تباطؤ بالنمو الاقتصادي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد يشتري الناس الهدايا في منطقة تايمز سكوير في نيويورك (رويترز)

تضخم الجملة يقاوم الانخفاض في الولايات المتحدة

ارتفعت تكاليف الجملة في الولايات المتحدة بشكل حاد خلال الشهر الماضي، ما يشير إلى أن ضغوط الأسعار لا تزال قائمة في الاقتصاد حتى مع تراجع التضخم من أعلى مستوياته.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد لافتة مكتوب عليها «نوظف الآن» في مغسل سيارات بأحد شوارع ميامي بفلوريدا (رويترز)

زيادة غير متوقعة في طلبات إعانات البطالة الأميركية

ارتفع عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة بشكل غير متوقع، الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الاقتصاد يقوم عامل بإجراء فحص الجودة لمنتج وحدة الطاقة الشمسية في مصنع «لونجي للتكنولوجيا الخضراء» في الصين (رويترز)

واشنطن تُصعِّد تجارياً... رسوم جديدة على واردات الطاقة الصينية

تخطط إدارة بايدن لزيادة الرسوم الجمركية على رقائق الطاقة الشمسية، البولي سيليكون وبعض منتجات التنغستن القادمة من الصين.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد أشخاص يتسوقون في متجر بقالة في روزميد - كاليفورنيا (أ.ف.ب)

التضخم الأميركي يرتفع في نوفمبر إلى 2.7 % على أساس سنوي

ارتفعت أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة بأكبر قدر في 7 أشهر في نوفمبر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تمديد مهلة ماسك للرد على عرض تسوية التحقيق في «تويتر»

الملياردير الأميركي إيلون ماسك (رويترز)
الملياردير الأميركي إيلون ماسك (رويترز)
TT

تمديد مهلة ماسك للرد على عرض تسوية التحقيق في «تويتر»

الملياردير الأميركي إيلون ماسك (رويترز)
الملياردير الأميركي إيلون ماسك (رويترز)

قال مصدر لوكالة «رويترز» للأنباء إن هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية مددت مهلة حتى يوم الاثنين المقبل، أمام إيلون ماسك، للرد على عرضها لحسم تحقيق في استحواذ الملياردير على «تويتر»، مقابل 44 مليار دولار في عام 2022.

وغرد ماسك، أمس (الخميس)، بنسخة من رسالة أرسلها محاموه إلى رئيس الهيئة، جاء فيها أن موظفي الهيئة منحوه 48 ساعة للموافقة على دفع غرامة أو مواجهة اتهامات.

وقال المصدر إن الهيئة أرسلت إلى ماسك عرض تسوية، يوم الثلاثاء، سعياً للحصول على رد في 48 ساعة، لكنها مددت العرض إلى يوم الاثنين بعد طلب مزيد من الوقت.

وانخرطت الهيئة وهي أعلى سلطة في تنظيم الأسواق الأميركية وماسك في معركة قضائية، معلنة عن التحقيق الذي أجرته الوكالة في استحواذه على منصة التواصل الاجتماعي التي غيّر ماسك اسمها منذ ذلك الحين إلى «إكس».

ورفض متحدث باسم مكتب الشؤون العامة في هيئة الأوراق المالية والبورصات التعليق، ولم يرد محامي ماسك بعد على طلبات التعليق.

وكانت الهيئة تحقق فيما إذا كان ماسك قد انتهك قوانين الأوراق المالية في عام 2022 حين اشترى أسهماً في «تويتر»، بالإضافة إلى البيانات والملفات التي قدمها فيما يتعلق بالصفقة. وقد سعت إلى إنفاذ أمر استدعاء قضائي لإجبار ماسك على الإدلاء بشهادته بشأن هذه المسألة.

ويتعلق التحقيق بالملف الذي قدمه ماسك في الآونة الأخيرة إلى الهيئة بشأن مشترياته من أسهم «تويتر»، وما إذا كان أراد التربح أم لا.