موسكو تمهّد لتوسيع العملية العسكرية في الجنوب

انتقدت «انحياز» تقرير أممي حول «الكيماوي السوري»

TT

موسكو تمهّد لتوسيع العملية العسكرية في الجنوب

مهّدت موسكو لتوسيع نطاق العمليات العسكرية في الجنوب السوري، تحت ذريعة مواجهة الإرهابيين. وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين إن أكثر من 40 في المائة من مساحة منطقة خفض التصعيد في الجنوب تقع تحت سيطرة تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة»، ما يُخرجها من نظام وقف النار.
وبالتوازي مع المساعي الدبلوماسية لوضع ملامح الترتيبات النهائية في المنطقة، عبر المشاورات التي تجري في موسكو اليوم مع مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي جون بولتون ووزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي اللذين يلتقيهما الوزير سيرغي لافروف كلاً على حدة، بدا أمس أن موسكو حسمت موقفها لصالح توسيع رقعة سيطرة النظام السوري في المنطقة الجنوبية وتمكينه من بسط سلطته على المنطقة الحدودية.
وبرر فيرشينين موقف بلاده بالإشارة إلى أن أكثر من 40 في المائة من مساحة منطقة خفض التصعيد جنوب غربي سوريا «ما زالت تقع تحت سيطرة الإرهابيين». وقال فيرشينين، خلال اجتماع مجلس الأمن الدولي حول الوضع في الشرق الأوسط، إنه «لا يمكن تجاهل سيطرة تنظيمي داعش وجبهة النصرة في هذه المنطقة، ولا يمكن أن يكون هناك أي وقف لإطلاق النار مع الجماعات التي يعتبرها مجلس الأمن الدولي تنظيمات إرهابية».
وشكّل الموقف امتداداً لتذكير الوزير سيرغي لافروف قبل أيام بأن «كل اتفاقات خفض التصعيد استثنت المناطق التي يسيطر عليها إرهابيون من قرارات وقف النار».
وكانت موسكو اكتفت خلال الأيام الأخيرة بالإشارة في بيانات عسكرية إلى نجاح النظام في صد هجمات قامت بها مجموعات إرهابية، من دون أن تشير إلى احتمال توسيع نطاق العمليات العسكرية، ما دفع محللين أمس إلى توقع أن تنخرط موسكو أكثر في عملية عسكرية واسعة لحسم الوضع الميداني في المنطقة بالتوازي مع مساعي التوصل إلى اتفاقات نهائية مع الولايات المتحدة والأردن.
وكان فيرشينين انتقد موقف واشنطن حيال التطورات الميدانية الجارية في الجنوب السوري وقال إن «الولايات المتحدة منذ عام مر على إقامة منطقة خفض التصعيد هذه، وخلافاً لالتزاماتها، لم تفعل شيئاً لدعم محاربة الإرهابيين». وشدد على أن مناطق خفض التصعيد «لم تنشأ من أجل تقسيم دولة عضو في الأمم المتحدة وتثبيت وجود الإرهابيين فيها».
على صعيد آخر، اتهمت الخارجية الروسية منظمة حظر الأسلحة الكيماوية بالانصياع إلى الضغوط الأميركية، ورأت أن التقرير الأممي حول الكيماوي السوري «مسيس ومنحاز»، معلنة رفض المطالب التي تضمنها حول القيام بزيارات تفتيشية إلى مواقع سورية.
ورأى تعليق رسمي على تقرير الأمانة الفنية للمنظمة نشرته وزارة الخارجية على موقعها الإلكتروني، أمس، أن «الغرب يحاول التهرب من الإجابة عن الأسئلة الرئيسية المتعلقة باستخدام الكيماوي في سوريا». وزاد أن التقرير تجنّب الإقرار بعدم وجود أسباب مقنعة لشن هجوم صاروخي على فرعي مركز البحث العلمي في مدينتي برزة وجمرايا، خصوصاً أن نتائج زيارات المفتشين إلى الموقعين أكدت خلو مركز البحث العلمي من أنشطة محظورة.
ورأت الخارجية أن التقرير في صياغته الراهنة عكس تأكيداً للقناعة الروسية بأن «المتطلبات المنصوص عليها في التقرير تجاه سوريا تتجاوز إطار الاتفاقيات حول حظر استخدام الأسلحة الكيماوية». وزاد أن «مساعي مفتشي المنظمة للحصول على مجال للتحرك من دون عوائق أو شروط، في أي من مرافق البنى التحتية العسكرية والمدنية بما في ذلك السرية، لا تنسجم مع إطار قانوني دولي، ومن الواضح أن الوثيقة تم تبنيها تحت ضغط قوي من الولايات المتحدة وحلفائها المقربين».
وتساءلت الخارجية الروسية عن «رد فعل واشنطن المحتمل في حال أراد أي طرف دولي تفتيش مرافقها بنفس الطريقة». ولفتت إلى أن الحكومة السورية دعت ممثلي المنظمة، مرات عدة، لزيارة مركز برزة بهدف التحقق من تدميره بالهجوم الصاروخي، الأمر الذي ينهي مهام التفتيش في هذا المركز. وذكّرت بالموقف الروسي الذي أدان الهجوم الصاروخي الغربي في 14 أبريل (نيسان) الماضي، الذي تم تنفيذه، بحسب ما تقول موسكو، «من دون قرار في مجلس الأمن في انتهاك صارخ للقانون الدولي، ما يجعله عدواناً ضد دولة ذات سيادة وعضو في الأمم المتحدة».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.