الخلاف بين المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ووزير داخليتها بشأن السياسة الواجب تبنيها حيال اللاجئين يهدد بانهيار التحالف التاريخي بين حزبها المسيحي الديمقراطي وشقيقه الحزب المسيحي الاجتماعي في بافاريا، مما يعني احتمال انهيار الائتلاف الحكومي الذي يضم الحزب الاشتراكي الديمقراطي.
وتقع المستشارة الألمانية تحت ضغط حالياً في موضوع اللجوء لأن وزير الداخلية الاتحادي هورست زيهوفر، زعيم الحزب البافاري، يعتزم رفض اللاجئين الذين تم تسجيلهم في دول أوروبية أخرى في الأول من شهر يوليو (تموز) المقبل، إذا لم يتم التوصل لحل أوروبي حتى ذلك الحين، ويهدد حدوث ذلك مستقبل الائتلاف الحاكم في ألمانيا، وكذلك التكاتف داخل الاتحاد الأوروبي.
ومن هنا، جاء تحذير وزير الخارجية الألماني السابق زيغمار غابرييل من حدوث عواقب غير محسوبة بالنسبة لألمانيا وأوروبا حال انهيار حكومة ميركل. وجاءت هذه التصريحات قبل الاجتماع المنتظر لقيادات الائتلاف الحاكم، المكون من الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي ينتمي إليه غابرييل والاتحاد المسيحي بزعامة ميركل.
وقال غابرييل لوكالة الأنباء الألمانية: «على عكس المتوقع، لكوني اشتراكياً، فإنني أقول: إنني لا يمكنني سوى أن آمل في أن تبقى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل (في الحكم)»، وأوضح سبب ذلك بأنها تشعر بالثقل الألماني في أوروبا، وكذلك بالثقل الأوروبي بالنسبة لألمانيا.
وكانت ميركل قد أعلنت، في إطار البحث عن حلول لأزمة اللاجئين مع الحزب المسيحي الاجتماعي، ضرورة التوصل لاتفاقات أوروبية أو ثنائية بشأن قبول الدول الأوروبية استعادة اللاجئين الذين تقدموا فيها بطلب لجوء ثم ذهبوا لبلد أوروبي آخر. وفي حالة عدم توصل المستشارة على المستوى الأوروبي لنتائج بهذا الشأن، فإن وزير داخليتها هورست زيهوفر يعتزم التعامل بشكل أحادي، وتوجيه الشرطة برد اللاجئين القادمين من دول أخرى داخل الاتحاد.
وقال زيهوفر لصحيفة «زود دويتشه تسايتونج» الألمانية، في عددها الصادر أمس (الثلاثاء)، إنه يأمل «بصدق في النجاح في الوصول لحل أوروبي»، ولكنه أكد في الوقت ذاته أنه «لا يمكن أن يحيا المرء من الأمل وحده».
وأقرت ميركل بأنها لا تتوقع أن يتم التوصل لاتفاق شامل ومشترك بشأن اللاجئين خلال القمة الأوروبية المقررة غداً (الخميس)، ولمدة يومين، في بروكسل. وأوضحت ميركل عقب لقائها مع رئيس الوزراء الإسباني الجديد بيدرو سانشيز، في برلين، أنه لا يزال هناك اثنان من إجمالي 7 مبادئ عامة لم يتم الاتفاق بشأنها بعد بين دول الاتحاد الأوروبي؛ أحدهما خاص بإجراءات اللجوء، والآخر بشأن النقطة الرابعة من اتفاقية دبلن الخاصة بتقديم الباحث عن اللجوء طلب لجوء في أكثر من دولة «حيث سيتطلب الأمر بعض الوقت»، حسبما أكدت ميركل. لذلك دعت المستشارة الألمانية مجدداً لعقد اتفاقات ثنائية بين بعض دول الاتحاد الأوروبي والدول التي جاء منها المهاجرون، أو اتخذوها محطة في طريقهم لأوروبا. وشددت المستشارة على ضرورة أن يكون باستطاعة الدول الأوروبية التي تبرم مثل هذه الاتفاقات الثنائية أن تتفاوض باسم الاتحاد الأوروبي كله بهذا الشأن.
وأكد سانشيز لميركل دعمه لألمانيا خلال القمة المقررة يومي الخميس والجمعة المقبلين، وقال إنه من الضروري أن يكون هناك رد فعال ومشترك من قبل أوروبا على أزمة اللاجئين.
ويتمتع كل من الحزب المسيحي الديمقراطي والحزب المسيحي الاجتماعي برابطة وثيقة تاريخياً، لكن صدام ميركل مع زيهوفر، الأكثر تشدداً، أدى به إلى منح ميركل مهلة حتى نهاية الشهر الحالي لحل مشكلة الهجرة، أو أنه سيبدأ في منع بعض طالبي اللجوء الذين يصلون إلى حدود ألمانيا. وتقول ميركل إن القرارات أحادية الجانب على الحدود ستخلق مشكلات مع جيران ألمانيا، وتقوض تضامن الاتحاد الأوروبي. وبدلاً من ذلك، فإنها تدفع باتجاه الإصلاح الأوروبي المشترك لنظام الهجرة واللجوء. وقد بدأت ألمانيا بالفعل في منع وصول المهاجرين الصادر بحقهم حظر سفر، حسبما أعلنت وزارة الداخلية يوم الاثنين. والمهاجرون الذين تقدموا بطلبات للحصول على اللجوء لأول مرة في بلد آخر هم الهدف المقبل لزيهوفر.
واعتبرت النمسا الخلاف الداخلي في ألمانيا حول رفض لاجئين معينين على الحدود ذريعة للقيام بتدريب شرطة الحدود على صد المهاجرين. وقال نائب المستشار النمساوي هاينتس - كريستيان شتراخه لصحيفة «بيلد» الألمانية: «سوف يكون هناك تدريب موسع للشرطة والجيش في مدينة شبيلفلد، سيتم خلاله أيضاً تقديم وحدة حرس الحدود الشرطية الجديدة». وأوضح أن الغرض من هذا التدريب على الحدود النمساوية مع سلوفاكيا هو إرسال إشارة واضحة بأنه لم يعد هناك فقدان للسيطرة، مثلما كان حاصلاً في ذروة أزمة اللاجئين في عام 2015، وأضاف أن «خلفية ذلك ترجع للنقاش بشأن عمليات إغلاق الحدود الداخلية الأوروبية، التي تسببت فيها ألمانيا، وكذلك التطورات الراهنة في طرق اللاجئين، مثل منطقة البلقان».
خوف من انهيار حكومة ميركل ومعها سياسة الهجرة الأوروبية
خوف من انهيار حكومة ميركل ومعها سياسة الهجرة الأوروبية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة