تحرير جبال استراتيجية في صعدة وتعز

TT

تحرير جبال استراتيجية في صعدة وتعز

دفعت الانهيارات الميدانية المتلاحقة في صفوف الميليشيات الحوثية، في جبهات الساحل الغربي والبيضاء ونهم وصعدة، قادة الجماعة، إلى اللجوء مجدداً إلى استنفار القبائل الموالية لها واستئناف عملية التعبئة العامة لإعادة العسكريين السابقين إلى الخدمة في صفوفها. جاء ذلك، في وقت تستعد فيه قوات الجيش اليمني المسنودة بتحالف دعم الشرعية إلى إطلاق عمليات واسعة في جبهات البيضاء وصعدة والجوف ونهم وصرواح، بالتزامن مع العملية المرتقبة لحسم معركة الحديدة.
وعكست الاجتماعات المكثفة لنائب الرئيس اليمني الفريق علي محسن الأحمر، في مأرب، مع كبار قيادات الجيش، إصراراً غير مسبوق من قبل الشرعية اليمنية لتحريك جميع الجبهات القتالية، بوتيرة أشد، في سياق مسعاها للحسم الميداني ضد الميليشيات الحوثية. وعقد الفريق الأحمر، أمس، اجتماعاً، مع قادة المنطقة العسكرية السابعة في الجيش اليمني، بحضور المفتش العام للقوات المسلحة اليمنية القائم بأعمال رئيس الأركان اللواء الركن عادل القميري، ومدير دائرة العمليات الحربية اللواء الركن خالد الأشول، وقادة الوحدات والألوية وقائد قوات التحالف في مأرب العميد علي ساير العنزي.
وناقش الاجتماع مع قادة المنطقة العسكرية التي تختص بالعمليات في صنعاء وجبهة نهم، المستجدات والتطورات الميدانية ووضع الوحدات العسكرية وأحوال المقاتلين المرابطين في جبهات المنطقة.
وأكد نائب الرئيس اليمني في تصريحات نقلتها وكالة «سبأ»... «عزم قيادة الشرعية والتحالف بقيادة المملكة العربية السعودية على استعادة الدولة اليمنية وإرساء السلام الدائم المبني على المرجعيات الثلاث المتمثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن الدولي 2216».
وشدد الفريق الأحمر على ضرورة مضاعفة الجهود وتكثيف التدريب والتأهيل واستكمال المهام والخطط العسكرية، وقال: «إن النصر قاب قوسين أو أدنى وإن صنعاء العروبة ستعود إلى هويتها اليمنية كحاضنة لكل اليمنيين وستتطهر - على حد قوله من دنس وجرائم الميليشيات الحوثية».
واستمع نائب الرئيس اليمني إلى «تقارير قادة الوحدات ومستوى الجاهزية القتالية ومعنويات المقاتلين» وسط ترجيحات بوجود خطة عسكرية للزحف نحو صنعاء وتصعيد العمليات في جبهة نهم.
وجاء الاجتماع العسكري غداة اجتماع آخر عقده الأحمر مع قادة المنطقة العسكرية السادسة المختصة بالعمليات في الجوف وصعدة وعمران، إذ أفادت المصادر العسكرية بأن الأيام المقبلة ستشهد تحركاً غير مسبوق لجبهات الجوف وصعدة وصولا إلى عمران.
كما أطلق الفريق الأحمر، أمس، تصريحات شديدة اللهجة، هاجم فيها الميليشيات الحوثية بشدة، وتوعدها بالحسم العسكري، خلال اجتماع آخر عقده مع قادة الجيش في بيحان وجبهات البيضاء، في سياق تهنئته لهم بالانتصارات الميدانية الأخيرة في البيضاء، التي أدت إلى تحرير ناطع ونعمان وعقبة القنذع شرق المحافظة ومناطق واسعة في جبهة قانية في الجهة الشمالية.
وذكرت المصادر الرسمية أن الأحمر عقد اللقاء بحضور قائد قوات التحالف بمحافظة مأرب العميد علي العنزي للاطلاع على سير العمليات العسكرية واستكمال المهام المطلوبة. وخاطب الأحمر القادة الحاضرين في الاجتماع بقوله: «إن وطنكم يستحق هذه التضحيات وإن البيضاء واليمن بكامله لم يكن يوماً ما حوثيّاً، ولن يرضخ أو يقبل بميليشيا الكهنوت الإيرانية».
وطبقاً للمصادر الرسمية، فقد أكد نائب الرئيس على أن «من يتهاون اليوم مع الحوثي سيفوته الشرف في الدفاع عن الوطن، فالشرعية والتحالف عازمون على استعادة الدولة اليمنية ودحر مشروع إيران في اليمن والنصر حليفنا بإذن الله».
وثمّن الفريق الأحمر دعم التحالف، بقيادة المملكة العربية السعودية وإسهاماته في تحقيق الانتصار في البيضاء وفي مختلف الجبهات، وشدَّد على مضاعفة الجهود ومواصلة السير حتى استكمال تحرير البيضاء ورفع المعاناة التي خلفتها الميليشيات على أبناء المحافظة خلال السنوات الماضية.
وفي وقت سابق أفادت لـ«الشرق الأوسط» مصادر عسكرية، بأن قوات ضخمة تضم نحو 12 لواءً عسكريّاً وأمنيّاً، تستعد لاستكمال تحرير البيضاء انطلاقاً من أماكن تمركزها الحالية في مديرية الملاجم وفي جبهة قانية، وصولاً إلى ذمار غرباً، وإلى صنعاء من جهتي الجنوب، والجنوب الشرقي، وذلك بالتزامن مع رفع وتيرة العمليات في مختلف الجبهات. وقال مصدر أمني رفيع لـ«الشرق الأوسط» إن خطة تحرير البيضاء ستتم بالتزامن مع انتشار أمني واسع لتأمين المدن والمناطق المحررة في المحافظة حيث ستتحرك القوات العسكرية لتحرير مديريات البيضاء الخاضعة لسيطرة الميليشيات فيما ستقوم القوات الأمنية بالانتشار بالمناطق المحررة بالوقت ذاته لتثبيت الأمن والاستقرار ومحاربة عناصر تنظيمي «القاعدة» و«داعش» الإرهابيين اللذين ينشطان في بعض مناطق المحافظة.
من جهة أخرى، استكملت قوات الجيش اليمني بدعم من طيران التحالف، تحرير سلسلة جبال تويلق الاستراتيجية الحدودية الواقعة بين مديريات رازح وشدا وحيدان، جنوب غرب محافظة صعدة. وقال قائد اللواء الثالث عاصفة محمد بن عبد الله العجابي في تصريحات رسمية نقلها موقع الجيش»إن القوات نفذت عملية واسعة لتأمين سلسلة جبال تويلق المطلة على الخط الحدودي، وقامت بتمشيط جميع المواقع المحيطة به، وتطهير ما تبقى من جيوب للميليشيات.
وأكد أن المعارك أسفرت عن تكبيد الميليشيات خسائر بشرية كبيرة، لافتاً إلى أن عشرات الجثث لا تزال متناثرة في السلسلة الجبلية. وتقع جبال تويلق في منطقة حدودية استراتيجية، إذ تطل على محافظة الخوبة السعودية، والمناطق القريبة منها، مثل أحد المسارحة والجابري. كما أن السيطرة عليها وعلى الطريق الدولي المتاخم لها من جهة الشرق في الأراضي اليمنية، سيتيح للقوات محاصرة مديريتي رازح وشدا ومناطق الضيعة الواقعة شمالا، كما يسمح لها بالتقدم جنوبا باتجاه منطقة الحصامة للالتحام بجبهة الملاحيظ في مديرية الظاهر، حيث تتقدم القوات فيها شرقا نحو منطقة مران وهي المعقل الرئيسي لزعيم الجماعة الحوثية.
وذكرت المصادر الرسمية اليمنية، أن قوات الجيش عثرت أثناء تطهير جبال تويلق على مخزن أسلحة يحتوي على صواريخ موجهة وأخرى مضادة للدروع، بالإضافة إلى كميات كبيرة من الألغام والعبوات المختلفة، وأجهزة اتصالات.
إلى ذلك، تمكنت قوات الجيش أمس من السيطرة على مرتفعات وادي رسيان بمنطقة البرح غرب تعز وسط مواجهات عنيفة مع الميليشيات، وذلك لقطع خطوط الإمداد للأخيرة. ونقل الموقع الرسمي للجيش أن «القوات العسكرية أحرزت تقدماً منذ ساعات الصباح الأولى في مرتفعات وادي رسيان وأحكمت سيطرتها على عدد من الجبال المطل على الوادي إلى جانب عدد من التلال لتتواصل المواجهات بين الجيش والميليشيات بمختلف الأسلحة الثقيلة والمتوسطة».
وشنّت قوات اللواء السادس عمالقة «قصفاً مكثفاً بالدبابات وأسلحة الهاون على مواقع الميليشيات بعد تقدمها في رسيان والسلاسل الجبلية القريبة، حيث تسعى للوصول إلى قطع الخط بين الجراحي وتعز والمار بمديرية مقبنة شمالا».
في غضون ذلك، استنفرت الميليشيات في صنعاء، أتباعها القبليين، من أجل حشد المجندين، وأمرت قادتها المحليين باستئناف عملية التعبئة العامة لإعادة العسكريين السابقين إلى الخدمة.
وأظهرت الاجتماعات الحوثية المكثفة والتصريحات التي أطلقها قادة الجماعة، أمس، حالة واسعة من الارتباك والهلع، جراء عجزها عن حشد المزيد من المجندين لإسناد مقاتليها، في مختلف الجبهات، خصوصاً أنها دفعت بأغلب عناصرها في الآونة الأخيرة إلى الحديدة غربا.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.