«لا تهرب! أحتاج لأموالك!»، هكذا يصيح نودل أولي من على ظهر شاحنته، بينما تقف أمامه مجموعة من الزبائن المحتملين، ويتجرأ زوجان وقد شرعا للتو في مغادرة المكان.
يبيع أولي، وهو الاختصار لاسم أوليفر، المعكرونة، في سوق الأسماك الشهيرة في هامبورغ منذ 18 عاماً. ويباع الكيس الذي يحتوى على عبوة زنتها نحو 5 كيلوغرامات من المعكرونة متنوعة الأشكال مقابل 10 يورو فقط (12 دولاراً تقريباً).
يقول البائع أولي، بصورة تتسم بالوقاحة، لمن يهم بالرحيل من المتسوقين دون الشراء: «لا يتعين عليك التفكير كما لو كنت ستشتري منزلاً، إنها مجرد معكرونة!».
وأوضحت وكالة الأنباء الألمانية أن العديد من السكان المحليين والسائحين ومتصيدي الصفقات يتجمعون صباح كل يوم أحد قبل الفجر في السوق، على نهر إلبه في ضاحية التونا إلى الغرب من وسط مدينة هامبورغ. وقد استيقظ البعض في وقت مبكر للغاية، في حين أن البعض الآخر منتظر من الليلة السابقة، بعد أن خرجوا من الملاهي في حي سانت باولي المجاور.
وتتباين أيضاً السلع في السوق. فإلى جانب جميع أنواع الطعام، خصوصاً المأكولات البحرية، سواء حديثة الصيد أو المدخنة أو المعبأة في الشطائر اللذيذة، توجد النباتات والزهور والملابس والطيور الحية مثل البط والدجاج والحمام.
ويمكن للسائحين العثور على الكثير من الهدايا التذكارية، من بينها قمصان البحارة ونماذج لدار الأوركسترا السيمفوني في هامبورغ «إلب فيلهارموني» المبهرة معمارياً وسمعياً.
ومن أجل المهتمين بالصحة، توجد سلال مصنوعة من النباتات الجافة مليئة بالفاكهة مع تحديد سعر للسلة الواحدة.
ويقول أحد البائعين «يختلف حجم المبيعات بشكل كبير»، مشيراً إلى أن الصيف هو وقت الذروة. من منتصف مارس (آذار) وحتى منتصف نوفمبر (تشرين الثاني)، تبدأ السوق نشاطها في الساعة الخامسة صباحاً، وفي الشتاء في السابعة صباحاً.
ويأتي الذوق الخاص والسمة المميزة للسوق بشكل رئيسي من البائعين الذين ينادون على سلعهم، ويحاولون رفع أصواتهم عالياً على بعضهم البعض، والتباري في إطلاق الدعابات المرحة لجذب الزبائن. إن هؤلاء الباعة عادة ما يتم تعريف هوياتهم عن طريق اقتران اسم البضاعة التي يبيعونها بالاسم الأول للبائع؛ فعلى سبيل المثال فإن اسم البائع «نودل أولي» هو مزيج بين اسم المعكرونة (نودل) التي يبيعها واختصار أوليفر (أولي)، وبالمثل اسم البائع «بنانا فريد» وهو اسم يدل على شخص يدعى فريد ويبيع الموز.
كما يعرف هؤلاء الباعة بوقاحتهم. ويوبخ بائع السمك اثنين من زائري السوق المارين، ومعهما أكياس مملوءة بمشتريات ذات ألوان قائلاً: «ماذا؟ أنت هنا في سوق السمك واشتريت فاكهة؟!». لقد جعل هذا التعليق من جانب البائع الزائرين الاثنين ينظران إليه بصورة تتسم بعدم التصديق لما يقوله.
وتغطي سوق السمك نحو 20 كيلومتراً مربعاً، وتجذب ما يصل إلى 70 ألف زائر كل يوم أحد، وفقاً لسلطات ضاحية التونا. وأقيمت السوق منذ عام 1703.
ومع استيقاظ سكان المدينة بشكل تدريجي، تستمتع زيمونه كما يستمتع ديتمار، وهما من سائحي العطلة الأسبوعية من منطقة ساورلاند بألمانيا، بأشعة الشمس الأولى عند جدار الرصيف المطل على الميناء، حيث يلتقطان أنفاسهما قبل العودة بأكياس التسوق المكدسة إلى الفندق، وكلاهما يقضم شطيرة أسماك مقلية للإفطار.
وتقول زيمونه (56 عاماً) مبتسمة: «كنت حقاً أريد شراء القليل فقط». ويضيف ديتمار «من الطبيعي أن تكون زيارة سوق السمك ضرورة».
وتحظى سوق السمك بمكانة بين السائحين والسكان المحليين على حد سواء. وكلما اقترب موعد الإغلاق، كلما أصبحت السوق أكثر ازدحاماً. ويخفض البائعون أسعارهم ليحققوا مبيعات اللحظة الأخيرة، وليس من السهل أن يشق المرء طريقه عبر الممرات الضيقة بين الأكشاك. وفي تمام الساعة التاسعة والنصف صباحاً، ينطلق الجرس من مكبر للصوت إيذاناً بوصول نسخة أخرى من سوق هامبورج للأسماك، للأسف، إلى نهايتها.
سوق هامبورغ للأسماك تستمر في الازدهار بعد أكثر من 3 قرون على تأسيسها
تتحول يوم الأحد لبيع المواد الغذائية والهدايا التذكارية
سوق هامبورغ للأسماك تستمر في الازدهار بعد أكثر من 3 قرون على تأسيسها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة