الحريري: العقد الوزارية قابلة للحل

الحراك الحكومي ينطلق بزخم والأيام العشرة المقبلة حاسمة

سعد الحريري
سعد الحريري
TT

الحريري: العقد الوزارية قابلة للحل

سعد الحريري
سعد الحريري

انطلق الحراك الحكومي بزخم منذ عودة الرئيس المكلف سعد الحريري إلى بيروت أول من أمس، وتكثفت اللقاءات وارتفع منسوب التفاؤل بإمكانية الإعلان عن التشكيلة الحكومية قريبا؛ بحيث ذهب البعض إلى وصف الأيام المقبلة بـ«الحاسمة»، في وقت لا يزال بعض الأفرقاء يعلن تمسكه بمطالبه، وتحديدا تلك المتعلقة بالعقدتين المسيحية والدرزية.
وبعد اللقاء الذي كان قد عقد في باريس بين الحريري ووزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، ووصفته مصادر الطرفين بـ«الجيد»، التقى الأخير مسؤول وحدة الأمن والارتباط في «حزب الله» الحاج وفيق صفا، وعقد أمس لقاء بين وزير الإعلام ملحم رياشي والحريري وبين النائب أكرم شهيب ورئيس حزب «القوات» سمير جعجع.
وأكد الحريري أمس أنه لا عقد خارجية في تأليف الحكومة؛ بل هي داخلية وقابلة للحل، مؤكدا أن التشاور يتم مع كل الأفرقاء السياسيين. وأضاف: «سنجمع كل الناس، وهذا واجبي، وكل العقد قابلة للحلّ، وأنا لا أسير ببطء، فقد فتحت (التوربو) والتشاور مع كل السياسيين».
وقال النائب في «التيار الوطني الحر» آلان عون: «بإعلان الحريري عن هذه الأجواء يفترض أن يكون تشكيل الحكومة خلال أيام»، بينما أشارت مصادر وزارية متابعة للمشاورات، إلى أن كل الأطراف بدأت تعود لواقعيتها في التعامل مع المطالب، وهو ما بدا من خلال المواقف، وما سيظهر في تشكيلة الحكومة، موضحة لـ«الشرق الأوسط»: «السقوف العالية انخفضت وبدأت المرحلة الجدية، والبحث لا يزال مستمرا في توزيع الحقائب، وبات الاتجاه إلى إنهاء العقدة المسيحية بمنح (القوات) أربع وزارات، بينها اثنتان أساسيتان، مقابل تخليها عن منصب نائب رئيس الحكومة الذي يتمسك به «التيار الوطني الحر»، ورئيس الجمهورية ميشال عون».
لكن في المقابل، وعلى الأقل في المواقف المعلنة، لم يظهر أي تراجع من قبل الطرفين المتمسكين بنيابة رئاسة الحكومة، إضافة إلى تمسك «التيار» ورئاسة الجمهورية بالحصول على عشرة وزراء. إذ في حين قالت مصادر قيادية في «القوات» لـ«الشرق الأوسط»: «فليكن نائب رئيس الحكومة مقابل وزارة الدفاع أو وزارة الخارجية، أو فليشكلوا حكومة كما يريدون»، أكد النائب آلان عون في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «وفق الأعراف، منصب نائب رئيس الحكومة من حصة رئيس الجمهورية، وإذا تنازلنا عنه في الحكومة الأخيرة لـ(القوات) تسهيلا منا، ونتيجة للتفاهم الذي كان بيننا، فلا يعني أنه صار حقا مكتسبا لهم». وأضاف: «والآن متمسكون به أكثر من السابق، مع احترامنا لحق (القوات) في المطالبة بما يريدون، ولا نضع (فيتو) على مطالبهم؛ لكن نتمسك بمطالبنا».
ورغم هذه التباينات والمواقف المتصلبة، اعتبر النائب السابق عقاب صقر، أن الأيام العشرة المقبلة ستكون حاسمة، ومؤشرا لظهور نتائج جهود الحريري الذي كان يعد الطبخة على نار هادئة، وأصبحت اليوم على نار حامية بعيدا عن كل محاولات تحميل الخارج مسؤولية العرقلة. وأكد لـ«الشرق الأوسط» «رفض رئيس الحكومة المكلف وضع أي طرف (فيتو) على أي طرف آخر، مع احترامه حق كل فريق في المطالبة بحصته».
وعلى خط العقدة الدرزية التي لا تزال تخضع للمد والجزر بين الرئيس عون و«التيار» اللذين يتمسكان بتوزير رئيس الحزب الديمقراطي طلال أرسلان، من جهة، وبين رئيس الحزب الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط الذي يطالب بحقه الوحيد في تسمية الوزراء الدروز، ورغم رفض جنبلاط الطرح الذي ينص على حصوله على حقيبة مسيحية، رجّحت المصادر أن الحل سيكون عبر منحه وزارة مسيحية وازنة.
وما أعلنه رئيس الحكومة المكلف عبّر عنه أيضا جعجع بقوله، إن المشاورات السياسية مستمرة منذ تكليف الحريري تشكيل الحكومة لإنجاز المهمة في أسرع وقت، وأوضح لـ«وكالة الأنباء المركزية»: «التواصل لم ينقطع يوما، وعدم الإعلان عن حركة الاتصالات واللقاءات لا يعني أن حركة التأليف متوقفة أو جامدة». وأضاف: «الرئيس الحريري متحسس كما معظم القوى السياسية للوضع الاقتصادي الدقيق الذي تعيشه البلاد، والحاجة إلى استعجال التأليف من أجل أن تتحمل الحكومة العتيدة مسؤولياتها الوطنية، من خلال اتخاذ كل التدابير الممكنة والحازمة لنقل البلاد من ضفة التأزم إلى ضفة الحلول والانفراجات التي ينتظرها اللبنانيون».
كذلك لفت النائب في «تيار المستقبل» سمير الجسر، إلى أن تأليف الحكومة سيكون في الأيام المقبلة، وقال في حديث إذاعي: «قناعتي أن هناك 3 عقد داخلية تعيق التشكيل، إلا أن الحل إن شاء الله سيكون خلال أيام».
وأضاف: «التأخير في عملية تشكيل الحكومة ناتج عن بعض الطلبات والشروط التي يحاول أن يفرضها البعض لجهة تمثيله»، مشيرا إلى أن «المسار الطبيعي في أي تأليف هو أنه عندما تعرض الكتل السياسية طلباتها، يحضر الرئيس المكلف مشروع تأليف الحكومة، ويعرضه على رئيس الجمهورية».
وعن تمثيل النواب من خارج تيار المستقبل، قال: «كل واحد حر في المطالبة بما يريد، وعندما تقول إنك تريد حكومة ائتلافية، فليس شرطاً أن تمثل كل التجمعات الصغرى والكبرى، فالحكومة الائتلافية تجمع بالعادة معظم الكتل الكبرى، وليس ضرورياً أن تدخل في كل تفصيل». وأضاف: «مفهوم حكومة الوحدة الوطنية هو مفهوم الحكومة الائتلافية، ومستحيل جمع كل الكتل ولو كانت مؤلفة من 3 أو 4 نواب».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.