واشنطن: محاولات إيرانية «مخادعة» لتطوير برنامجها النووي

الخارجية والخزانة الأميركيتان أكدتا تضييق الخناق على الشركات الوهمية

وزير الخزانة الأميركي جيكوب ليو خلال جلسة استماع أمام الكونغرس أمس تحدث فيها عن إيران (إ.ب.أ)
وزير الخزانة الأميركي جيكوب ليو خلال جلسة استماع أمام الكونغرس أمس تحدث فيها عن إيران (إ.ب.أ)
TT

واشنطن: محاولات إيرانية «مخادعة» لتطوير برنامجها النووي

وزير الخزانة الأميركي جيكوب ليو خلال جلسة استماع أمام الكونغرس أمس تحدث فيها عن إيران (إ.ب.أ)
وزير الخزانة الأميركي جيكوب ليو خلال جلسة استماع أمام الكونغرس أمس تحدث فيها عن إيران (إ.ب.أ)

أعلنت وزارتا الخزانة والخارجية الأميركية أمس عن عقوبات جديدة ضد عدد من الشركات الإيرانية وتجميد أصول وحظر المعاملات مع أفراد متورطين في التهرب من العقوبات المفروضة على البرنامج النووي الإيراني وتقديم الدعم للبرنامج. وقالت وزارة الخزانة في بيانها إن الولايات المتحدة وشركاءها في مجموعة «5+1» يستكشفون إمكانية إبرام اتفاق طويل الأجل والتوصل إلى حل شامل مع إيران يوفر الثقة في أن برنامج النووي هو فقط للأغراض السلمية، وفي نفس الوقت فإن الولايات المتحدة ملتزمة بقوة بفرض نظام العقوبات وكشف محاولات الحكومة الإيرانية الخداعية لاستخدام شركات وهمية لمواصلة برنامجها النووي.
وفرضت الإجراءات الجديدة عقوبات على قائمة كبيرة من الكيانات والشركات البحرية والنفطية وأفراد تتهمهم واشنطن بنشر أسلحة الدمار الشامل والتهرب من العقوبات الدولية ضد إيران، والتوسط لبيع النفط الخام الإيراني والعمل نيابة عن شركة النقل الوطنية الإيرانية (الشركة الرئيسة لنقل النفط الخام الإيراني والواقعة تحت العقوبات الأميركية)، وحظرت قائمة العقوبات التعامل مع أشخاص شاركوا في تلك المعاملات نيابة عن شركة النقل الوطنية الإيرانية وتجميد أي أصول لهم داخل الولايات المتحدة الأميركية.
وأعلنت واشنطن أنها فرضت عقوبات جديدة على 19 من الشركات والأشخاص في أوروبا وآسيا بسبب انتهاكهم قانون العقوبات المفروضة على إيران من خلال تقديم الدعم لشركة «ماهان» الإيرانية للطيران كي تحصل على التجهيزات اللازمة من الولايات المتحدة.
وأضاف البيان الصادر عن الوزارة أن غالبية الشركات والأفراد الذين طالتهم العقوبات يستقرون في تركيا، ومنهم في أرمينيا، واليونان، وإيران، وتايلند، والإمارات العربية المتحدة.
وأشار البيان إلى شركتين غير معروفتين للطيران ساهمتا في الالتفاف على العقوبات الأميركية على شركة «ماهان» الإيرانية للطيران. ويقوم البيان الصادر بتحديث المعلومات بشأن الشركات الإيرانية التي تخضع للعقوبات الأميركية، والشركات الوهمية التي تقوم بالالتفاف على العقوبات في دول أخرى.
وقد أضافت وزارة الخزانة الأميركية إلى لائحتها السوداء شركة «ماهان» الإيرانية للطيران في عام 2011، بسبب تقديمها الخدمات إلى فيلق القدس، الذراع الخارجية للحرس الثوري الإيراني.
وأوضح البيان أن الأفراد والشركات التي قدمت مساعدات لشركة «ماهان» للطيران ساهمت في خلق شبكة غير قانونية لإعداد الآليات والتجهيزات التي تستخدم في صناعة الطائرات. وكانت تهدف هذه الشبكة إلى الالتفاف على العقوبات الأميركية ضد إيران.
وذكر البيان أن وزارة الخزانة الأميركية أضافت هذه الشركات إلى قائمة المؤسسات التي فرض عليها حظر شراء سلع خاصة من الولايات المتحدة، مثل شراء محرك الطائرات، أو قطع غيار خاصة بالطائرات.
كما شملت قائمة الشركات الواقعة تحت العقوبات الجديدة خمسة كيانات إيرانية تعمل على توفير السلع الحكومية الإيرانية والخدمات إلى تعزز قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم وبناء مفاعل البحوث لإنتاج الماء الثقيل وتطوير القدرات الصاروخية البالستية، وهي أنشطة محظورة بموجب قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وشملت العقوبات أيضا شركات بحرية وسفنا وصهاريج غيرت أسماءها واستخدمت أعلام بنما ومالطة وتنزانيا وقبرص، وشركات تعمل في صناعات الطيران والدفاع الجوي لتصنيع طائرات بلا طيار.
وتقول وزارة الخزانة إن الكيانات والأفراد المستهدفين بالعقوبات توضح جهود إيران لإخفاء أنشطتها ومحاولاتها المراوغة لاستخدام شركات وهمية في دول أجنبية لخداع الموردين الأجانب، والتهرب من العقوبات، وإخفاء أسماء المستفيدين الحقيقيين من أنشطتها.
وقال ديفيد كوهين وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية: «إن خطة العمل المشترك التي جرى توقيعها في جنيف لم ولن تتداخل مع جهودنا المستمرة لفضح وتعطيل الكيانات التي تدعم البرنامج النووي الإيراني والتي تسعى للتهرب من العقوبات، فهذه العقوبات تستهدف عزل إيران عن النظام المالي الدولي وفرض ضغوط هائلة على الاقتصاد الإيراني ودفع القيادة الإيرانية لتقديم تنازلات ذات مغزى بشأن برنامجها النووي المستمر منذ أكثر من 10 سنوات».
وتعد شركة «ماهان» للطيران الوحيدة بين أربع شركات طيران إيرانية تمكنت من تجاوز إجراءات السلامة الدولية لشركات الطيران، وذلك على الرغم من العقوبات الأميركية وعدم تمكنها من شراء قطع غيار للطائرات من الولايات المتحدة.
وقد جرى لأول مرة إدراج هذه الشركة ضمن القائمة السوداء الخاصة بوزارة الخزانة الأميركية قبل نحو خمس سنوات، بسبب استيراد إيران ثلاث طائرات «بوينغ» من طراز «747» دون الحصول على ترخيص من الولايات المتحدة الأميركية. وقد اتهمت وزارة الخزانة الأميركية شركة طيران «ماهان» قبل سنتين بأنها تلعب دورا ما في الحرب الأهلية الدائرة في سوريا.
وتملك إيران أحد أعتق الأساطيل الجوية في العالم، لكن الاتفاق النووي الذي أبرمته إيران والدول الكبرى في جنيف يسمح لها بأن تستورد بعض قطع الغيار بشكل محدود.
وعلى نفس الصعيد صرح رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني في اجتماع يوم الأربعاء قائلا: «علينا أن نعلم بأن تصريحات بعض المسؤولين الأميركيين حول القضايا النووية تعتبر ثرثرة، فقد عقدنا اتفاقا في جنيف، إذا كان لديهم الجرأة ليلغوا هذا الاتفاق كي يروا ماذا نفعل، فقد تحدثتم ببعض الأمور وعليكم الالتزام بها».
وأضاف لاريجاني: «إن شاء الله يجري حل هذه المسألة، فعليهم (الولايات المتحدة والغرب) أن لا يتصوروا بأنهم يستطيعون مخادعة إيران، فهم تحت المجهر الإيراني وعليهم أن يعملوا جيدا في المرحلة المقبلة، لكن المهم اقتصاد البلد، وعلينا أن نفهم نقطة ضعفنا».



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.