رياح التغيير تهب على الرياضة السعودية بتصريح جريء ومشروع طموح

آل الشيخ يرسخ مفاهيم جديدة في صناعة كرة القدم... ويعلن ابتعاث ألف لاعب واعد

تركي آل الشيخ أثناء متابعته معسكر الأخضر في روسيا («الشرق الأوسط»)
تركي آل الشيخ أثناء متابعته معسكر الأخضر في روسيا («الشرق الأوسط»)
TT

رياح التغيير تهب على الرياضة السعودية بتصريح جريء ومشروع طموح

تركي آل الشيخ أثناء متابعته معسكر الأخضر في روسيا («الشرق الأوسط»)
تركي آل الشيخ أثناء متابعته معسكر الأخضر في روسيا («الشرق الأوسط»)

نالت تصريحات تركي آل الشيخ رئيس الهيئة العامة للرياضة، والتي أعقبت الخسارة القاسية من روسيا اهتماما واسعا من الشارع الرياضي السعودي، فيما أشاد نقاد ومحللون بجرأة آل الشيخ عندما حمل نفسه المسؤولية عقب الخسارة الثقيلة في المباراة الافتتاحية لمونديال 2018 الذي أقيم على ملعب لوجينكي في العاصمة الروسية موسكو بحضور الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع.
وكان رئيس الهيئة العامة للرياضة برأ ساحة اتحاد كرة القدم السعودي الذي يرأسه عادل عزت ونائبه نواف التمياط ومدير المنتخب عمر باخشوين وكذلك الأرجنتيني خوان أنطونيو بيتزي المدير الفني للمنتخب السعودي والذي تسلم زمام القيادة عقب مواطنه باوزا الذي تمت إقالته بعد نتائجه غير المرضية في المواجهات الودية التي خاضها الأخضر السعودي.
وذكر آل الشيخ بتصريحاته السابقة حول إمكانيات الجيل الحالي من اللاعبين السعوديين الدوليين وهي التصريحات التي لاقت جدلاً واسعاً في الشارع الرياضي السعودي، ليعود ويؤكد: لبينا كل احتياجاتهم وقمنا بتذليل الصعوبات وسددنا المستحقات المتأخرة منذ ثلاث سنوات ولكن اللاعبين خذلونا أمام ولي العهد، لم يقدموا أي شيء يشفع لهم، أعود وأكرر هذه إمكانيات هذا الجيل.
آل الشيخ الذي تولى مهمة إدارة الحقيبة الرياضية في البلاد منذ سبتمبر (أيلول) الماضي عمل على إظهار المنتخب السعودي بصورة مختلفة عن السابق في مشاركاته العالمية رغم قصر المدة التي حضر فيها إلى منصبه في الهيئة العامة للرياضة إلا أنه عمل وبدعم كبير من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على توفير كافة السبل وتذليل الصعوبات من أجل إنجاح المنتخب السعودي في مهمته بروسيا.
الرئيس الشاب الذي يتدفق بطموحاته وأفكاره بحثاً عن إحداث نقلة نوعية في الصعيد الرياضي بكافة أنشطته ومجالاته منطلقا من أهداف رؤية المملكة الطموحة 2030. عمل على إدخال وتنفيذ مفاهيم إدارية غير معهودة في المجال الرياضي وتحديداً كرة القدم التي تملك الحيّز الأكبر من الاهتمام الجماهيري والإعلامي بكونها اللعبة الشعبية الأولى في المنطقة.
آل الشيخ عمل فور تسلمه الحقيبة الرياضية على توفير خطة استراتيجية بأهداف بعيدة المدى وفي المقابل عمل على توفير خطة عاجلة لتحقيق الأهداف القريبة والعاجلة وذلك من خلال دراسة الواقع والبحث عن الضعف والقوة في هذا المجال الذي يستهدف شريحة كبيرة من المجتمع السعودي من أجل نقله إلى عالم أكثر احترافية.
«تحديات مالية وقانونية» كانت تلك العوامل هي أصعب الملفات التي تمكن رئيس الهيئة العامة للرياضة من علاجها والتقليل منها في عالم كرة القدم وذلك بزيادة الوعي القانوني لدى الأندية والعاملين فيها خاصة فيما يتعلق بمجال الاحتراف والاستثمار الذي كان يعيش عصر الهواية ويفشل في مواكبة التطور الحقيقي، أما التحديات المالية فكانت هي الحلقة الأكبر والأضخم والتي كانت كفيلة بإحلال عقوبات متعددة من الهرم الرياضي الأعلى «الفيفا» قبل توجيه ولي العهد بسداد ديون الأندية الخارجية وإنهاء هذا الملف الذي كان بمثابة كابوس جاثم على إدارات الأندية.
وفي كرة القدم عمل رئيس الهيئة العامة للرياضة على تطوير ملفات كثيرة ومتعددة وبحث في الفترة الماضية على حلول سريعة تتمثل في زيادة عدد المحترفين الأجانب الذي يهدف إلى تسهيل عملية احتراف اللاعبين السعوديين خارجياً إضافة إلى السماح للاعبين «المواليد» بالمشاركة والقيام بحملة كبيرة في عدد من المدن لاستكشاف اللاعبين وضمهم للمنتخب الرديف.
عمل لا يهدأ وأفكار لا تتوقف كان ذاك هو الشعار الجديد للمرحلة الطموحة في الهيئة العامة للرياضة تحت رئاسة تركي آل الشيخ الذي بحث عن تطوير الرياضات والألعاب المختلفة لكونه رئيساً للجنة الأولمبية السعودية التي تضم تحتها كافة الاتحادات الرياضية، إضافة إلى استضافة الكثير من البطولات العالمية مثل بطولة المصارعة WWE والماراثون الدولي والشطرنج وكذلك تنظيم البطولات المحلية مثل بطولة البلوت والبلايستيشن.
بتصريحاته التي وصفها بعض المتابعين بالتاريخية والجريئة لم يتهرب تركي آل الشيخ من المواجهة بل أعلن تحمله للمسؤولية واعتذر من الجماهير السعودية على تخييب آمالها وطموحاتها، معلناً عن مشروع جديد وغير مسبوق وذلك بابتعاث ألف شاب سعودي لمدارس كروية مختلفة في أنحاء العالم من أجل تعلم الاحتراف الحقيقي.
وعن هذا المشروع الطموح الذي أعلنه آل الشيخ، يقول: أنا أعمل على خطة الآن لابتعاث ألف شاب في مقتبل أعمارهم الرياضية بين 12 و16 لأجل أن يتعلموا الاحتراف على حقيقته، مضيفاً: نريد جيلا نبدأ معه في 2022 ونقطف ثماره في 2026 و2030 وهذا ليس تزييفا بل هو عمل سيبدأ من الآن وسيكمله آخرون من بعدي.
أمام هذا التغيير الكبير وغير المعهود في الوسط الرياضي السعودي والتصريحات الجريئة والصريحة على صعيد المسؤول الأول في هذا المجال، باتت الجماهير الرياضية تنتظر المزيد من العمل الاحترافي الذي يقود رياضتها نحو بر الأمان وعالم الاحتراف الحقيقي.


مقالات ذات صلة

السعودية على بوصلة الأحداث الرياضية... «ماضياً وحاضراً ومستقبلاً»

رياضة سعودية السعودية سجلت نفسها وجهة عالمية للأحداث الرياضية (الشرق الأوسط)

السعودية على بوصلة الأحداث الرياضية... «ماضياً وحاضراً ومستقبلاً»

خلال الأعوام العشرة المقبلة، ستكون السعودية على موعد مع استضافة كأس آسيا 2027، ومن ثم استضافة كأس العالم 2034، واستضافة دورة الألعاب الآسيوية «آسياد 2034».

فهد العيسى (الرياض)
رياضة سعودية الاستضافة المونديالية أكبر تتويج لجهود المملكة على الصعيد الرياضي (وزارة الرياضة)

مونديال 2034... تتويج لائق لحقبة سعودية «وثابة»

«إننا في المملكة ندرك أهمية القطاع الرياضي في تحقيق المزيد من النمو والتطوير»... هذه الكلمات هي جزء من حديث الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء،

فهد العيسى ( الرياض)
رياضة عربية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (إ.ب.أ)

السيسي يهنئ السعودية باستضافة «مونديال 2034»

وجّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي التهنئة إلى المملكة العربية السعودية، بعد الفوز بتنظيم «كأس العالم 2034».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة عالمية توماس توخيل يبدأ رسمياً دوره مدرباً لإنجلترا في يناير (أ.ب)

مجموعة إنجلترا في تصفيات المونديال... كيف ستسير الأمور؟

ستواجه إنجلترا صربيا في التصفيات المؤهلة لكأس العالم الموسعة المكونة من 48 فريقاً في عام 2026 في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

The Athletic (لندن)
رياضة عالمية قرعة متوازنة لتصفيات أوروبا المؤهلة إلى كأس العالم لكرة القدم 2026 (د.ب.أ)

قرعة متوازنة لتصفيات أوروبا المؤهلة إلى المونديال

سحبت قرعة تصفيات أوروبا المؤهلة إلى كأس العالم لكرة القدم 2026 في زيوريخ بسويسرا، الجمعة.

«الشرق الأوسط» (زيوريخ)

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».