لم يكن أشد المتشائمين الإسبان يتوقع أن تستهل بلاده مشوارها في مونديال روسيا 2018، لتعويض خيبة الخروج من الدور الأول لمونديال 2014 في البرازيل، بوضع مهزوز بعد تبديل المدير الفني للمنتخب قبل ساعات من مباراته المرتقبة مع البرتغال اليوم.
مباراة القمة «الإيبيرية» التي تشكل أبرز عنوان الدور الأول لكأس العالم في كرة القدم 2018، تدخلها إسبانيا الفائزة باللقب في 2010، بقيادة فنية جديدة بعد إقالة جولن لوبيتيغي وتعيين فرناندو هييرو الأربعاء. وسيكون قلب الدفاع الإسباني السابق، على موعد مع تحد لا يحسد عليه، عندما يقود منتخب بلاده في أول مباراة ضد كريستيانو رونالدو ورفاقه أبطال أوروبا 2016.
وفاجأ رئيس الاتحاد الإسباني لويس روبياليس الجميع عندما أعلن الأربعاء إقالة لوبيتيغي على خلفية الإعلان قبل يوم عن تعاقده مع ريال مدريد بعد النهائيات، رغم أنه مرتبط بعقد مع المنتخب حتى 2020. لم يرق لأبطال أوروبا والعالم في 2008 و2010، أن ينشغل مدربهم بمستقبله الخاص، وألا يعلم الاتحاد بما يعتزم القيام به، في خضم المرحلة التحضيرية لأهم بطولة.
وقال روبياليس: «شعرنا بأننا ملزمون بإقالة المدير الفني. لا يمكن أن يعمل لدينا من يتفاوض على التعاقد مع فريق آخر، ولا نعلم ذلك سوى قبل خمس دقائق فقط من الإعلان الرسمي».
وأضاف: «علينا أن نتذكر كل الأشياء الجيدة التي قدمها ليقودنا إلى هنا. لكن هناك قواعد محددة يجب اتباعها، ومع عدم الالتزام بها، لم يكن لدينا خيار آخر».
وسيكون هييرو أمام مهمة صعبة في المجموعة الثانية التي تضم أيضا إيران والمغرب، وتعتبر إسبانيا فيها من المرشحين للعبور بسهولة نسبية. إلا أن هييرو بدا حذرا في تصريحاته الأولى بعد تعيينه، إذ أكد أن الإسبان سيكونون «مخطئين إذا واصلنا التفكير في الماضي، وليس بالمستقبل».
وأضاف: «نحن نعرف الظروف، لكن الماضي هو الماضي، يمكن أن نتحدث عنه لعدة أيام لكن علينا أن نكون إيجابيين، شجعان، والمضي قدما. لدينا مجموعة رائعة من اللاعبين، طاقم رائع، وجئنا إلى هنا للتنافس. نحن قادمون للتنافس على كأس العالم. إنها فرصة لا تعود إلا بعد أربعة أعوام».
وشدد على أن الأولوية هي التركيز وقال: «على الجانب الرياضي... لا يمكننا الحديث عن كل ما حدث، سنهدر الطاقة والتركيز. يجب أن نركز على مواجهة البرتغال».
واختار هييرو ثلاثة مساعدين له في الجهاز الفني وهم اللاعب الدولي السابق كارلوس مارشينا لوبيز، الذي ساعد المنتخب الإسباني في التتويج بلقبي يورو 2008 ومونديال 2010، وجوليان كاليرو فيرنانديز مدرب فريق الدرجة الثالثة نافالكارنيرو ومدرب اللياقة خوان كارلوس مارتينيز كاستريون.
وأصبح السؤال الأهم هو كيف سيلعب الفريق من أجل هييرو. إنه أسطورة من أساطير ريال مدريد، كما أنه المدافع الإسباني الذي يحظى باحترام كرة القدم الإسبانية.
ويشتهر هييرو بكرامته وشعوره بفعل الشيء الصحيح. كما أنه أحد الأشخاص الذي يكن لهم اللاعبون إعجابا كبيرا لما حققه، حيث سجل 29 هدفا في 89 مباراة مع المنتخب الإسباني - لا يوجد لاعب مدافع سجل أكثر من هذا العدد.
وفاز هييرو بستة ألقاب للدوري الإسباني وثلاثة ألقاب دوري أبطال أوروبا مع ريال مدريد، قبل أن يترك النادي في 2003 بسبب مشكلة تتعلق بالمبادئ، حيث عارض إقالة المدرب فيسنتي ديل بوسكي.
وسيكون القلق الوحيد للاعبين هو قلة خبرة هييرو في أن يكون المدير الفني. وقضى هييرو فترات في تدريب ريال مدريد كمدرب مساعد وكان مديرا للكرة مع الاتحاد الإسباني لكرة القدم في عهدين مختلفين. ولكن كانت فترته الوحيدة التي قضاها كمدير فني قصيرة مع أوفيدو.
وكانت مهمته أن يقود الفريق الذي يلعب في الدرجة الثانية إلى الدرجة الأولى في إسبانيا ولكنه فشل في ذلك وترك الفريق بعد موسم واحد فقط.
وتصدر إعلان إقالة لوبيتيغي عناوين الصحف المحلية. وقال ألفريدو ريلانيو، مدير صحيفة «أس» الرياضية: «من بين كل الحلول السيئة التي تعين على الاتحاد الإسباني الاختيار من بينها، هذا الخيار الأسوأ».
بالنسبة إلى ريلانيو، يعكس ما حدث في المنتخب عدم توازن القوى بين المنتخب الوطني والأندية مثل ريال مدريد، معتبرا أن لريال «وضعا رمزيا.إذا بالغنا قليلا، هو مؤسسة مركزية للأمة، وهجوم من ريال ضد المنتخب ينظر إليه بشكل سيء جدا».
وإزاء هذه الصدمة، حاول قائد المنتخب وريال سيرجيو راموس الذي تردد أنه كان على علم بتعاقد فريقه مع لوبيتيغي حتى قبل مسؤولي الاتحاد، إخماد النار قبل مواجهة زميله رونالدو أفضل لاعب في العالم خمس مرات.
وغرد راموس على «تويتر»: «نحن المنتخب، نمثل شعارا، ألوانا، مشجعين وبلدا. مسؤوليتنا والتزامنا معكم ولكم. أمس واليوم وغدا. نحن متحدون وهي إسبانيا».
في سوتشي، على ضفاف البحر الأسود، ستجمع القمة الأولى في المونديال الروسي بين بلدين قاما بترويض المحيطات وبناء إمبراطوريات بعدما وضعا خطا لتقسيم العالم بفضل معاهدة تورديسياس الشهيرة، قبل 500 عام.
وعلى الصعيد الرياضي، ستضع المواجهة نجم البرتغال رونالدو أمام ستة من زملائه في ريال المتوج بلقب دوري أبطال أوروبا لثلاثة مواسم متتالية، هم راموس وداني كارفاخال وناتشو ولوكاس فاسكيز وماركو أسينسيو وإيسكو. وتجسد هذه المواجهة بين اللاعبين نوعا من انعكاس لتاريخ البلدين: فبين الجارين اللذين عاشا في كنف مملكة واحدة في الفترة بين 1580 و1640، ثقافات متشابهة وشغف مشترك للكرة المستديرة. البلدان ليسا قريبين جغرافيا وحسب، بل رياضيا أيضا، فعندما خاض المنتخب البرتغالي مباراته الأولى عام 1921، كانت أمام منتخب إسبانيا الذي فاز 3 - 1 في مدريد واضعا أسس تفوق دائم على جاره.
وبالنسبة للبرتغاليين، تبقى كرة القدم الإسبانية بمثابة الشقيق الأكبر الرهيب والرائع، والذي يجرد أنديتهم المحلية من أفضل لاعبيها. فريقا ريال وبرشلونة اللذان يحملان معا 18 لقبا في دوري الأبطال، وبتفوق كبير على بنفيكا وبورتو (لقبان لكل منهما).
في سنوات الثلاثينات، لم تتوقف إسبانيا عن قطع طريق البرتغال إلى نهائيات كأس العالم، مع بعض الانتصارات التاريخية التي لا تنسى أبرزها 9 - صفر في عام 1934، في تفوق واضح للإسبان.
لكن التوازن عاد بين البلدين في الألفية الجديدة، عندما بدأت البرتغال بتصدير حاملي الكرات الذهبية مثل لويس فيغو ورونالدو ومدربين مشهورين مثل جوزيه مورينيو... المفارقة ان درب الثلاثة تضمن محطة «إلزامية» في ريال وقلعته في العاصمة الإسبانية، «سانتياغو برنابيو». في عام 2004 وخلال كأس أوروبا التي استضافتها البرتغال، أقصت صاحبة الضيافة جارتها من دور المجموعات بالفوز عليها 1 - صفر.
صحيح أن المنتخب الإسباني ثأر بعد ذلك (1 - صفر في الدور ثمن النهائي لنهائيات كأس العالم 2010، وبركلات الترجيح في نصف نهائي كأس أوروبا 2012)، لكن المنافسة بلغت أوجها عندما فازت البرتغال 4 - صفر على الإسبان المتوجين قبل أشهر قليلة باللقب العالمي في جنوب أفريقيا، وذلك في مباراة دولية ودية في لشبونة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2010.
قلص البرتغاليون قليلا تخلفهم أمام جارهم، بالتتويج بكأس أوروبا 2016 في فرنسا بقيادة رونالدو وهو أول لقب كبير في تاريخهم.
وقال لاعب الوسط البرتغالي الدولي السابق فيغو (127 مباراة دولية) الجمعة الماضي في لشبونة: «إسبانيا بالتأكيد أحد أفضل المنتخبات لكن البرتغال لا يجب أن تخاف». وأضاف فيغو المتوج بالكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم عام 2000، : «ليس هناك متعة استثنائية عندما نفوز عليهم، الشيء المهم هو بدء البطولة بنتيجة إيجابية لكسب الثقة».
ويتطلع هييرو مدرب إسبانيا الجديد إلى بدء البطولة بشكل إيجابي وأكد: «بإمكاني أن أطمئن الناس أن باستطاعتهم الثقة بنا لأننا نثق بأنفسنا. سنحاول (الفوز) بكل ما نملكه من قوة».
إسبانيا بجهاز «الطوارئ» تبدأ مشوارها بقمة ضد البرتغال اليوم
إسبانيا بجهاز «الطوارئ» تبدأ مشوارها بقمة ضد البرتغال اليوم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة