الرياضة توحد العالم

الرياضة توحد العالم
TT

الرياضة توحد العالم

الرياضة توحد العالم

تنطلق غداً بطولة كأس العالم لكرة القدم 2018 «مونديال روسيا»، البطولة التي يشارك فيها 32 فريقاً من القارات الخمس، ويشاهدها أكثر من ثلاثة مليارات إنسان. تتحول خلالها، وعلى مدى شهر، الكرة الأرضية إلى كرنفال يرقص على إيقاع المباريات التي تدور رحاها في روسيا.
هي مناسبة عظيمة ينصهر العالم خلالها في تكوينات ثقافية ملهمة، تطورت عبر الزمن، وتجاوزت الحدود الأنانية والانفعالية، لتصل إلى وحدة ثقافية بين الشعوب تمكنت من اختصار المسافات بين المجتمع الإنساني، وكأنهم يعيشون في بيت واحد.
وكأي ظاهرة كبرى، هناك ثقافة ترافق المونديال العالمي، وتنبعث منه، تنتجها الروح الرياضية، كأهم الوسائل الفعالة لتقريب الناس وتذويب فوارقهم وطي المسافات بين الأمم والثقافات والشعوب. ويمكن للرياضة أن تصنع ثقافتها الخاصة التي تتجاوز ثقافات التقسيم، والمساعدة في نشر قيم التعاون والتآخي بين الشعوب، وتعميم ثقافة الإنجاز والتعاون والإيجابية.
يمكن لكرة القدم أن تكون رسول محبة وإخاء بين الشعوب، يمكنها أن تعلم الناس كيف يتعارفون، وكيف يأتلفون، وكيف يشد بعضهم أزر بعض. كيف تجمعهم مشاعر واحدة تتجاوز فروقاتهم البشرية، كيف يلتف جزء كبير من العالم حول فريق لا ينتمي لدينه أو قوميته ولا يحمل جنسيته، كيف يتحول الإنسان في شهر إلى كائن عالمي، أو كائن «معولم». كيف يلتقي مع ملايين البشر حول قيم وجمالات وأساليب رفيعة ترمز لمعايير التفوق والجودة والأداء الماهر؛ بل يمكن القول إنها تعلم الجميع مهارات تساعدهم في إضفاء التعايش وحل الصراعات بالطرق السلمية.
أصبحت كرة القدم علاجاً لأمراض الشعوب، بعد أن كانت تثير المطاحنات والحروب، كحرب الجارتين في أميركا الوسطى: هندوراس والسلفادور، التي انتهت بآلاف القتلى والمشردين في عام 1969؛ لكنها تحولت وخاصة في أميركا اللاتينية وأفريقيا علاجاً فعالاً لمساعدة آلاف الشباب في المناطق الموبوءة بالجريمة والصراعات المسلحة، للتخلص من العنف والمخدرات، كما في البرازيل والمكسيك وكولومبيا والسلفادور وغرب أفريقيا؛ بل إن كاهناً كاثوليكياً في هندوراس هو «ألبرتو غوتشي» فضّل أن يبني ملعباً في بلدة تعاني من تهريب المخدرات وعنف العصابات، كوسيلة لإنقاذ الشباب من السقوط في الغواية.
تتحدث «اليونيسكو» عن: «تسخير الرياضة من أجل السلام والتنمية»، وترى أن «ممارسة الرياضة هي وسيلة مُعترف بها لتعزيز السلام؛ إذ إنها تتغاضى عن الحدود الجغرافية والطبقات الاجتماعية على حدٍ سواء». وهي تؤدي أيضاً دوراً بارزاً «إذ تعزز التكامل الاجتماعي والتنمية الاقتصادية في مختلف السياقات الجغرافية والثقافية والسياسية». كما تشكل الرياضة «أداة قوية لتوطيد الروابط والشبكات الاجتماعية، ولتعزيز المثل العليا للسلام والأخوة والتضامن واللاعنف والتسامح والعدالة».
أخيراً، فإن الكرة الساحرة، يمكنها خلال شهر من عمر السباق الكروي، أن تتلاعب بمشاعر مليارات البشر: بين المتعة والتشويق، والتحدي والمنافسة، وبين الفرح والحزن، ترفع ضغطهم تارة، وتريحهم تارة أخرى؛ لكنها تهيمن على تفكيرهم، فلا شيء خلال الأيام الثلاثين المقبلة يمكنه أن ينافس المونديال في قائمة الأولويات.
لعل العالم يستيقظ خلالها إلى القوة الكامنة فيه، نحو تجاوز حدود الكراهية والعنف، وتوقه نحو التواصل، وشغفه بالجمال.



مصر تستعيد قطعاً أثرية ومومياء من آيرلندا

إحدى القطع الأثرية المصرية المُستردّة من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)
إحدى القطع الأثرية المصرية المُستردّة من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر تستعيد قطعاً أثرية ومومياء من آيرلندا

إحدى القطع الأثرية المصرية المُستردّة من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)
إحدى القطع الأثرية المصرية المُستردّة من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت مصر استعادة قطع أثرية من آيرلندا، تضمَّنت أواني فخارية ومومياء وقطعاً أخرى، عقب زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للدولة المذكورة.

وقالت وزارة الخارجية المصرية إنّ جهود استعادة القطع الأثرية من آيرلندا استمرّت طوال عام ونصف العام، وأوضحت في بيان، الجمعة، أنّ «القطع الأثرية التي استُردَّت من جامعة (كورك) الآيرلندية، هي مومياء مصرية وعدد من الأواني الفخارية والقطع الأثرية الأخرى، والجامعة أبدت تعاوناً كبيراً في تسهيل إجراءات إعادتها».

وتمثّل القطع المُستعادة حقبة مهمّة من التاريخ المصري القديم، وجزءاً من التراث الثقافي المصري الذي يحظى باهتمام الجميع، ومن المقرَّر عرضها في المتاحف المصرية، وفق بيان «الخارجية».

وأوضح الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار في مصر، الدكتور محمد إسماعيل خالد، أنّ «استرداد هذه القطع جاء وفقاً للاتفاق الثنائي الموقَّع مؤخراً بين المجلس الأعلى للآثار وجامعة (كورك) الآيرلندية»، مشيراً في بيان لوزارة السياحة والآثار، إلى أنّ الجامعة كانت قد حصلت عليها بين الأعوام 1920 و1930؛ ومن بينها تابوت خشبي ملوَّن بداخله بقايا مومياء ومجموعة من الأواني الكانوبية المصنوعة من الحجر الجيري بداخلها أحشاء المتوفّى.

القطع الأثرية المُستردّة تعود إلى حقب تاريخية مهمّة (وزارة السياحة والآثار)

بدوره، كشف مدير الإدارة العامة لاسترداد الآثار، المُشرف على الإدارة المركزية للمنافذ الأثرية، شعبان عبد الجواد، عن أنّ «الأواني الكانوبية التي استُردَّت لكاهن يُدعى (با ور)، من الأسرة 22 من العصر المتأخر؛ كان يحمل ألقاباً من بينها (حارس حقول الإله). أما التابوت الخشبي فهو من العصر الصاوي لشخص يُدعى (حور)، وكان يحمل لقب (حامل اللوتس)؛ وتوجد بداخله بقايا مومياء وعدد من أسنانها»، وفق بيان الوزارة.

وأعلنت مصر، في وقت سابق، استرداد أكثر من 30 ألف قطعة أثرية من 2014 حتى أغسطس (آب) 2024، كما استُردَّت أخيراً 67 قطعة أثرية من ألمانيا. وكانت وزارة الخارجية قد أعلنت في يناير (كانون الثاني) 2023 استرداد 17 قطعة أثرية من الولايات المتحدة الأميركية، أبرزها «التابوت الأخضر».

في هذا السياق، يرى عالم الآثار المصري الدكتور حسين عبد البصير، أنّ «استعادة القطع الأثرية والمومياوات فرصة لإثراء بحثنا الأثري والتاريخي، إذ تساعدنا في الكشف عن جوانب جديدة من التاريخ المصري»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المقتنيات توفّر رؤى قيّمة حول أساليب الدفن والعادات الثقافية القديمة التي كانت جزءاً من الحياة اليومية للمصريين القدماء».

ويعدُّ عبد البصير هذه الاستردادات إسهاماً في تعزيز الهوية الوطنية، إذ تُساعد في الحفاظ على التراث الثقافي من أجل الأجيال القادمة، مؤكداً أنّ «وزارة الخارجية المصرية تلعب دوراً حيوياً في استرداد الآثار من خلال التفاوض مع الدول الأجنبية والتنسيق الدبلوماسي للوصول إلى حلول تفاوضية تُرضي الأطراف المعنيّة»، لافتاً إلى أنّ استرداد القطع يأتي بالتزامن مع زيارة الرئيس المصري إلى آيرلندا؛ مما يؤكد اهتمام الدولة على أعلى مستوياتها باسترداد آثار مصر المُهرَّبة من الخارج.

قطع متنوّعة من الآثار استردّتها مصر من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)

«وتسهم الاتفاقات الثنائية التي تعقدها مصر مع الدول في استعادة الآثار؛ منها 5 اتفاقات لمكافحة تهريبها والاتجار في الآثار المسروقة مع سويسرا وكوبا وإيطاليا وبيرو وكينيا»، وفق عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، ورئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية، الخبير الآثاري الدكتور عبد الرحيم ريحان، الذي يؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ «العلاقات القوية بين مصر وآيرلندا منذ تولّي الرئيس السيسي الحُكم أسهمت في استعادة هذه الآثار»، مشيراً إلى أنّ «مصر استعادت نحو 30 ألف قطعة أثرية منذ تولّيه الرئاسة، من الولايات المتحدة الأميركية، وإنجلترا، وفرنسا، وإسبانيا، وهولندا، وكندا، وألمانيا، وبلجيكا، وإيطاليا، وسويسرا، ونيوزيلندا، وقبرص، والإمارات، والكويت، والأردن».

ويتابع: «جاء ذلك بعد جهود حثيثة من إدارة الآثار المُستردة بالمجلس الأعلى للآثار، وبمتابعة مستمرّة لكل المزادات العلنية، وكل ما يُنشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وعبر وكالات الأنباء الدولية عن الآثار المصرية المنهوبة، وعن طريق مفاوضات مثمرة، بالتعاون بين وزارات السياحة والآثار والخارجية والداخلية في مصر».